انتخابات الثامن من شتنبر..السياق والنتائج
مقدمة
تشكل الانتخابات الآلية الأمثل لبناء شرعية النظام الديمقراطي في كل الدول الطامحة إلى إرساء دعائم الديمقراطية، على اعتبار أن الانتخابات هي القاعدة الأساس في إفراز الهيئات التمثيلية وهي العملية المحورية لإشراك المواطنين في تسيير الشأن العام وجعلهم في محور جلّ التفاعلات السياسية. على هذا الأساس فإن دراسة الانتخابات تكتسي طابعا مهما للغاية إذ تعد المدخل الفعلي لدراسة وفهم التفاعلات الواقعة على مستوى الحياة السياسية، وتتجسد فيها الثقافة السياسية باعتبارها المعبر عن السلوك السياسي لكل الفاعلين. وإذا كانت الانتخابات تعتبر أداة من أدوات الديمقراطية، آلية للتداول على السلطة بشكل سلمي كما هو مقرر من الناحية المبدئية، وكما هو متداول في البلدان ذات التجربة الديمقراطية العريقة، فإنها في البلدان النامية تعبّر عن التحولات السياسية والاجتماعية في إطار مسلسل بناء كيان الدولة الحديثة بما يتناسب وشخصيتها التاريخية والحضارية، وتجسد للصراع والمنافسة السياسية بين مختلف الفاعلين، وهنا تبرز أهم خاصية للديمقراطية باعتبارها منهج للتدبير السلمي للصراع وطريقة لتأطير الخلاف والاختلاف، وذلك باعتماد آلية الانتخاب للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع التي يفوض الشعب فيها جزأ من سيادته لممثليه، دون إغفال أهم متطلبات إرساء نظام ديمقراطي ألآ وهو وجود جمهور واع ومدرك، لتفادي تشويه العملية الديمقراطية.
من هذا المنطلق نجد أنفسنا أمام إشكالية مركزية، تروم بسط وتحليل نتائج وسلوك الاستحقاقات الانتخابية ل8 من شتنبر 2021، وتتفرع عن هذه الإشكالية الجوهرية عدة أسئلة نوردها كالآتي:
في ماذا يتحدد السياق العام للاستحقاقات الانتخابية 2021، وما تأثيره على المشهد السياسي المغربي؟ هل هناك تغيير في سلوك الدولة السياسي والانتخابي أم أنها تعيد إنتاج نفسها، وكيف ينعكس ذلك على المجتمع؟ كيف تتصرف الدولة والفاعل الحزبي والمواطن أثناء الاستحقاقات الانتخابية؟ ومن يتحكم في العملية الانتخابية هل المال والجاه أم التعليم والأمية أم شبكة العلاقات الزبونية والجمعوية أم غريها من المتغيرات؟ كيف يتم تأطير العملية الانتخابية وما مدى فعالية المنظومة القانونية المنظمة للاستحقاقات الانتخابية؟ هل تؤدي الانتخابات بالمغرب وظيفتها باعتبارها عملية لإعادة تقسيم السلطة والنفوذ أم أنها آلية لإعادة توزيع انتشار النخبة السياسية؟ إن الطرح الذي نعتمده في هذا المقال يهدف بالأساس للفهم الموضوعي للاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021، مركزين في ذلك على مقاربة قائمة على تعدد الحقول المعرفية المهتمة بالعملية الانتخابية، بحيث تنطلق من زوايا نظر تعتمد الأبعاد الدستورية والقانونية، والأبعاد المتعلقة بعلم السياسة والسوسيولوجيا مما يؤسس لمقاربة في غاية الأهمية تنبني على التعدد والتكامل المنهجي في دراسة الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2021.
السياق العام للعملية الانتخابية
الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، وإنما وسيلة لإقامة مؤسسات ذات مصداقية، تخدم مصالح المواطنين، وتدافع عن قضايا الوطن..”. هكذا تحدث الملك محمد السادس، خلال خطاب الذكرى 68 لثورة الملك والشعب في 20 أغسطس المنصرم عن الانتخابات العامة .
عرفت المملكة المغربية منذ دخولها مرحلة الدسترة سلسلة من الانتخابات سواء المحلية أو التشريعية، آخرها الانتخابات التي جرت يوم الأربعاء 8شتنبر2021 التي شارك فيها حوالي 18 مليون ناخب مغربي اتجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم في مجلس النواب ومجالس الجماعات والجهات.
في ظل سياق سياسي مختلف، أبرز سماته وضع اقتصادي واجتماعي صعب فرضه تفشي فيروس كورونا، واستحقاقات مستقبلية تخصّ على وجه التحديد تطبيق مخرجات النموذج التنموي الجديد الذي وضعته اللجنة الخاصة المعينة من قبل العاهل المغربي.
فتحت مراكز الاقتراع أبوابها على الساعة 08:00 صباحا ليستمر التصويت حتى الساعة 19:00 بالتوقيت المحلي (من 07:00 إلى 18:00 بتوقيت غرينتش)، لاستقبال الناخبين وهي المرة الأولى التي تُجرى فيها انتخابات عامة بالمغرب في يوم واحد. حيث مرت عملية التصويت حسب بيان وزارة الداخلية في ظروف عادية وفق المعلومات الواردة من مختلف أقاليم المملكة ومقاطعاتها، باستثناء بعض الحالات المعزولة في عدد محدود من مكاتب التصويت.
ورغم هاجس المقاطعة الذي تخوّف منه البعض قبيل يوم الاقتراع، إلا أن نسبة التصويت على الصعيد الوطني، بلغت50.35%، بينما تخطت نسبة المشاركة في بعض المناطق الجنوبية 66%، بزيادة قليلة عن النسبة المسجلة في انتخابات 2016 وهي 43%. ولعل ذلك راجع إلى أن التصويت شمل للمرة الأولى في تاريخ المغرب في اليوم نفسه الانتخابات البرلمانية (395 مقعدا) والمحلية والجهوية (أكثر من 31 ألفا)، مما ساهم في رفع نسبة المشاركة.
ومن المعروف أن هذه الانتخابات جرت في ظل ظروف استثنائية فرضتها جائحة كورونا مما أثر على سير الحملات الانتخابية من جهة، واهتمامات المواطن المغربي من جهة أخرى.
حيث اضطرت الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات المغربية، إلى وضع برامج انتخابية تراعي التداعيات التي فرضها انتشار فيروس كورونا على البلاد، بغرض الاستجابة لتطلعات المواطنين، وحصد الأصوات. حيث شكل الاقتصاد والشغل والتعليم والصحة، أبرز المحاور التي ارتكزت عليها البرامج الانتخابية للأحزاب، ضمن قائمة من الالتزامات التي تعهدت بالعمل على تطبيقها خلال 5 سنوات المقبلة، في أفق تجاوز الآثار السلبية للجائحة.
وبالرغم من اختلاف شعارات البرامج الانتخابية للأحزاب، فإنها تتشارك في نفس الأهداف بنسبة كبيرة، كما تحمل تصورات ومقترحات أكثر واقعية مقارنة بالتجارب السابقة. حيث أضحت الأحزاب السياسية اليوم أكثر واقعية في إعداد برامجها الانتخابية، من خلال تحديد أهداف واضحة بمعطيات دقيقة معززة بالأرقام، كما أصبحت تعمل على توجيه خطابات لفئات محددة.
إلا أن أغلب الأهداف تبقى غير قابل للتطبيق على أرض الواقع، نظرا لتحالف الأحزاب وتزاوج برامجها الانتخابية، زد على ذلك أن البرامج الانتخابية للأحزاب تظل عصيّة على التفعيل، وهو ما أكدته التجارب الانتخابية السابقة، وتم إثباته من خلال إجراء دراسات حول السلوك الانتخابي والمشهد السياسي المغربي أنجزت قبل هذه الاستحقاقات الانتخابية، حيث توصلت إحدى هذه الدراسات إلى أن نسبة 67% من أصل 110 مستجوب لا يثقون في الأحزاب السياسية بالنظر إلى أنها تخلف وعودها مع الهيئة الناخبة.
