مقالات

ياسين شادي..رأي حول تقنين القنب الهندي

في السياق:

صادق مجلس النواب في الشهر الماضي على مشروع قانون رقم 21-13 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، وذلك في محاولة لمسايرة السياق الدولي الذي أعاد النظر في طبيعة نبتة القنب الهندي، وذلك من خلال قرار أممي اتخذ –تقريبا- بالتساوي، بين الأصوات المساندة والرافضة، لإدراج هذه النبتة ضمن لائحة النباتات المسموح باستعمالها، وبالتالي إخراجها من حيز المحظور إلى دائرة المشروع. واللاّفت للنظر أن التصويت على القرار الأممي تم بفارق صوتين فقط، إذ صوتت 27 دولة على قبول إدراجه في لائحة الاستعمالات المشروعة، في حين صوتت 25 دولة بالرفض وامتنعت دولة واحدة عن التصويت، وهذا يظهر من جهة الانقسام الحاد في التصور حول طبيعة نبتة القنب الهندي، ويطرح من جهة أخرى علامة استفهام حول المفارقة التي اعتمد عبرها القرار الأممي، إذ الأصل في تصنيف مثل هذه النباتات، التي كانت إلى الأمس القريب تعدُّ ضمن المخدرات، هو أمر منوط بالمقاربة العلمية لاسيما منها المتعلقة بالجانب الطبي/الصحي وليس عن طريق الاقتراع. وبغض النظر عن الطريقة التي اتخذ بموجبها القرار، فإنه، وإن شرعن إمكانية استعمالها، عمل في النهاية على وصف هذه النبتة بكونها مادة “خطيرة مع احتمال تطبيقات علاجية”. هذا الوصف يفيد أن النبتة وإن تم تصنيفها ضمن الممكن والمسموح استعماله، فهي لا تزال تحتفظ بخطورتها من ناحية، ولا يمكن التأكد من إمكانية استغلالها في التطبيقات العلاجية، بل هو –أي القرار الأممي- فقط يحتمل أن تستعمل في العلاج ولا يجزم البتة من ناحية أخرى.

الحاجة أو الضرورة للتشريع

إن تشريع النصوص القانونية ليس غاية في حد ذاتها، وإنما هي آلية لإشباع حاجات مجتمعية، من قبل الجهة المخول لها قانونا ذلك في إطار مقاربة تشاركية. حيث تعد عملية التشريع استجابة لحاجة اجتماعية أو اقتصادية، إما أن تكون وليدة متغيرات اجتماعية تفرض نفسها كضرورة حتمية، وإما أن تكون نتاج تطور مجتمعي تصير معه القواعد القانونية القائمة غير ذات جدوى، وتستدعي بالضرورة تغييرها أو تعديلها بما يواكب المستجدات الحاصلة على مستوى المجتمع. غير أن هذا المشروع قانون رقم 21-13 لا يقدم الحد الأدنى مما هو مطلوب، وهو إيجاد مقاربة تنموية مندمجة شاملة ومستدامة للتأهيل وتكريس معالجة حقيقية للفوارق الاجتماعية والمجالية، وتوفير البنيات التحتية اللازمة للنهوض بالمناطق المعنية بهذا النص المراد إصداره، على غرار البرامج التنموية التي تم اعتمادها في الأقاليم الجنوبية ووسط البلاد، بموجب المقتضيات المنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجهات والجماعات الترابية.

إن الضرورة الاجتماعية تستدعي التجاوب السريع معها، درءا لكل خلل أو انعدام للاستقرار يهدد الأمن الاجتماعي، غير أن إعمال هذه القاعدة على ظاهرها في ما يخص موضوع القنب الهندي، بالشكل الذي يضفي الشرعية على زراعته واستعماله، من شأنه أن يهدد الأمن الاجتماعي والنظام العام في البلد، لما سيؤدي إليه من انتشار مهول للمخدرات، وعليه فالنتيجة ستكون عكسية، إذ سننتقل من ضبط سلوك المجتمع عبر القاعدة القانونية إلى انفراط عقده عبر نفس القاعدة.

إن نجاعة النص القانوني أيا كان يفرض ضرورة إشراك جميع الفاعلين المتدخلين والمستهدفين منه، وذلك ضمانا لقبوله من جهة وإضفاء للجودة المنشودة من جهة أخرى، غير أن النص الذي بين أيدينا تمت صياغته بشكل أحادي من قبل الفاعل الحكومي، وهو الأمر الذي أفقد المشروع-قانون أحد أهم المبادئ التي تضمن نجاعته وفعاليته، وهو مبدأ التشاركية المنصوص عليه في الوثيقة الدستورية والذي كرسته المؤسسة الملكية في جميع القضايا التي تشغل بال الرأي العام وآخرها النموذج التنموي الذي طبعته المقاربة التشاركية. إن الملاحظ على المشروع أنه لم يتم صياغته بشكل تشاوري وتشاركي، ولم يتم التداول بشأنه مع الفئات المعنية به، بالنظر إلى كونها الأكثر معرفة بالإشكالات المتعلقة بهذه النبتة، وكان الأولى في هذا الصدد إنجاز مهمة استطلاعية من قبل نواب الأمة أو إعداد دراسة الأثر من قبل الفاعل الحكومي لمعرفة الحاجة والضرورة الواقعية لهذه المناطق ومعالجتها بالكيفية التي تشبع الحاجات المجتمعية لها، ولا تؤثر على الفئة ولا على المجال المعنيين، عوض الاستعجال والتسريع بصياغة مشروع-قانون غير موجود كتعهد في البرنامج الحكومي.

المساطر التشريعية

يستلزم التأكد من وجود الحاجة أو الضرورة، التي تفرضها المعطيات الواقعية، التدخل الفوري من أجل احتوائها بنص تشريعي، إذاك يطرح سؤال عن الجهة المخول لها رسميا اتخاذ مبادرة احتواء تلك الحاجة بالنصوص القانونية المواكبة لها، مع تحديد طبيعة أو نوعية النص القانوني الذي ستتخذه هذه المبادرة أو ستأتي وفقا له، وحيث أننا أشرنا آنفا إلى أن البرامج الحزبية التي صدرها الائتلاف الحكومي في شكل برنامج حكومي لا يوجد فيه أي تعهد يخص تقنين زراعة القنب الهندي، فإنه من غير لا معنى أن تتم المبادرة التشريعية بموجب مشروع يأتي من قبل الفاعل الحكومي، إذ كان أولى أن تترك هذه المسألة لمبادرة نواب الأمة باعتبارهم أصحاب الاختصاص الأصيل في التشريع، فيبادرون بموجب مقترح قانون لاحتواء هذه الحاجة، غير أن هذه المبادرة التشريعية سيرد عليها سؤال المشروعية أو السند الذي يفترض أن ينبني عليه المقترح، فهو غائب غير موجود في المخطط التشريعي لهذه الولاية التشريعية.

ينص دستور 2011 على أربع جهات يمكنها المبادرة بالتشريع، هذه الجهات تتحدد أولا في المؤسسة الملكية التي يمكنها التشريع في المجال الديني بالنظر إلى الاعتبارات التي تقتضيها إمارة المؤمنين والتشريع في المجال العسكري بالنظر إلى الاعتبارات التي تؤدي إليها رئاسة أركان الحرب والقوات المسلحة الملكية، وثانيا في المؤسسة البرلمانية عبر مقترحات القوانين التي من المفروض أن تندرج ضمن المجالات المحددة حصرا في الفصل 71 من الدستور، وثالثا الفاعل الحكومي من خلال مشاريع القوانين، ثم أضاف دستور 2011 جهة رابعة تتمثل في المواطنين والمواطنات عبر الآليات التشاركية لاسيما منها الملتمسات في مجال التشريع بموجب الفصل 14. والمتأمل في مقتضيات الفصل 71 من الدستور يجد أن المجال الصحي والقواعد المتعلقة بتدبير البيئة وحماية الموارد الطبيعية والتنمية المستدامة، وهي كلها مما يدخل في مقتضيات مشروع القانون رقم 13-21، هو من مجالات السلطة التشريعية وعليه فالأولى باتخاذ المبادرة التشريعية إنما هو البرلمان وليس الحكومة، خاصة وأن الدستور ينص في فصله 84 على أن مجلس المستشارين هو المختص بالمشاريع أو المقترحات ذات الصلة بالتنمية الجهوية والشؤون الاجتماعية، وهذه الأخيرة هي الحجة التي يقول الفاعل الحكومي أنها دفعته للمبادرة بصياغة هذا المشروع، فكان يلزمه والحال كذلك أن يحيله على مجلس المستشارين بالأسبقية عوض مجلس النواب. والحاصل أن المسطرة التشريعية اعتراها عطب كبير في اعتماد هذا النص، ذلك أنه جانب الصواب من حيث الجهة المخول لها المبادرة باتخاذه، ومن حيث الجهة المخولة الإحالة عليها. إن صياغة النص القانوني وصناعته تستوجب تحديد مجال أو موضوع الحاجة التي تحتاج إلى تغطية تشريعية، فتحديد الإطار الواقعي لهذه الحاجة يساعد الجهة المخول لها دستوريا التشريع في هذا المجال، بتحديد طبيعة النص التشريعي الواجب وضعه بمقتضى الأدوات والآليات الدستورية المحفوظة للجهة صاحبة الاختصاص في اتخاذ المبادرة واستقبال الإحالة.

