تعريف بكتاب الأصولية وخطاب النهايات في الديانات
تعززت المكتبة المغربية والخزانة العربية بمولود جديد تحت عنوان “ الأصولية وخطاب النهايات في الديانات”، وهو كتاب من إصدارات المركز الأكاديمي للأبحاث بالعراق، من تأليف الدكتور مصطفى العلام، وقد انطلق المؤلف قبل عرض مضامينه و الوقوف عند إشكالاته من مسلمة بديهية ومعلومة بالضرورة عند أغلب الدارسين لحقل الأديان و المهتمين بقضايا الفكر الإسلامي وهي “أن الأصوليات في الديانات التوحيدية الثلاث تشترك في بعض ظروف نشأتها وجذورها التاريخية وملامحها العامة” لينتقل بنا إلى التساؤل عن المشترك بين الأديان على مستوى الطرح والرؤية المستقبلية لكل منها وقد صاغه المؤلف صياغة دقيقة وهو كالاتي: “فهل تشترك أيضا في طرحها ونظرتها المستقبلية لنبوءات وأحداث؟؟” ويرمي من خلاله السفر بالقارئ نحو قراءة ممنهجة قاصدة تستحضر حقل الزمان بكل أبعاده: ماضيا عبر الغوص في النصوص الشرعية والقواعد الدينية للأديان الثلاث، وحاضرا عبر استحضار مجموعة من القضايا الراهنة والأسئلة ذات “البعد الإبستيمي” والتي تصل حد الصدام و” الصراع الديني” نظرا لارتباطها بالنهايات وأسئلتها التي -تسكن المتدين- تعترض مسيرة البحث والتقصي لدى الطلبة والباحثين، ومستقبلا عبر تقديم رؤية مستقبلية بلغة الدكتور مصطفى العلام “لتجنب الصراع الديني الأصولي-الأصولي والتوجه نحو افاق السلم والسلام العالمين”.
ولعل من الأمور التي ركز عليها الدكتور مصطفى العلام في دراسته الأكاديمية التي نقدّمها للقارئ الكريم، وهي عرضه لبعض النبوءات ذات الطبيعة الاتصالية والتي تشترك فيها الديانات التوحيدية الثلاث على شكل ثنائيات، وهي بمثابة ملتقى مشترك بينها في اخر الزمان وهي على النحو الاتي:
– “يأجوج ومأجوج” و” الحروب الدينية الأخيرة ” في الديانات التوحيدية الثلاث.
– “المسيح الدجال” أو” عدو المسيح” و”المسيح المنتظر” في الديانات التوحيدية الثلاث.
– “الملك الألفي” في الديانتين اليهودية والمسيحية و”الخلافة الإسلامية ” و”المهدي المنتظر” في الإسلام.
– ” النبوءات” و”القدس الشريف” في الديانات التوحيدية الثلاث.
إن المنهج المقارن الذي اعتمده صاحب كتاب ” الأصولية وخطاب النهايات في الديانات” أعطى لبحثه قوة في البيان وزاده قدرة على الإقناع ومكنّه من التأثير على المتلقي وجذبه نحو استكشاف فصوله وترقّب خلاصاتهونتائجه، حيث حلّق بنا عاليا نحو افاق المعرفة الأكاديمية المتخصصة وساعده في ذلك المنهج المقارن، الذي مكننا استيعاب الأصولية في الديانات التوحيدية الثلاث فهما ومقارنة ومقاربة، “من حيث النشأة والملامح العامة ونماذج الفرق، وكذلك خطاب النهايات”.
ولا يفوتني الإشارة إلى أن نتائج البحث ماتعة وشاملة وأجوبتها كافية، كما لا يسعني في النهاية إلا أن أشير إلى “أن موضوع الكتاب يدخل في إطار البحوث والدراسات المستقبلية التي تحاول الربط بين الأصوليات الدينية وخطاب النهايات في الديانات التوحيدية الثلاث”، إنهكتاب جدير بالقراءة والاهتمام ومرجع مهم للباحث المتخصص وللطالب الباحث، والمهتم بقضايا الأديان.
بقلم الخامس غفير