الونخاري: لا أمل في التغيير عن طريق الانتخابات لأنها لا تفرز الحاكمين الفعليين
انتقد أبو بكر الونخاري، الكاتب الوطني لشبيبة العدل والإحسان، بشدة الانتخابات بالصيغة المغربية، مشددا على أنها “بحسب الشروط الحالية لا ينتظر أن تؤدي إلى نتيجة غير التي رأينا من قبل. لا شيء سيتغير نهائيا، إلا مزيدا من إطالة عمر الأزمة وتعمّقها”.
ودعا الونخاري، في حوار مع “أنباء 24”، المواطنين إلى “عدم الالتفات إلى هذه المهازل التي تسمى انتخابات وليس لها من الانتخابات إلا الاسم. المقاطعة خيّار فعّال في مواجهة العبث. المقاطعة رسالة سياسية، واختيار واعٍ ينزع أي شرعية عن المؤسسات المغشوشة”.
– هل يمكن الرهان على انتخابات الثامن من شتنبر لتغيير الأوضاع التي تعرفها البلاد؟
تجريب المجرّب وبنفس شروط التجربة وانتظار نتيجة مخالفة من العبث. ولو كان بالإمكان أن ننتظر تغييرا إلى الأفضل من مدخل الانتخابات لحصل الأمر مع الاستحقاقات السابقة، لكن “الواقع لا يرتفع” بمجرد انتخابات معطوبة تفتقر لكل أساسات أن تكون ذات قيمة وجدوى، وواقعنا للأسف الشديد استبدادي، في ظل نظام سياسي مغلق.
وبحسب الشروط الحالية لا ينتظر أن تؤي الانتخابات إلى نتيجة غير التي رأينا من قبل. لا شيء سيتغير نهائيا، إلا مزيدا من إطالة عمر الأزمة وتعمّقها.
إن الانتخابات في المغرب، مثلما صار يعلم الجميع، لا تفرز حكاما فعليين كما في كل بلاد الناس الديمقراطية، بل لملء الفراغ في مؤسسات مغشوشة بلا صلاحيات كبيرة، أو أن صلاحياتها محدودة تخضع باستمرار لسلطة المعينين الذين لا ينتخبهم الشعب، ولا يملك أدوات محاسبتهم.
إن الانتخابات يفترض أن تكون مناسبة لعرض البرامج الانتخابية للتنافس، وبعد أن يختار الشعب تجد طريقها للتنفيذ، وعند كل دورة انتخابية يمارس حقّه في التقييم والتقويم. هل هذا الذي نحن بصدده في المغرب؟ قطعا لا، فالمنتخبون لا يحكمون، ومن يحكمون لا ينتخبون، بكل باختصار.
– هناك من يقول أن المغاربة قد فقدوا الثقة في عملية الانتخابات التي عرفها المغرب والتي فاق عددها الـ30. هل تتفق مع هذا الرأي؟
العزوف عن المشاركة في الانتخابات خير دليل. الناس صارت تتجاهل أكثر فأكثر هذه المهازل، ولا تريد أن تمنح شرعية لمن لا يستحق، فضلا عن أنها صارت أكثر اقتناعا أن الذين ينتخبون لا صلاحيات لهم. بل هل نحتاج إلى دليل أوضح من قول رئيس حكومة سابق أن (رئيس الحكومة متيحكمش). فلماذا إذن الانتخابات؟ ولماذا كل هذا الإهدار للأموال؟
الناس بحسّها الجماعي تبلور أكثر فأكثر موقفا رافضا لهذه المهازل. وهذا نتيجة طبيعية لمسار طويل من خيبات الأمل، المترتبة عن سنوات من التدليس والكذب على المواطنين، وعقود من الفشل في الوفاء بالوعود.
المواطنون فقدوا ثقتهم في السياسيين، لأنهم يرون بأنفسهم من ينتخبونهم أعجز من أن يفرضوا برامجهم، فضلا عن أن يدافعوا عن مصالح الشعب أمام مركبات المصالح المتغولة.
– في نظركم، ما هي المقترحات الكفيلة بجعل محطة الانتخابات القادمة وسيلة للدفع بعجلة التنمية، بما يضمن العيش الكريم للمغاربة؟
قطعا الانتخابات ليست مدخلا أولَ للتغيير في الحالة المغربية.
نحتاج تعاقدا سياسيا أو ميثاقا سياسيا أو ما شئت من المسميات للانتهاء من الاستبداد، وتأمين خيار الدولة الديمقراطية. ميثاق يضعنا على سكّة بناء دولة أكثر انفتاحا على المواطن وأكثر تقبّلا لاختياراته، وأكثر انسجاما مع هويته وأصالته، وأكثر تقبّلا للديمقراطية والحرية. ميثاق يجري تسطيره بناء على حوار سياسي شامل وبلا خطوط حمراء، يتابعه الشعب ويقرّ نتائجه.
نحتاج ديناميات سياسية جديدة، تضمن للمواطن حقّه في أن يعبّر عن نفسه، فردا كان أو من خلال التنظيمات الجماعية، دون أن يلاحق أو يصادر حقّه.
أما فيما يخص التنمية، فلا شكّ أن القناعة صارت أكثر رسوخا أنها رديفة الديمقراطية وشقيقتها، وأنه لا تنمية إلا من مدخل الديمقراطية، ومن يتوهّم أن الناس تعيش بالخبر فقط فهو خاطئ.
– ما هي رسالتك للأحزاب السياسية ورسالتك للمغاربة؟
المواطنون باستمرار يحاورون الأحزاب على طريقتهم. الانتخابات نوع من الحوار. مقاطعة الانتخابات بتلك النسب العالية رسالة قوية. الرسالة تفيد أن الشعب في واد والأحزاب في واد آخر، لأن كثيرا من الأحزاب قبلت على نفسها أن تؤدي أدورا بيئسة، وأن تصبح مركبات مصالح متنفذين وللتغطية على الفاسدين بمنحهم الحصانات القانونية وغير القانونية للاستمرار في فسادهم.
الشعب باستمرار يوصل رسائل للأحزاب أنه لا يوافق على الانتهازية وعلى المشاركة في خطيئة التآمر على مصالح الناس لحساب النافذين الذين يرعاهم الاستبداد ويتحالفون معه لاستدامة الأوضاع القائمة.
– كلمة ختامية؟
أدعو المغاربة إلى عدم الالتفات إلى هذه المهازل التي تسمى انتخابات وليس لها من الانتخابات إلا الاسم. المقاطعة خيّار فعّال في مواجهة العبث. المقاطعة رسالة سياسية، واختيار واعٍ ينزع أي شرعية عن المؤسسات المغشوشة.
إننا نعيش زمنا سياسيا مهدورا في العبث، وبلدنا تعيش أزمات خانقة كثيرة، وكثير من الفئات الاجتماعية تعاني، وتعمّقت معاناتها مع أزمة كورونا.
لا حلّ للمغاربة إلا أن يطالبوا أكثر بحقوقهم، وأن يرفعوا الصوت عاليا بـ”كفى”.