مقالات

محمد النويني..المواطن المغربي وسؤال الأمان على شخصه

تعتبر جريمة قتل الطفل عدنان بوشوف بعد اختطافه واغتصابه من أبشع الجرائم التي هزت الرأي العام بمدينة طنجة وبوطننا الحبيب، هاته الجريمة الشنيعة والمقززة أعادت إلى الواجهة نقاشا عموميا حول تفشي الظاهرة الإجرامية ببلدنا وعجز المؤسسات الأمنية في التصدي لها والحد من منسوبها الذي يزداد سنة بعد أخرى حسب آخر التقارير الأمنية المهتمة بالموضوع.
كما عاود هذا الحادث المقرف دور عقوبة الإعدام في ردع وزجر مثل هاته الجرائم الخطيرة والتي للأسف تم توقيف تنفيذها بالمغرب منذ سنة 1993 ( ملف الكوميسير تابت) استسلاما للضغوط الدولية ولبعض الأصوات المحلية المنادية بإسقاطها من المنظومة الجنائية المغربية بحجة الدفاع عن الحق في الحياة وبكونها تتنافى مع إنسانية الإنسان وبأن عقوبة السجن المؤبد تعد بديلا معقولا لها.

إن عقوبة الإعدام من وجهة نظر الفريق المدافع عن الإبقاء عليها، هي العقوبة الأمثل لكونها عقوبة شرعتها جل الديانات السماوية من بينها الدين الإسلامي، وبكونها وسيلة فعالة للردع العام والخاص، وبأنها عقوبة عادلة وليست ظالمة شريطة تنفيذها على مرتكبي الجرائم الخطيرة من قبيل إزهاق روح بريئة عمدا، وعدم توظيفها لتصفية المعارضين السياسين المسالمين للأنظمة، وعلى اعتبار أنها وسيلة فعالة للحد من حالات العود للجريمة وانخفاض معدلها.

إن جريمة اختطاف واغتصاب وقتل الطفل عدنان تسائل الجهاز الوصي على أمن المغاربة عن استراتيجيته اتجاه إنفاذ روح الدستور في فصله 21 والذي ينص في فقرته الأولى على أنه ” لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته”
ويفرض في فقرته الثانية على السلطات العمومية ضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.

إن ارتفاع منسوب جرائم القتل بالمغرب خلال السنوات الأخيرة جد مقلق ومما يؤشر على ذلك، التقرير الصادر أواخر سنة 2019 عن مكتب المخدرات والجريمة التابع للأمم المتحدة، والذي خلص إلى أن عدد جرائم القتل وصل سنة 2017 إلى 761 حالة من مجموع 464 ألف جريمة قتل عبر العالم وأن العدد في تصاعد مقارنة مع سنة 1990 الذي لم تتجاوز فيه حالات القتل 89 حالة.

إن المؤسسة الأمنية بالمغرب مطلوب إليها بالنظر للمسؤولية الملقاة على عاتقها دستوريا، الحفاظ على السلامة والأمن لمواطنيها، يعزز ذلك المطلب ما نصت عليه العهود الدولية في الباب، من قبيل المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الانسان التي نصت على الحق في الأمن والسلامة الشخصية والطمأنينة للمواطن وكذا المادة التاسعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أن ” لكل فرد حق في الحرية وفي الأمان على شخصه”

إن الإفلات من إنزال العقاب على مرتكبي مثل هاته الجرائم كما حدث مع بيدوفيل دانيال غالفان ومع غيره من الذئاب المفترسة، والتساهل مع من يزهق أرواح المواطنين الأبرياء ويهتك أعراضهم ويسلب أرزافهم، من شأنه أن يشجع على ارتفاع منسوب ظاهرة الإجرام بالمغرب، ولا يسهم في الحد من تداعياتها النفسية والاجتماعية والأمنية على أبناء وبنات وطننا الحبيب.

ذ محمد النويني محام باحث في القانون الدولي الإنساني

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى