النافعي لأنباء24.. ذكرى 20 فبراير مناسبة لإستشراف وإتمام أهداف الحركة المتجسدة في الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية
يسعد موقع أنباء 24 أن يستضيف الأستاذ المناضل إبراهيم النافعي الكاتب الوطني لشبيبة النهج الديمقراطي، للحديث عن الذكرى العاشرة لحراك 20 فبراير، التي لا زالت ترخي بظلالها عن المشهد المغربي الحالي.
اولا: ماذا تمثل لك الذكرى العاشرة ل20 فبراير؟
في البداية اود ان أتقدم لموقع الانباء بالشكر على هذه الاستضافة.
انا استقبل دائما 20 فبراير كعيد ميلاد لي، انها عيد ميلادي السياسي، فكغيري من الشابات والشباب الحالم بمغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية انخرطت بشكل وجداني ونفسي في الحركة الى جانب البعد السياسي، الذي يمكن القول انه نمى وتطور داخل الاجتماعات والندوات والمسيرات، لذلك فإنها على المستوى الشخصي بمثابة الذكرى العاشرة على لميلادي السياسي.
على المستوى العام ان مرور 10 سنوات على انطلاقة 20 فبراير، ينبغي أن يكون مناسبة لإعادة قراءة تجربة واستخلاص الدروس اللازمة واستشراف من اجل إتمام وتحقيق اهداف حركة 20 فبراير المتمثل في شعارها الخالد حرية كرامة عدالة اجتماعية والمساواة الفعلية.
ثانيا: من وجهة نظرك، هل يمكن القول بأن الحراك المغربي بمكوناته ومطالبه ومكتسباته؛قد كان مختلفا عن باقي الحراكات في الوطن العربي؟
للجواب على هذا السؤال أن ندقق في مفهوم “الاختلاف” فالمخزن والته الدعائية يحاول استخدام هذا المفهوم بمعنى “الاستثناء المغربي” أي أن المغرب في منآى عن ما يقع في المنطقة، وكذا لتبرير طريقة تعامل النظام مع مطالب حركة 20 فبراير ونضالاتها، ويمكن اجمال هذه الطريقة في شكلين:
- القمع: استفاد المخزن من التجربة المصرية والتونسية، فاستعماله للعنف لم يكن –على الأقل في بداية الحركة- بالشكل الذي يعكس طبيعة المخزن المغربي باعتباره لا ديمقراطي، حيث توارت عصاه للخلف وفتح الاعلام نسبيا للقوى المعارضة … لكن في الوقت نفسه كان بين الفينة والأخرى يمارس الاعتقالات ويتدخل بعنف في مسيرات مختلفة ومتفرقة أدت الى استشهاد العديد من المواطنين في الحسيمة وصفرو واسفي… كما كان يضغط على الشباب والشابات من خلال تهديد اسرهم عن طريق المخابرات والمقدمين وغيرهم من أجهزة الدولة. والتي كانت تعمل على اضعاف الحركة.
- الالتفاف والاحتواء: سعى النظام منذ خطاب 09 مارس أن يظهر وكأنه يروم فعلا التجاوب مع مطالب 20 فبراير وتلاها خطوات، مثل تقديم وعود او تنازلات شكلية تساعد على احتواء وتحييد جزء من الشعب او الجماهير الداعمة للحركة. هكذا سيشكل خطاب 9 مارس وتشكيل لجنة المنوني لصياغة دستور مناسبة لإعلان مجموعة من الأحزاب الموالية للمخزن انسحابها بما فيهم العدالة والتنمية (رغم انخراطها المحدود منذ البداية) لكن هذا الإعلان سيشكل مناسبة لهذه الأحزاب لممارسة حربها على الحركة وعلى مطالبها زد على ذلك احتواء جزء من الحركة النقابية من خلال اتفاق 26 ابريل وتحييد حركة المعطلين من خلال تشغيل الف المعطلين بشكل مباشر ووعد جزء اخر بالتشغيل “محضر20 يوليوز مثلا”.
بهذا المعنى يكون المفهوم الاختلاف والاستثناء أداة لتبرير الواقع والفساد والاستبداد ووسيلة للهروب الى الامام بالنسبة لمن ساهم عبرعقده صفقات مشبوهة مع النظام في تفويت فرصة تاريخية على الشعب المغربي للانتقال الحقيقي نحو الديمقراطية أو على الأقل البناء الديمقراطي والقطع مع النظام المخزني والحكم الفردي المطلق. فإذا كنت ارفض الاختلاف بهذا المعنى ، فانا من جهة أخرى أتفق ان التجربة النضالية لحركة 20 فبراير رغم انها انطلقت تحت تأثير انتصار ثورة تونس ومصر واشتعالها في مناطق عربية ومغاربية أخرى، إلا ان لها مميزاتها الخاصة وذلك راجع الى نضج القوى الأساسية المشاركة في الحركة والتي حافظت على استقلاليتها عن التبعية للخارج او خدمة أجندة خارجية، كما سهرت على أن تكون النضالات سلمية تحافظ على الممتلكات العامة والخاصة، رغم جميع الضغوطات والمحاولات لجر الحركة من طرف النظام للعنف. اما من حيث المطالب فقد شكل جوهر ما سمي “بالربيع العربي” النضال ضد الفساد والاستبداد المستشري من الرياض الى الرباط ومن اجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة وهو ما لم تشذ عنه جركة 20 فبراير.
ثالثا: هل تتفق مع من يقول بأن المستفيد من الحراك هو النظام المغربي وحزب العدالة والتنمية؟
ينبغي هنا أن نستحضر أن 20 فبراير تدخل ضمن مفهوم السيرورة الثورية التي تعرفها المنطقة، مما يعني أن هذه السيرورة تعرف لحظات من المد وأخرى من الجزر، فلا يمكن انكار أن النظام والعدالة والتنمية خصوصا استفاد من نتائج الموجة الأولى لهذه السيرورة، فوصول العدالة والتنمية للحكومة ما كان ليتم بهذه السرعة لو لا حركة 20 فبراير… لكن اذا نظرنا للحركة في سيرورتها التاريخية ، فان المستفيد الأكبر هو الشعب المغربي، فقد استطاعت الحركة كسر حاجز الخوف الذي شيد منذ عهد الحسن الثاني من خلال سنوات الجمر والرصاص، كما ساهمت في رفع الوعي السياسي لدى الشعب المغربي، فضلا عن قدرتها على احداث فرز واضح وحقيقي بين من مع الشعب والجماهير الشعبية، أي أعداء المخزن، وبين من هو مع المخزن وبالتالي مع الاستبداد والفساد بكل اشكاله، انها تجربة تعلمت فيهل القوى المعارضة ضرورة العمل الوحدوي، فقدد مكنت من تلاقي مكونات من مرجعيات مختلفة بل متناقضة أحيانا لنقاش الدولة المستقبلية التي تتسع للجميع. أي انها نقلت الصراع من مستواه الافقى الى مستواه العمودي بين حماة الفساد والاستبداد والمنافحين على الديمقراطية والكرامة.
رابعا: يعرف المغرب في الاونة الاخيرة هجمة على مجموعة من الحقوق والمكتسبات، كيف تقيم الأمر و ماهي سبل تجاوز هذا الواقع؟
إن واقع الهجوم على الحقوق والمكتسبات كما جاء في سؤالكم أصبح أمرا واضحا يفقأ العين إعتقالات الريف جرادة الصحفيين الحقوفيين… الرفع من الأسعارعبر ضرب صندوق المقاصة، وتخريب صناديق التقاعد تعميم الهشاشة في الوظيفية العمومية خوصصة التعليم الهرولة نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني ضد الإرادة الشعبية .. ان هذا الواقع يجد تفسيره من وجهة نظري في أمرين:
- أولا: هي ان إصلاحات 2011 كانت شكلية وهشة أي انها لم تمس جوه الدولة المخزنية حيث حافظت على الحكم الفردي المطلق، كما حافظت على نفس مؤسساتها واجهزتها القمعية السرية والعلنية، وسياسات الريع والفساد وهي السياسية التي أوصلت الشعب المغربي الى 61% من الفقر هو الرقم الذي يعكسه بيان الديوان الملكي نفسه حول المعنيين بالحماية الاجتماعية والصحية، كما كشفت جائحة كورنا عن الرقم نفسه تقريبا من خلال عدد المسجلين الراغبين في الاستفادة من الدعم الذي بلغ 24 مليون مواطنة ومواطن حسب المعطيات الرسمية دائما، ولان هذه التنازلات كانت شكلية فهي هشة قابلة للتراجع عليها في أي لحظة وهو ما يحصل اليوم.
- ثانيا: أن موازين القوى مختلفة حاليا لصالح المخزن لذلك فانه يشن هجوما كاسحا على الحقوق والمكتسبات من اجل استرجاع “هيبة الدولة” كما صرح بذلك عبد الاله بنكبران لما كان رئيسا للحكومة. الامر الذي يوضح ان الواقع ليس معطى، بل هو نتاج موازين قوى، لذلك فطريق تجاوز هذا الواقع رهين بتعديل موازين القوى من جديد لصالح الجماهير الشعبية وقواها المناضلة، وتعديل هذه الموازين يحتاج كذلك الى سيرورة من العمل والنضال من اجل توحيد صفوف الشعب، في هذا الصدد نطرح في النهج الديمقراطي وشبيبته ضرورة بناء جبهة ميدانية واسعة تضم كافة المناهضين للمخزن ولسياسته، وهو ما نسعى له من خلال الحوار العمومي الذي نرمي الى تطويره مع كافة القوى المناهضة للمخزن بما فيها الإسلام السياسي او من خلال التنسيق مع القوى الديمقراطية في اطار شبيبات اليسار الديمقراطية والجبهة الاجتماعية.
خامسا: كلمة ختامية
بمناسبة مرور 10 سنوات على انطلاقة 20 فبراير المجيدة، اتوجه لأحرار وحرائر المغرب، وأناشدهم وأقول لهم، إن خير ما نقدمه لشهداء ومعتقلي وضحايا الشعب المغربي هو مواصلة النضال الوحدوي الذي لا مناص عليه من اجل تحقيق الديمقراطية والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية.
كما اريد أن اشكر الموقع وقراءه على سعت صدرهم وفتحهم لهذا المجال، الذي لا نستفيد منه في الاعلام العمومي والشبه رسمي.