حوارات

بوغنبور لأنباء 24 .. مشروع قانون 22,20 يفتقد للحس الوطني ويسكنه خبث مقيت اتجاه المغاربة

 في إطار  تقريب المواطن المغربي من وجهات النظر بخصوص مشروع قانون 22,20 ، يستضيف الموقع الالكتروني أنباء 24 عبد الرزاق بوغنبور الناشط الحقوقي و المنسق السابق للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الانسان.

بداية،  ماهو موقفكم اتجاه المشروع الذي يستهدف التضييق على حرية الرأي والتعبير؟

أعتقد لو عدنا الى بعض مواد مشروع قانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المفتوحة الذي صادق عليه مجلس الحكومة المنعقد بتاريخ 19 مارس 2020 والذي اقترحه وزير العدل بدعوى سد الفراغ الذي تعاني منه المنظومة القانونية المتعلقة بالمجال المحدد في المشروع ، نجد أنفسنا أمام مواد معينة تكتسي خطورة بالغة على واقع الحقوق والحرياتتسعى الى تكميم الافواه لدى عموم المغاربة ، الملاحظ كذلك بأن واضعي المشروع عمدوا إلى تمرير بنود مثيرة للجدل كتلك المتعلقة بالدعوة إلى معاقبة دعاة المقاطعة الاقتصادية للشركات، إذ تنص المادة 14 من النسخة المسربة من المشروع، على السجن من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 درهم إلى 50000 درهم ، لكل من قام على شبكات التواصل الاجتماعي بالدعوة إلى مقاطعة منتوجات أو بضائع أو القيام بالتحريض على ذلك، كما شدد المشرع أيضا العقوبة على كل من حرض الناس على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان، ومن نشر محتوى إلكترونياً يتضمن خبراً زائفاً من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديداً وخطراً على الصحة، مع الإشارة إلى أن المشرع لم يميز هنا بين من أنتج خبرا زائفا عن قصد ومن من نقل هذا الخبر بحسن نية، فكلاهما ينتظران نفس العقوبة والجزاء.وهذا ما يجعل جميع المواطنات والمواطنين متهمين في حالة سراح ويمكن اعتقال أي واحد منهم بالعودة الى هذه الوسائل المختلفة التي انخرط فيها ونص عليها هذا المشروع ، بما فيها التطبيقات المختلفة داخل الهواتف الذكية، وهذا مؤشر سلبي خطير على المنحى التنازلي والتردي الخطيرلواقع الحقوق والحريات ، ومايؤكد خطابنا هو السرية و التكتم على تفاصيل المشروع وعدم نشره للعموم ، خلافا للقانون الذي ينص على الاقل أن المشروع كغيره يجب أن يوضع في المنصة الرقمية للأمانة العامة للحكومة ،

إن ماورد في مشروع القانون ” قانون تكميم الافواه ” مخالف تماما للمقتضيات الدستورية لاسيما المادة 25 منه والتي تنص على أن  “حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها” وتعارضه مع مقتضيات المادة 28 منه التي تؤكد  بأن “للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد”.ولامرجعية قانونية دولية له يكفي أن نذكر أن حرية الرأي والتعبير بكافة الوسائل مكفولة بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، والحق في اعتناق كل الآراء دون مضايقة ، كما جاء في المادتين 19/19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، من هنا يبدو الضعف الكبير- الذي تدركه الحكومة – عبر خبرائها القانونيين من كون مشروع القانون المقترح بدون مرجعية قانونية ان على المستوى الوطني أو الدولي من هنا كانت عملية التحايل واعتماد السرية والمكر السياسي قصد تمريره .

2- كيف تقيمون الظرفية التي تم فيها تداول القرار والتي تعبأ فيها المغاربة لمواجهة الوباء؟

أعتقد من وضع المشروع ومن سانده ودعمه يفتقد للحس الوطني ويسكنه خبث مقيت اتجاه المغاربة ، أن اختيارهم لهذا التوقيت بالذات (كون المغاربة منشغلون جميعا بجائحة وباء كورونا وأخبارها ومشاكلها المترتبة عن الحجر الصحي اقتصاديا واجتماعيا وصحيا )، وكون أن هذا الحجر الصحي حد من قدرات الاحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية من عملية تتبع المسار التشريعي من خلال مساهمتها في انجاح هذه الاستراتيجية المعلنة لتجنب المغرب السيناريو الاسوء على جميع المستويات ، كان هؤلاء يعتقدون أن هذه الانشغالات الكثيرة والمختلفة ،ستسهل عملية تمرير مضامين هذا المشروع ولن ينتبه له عامة الناس ، الواضح أن اختيار التوقيت كان مناسبا لهم / خبيثا من حيث الزمن ، وهذا يجعلنا ندرك مع الاسف عقلية من يحكمنا ، كيف يخططون بخبث لتركيعنا ؟  وكيف يخططون لأذلالنا ؟  ، وأن من نتقاسم معهم هواء هذا البلد الى أي حد يكرهوننا ولا يحملون أي احساس ايجابي اتجاهنا .

3- ماهي رسالتكم للجهات الوصية؟

أولا يجب التذكير بأن مجموعة من الخروقات ارتبطت بهذا المشروع قبل المصادقة عليه من طرف المجلس الحكومي حيث كان الامر يتطلب احالته على المؤسسات الدستورية المعنية ( المجلس الوطني لحقوق الانسان / المجلس الوطني للصحافة  ، ثم فتح حوار بمقاربة تشاركية مع ممثلي المهن الصحفية والمنظمات الحقوقية الوطنية قبل احالته على لجنة العدل والتشريع بالبرلمان ،

صحيج  ان مشروع القانون هذا لم تتم احالته على البرلمان ولكن السرية التي ارتبطت به وبعض مضامينه توحي أننا أمام مشروع قانون غير بريء ، اذا ما أخذنا بعض القوانين التي تم تمريرها في جنح الظلام وبتواطؤ مكشوف وكانت لها نتائج كارثية على المواطنات والمواطنين المغاربة في ظل الحكومتين الاخيرتين ، و من يتحجج أننا أمام الصيغة الاولى للمشروع وانها قد تكون تغيرت بنسبة كبيرة ، فنحن تهمنا الصيغة الاولى فمن خلالها نرصد كيف كان المشرع المغربي المعد لهذا المشروع يفكر في خنق حرية المغاربة وبالتالي كان ردنا سريعا ليس من أجل تعديل بعض المواد وانما بإلغائه  كلية لمخالفته لنص الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الانسان ، مادام القانون الجنائي يتضمن مجموعة من النصوص التي تعاقب مرتكبي التهم المشار اليها في المشروع ،

ثانيا : المشروع وحسب المسار الذي وضع فيه تمت المصادقة عليه في مجلس حكومي ، وان ابداء بعض الملاحظات عليه وتشكيل لجن تقنية حكومية للاشتغال عليه عديمة الجدوى فالمصادقة الحكومية تعني أن الموضوع بالنسبة اليها انتهى وأن ما يمكن أن يخضع له النص الاصلي هو شكلي في كل الحالات ، والا فالمنطق كان يقتضي تأجيل المصادقة عليه الى حين اعداده بشكل مقبول وعرضه على المؤسسات الدستورية المعنية ، وفتح نقاش واسع حوله مع الشركاء والمجتمع المدني لاسيما الحقوقي.

ثالثا : على الحكومة ان تكون لديها الشجاعة الكافية من اجل سحبه نهائيا ، بل ومن أجل اعادة الثقة في العمل السياسي ، ان امكن فتح تحقيق في ما رافقه من تلاعب وتدليس لاقانوني ، مع وضع مسطرة تشريعية واضحة تتعلق بمشاريع القوانين المراد وضعها للمصادقة عليها مستقبلا من خلال الاشراك الحقيقي لكل مكونات المجتمع المغربي في اتخاذ القرار مادام الامر سيطبق عليهم مسقبلا.

كلمة ختامية

لابد من التذكير أن الأمم المتحدة وضعت المغرب على رأس الدول التي استغلت قوانين الطوارئ للانتقام من معارضيهاومواطنيها المنتقدين للأوضاع ، وأن مشروع قانون 20/ 22 مؤشر عما تعده السلطة للشعب المغربي من خلال المزيد من القمع ، اذا ماأخذنا بعين الاعتبار تزايد عدد الاعتقالات والمحاكمات والمتابعات بسبب الرأي في ظل استغلال مطلق لهذا الحجر الصحي، وتحت سريان القوانين الاستثنائية، وفي خضم التعبئة لحماية البلد من الجائحة ،وفي هذا اساءة للمسار الحقوقي لبلدنا ، بل ويعطي انطباعا سيئا على من يتحمل المسؤولية الحكومية في المغرب . من هنا وجب التصحيح باعتماد مساطر قانونية تستهدف حماية الحقوق والحريات لا العكس .

ختاما أأكد ان من كان وراء صياغة مشروع القانون المشؤوم هذا ثلاثة اشخاص :

  • الاول : رجل اعمال أضرت به المقاطعة الاقتصادية ( التي ساهم فيها مؤخرا معظم المغاربة ) وبالتالي تخوف من تكرارها ولجأ الى محاولة التأديب القانوني لمن يحاول من جديد التفكير في هذا النمط من النضال الهادئ
  • الثاني : مالكوا الابناك والمؤسسات الائتمانية ، حيث هناك تخوف مستقبلا من امكانية السحب الجماعي للمواطنات والمواطنين لودائعهم كعقاب على ممارسة لا مسؤولة من هذه المؤسسات
  • الثالث : شخص لازال في مخيلته او في اعتقاده أننا كمغاربة نعيش في القرون الوسطى ويمكن ان يقرر في ما يجب ان نقول وما يجب الا نقول وان يكون وصيا علينا في كل ممارساتنا من منطلق التحكم في (الرعايا / القطيع ).

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى