في حوار حصري مع موقع أنباء24 ..الأستاذ بونوال يسلط الضوء على واقع الصحة العمومية بالمغرب
يسعدنا في الصحيفة الالكترونية أنباء24، أن نرحب بالأستاذ يوسف بونوال الباحث في الصحة العمومية و نائب رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن المكلف بقطاع وسطاء التأمينات في هذا الحوار الذي سنسلط فيه الضوء على واقع الصحة العمومية بالمغرب.
أولا: ما هي القوانين والمواثيق المؤطرة للصحة العمومية ؟
أعطى المشرع المغربي اهتماما كبيرا للإطار القانوني و التنظيمي للصحة العمومية عبر مجموعة من النصوص و القرارات.
فالدستور المغربي لسنة 2011 و باعتباره من أسمى القوانين نص الفصل 31، في إطار دسترة “الحق في الصحة”، على ما يلي: “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في:
– العلاج والعناية الصحية.
– الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة.
كما أن القانون الإطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاجات يهدف إلى تحديد المبادئ الأساسية لعمل الدولة في مجال الصحة وإلى تنظيم المنظومة الصحية.
ويتوزع القانون الإطار على أربعة أقسام تتعلق بالمنظومة الصحية، وعرض العلاجات، والخريطة الصحية والمخططات الجهوية لعرض العلاجات، وهيئات التشاور في المجال الصحي.
ثانيا: بناء على ما سبق ما هو تقييمك لواقع الصحة العمومية بالمغرب ؟
الصحة العمومية بالمغرب تعرف اختلالات هيكلية مرتبطة أولا بحجم الميزانية المخصصة التي لا تتعدى 6% من ميزانية الدولة، في حين أن المنظمة العالمية للصحة توصي الدول بتخصيص 12% .
كما أن نسبة الموارد البشرية الطبية و الشبه الطبية لم ترقى إلى الحد الأدنى الموصى به، و كمثال على ذلك عدد الأطباء الذي لا يتجاوز 8 لكل 10000 مغربي لتظل هذه النسبة جد هزيلة إضافة إلى تركزها داخل المدن الكبرى مما نتج عنه توزيع مجالي غير متكافئ.
كما أن قطاع الصحة العمومية يعاني من ضعف البنيات التحتية للمؤسسات الاستشفائية نتيجة قلة التجهيزات و الأدوية.
ثالثا: كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن بطاقة راميد بين مؤيد ومعارض، كيف تنظر للأمر؟
من الأهداف التي سطرت لنظام التغطية الصحية الطبية (راميد) تجسيد قيم التآزر والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، والعمل بتعميم مبادئ المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني لفائدة المعوزين، وتيسير الولوج أمام الفئات المحرومة للاستفادة من الخدمات الصحية، على قدم المساواة مع باقي الفئات.
أهداف نبيلة و إستراتيجية مكنت مجموعة من المغاربة الفقراء و في هشاشة اجتماعية من الولوج إلى العلاج. غير أن هذا النظام عرف مجموعة من من الإختلالات المرتبطة بالمساطر الإدارية التي يشوبها كثير من التعقيد و البيروقراطية.
كما أن بعض المستشفيات العمومية لا تتوفر على العدد الكافي من الأودية خصوصا الباهضة الثمن و على التجهيزات الطبية المناسبة. ويبقى أن الإشكال الكبير لهذا النظام يتجلى في محورين اثنين هما : الحكامة و التمويل.
هذا ومن الاختلالات كذلك المساطر الإدارية التي يشوبها كثير من التعقيد و البيروقراطية، بالإضافة إلى أن بعض المستشفيات العمومية لا تتوفر على العدد الكافي من الأودية خصوصا الباهضة الثمن و على التجهيزات الطبية المناسبة.
لذلك في اعتقادي، الحل يمر عبر إنشاء وكالة وطنية مستقلة لتدبير هذا النظام، وعبر أجرأة السجل الاجتماعي الموحد من أجل تحديد و بشكل أدق و عادل الفئة المستفيدة من الدعم.
رابعا: كل المتتبعين لقطاع الصحة بالمغرب يلاحظون التفاوت الحاصل بين قطاع الصحة العام والخاص ، هل الدولة المغربية تتجه نحو خوصصة القطاع وكيف يمكن تجاوز هذا التفاوت؟
للقطاع الخصوصي في مجال الصحة أهمية في الإسهام بالنهوض بالتغطية الصحية. إشراك الاستثمار الخاص في المجال الصحي مهم من خلال تنويع العرض الصحي و استجابته لشريحة اجتماعية معينة تتوفر على الإمكانيات المادية لولوج مثل هذه الخدمات. غير أن هذا العرض لا يمكن أن يكون بديلا للعرض الذي يدخل في خانة المرفق العمومي.
توفير شروط و إمكانية الولوج إلى الرعاية الصحية من المهام الأساسية و المؤسسة لدولة الحق و القانون. وهنا نشير أن لكل مغربي الحق في الصحة كيفما كان وضعه الاجتماعي و كيفما كانت إمكانياته المادية، فالدولة المسؤولة قد تشجع الاستثمار الخاص في المجال الصحي لكن دون إعطاء الظهر للصحة العمومية.
خامسا: كمهتم بالمجال ما هي مقترحاتك لتطوير قطاع الصحة العمومية بالمغرب؟
لتطوير الصحة العمومية بالمغرب لا بد أولا من التوفر على الرغبة السياسية في جعل صحة المغاربة من الأولويات و بعيدا عن الإملاءات الخارجية المرتبطة بالتوازنات الماكرو اقتصادية، لأن أزمة كوفيد 19 أظهرت بشكل قوي و جلي أن قطاع الصحة من القطاعات المهمة التي ينبغي الاهتمام بها عبر توفير الإمكانيات المادية و البشرية اللازمة و الكافية لاحتياجات المغاربة و كذلك خلق وكالة وطنية للصحة العمومية تقوم بدور التقنين و التأطير و التنظير.
كلمة ختامية .
أهمية الدول تقاس بأهمية المرفق العمومي و بنجاعة الخدمة العمومية خصوصا في مجال الصحة و التعليم و العدالة و الأمن الداخلي و الخارجي.
الاستثمار في الصحة العمومية هو إستثمار في الإنسان و في خلق الثروة مما يؤثر إيجابا على الوضعية الاقتصادية، كما أن الصحة مؤشر للعدالة الاجتماعية و خصوصا السلم الاجتماعي الكفيل بتوفير الاستقرار بكل أنواعه سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا.