في حوار خاص..الباحثة رجاء الرحيوي تسلط الضوء على ملف التطبيع ومستقبل القضية الفلسطينية
يسرنا في موقع أنباء 24 أن نستضيف الأستاذة الباحثة “رجاء الرحيوي” في هذا الحوار من أجل تقريب متتبعي موقعنا من قراءة ضيفتنا لما تعرفه المنطقة المغاربية من اختراق صهيوني،ولنناقش معها سؤال التطبيع في بعده العام، ومن حيث جانبه الخاص، وما يجري الان في المنطقة العربية عموما ، وتحديدا مع ما أقدمت عليه الدولة المغربية من إعادة فتح مكتب الاتصال مع الكيان الصهيوني، والتي أثارت نقاشا محتدما وخلقت صدمة لدى شريحة كبيرة من المتتبعين والمحللين من بعض النخب التي صدحت بحناجرها في مناسبات عدّة رفضا وتجريما للتطبيع مع الكيان الصهيوني وتوجه الدولة المكشوف نحو منع الوقفات التضامنية مع القضية الفلسطنية وهرولة بعض المؤسسات الرسمية نحو الرفع من وثيرة التطبيع “وزارة التربية الوطنية أنموذجا”.
ضيفتنا هي الأستاذة “رجاء الرحيوي” الباحثة المغربية في الشؤون الفلسطينية، وهي أستاذة التعليم الثانوي التأهيلي ،حاصلة على دبلوم الدراسات المعمقة في الدراسات الاسلامية وباحثة في سلك الدكتوراه، لها مجموعة من المشاركات الإعلامية والمساهمات في العديد من المؤتمرات المحلية والدولية نصرة للقضية الفلسطينية وعضو مركز فاطمة الفهرية للأبحاث والدراسات وعضو هيئة تحرير مجلة ذخائر المحكمة ناشطة حقوقيةوجمعوية
حاورها: الخامس غفير
بداية نرحب بكم الأستاذة والباحثة “رجاء الرحيوي” على موقع أنباء24 الإلكتروني ، والذي اخترنا له أن يكون عينا على الحدث، أستاذةرجاء عشنا هذه الشهور حدثا مفاجئا وصادما كمغاربة ومتتبعين للعلاقة المغربية الفلسطينية ،ولسؤال العلاقة بين الكيان الصهيوني والدولة المغربية ، ما هو موقفكم كمتابعين من هذا التطبيع و من موقع اهتمامكم بهذا الملف؟
بسم الله الرحمن الرحيم بداية اشكر الأستاذ الخامس غفير على الاستضافة ،من موقعي كمغربية تحمل هم القضية الفلسطينية ،والتي عشنا معها تاريخا من الصمود ضد الغطرسة الصهيونية،وما حملته ذاكرتنا من إجرام خطه الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين بتقتيل الأطفال والنساء والشيوخ ،وتشريد آلاف العائلات وتهجيرهم من بيوتهم وبلداتهم ووطنهم ،وحصار قطاع غزة لأكثر من أربعة عشر سنة في شبه سجن يضم أكبر كثافة سكانية على مستوى فلسطين المحتلة ،وحرمانهم من أبسط حقوق العيش الإنساني من انعدام للمياه الصالحة للشرب ،وانقطاع الكهرباء المتواصل ،ومنع دخول مجموعة من الأدوية أو السماح للمرضى بالعلاج خارج القطاع ،ومنع دخول مواد البناء خوفا من استعمال بعض منتجاتها في أسلحة المقاومة ،وتواطؤ النظام المصري مع الكيان الصهيوني بتشديد الحصار على غزة وإغلاق معبر رفح ،ولا ننسى سياسة الاستيطان التي يعمل الكيان المحتل على تمديدها عبر ربوع أرض فلسطين على حساب اصحاب الأرض ،وخلق صراعا مفتعلة بين أهل الوطن الواحد ،ولا ننسى كذلك عدد الأسرى في معتقلات الكيان الصهيوني في مختلف الأعمار والأجناس ،وسياسة التعذيب النفسي والمادي الممنهج من قبل الكيان المحتل .
بعد كل هذه الجرائم التي ذكرنا منها القليل القليل، كيف يسمح النظام المغربي لنفسه أن يضع يده في يد كيان مجرم أياديه ملطخة بدماء الأبرياء ؟
وما قام به هذا الكيان لا يمكن أن نصفه الا في خانة جرائم الحرب ، لأنها عملت على إبادة شعب أعزل لا يملك من مقومات الدفاع عن النفس أمام آليات الحرب المتطورة سوى الحجارة أو ماصنعته بعض الأيادي بوسائل بدائية ،أمام كل هذا لا يسعنا الا استنكار ورفض هذا التطبيع جملة وتفصيلا .
- يقول البعض تعليقا منهم على هذا التطبيع : “ما الجديد في هذا التطبيع؟ الاتصال كان مع الكيان الصهيوني لسنوات “،سؤالنا لكم الأستاذة “الرحيوي” هل هناك فرق حقيقي بين التطبيع الخفي و بين التطبيع العلني المكشوف والمعلوم؟
بالتأكيد نعلم أن معظم الأنظمة العربية كانت لها علاقات سرية مع الكيان الصهيوني ، بل في كثير من الأحيان كانت عميلة له وتتجسس على شرفاء أوطانها لحسابه ،بل تساهم في اغتيال أو اعتقال من يطاردهم الموساد الصهيوني ،لكن إعلان التطبيع وتمرير الاتفاقيات مع الصهاينة جهارا نهارا ،يكشف عن أمر آخر ،هو ما كان يخطط له هذا الكيان الخبيث من أطماع لا تتوقف من خلال التغلغل الناعم في أوطاننا ،لنصبح بدورنا أمام احتلال جديد يستهدف ثروات الوطن المادية والبشرية والأخلاقية والعقدية ،خاصة ونحن نعلم جيدا ما يتميز به الموقع الاستراتيجي للمغرب وما يتوفر عليه من ثروات طبيعية ،وإن كان لا يستفيد منها بسبب الفساد المستشري فان الطين سيزيد بلة مع دخول هذا الكيان السرطاني الجديد والذي سيأتي على الأخضر واليابس .
- لعلكم تابعتم ردود الأفعال من قوى حيّة و ممانعة للاختراق الصهيوني للمغرب بشكل فاضح ومكشوف ،في نظركم هل يكفي الرفض و الشجب لإسقاط التطبيع والتصدي له؟ أم أن هناك اشكال أخرى ينبغي الانفتاح عليها للقيام بواجب النصرة للقضية الفلسطينية؟
ردود الأفعال ضد الاختراق الصهيوني من قبل الشعب المغربي والشعوب المناوئة لهذا الكيان ،كانت طبيعية تلقائية باعثها الحب الفطري لأرض فلسطين ولمقدساتنا الإسلامية التي تعتبر وقفا لجميع المسلمين ،ولا ننسى أيضا رفض شرفاء العالم من غير المسلمين لهذا التطبيع بدافع الانسانية التي لا تقبل التعامل مع كيان عنصري ارهابي بامتياز ،ولذلك هذا الرفض الشعبي العفوي مطلوب ،لكننا أمام كيان له ترسانة من العلاقات التي من خلا لها سيطر على مجالات حيوية عالميا ، خاصة علاقته مع البيت الأبيض الأمريكي ،أو ان صح القول علاقة البيت الأبيض مع هذا الكيان الذي يخدم لوبي الاستكبار العالمي ،وبالتالي نحن في حاجة الى وسائل وآليات جديدة للمواجهة ،وكبادرة أولى شكلت مجموعة من الهيئات الحية المغربية التي تعمل على التصدي للتطبيع مع الكيان الصهيوني بجميع أشكاله ،كما عبر المحامون المغاربة بخطوة نعتبرها ايجابية ،وذلك من قبيل رفع دعوى أمام القضاء لتجريم التطبيع ،ومن المواقف التي نعتز بها وتظهر معدن المغاربة النفيس الذي يرفض هذا الكيان الغاصب ،رفض ساكنة الرباط وأصحاب المنازل المخصصة للكراء ممثل الكيان الصهيوني وامتناعهم عن مجاورته لهم ومطالبتهم بالمغادرة الفورية.
- الأستاذة والباحثة رجاء في نظركم ما السر وراء تعامل السلطات المغربية بالقوة و العسكرة مع وقفة الأحد 13 دجنبر ضد التطبيع التي دعت اليها أكثر من 56 هيئة حقوقية ونقابية ومدنية وسياسية من مختلف المشارب والانتماءات السياسية وبعدها وقفتي الرباط و البيضاء وما تلاهما من وقفات احتجاجية؟
مع الأسف النظام المغربي يعتقد أن المواجهة العنيفة لأبناءالشعب وتجاوز مطالبهم الحقيقية،واستخدام ذريعة الجائحة لمنع المواطنين من التعبير بشكل حضاري وسلمي عن رفضهم لهذا التطبيع المقيت، سيمنعهم من استمرار التظاهر والخروج لفضح جرائم هذا الكيان الغاصب والمطالبة بمقاطعته ،ويأتي هذا المنع رغم احترام جميع الوسائل الاحترازية في هذه الوقفات مع العلم أنه سمح لتجمعات أخرى بحضور السلطة ودون أي مظهر من مظاهر الوقاية والحماية المنصوص عليها في ما يخص الوباء ،وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على استفراد النظام المغربي بقرارات أحادية لا تمثل الشعب ولا تخدم مصالحه ،كما أن ضعف حجة النظام ومبرراته الواهية في التطبيع جعلته يلجأ الى العنف كعادته لأنه لا يمتلك بدائل حقيقية ولا مصوغات لخطواته غير المحسوبة ،بل أمام هذا التعنت تتهاوى كل الشعارات الزائفة التي يسوقها الاعلام والتي من خلالها يتغنى بديمقراطية صورية يكذبها الواقع وتكذبها الممارسة اليومية.
- من خلال تخصصكم و تتبعكم لهذا الملف “رجاء الرحيوي” كيف تنظرون إلى مستقبل القضية الفلسطينية وسؤال العلاقة بين المغرب و الصهيونية على ضوء هذا التطبيع الذي فرض الشعب المغربي دون استشارة مع مكوناته و نخبه؟وما هو تصوركم “الباحثة رجاء” لمستقبل المنطقة المغاربية بعد هذه الخطوة التطبيعية مع كيان مغتصب للحقوق والارادات؟
نحن مطمئنون ولله الحمد كل الاطمئنان على القضية الفلسطينية، انطلاقا من التصديق بالوعد الرباني بالنصر والتمكين ،لكننا اليوم أمام محك يميز الله فيه الخبيث من الطيب ،والاطمئنان الثاني باعثه التفاف الشعوب حول هذه القضية رغم تخاذل الانظمة وتحالفها مع الكيان الصهيوني المجرم ،ان ما يخطط له هذا الكيان من أطماع تستهدف المغرب بل الوطن العربي ككل سيجد عدة معيقات وعقبات :
أولها تجدد إحياء القضية الفلسطينية بقوة كلما تجدد الصراع وأراد العدو أن يخطو خطوة في أشكال عدوانه.
ثانيها مستويات الاحتقان التي أصبحت تعيشها الشعوب بسبب ظلم واستبداد أنظمتها مما جعلها تطمح للحرية وتكسير القيود، فكيف تقبل بقيود الكيان الصهيوني المحتل وهي ترى جرائمه على أرض فلسطين ؟.
ثالث هذه المعيقات الجانب الاعلامي الذي كان يستفرد به الاستكبار العالمي ويسوق ما يخدم مصالحه ويحول الضحية الى مجرم والمجرم إلى ضحية،أصبح اليوم هذا الإعلام ملكا مشاعا بين أيدي الناس يفضحون من خلاله جرائم الصهاينة وحلفائهم ضد مستضعفي العالم .
وتبعا لكل هذه المعطيات أعتبر أن التطبيع لن يحقق أهدافه، بل سيكون وبالا على كل من وضع يده بيد الكيان الصهيوني المحتل،ولن تبقى أرض فلسطين وحدها في ميدان المواجهة المباشرة بل ستنضم كل الشعوب التي أصبحت مستهدفة للاحتلالالصهيوني .
- أستاذة رجاء الرحيوي ماهي أهم الرسائل التي ترغبون في ارسالها عبر “موقع أنباء 24″، لكل من الساسة والإعلاميين العرب والعلماء والخطباء والطلبة وعامة الناس بهذا الخصوص؟
أولا أجدد شكري لهذا الموقع في تحمله مسؤولية المنافحة عن القضية الفلسطينية ،ثم أوجه رسالة من خلال منبركم لكل فضلاء العالم من أجل فضح صهاينة العالم والتماس جميع الواجهات لنصرة الشعب الفلسطيني المحتل ،كما أخص العلماء بضرورة تحمل مسؤوليتهم أمام الله تعالى واستنكار المنكر من تطبيع وخيانة الشعوب والتواطؤ مع العدو وأن يكونوا ضمائر حية بأصواتهم خشية من الله لا من الحاكم ، وللساسة مسؤولية تاريخية في الدفاع والكشف عن مظلومية أرض فلسطين ،ولا ننسى دور الإعلام البديل في مساندة القضية بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي،إن نصرة القضية الفلسطينية هي مسؤولية الجميع لأنها مقياس لمدى حياة ضمير الإنسانية .