في التنظيم والتأطير القانوني:
رغم من كل التحديات التي أشرنا لها في المحور السابق والتي واكبت مسلسل العملية الانتخابية، إلا أن المغرب تمكّن من إنتاج منظومة قانونية معدّلة تحمل في طياتها عددا من المستجدات التي تستدعي التأمل؛ وهي تتمثل في القانون التنظيمي رقم 21.04 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، والقانون التنظيمي رقم 21.05 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 28.11 المتعلق بمجلس المستشارين، القانون التنظيمي رقم 21.06 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، القانون التنظيمي رقم 21.07 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية. والناظر في هذه القوانين التي تم إقرارها لتأطير العملية الانتخابية يجد أن مستجداتها موزعة بين خمسة مستويات، حيث يتحدد المستوى الأول في تحديد الأجندة الزمنية التي تم بموجبها إجراء الاقتراع على أكثر من صعيد، إذ أن تواريخ تنظيم الانتخابات تم تحديدها على الشكل التالي:
- انتخاب أعضاء مجلس النواب: يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021؛
- انتخاب أعضاء مجلس المستشارين: يوم الثلاثاء 5 أكتوبر 2021؛
- انتخاب أعضاء المجالس الجهوية: يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021؛
- انتخاب أعضاء مجالس الجماعات والمقاطعات: يوم الأربعاء 8 شتنبر 2021؛
- انتخاب أعضاء مجالس العمالات والأقاليم: يوم الثلاثاء 21 شتنبر 2021؛
- انتخابات الغرف المهنية: يوم الجمعة 06 غشت 2021
أما المستوى الثاني الذي يُستشف من المنظومة القانونية الانتخابية، فهو ينتظم ضمن ما هو مشترك بين مجموع هذه القوانين الانتخابية، ذلك أن تنظيم انتخابات أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس الجهات ومجالس الجماعات والمقاطعات تم في يوم واحد؛ وتم التخلي عن اختيار يوم الجمعة كيوم للتصويت، الذي كان تقليدا راسخا في الانتخابات المغربية؛ إضافة إلى إقرار قاعدة التنافي بين العضوية في مجلس النواب أو مجلس المستشارين ورئاسة مجلس عمالة أو إقليم وكذا رئاسة مجلس جماعي يفوق عدد سكان الجماعة ثلاثة مائة ألف نسمة (أما التنافي مع رئاسة مجلس الجهة فكان منصوص عليه في القانون التنظيمي السابق لمجلس النواب وكذا القانون التنظيمي لمجلس المستشارين)؛ ثم السماح خلال الحملات الانتخابية باستعمال علم المملكة والنشيد الوطني والصورة الرسمية للملك المثبتة في القاعات التي تحتضن الاجتماعات المتعلقة بالحملة الانتخابية.
بالنسبة للمستوى الثالث فقد تميز بكونه يرتبط بالانتخابات التشريعية، إذ شهد إلغاء لائحة الشباب الوطنية المعمول بها في الانتخابات السابقة؛ واستبدلت الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر جهوية، وخصصت لهذه الدوائر نفس العدد الذي كان مخصصا للدائرة الوطنية (90 مقعدا)؛ حيث تم تخصيص ثلثي مقاعد الدوائر الانتخابية الجهوية للنساء؛ كما تم إلغاء نظام العتبة في توزيع المقاعد المتنافس حولها، والذي كان محددا في نسبة 6%، في انتخابات 2011، وفي نسبة 3% في انتخابات 2016، تغيير القاسم الانتخابي السابق باعتماد قاسم انتخابي جديد قائم على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية، عوض القاسم الانتخابي الكلاسيكي المعمول به في جل الأنظمة الانتخابية في العالم والقائم على أساس عدد الأصوات الصحيحة المعبر عنها؛ حيث نص التعديل الجديد للقانون التنظيمي لمجلس النواب على ما يلي: “توزع المقاعد على اللوائح بواسطة قاسم انتخابي يستخرج عن طريق قسمة عدد الناخبين المقيدين في الدائرة الانتخابية المعنية على عدد المقاعد المخصصة لها. وتوزع المقاعد الباقية حسب قاعدة أكبر البقايا، وذلك بتخصيصها للوائح التي تتوفر على الأرقام القريبة من القاسم المذكور.
أما فيما يخص المستوى الرابع، فهو يتصل بانتخاب الجماعات الترابية، حيث عرف إلغاء نظام العتبة الذي كان معمولا به في انتخابات الجماعات الترابية السابقة، حيث كانت العتبة محدد في نسبة 6%. فكل لائحة انتخابية لم تحصل على هذه النسبة من الأصوات المعبر عنها لا تشارك في عملية توزيع المقاعد ويتم إقصاؤها بشكل تلقائي. ومن شأن إلغاء نظام العتبة تشكيل مجالس ترابية مُبلقنة، تمثل فيها كل اللوائح المشاركة في العملية الانتخابية، مما سيؤثر على تكوين مكاتب المجالس وتوفير أغلبية مريحة وعلى اتخاذ القرارات خلال دورات المجالس.
إلى جانب هذه المستجدات القانونية التي ساهمت في تأطير العملية الانتخابية، فإن المغرب عمل على تنظيم محكم للاستحقاقات الانتخابية، إذ لم يكتف فقط بالمنظومة القانونية الانتخابية بل وفر من الوسائل اللوجيستية والإمكانات البشرية والموارد اللازمة ما يؤدي بالضرورة إلى تحقيق تنظيم فعّال للحدث الانتخابي، كما أن هذه الاستحقاقات التي شهدها يوم 08 من شتنبر قد عرفت حضور أزيد من 4500 مراقب، ينتمون لأكثر من 44 منظمة غير حكومية لمراقبة الانتخابات حسب ما صرح به المجلس الوطني لحقوق الإنسان. هذا في وقت أرجأت العديد من الدول تنظيم الانتخابات إلى إشعار آخر في انتظار زوال جائحة كورونا. وهذا الحرص على انتظامية الانتخابات في وقتها المحدد يحقق جانبا مهما من صدقية العملية الانتخابية، هذه الأخيرة التي تعتبر هي الثالثة من نوعها منذ صدور الدستور المغربي الحالي، وذلك بعد انتخابات عامي 2012 و 2016، كما أنها الانتخابات الخامسة في عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس.
مفاجآت يوم الاقتراع
حمل نتائج يوم الاقتراع المؤرخ ب08 شتنبر 2021 العديد من المفاجآت، حيث حصل حزب التجمع الوطني للأحرار على 97 مقعدا، من أصل 395 مقعدا، تلاه حزب الأصالة والمعاصرة (82 مقعدا)، ثم الاستقلال (78 مقعدا)، والإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (35 مقعدا)، وحزب الحركة الشعبية (26 مقعدا)، والتقدم والاشتراكية (20 مقعدا) والاتحاد الدستوري (18 مقعدا)، والعدالة والتنمية (12 مقعدا)، بينما حصلت باقي الأحزاب الأخرى على 12 مقعدا.
ففي الوقت الذي كان معظم المحللين السياسيين يتوقعون حصول حزب التجمع الوطني للأحرار على إحدى المراتب الثلاثة الأولى، لم يتخيل أحد أن حزب العدالة والتنمية سيخرج عن دائرة الأربعة الأوائل، ليتقهقر محتلا المرتبة الثامنة. ولعل أهم السبب الرئيس خلف هذه النتيجة المفاجئة يعود لأن حزب العدالة والتنمية لم يقدم أي إنجاز ضخم للكتلة الناخبة يستطيع من خلاله جلب الأصوات، بل على العكس من ذلك قام الحزب طيلة عقد من الحياة السياسية بتصدر المشهد في عدد من الاختيارات المنافية للتوجهات السائدة لدى الرأي العام المغربي، ما جعله يتعرض لتصويت عقابي من قبل الناخبين. إن تصدر حزب العدالة والتنمية لممارسة السلطة طيلة عشر سنوات من الزمن السياسي جعله مستهدفا من قبل منافسيه من جهة وأنهكته توالي الأزمات لاسيما في الولاية الأخيرة من جهة ثانية، مع تصدّع في البيت الداخلي للحزب بين تيارات متعددة أبرزها ما يسمى بتيار الإستوزار وتيار المواقف من جهة أخرى، الشيء الذي أفقد الحزب شعبيته وخسر رصيده الانتخابي.
ولئن كان هذا هو السبب الرئيسي في نكسة حزب العدالة والتنمية في هذه الاستحقاقات الانتخابية، التي خسر فيها 113 مقعد، بل وخسر فيها أمينه العام في دائرة المحيط بالرباط، ما أدى إلى إصدار الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بيانا تعبر فيه عن استقالة أعضاء الأمانة العامة للحزب مع استمرارهم في تسيير شؤونه، ما اعتبره البعض بمثابة السقوط الحر عقب تصاعد مهم في التمثيلية البرلمانية منذ ولوج الحزب للمؤسسات السياسية؛ إلا أن أثر ذلك يبدو أنه يتوافق والمعطى الإقليمي الذي يشهد إغلاقا لقوس الإسلام السياسي المتصدر مؤخرا للمشهد السياسي في بلدان ما عرف ب “الربيع العربي” أو “الفوضى الخلاقة” وفق الاصطلاح الأمريكي.
من بين المفاجآت الأخرى التي عرفتها هذه الاستحقاقات الانتخابية ليوم 8 شتنبر 2021، ما صرح به وزير الداخلية عبد الوافي الفتيت في الساعات الأولى من صباح يوم الخميس أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات التي تضمنت كذلك الانتخابات المحلية والجماعية، بلغت 50.35% بالمئة، مقابل 42% بالمئة في عام 2016، وقال إن الانتخابات شهدت مشاركة ثمانية ملايين و789 ألفا و676 ناخبا وناخبة، أي بزيادة 2 مليون و152 ألفا و252 ناخبا مقارنة مع الانتخابات التشريعية عام 2016. والعجيب أن المشاركة السياسية للأقاليم الجنوبية المغربية كانت أكثر ارتفاعا من باقي المناطق بالمغرب، حيث تصدرت مدينة العيون نسب المشاركة بما يعادل 70% من الأصوات، وبلغت نسبة المشاركة في إقليم آسازاك التابع لجهة كلميم أكثر من 32%، وفي أوسرد التابع لجهة الداخلة وادي الدهب أزيد من 27%، ما يدل على انخراط واع للمواطنين القاطنين بالصحراء المغربية في العملية السياسية بصفة عامة والفعل الانتخابي بصفة خاصة.
أما فيما يخص باقي الأحزاب السياسية، فقد حافظ حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الثانية على الرغم من فقده لما يقارب 20 مقعد مقارنة بنتائج انتخابات 2016، ما يدل على أنه تمكن من تجاوز تبعات الأزمة الداخلية للحزب التي تجلت على مستوى الخلاف الذي برز في المؤتمر الرابع المنعقد في فبراير 2020 بين تيار المستقبل وتيار المشروعية. وبدوره حافظ حزب الاستقلال على المرتبة الثالثة مستفيدا هذه المرة من عدد من المقاعد أكثر مما حصل عليه في انتخابات 2016، إذ استطاع الحصول على 78 مقعد في هذه الانتخابات أي ما يزيد عن 32 مقعد مقارنة بما حققه في 2016.
مقال مشترك بين الأستاذ ياسين شادي و الأستاذة أسماء أفساحي