وإذا ما تجاوزنا عن كل هذه الأعطاب المسطرية، فإن المتتبع لعملية اعتماد هذا المشروع-قانون يستغرب للسرعة التي تم بموجبها المصادقة عليه في مجلس النواب، إذ لم تستمر عملية المناقشة والتداول أكثر من 4 اجتماعات ب”لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة”، بمعدل 16 ساعة و5 دقائق، أما على مستوى مجلس المستشارين فلم تتجاوز مدة دراسته 5 ساعات بمعدل اجتماعين فقط، حسب ما ورد في التقريرين الصادرين عن اللجنتين المختصتين بالنظر في هذا المشروع. وهذا ما لم يشهده أي مقتضى سابق سواء كان مشروعا أو مقترحا، فكافة النصوص القانونية المعروضة على المجلسين يطول النظر فيها ودراستها ومناقشتها والتعديل فيها، بل إن بعض النصوص لا تزال قابعة في رفوف اللجان لأكثر من أربع وخمس سنوات مع أنها مشاريع/مقترحات قوانين تنظم مجالات حيوية، ومع ذلك لم يسري عليها ما جرى بشأن مشروع تقنين القنب الهندي.

ولعل المفارقة الغريبة التي طبعت المصادقة على هذا المشروع بمجلس النواب، أن المعارضة صوتت عليه بالقبول في حين صوت الحزب الحاصل على الأغلبية بالرفض، ومالت كفت النتيجة لصالح المعارضة، إذ اصطفت إلى جانبها جميع الفرق والمجموعات النيابية في الجلسة العمومية بنتيجة 48 صوت ب”لا” في مقابل 119 صوت ب”نعم”، مما يساءل طبيعة الاختيارات الحزبية ومدى ديمقراطيتها.

تقنيات الصياغة القانونية

إن إصدار أي نص قانوني يحتاج إلى توفر مجموعة من التقنيات الشكلية والموضوعية التي تضفي عليه النجاعة والفعالية من حيث صياغته وتطبيقه بشكل سليم وتحقيق الغايات والآثار المرجوة منه، وأول هذه التقنيات البنية أو الهيكلة التي تؤطر النص القانوني، الذي يجب أن يستجيب لهذه الخصائص لتجاوز الصعوبات عند التطبيق، فبنية النص القانوني تتميز عن بنية النص الأدبي والعلمي. وانطلاقا من عنوان المشروع-قانون، الذي يفترض فيه أن يكون دالاًّ على مجموع ما تضمنه محتوى النص، والذي يشرط في صياغته الدقة والوضوح اللازمين، والشمولية لكل المقتضيات الواردة فيه، يظهر أن عنوان مشروع قانون رقم 21-13 لم يكن دقيقا، حيث عنون هذا المشروع قانون ب”الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي”، في حين أن المقتضيات الواردة فيه تتجاوز هذا الوسم لتنظم الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي ومستخدميها وميزانيتها، فكان الأولى اعتماد لفظ أكثر عمومية من هذا الذي تم بموجبه عنونة المشروع-قانون رقم 13-21، ثم إن هذا العنوان يتحدث عن الاستعمالات المشروعة، والحال أن مضمون القانون يؤطر أيضا الاستعمالات غير المشروعة، وينص على البحث في المخالفات وطرق إثباتها بل وعقوباتها، وكان يكفي المشرع أن يعنون هذا المشروع قانون رقم 21-13 بكونه يتعلق بتقنين القنب الهندي، عوض اعتماد مصطلحات لا تفي بالغرض ولا تدل على كافة المقتضيات المدرجة فيه.

أما التقنية الثانية من تقنيات الصياغة القانونية الواجب احترامها فهي الأساس القانوني، ونعني بالأساس البناء أو السند القانوني الذي على أساسه يحق للجهات المختصة إصدار القانون، ويأتي الأساس مباشرة بعد ذكر الجهة المختصة بالإصدار، حيث يطول أو يقصر بحسب ارتباط النص القانوني الجديد بغيره من النصوص الأخرى، وهذا ما نلاحظه في المادة الأولى، حيث نصت هذه الأخيرة على عدد من المقتضيات القانونية التي جاء هذا المشروع-قانون خلافا لها. كما يتضمن الأساس القانوني ذلك السند الدستوري الذي يتم بناء عليه إصدار القانون، غير أن المشروع-قانون رقم 13-21 لم يتضمن أساسا دستوريا، بل اكتفى بالإحالة على الالتزامات الدولية للمملكة المغربية. ومما تجدر الإشارة إليه في هذا السياق أن المادة الأولى لم تشر لمنظومة القانون الجنائي لاسيما وأن مجموعة من مقتضيات هذا المشروع تتقاطع مع تلك الواردة في القانون الجنائي.

ومن بين تقنيات الصياغة القانونية الأخرى التي لم يتم مراعاتها في هذا المشروع، هي تقنية التصدير أو الديباجة، حيث يفتقد هذا المشروع لأي ديباجة أو تصدير يسبق الباب الأول المعنون بأحكام عامة ويوضح أسباب التقنين والأهداف المرجوة منه والمبادئ المؤطرة له. قد يقول قائل أن المشروع رافقته مذكرة تقديمية، والجواب أن المذكرة ليست هي الديباجة، إذ أن هذه الأخيرة يتم المصادقة عليها مع مجموع مقتضيات النص وتعد جزءا لا يتجزأ منه، في حين أن المذكرة لا يتم المصادقة عليها وليست من النص.

ملاحظات في الجوهر:

يتكون هذا المشروع قانون من 56 مادة تتوزع على 9 أبواب، غير أنها تزخر بالفراغات والإغفالات التشريعية، ولم تجب على إشكاليات جد مهمة على رأسها سؤال: ما العمل اتجاه المواطنين، أبناء المنطقة التاريخية، الذين هم مبحوث عنهم أو متابعين قضائيا وعددهم يزيد عن 58 ألف شخص؟ المشروع قانون صمت عن هذا الأمر ولم يقدم إجراء عمليا يتم وفقه طي هذا الملف. إضافة إلى أن هذا المشروع قانون يتحدث عن عملية زراعة، صناعة، إنتاج، تسويق، تصدير وغيرها من الأمور، بدون توفير البنيات اللازمة لخلق هذه الدينامية الاقتصادية، ما يطرح سؤال، لماذا لم يتم التفكير، حال صياغة المشروع-قانون، في التنسيق وإعمال مبدأ الالتقائية والاندماجية مع باقي القطاعات لوضع نص يكون بمثابة لبنة لسياسات وبرامج تنموية للمنطقة التاريخية لهذه الزراعة؟

كما أن هذا المشروع قانون قد تم ربط تفعيل معظم مقتضياته بصدور نصوص تنظيمية بلغت 10 نصوص تطبيقية، مع أن العديد منها إنما مجاله الأصيل هو القانون وليس التنظيم، خاصة إذا ما استحضرنا أن بعض هذه المقتضيات لن تكون مطابقة للنصوص القانونية الأعلى درجة من حيث الهرمية القانونية، ما سيطرح إشكال الملاءمة من جهة والتطبيق من جهة ثانية.

ومما يلاحظ على مواد هذا القانون أنها مخالفة لمبادئ دستورية من قبيل حماية البيئة، المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية في الفصول 19، 31، 88، والعدالة المجالية والمساواة، إذ تتحدث بعض المواد عن مجال دون آخر سيكون معنيا –على فرض صحة هذا الادعاء- بالتنمية، فما العمل بشأن باقي المناطق والأقاليم التي من الممكن أن تطالب ساكنتها هي الأخرى بالاستفادة من حصتها من صار يطلق عليه “الذهب الأخضر”، لاسيما وأن النص يصمت عن هذا الجانب؟ ثم كيف سيعمل الاجتهاد القضائي للتوفيق بين مقتضيات هذا النص والنصوص الواردة في القانون الجنائي وتلك النصوص القانونية الأخرى ذات الصلة بالإدمان والمخدرات وغيرها مما يتعلق بنفس النبتة، أي مقتضى سيتم تطبيقه وأي اجتهاد سيتم تكريسه؟

ثم إن مواد هذا المشروع-قانون غير دقيقة حتى على مستوى المفاهيم التي تضمنتها المادة الثانية، بل إن بعض المواد متناقضة مع بعضها، خاصة التي تتعلق بمنح الرخص والتوفر على المخازن وإتلاف المنتوج الزائد عن القدر الذي سيتم تحديده. ناهيك عن أن الآجال الممنوحة للمزارعين للتصريح وأخذ الرخص وغيرها من المعاملات غير مناسبة لواقع المنطقة وغير كافية، إذ من غير المعقول أن ينتقل الفلاح من إقليم الحسيمة مثلا إلى العاصمة الرباط ليصرح لدى الوكالة بوقوع أضرار، أو لتجديد الرخصة أو لغيرها من الأمور، في ظرف 3 أيام وإلا يتعرض لعقوبات مالية (غرامات) وحبسية.

إضافة إلى أن مواد هذا المشروع-قانون لم تشر إلى الآليات أو الوسائل الممكن بمقتضاها حماية المجال البيئي، خاصة أن زراعة هذه النبتة تستنزف الثروة المائية والمقدرات الطبيعية، بل إن بعض التقارير والتحقيقات الصحفية المصورة سجلت الاستنزاف الكبير الذي تعرض له الغطاء الغابوي جراء استغلال الأراضي الغابوية في هذه الزراعة، والتي صارت بفعل استعمال البذور المهجّنة (خردالة) تستنزف الفرشة المائية وتدمر الأراضي الزراعية. وبالمناسبة فشرط ملكية الأرض الذي أشار له المشروع قانون للحصول على الرخص يظل غير واقعي ولا يتناسب مع هذه الوضعية التي ذكرنا آنفا.

كما أن هذا المشروع قانون لم يتضمن أي مادة تشير لحظر الاستعمال الترفيهي لنبتة القنب الهندي، ولم تشر أيضا للآليات التي يمكن التأكد بها من نسب مادة THC   المخدرة، مع أن القانون يتحدث بدأ من المادة الثانية منه عن الاستعمالات الغذائية والصناعية والتجميلية، فما أثر ذلك على الصحة العامة باعتبارها من ركائز النظام العام؟

إن إغفال المشرع للعديد من التفاصيل الهامة التي أشرنا لبعضها، من شأنه أن يفتح الباب على مصراعيه لإعمال التأويل الغير منضبط بمعايير أو مبادئ تراعي الصالح العام، والتي يمكن أن تعرض المجتمع المغربي لتداعيات خطيرة، ولن تجيب في نهاية المطاف على سؤال التنمية  في المناطق التاريخية المعروفة بهذه الزراعة، بقدر ما ستسهم في تأزيم الوضع أكثر مما هو عليه اليوم، فما الجدوى من هذا المشروع قانون إذا كان لا يلبي حاجيات المجتمع ولا يحل إشكالاته الحقيقية.

بقلم ياسن شادي

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى