نبيل مومن..حمام بلا ماء
رفع يده عاليا، ” أنا الفقير المعاق ” و أظهر إعاقته ليجذب أكبر قدر من المتعاطفين وسبابة اليد الاخرى ترمق كل من في المقهى وتشتم عبق الدراهم، كالفأر الذي راودته رائحة الجبن، هي لحظة أسر ممزوجة باحمرار، وحركة لا إرادية من شاب لاح يستكشف جيبه كمن دخل مسكنا أول مرة، هو يعلم أن لا شيئ به، يال الخيبة، رمقته النادلة الفاتنة فاستفحل العرق في جبينه، أحس بتلاطم الصفعات من كل جانب، دون أن يعرف من صفعه، وازداد احمرارا،البركان يغلي بداخله، هو صديقنا الذي أخد من أمه ثمن القهوة و الدخان، وجاء مرتديا معطفا من حرير أخته العفيفة، حرير زاد حرارة غليانه، إستقر خنصره بعمق جيبه المليئ بأوراق القمار التي طالما حلم بربح المليون ليسدد ديونه، ونطق كمن وجد معبرا بسرداب مغلق بإحكام مشيرا إلى المتسول:
يا صفية أعطه درهمين من فضلك، فقد تركت حافظة النقود في السيارة
تناول المتسول الدرهمين وما إن انصرف حتى قام الشاب إلى المرحاض، فأفرغ به ما تبقى من جسمه من ماء، وقد شعر أنه استحم بلا ماء، ليتسلل من الباب الخلفي خالعا كل ما مضى ولم يترك غير بركة ماء.