مقالات

ملاحظات على هامش الوثيقة السياسية للعدل والاحسان

بقلم الياس واحي

خلال الفترة الأخيرة أصدرت الدائرة السياسية لجماعة العدل و الإحسان” وثيقتها السياسية”، تحاول من ورائها على ما يبدو، توضيح مواقفها في عدد من القطاعات التي تهم الحياة السياسية المغربية و كذا السياسة العسكرية و الخارجية للبلاد،كما اعتبرها البعض، كوسيلة تواصلية مع “المحيط السياسي” وذلك لرفع أي لبس قد يعتري الأطراف السياسية على صعيد فهم و استعاب مواقفها السياسية،مع توجيه ” الرسائل الضرورية”إلى من يهمهم الأمر.

سأحاول من خلال هذه الإطلالة إيراد عدد من الملاحظات اعتقد أنها مهمة:

– اعتقد أن الوثيقة السياسية في حقيقة الأمر حدث تاريخي بكل المقاييس،وذلك لاعتبارين؛أولهما / أنها تمرين سياسي لتنزيل بعض الأدبيات الفكرية السياسية للجماعة على الأقل، على مستوي الخطاب السياسي و السلوك السياسي ، أما على مستوى التطبيق السياسي الشامل فالأمر يستدعي المشاركة الفعلية فى” العمل السياسي المؤسساتي”،أو صياغة وعاء سياسي (الدولة ) كفضاء أنسب للتنزيل السياسي للأفكار السياسية.

ثانيهما/على حسب علمي لم يسبق لأي مكون سياسي مغربي أن أصدر مثل هذه المساهمة “الاقتراحية” التي يعتبرها من عكف على صياغتها، مستوى مابين” الأفق الاستراتيحي” البعيد المدى و بين مستوى “المساهمة التقنية التفصيلية”،على اعتبار أنها ليست ب”ورقة مذهبية”كما أنها ليست ” برنامجا انتخابيا ” تمهيدا لاستحقاقات انتخابية ما قادمة ؛

– الوثيقة تم إعدادها بعيدا عن كل الضغوط “المحيط السياسي” و نتيجة لصيرورة من التطور الطبيعي و الرُقَي المدروس و المظروف بأزمنة “التقويم” و “التقييم” دامت لسنوات عديدة، وكما صرحت إحدى قياداتها السياسية أنها وثيقة “لم تُعَدّ على عجل”؛

– الوثيقة اعتمدت على أرقام و إحصائيات رسمية في تشخيصها واقع الحال، ثم شرعت في تقديم اقتراحات متعددة لصانعي القرار السياسي الرسمي ، مع عدم إغفال “الانجازات” التي تمت في كل قطاع على حدة.

هذا في رأيي المتواضع مؤشر حقيقي على نضج ” تشخيص الجماعة “و إبتعادها بذلك عن أي قراءة غير متوازنة للسياسات الرسمية رغم التدافع السياسي الواقع ما بينها وبين السلطات الرسمية؛

– استعمال “جهاز مفاهيمي” مشترك ما بين كل مكونات “البيئة السياسية المغربية” ، يستمد مَعِينه و مقوماته من الوثيقة الدستورية لعام 2011،وذلك في صياغة مقتضيات الوثيقة،بحيث لم تكن هناك أي ضبابية قد تسبب حالة من سوء فهم للوثيقة من لدن باقي مكونات المشهد السياسي المغربي؛

– أنا اعتقد أن كل ما جاءت به هذه الوثيقة كان معروفا و متداولا لدى أعضاء الجماعة و أجهزتها التنظيمية و السياسية ،خصوصا المقتضيات السياسية و مقومات الخط السياسي اتجاه الحكام،لكن الجديد نلمسه في الطريقة التي تم تشخيص بها الأوضاع و أيضا كيفية تقديم الاقتراحات و بحيث تم الاستعانة بالأرقام و الإحصائيات الضرورية ؛

– هذه الوثيقة مظهر من مظاهر العمل التخصصي الاحترافي الذي تقوم به المكاتب الدراسية للجماعة ، حيث دأبت هذه الأخيرة على إصدار كل سنة تقرير شامل أسمته “المغرب في سنة” ؛

– الوثيقة ناقشتها كل المؤسسات التنظيمية المعنية بمثل هذه الوثائق،و قامت بتقليب و فحص الآراء بأريحية تامة و تلتها بذلك”عملية المصادقة “عليها و الحسم فى مقتضياتها ، مما يكسب الوثيقة شرعية فوق العادة؛

– الوثيقة تم الإعلان عنها للرأي العام في سياق زمني وُصِف بأنه مثالي من طرف المتتبعين بحيث لا يصادف أي استحقاق انتخابي و لا يتلو أي عملية تفاوضية مع السلطات الرسمية أو أي ظرف سياسي قد يوصف بأنه “المُحفز الأساسي” لإصدار مثل هذه الأوراق السياسية؛

– الوثيقة جعلت من المدخل السياسي أساس أي إصلاح مرتقب و منشود من لدن السلطات الرسمية، فلا يمكننا الحديث عن تغيير مجتمعي جذري دون الاستهلال بالمدخل السياسي؛

– الوثيقة أعطت درسا بليغا لكل المكونات السياسية حول جدوى و أهمية العمل الدؤوب و الجاد الذي يؤمه العلم.

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى