حوارات

في حوار مع أنباء24..الصياد يناشد وزارة الثقافة للإهتمام بفن الفوتوغرافيا

في هذا الحوار الشهري، يستضيف موقع أنباء 24 الأستاذ حسن الصياد الذي يعد من بين أمهر المصورين المغاربة، لتسليط الضوء على واقع  فن الفوتوغرافيا في المغرب وسبل التطوير في ظل ما أصبح للصورة من أهمية في عصرنا الحالي .

بداية: من هو الأستاذ حسن الصياد؟

حسن الصياد من مواليد المدينة بمدينة الدار البيضاء سنة 1963 عشقت الفوتوغرافيا بشكل جنوني منذ 1984 اشتغلت مصورا رسميا للمكتب الوطني للكهرباء لأزيد من 26 سنة تعلمت خلالها ضوابط المصور المؤسساتي وأخلاقيات المهنة،  ثم عرجت على العمل الفوتوغرافي الجمعوي بين مستفيد ومؤسس لجمعية تهتم بالفوتوغرافيا،  إلى فاعل ثم مؤطر ثم عارض ومحكم للمسابقات ومستشار في الشأن الفوتوغرافي.

  • كيف كانت بداياتك الأولى في مجال التصوير؟

كانت بداياتي مع الفوتوغرافيا سنة 1984 كأي شاب أدهشه هذا الفن فانغمس فيه من دون حساب العواقب فتحول إلى عشق جنوني تطور مع مرور الأيام إلى مهنة عرجت من خلالها على تصوير عدة محاور (الأعراس، الرياضات، تصوير الناس في الحي، توثيق الأنشطة الجمعوية …) .

في سنة 1993 انتقلت  إلى شغل منصب مصور رسمي للمكتب الوطني للكهربائي، كانت تجربة غنية ولجت من خلالها عالم تصوير المنشآت الصناعية الكهربائية بمختلف أنواعها وآثار الكهرباء في العالم القروي مما مكنني من التعرف على المكمون الطبيعي والثقافي المغربي عن قرب من خلال كثرة التنقلات المهنية،  ثم ولوج عالم الرسميات من خلال تصوير المؤتمرات الوطنية والدولية للطاقة وبعض التدشينات الملكية والزيارات الدبلوماسية  التي أغنت مساري المهني وتعلمت خلالها ضوابط المهنة وأخلاقياتها وخطورتها  ومكنتني من نسج علاقات مهنية مع الزملاء الصحفيين من مختلف المنابر الإعلامية الوطنية والدولية.

  سنة 2009 تغيرت فيها بوصلتي الفوتوغرافية بولوجي عالم الفوتوغرافيا الفنية بصحبة عدد من عشاق وعاشقات هذا الفن من جميع الفئات العمرية والاجتماعية الذين يجمعهم عشق التصوير وتقاسم المعلومات وتبادل الخبرات والتجارب والانتظام في خرجات تطبيقية ميدانية وجلسات حوارية يتم فيها تناول مواضيع فوتوغرافية متعددة ، وهو ما دفع إلى التفكير في تحويل المبادرة إلى جمعية لممارسة أنشطتنا بشكل قانوني والاستفادة من الفضاءات والامكانيات  وتفادي المشاكل خصوصا في الخرجات التي وصل عدد المشاركين فيها في بعض الأحيان إلى 120 مشارك من الجنسين ومن مختلف المدن المغربية، ليتم  تأسيس جمعية مغرب الصورة لإشعاع فن التصوير بالدار البيضاء والتي جعلت من التكوين في مجال الفوتوغرافيا رافعة لها واستفاد من خدماتها المتنوعة إلى حدود كتابة هذه السطور أزيد من 4000 شخص في مواضيع مختلفة،حيث  ولج العديد منهم إلى عالم الصحافة وتصوير الموضة والمعمار والحياة البرية بالإضافة إلى صناعة عدة كفاءات في مجال التأطير والتحكيم.

مع هذه التجربة الفوتوغرافية الجمعوية الرائدة التي دامت حوالي 11 سنة بتسيير من طاقم متميز سهر على تطوير أداء الجمعية والتي شغلت فيها منصب الكاتب العام لثلاث ولايات فتحت أمامي عدة آفاق وطنيا ودوليا،  اجملها في تأطيري لعدة ورشات في المؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية والمعاهد والجامعات بالإضافة إلى تحكيم عدة مسابقات وطنية ودولية وتقديم استشارات في تأسيس العديد من الجمعيات في المجال في مناطق متعددة من الوطن وتمثيل المغرب في عدة تظاهرات دولية وعربية وإحراز جوائز في مسابقات فوتوغرافية.

  • يصفك الكثير من المهتمين بأنك من أمهر الفوتوغرافيين المغاربة، كيف وصلت إلى هذا المستوى؟

بكل صراحة لم أصل بعد إلى مستوى فوتوغرافي فني يؤهلني، لكي أصنف في مصاف أمهر الفوتوغرافيين المغاربة الذين تألقوا عالميا وأكن لهم كبير التقدير والاحترام،  وأنا جد مسرور بجودة أدائهم، وذلك راجع لانشغالاتي المهنية والجمعوية الشيء الذي امتص جهودي الشخصية وشتت تفكيري وحوله عن العمل على مشاريع أفكار فوتوغرافية متميزة،  اللهم ما يرى الجمهور مما اقوم بتصويره في الخرجات أو الرحلات التي أكون فيها بصحبة الأصدقاء .

إلا أنني وبعد حصولي على التقاعد النسبي خلال العام الجاري بعد 34 سنة من العمل فإنني مقبل على إعادة النظر في تعاملي مع الفوتوغرافيا من الوجهة الفنية الشخصية بعد تثبيت هياكل الجمعية الحمد لله مع فريق العمل الرائع والكفاءات المنخرطة التي تساهم في تحسين الأداء وذلك من خلال الولوج إلى سلك دراسة الفنون خارج الوطن ثم العمل على أفكار ذات حمولة رسالية وجمالية وذات بعد توعوي تحسيسي تغييري بالعمل على مواضيع مختلفة سواء بشكل فردي أو مشترك.

ويبقى الإنجاز الأكبر الذي حققته خلال هذه الممارسة الفوتوغرافية الجمعوية والذي لا يقدر بكل أموال ومناصب الدنيا ،  هو المصداقية التي أنعم الله علي بها بين عشاق الفوتوغرافيا قديمهم وحديثهم ومن جميع الفئات العمرية والاجتماعية أفرادا وهيئات من داخل المغرب وخارجه الشيء الذي زاد في حبي لهذا الفن وتقديره والرغبة في المزيد من العطاء خدمة له ولعشاقه حتى يرتقي الجميع إلى مصاف المبدعين العالميين إن شاء الله.

  • كيف يمكن أن تصف لنا المشهد الفوتوغرافي المغربي؟

إن غير المتتبع للمشهد الفوتوغرافي عن قرب يكاد يجزم أنه لا توجد حركية فوتوغرافية في المغرب ولكن بحكم احتكاكي اليومي بالصورة والمصورين المغاربة فإنني أطمئن السائل أن المشهد الضوئي المغربي في العقد الأخير قد دبت فيه حيوية ودينايمية كبيرة من خلال الإقبال اللافت للناس على هذه الهواية و ميلاد أزيد من 23 جمعية علاوة على الأندية المهتمة بالفوتوغرافيا تنشط كل واحدة وفق أهدافها وإمكانياتها ومجال تخصصها وهذا شيء محمود ويجب التنويه به وتثمينه وتشجيعه ودعمه،  الشيء الذي ترتب عنه تنظيم عدة أنشطة فوتوغرافية من قبيل المهرجانات والليالي الفوتوغرافية والمسابقات والورشات التكوينية والجلسات الحوارية والخرجات والرحلات بمبادرات شخصية أو جماعية من الفاعلين في هذا المجال في غياب الاهتمام والدعم التامين من مؤسسات الدولة الوصية عن المجال الثقافي والفني في هذا الشق بالضبط وعدم إعطائه أية أولوية كباقي الفنون،  باستثناء إطلاق مسابقة وطنية كعنوان لم نعرف له مصيرا وهو ما يطرح سؤالا محوريا “هل العيب في المصورين أم في الوزارة الوصية؟”.

إلا أنه ورغم كثرة الأنشطة التي تكاد تتشابه في بعض الأحيان،  والتي تبقى في أغلبها ذات طبيعة استهلاكية مع بعض الاستثناءات الفردية والجماعية التي وضعت خطة عمل مدروسة الأبعاد وبإمكانيات خاصة وبرنامج متماسك لتخريج طاقات تألقت في مسابقات دولية وأصبح لها حضورها الوازن في النسيج الفوتوغرافي المحلي والدولي، فإن جل هذه الأنشطة تغيب مردوديتها الفنية على المشهد ورواده لأنها لم تستطع لحدود الساعة إخراج جيل يمكنه من  الوقوف أمام أعماله وإقناع المشاهد بها اللهم تجميع اللايكات في مواقع التواصل الاجتماعي والتي أصبحت بمثابة مرض عضال أصاب شريحة كبيرة من ممارسي التصوير والذي خلق مصورين وهميين في ظل غياب آليات وميكانيزمات لنشر ثقافة الصورة الحقيقية التي تؤهل المصور إلى ولوج زمرة المصورين الذين يصورون انطلاقا من أفكار مدروسة لأغراض تحظى باهتمام جمهور المتخصصين أولا ثم عمومه.

بالموازاة مع هذا فقد عرف المشهد عدة محاولات ل تجميع الجسم الفوتوغرافي المغربي بكل مكوناته أذكر منها على الخصوص مبادرة “نداء أكادير” الذي أطلقه الإخوة الرائعين أعضاء نادي الصورة لأكادير  « Club Photo « Agadir  مشكورين والذي ناقش اللبنات الأولى لتأسيس “الفيدرالية المغربية لفن التصوير الفوتوغرافي” والذي حضرته جمعيات من البيضاء وجهة سوس ماسة وفاعلون في المجال من ذوي الخبرة وهو الأمر سبقته مبادرات أخرى أيضا وما يزال الأمل معقودا على كل الكفاءات المغربية أفرادا وجمعيات لإخراج هذا الجسم الذي سيتولى مهمة التقريب بين عشاق هذا الفن وتشجيع الطاقات المبدعة والوقوف أمام كل التدخلات المحلية والخارجية في مجال الفوتوغرافيا الفنية بالمغرب.

  • ما هي رسالتك للجهات الوصية عن المجال ؟

قبل توجيه رسالتي لأي كان فسأقسمها إلى شطرين الأول موجه إلى زملائي الفاعلين في مجال الصورة أفرادا وجمعيات، ثم الشطر الثاني إلى الوزارة المعنية بالشأن الثقافي والفني.

إن التباعد الحاصل بين الفاعلين في الساحة لا يخدم فن الفوتوغرافيا بالمرة بل يزيد الوضع تباعدا وتأزيما ويفتح الباب أمام التدخلات الخارجية الأوروبية منها والخليجية بشكل لافت ومفضوح، لذا وجبت الدعوة إلى عقد لقاء أو مناظرة وطنية لمصوري وجمعيات التصوير الفني المغاربة لتقريب وجهات النظر والعمل على بلورة استراتيجية جماعية في ظل هيئة وطنية تعنى بهذا الفن وتصبح محاوره المباشر مع السلطات بمختلف مكوناتها توسيعا لهامش الإبداع والتخفيف من حجم التضييقات التي يتعرض لها المصورون الفنيون أثناء ممارستهم الفوتوغرافية مقارنة بالسياح والمصورين الخارجيين الذين يمتلكون نفس المعدات ويصورون نفس المناطق بكل أريحية وترحيب في حسن يتم الاجتهاد في التضييق على أبناء وبنات البلد بدعوى ممنوع التصوير من دون إشعار مسبق أو حتى وجود ما يبرر ذلك المنع، هذا بالإضافة إلى الإشراف على محطات فوتوغرافية كبيرة يجتمع فيها المغاربة مع مبدعي العالم في المجال واختيار تمثيليات خارج الوطن وفق معايير احترافية تشرف المشاركة المغربية في المحافل الدولية بعيدا عن الزبونية والمجاملات الهدامة.

أما فيما يخص كلمتي إلى الوزارة المعنية “وزارة الثقافة” فإننا نستغرب إغفال هذا الفن في أجندتها باستثناء مشروع المسابقة الوطنية التي كانت أطلقت ولم نعد نسمع لها خبرا أو نرى لها أثرا من بين كل الأنشطة التي تلقى الدعم والاهتمام، وبالتالي ومن أجل تقريب الهوة فإنني أدعو قسم الفنون في وزارة الثقافة إلى إعادة النظر في تعامله مع فن الفوتوغرافيا وذلك بالانفتاح على الفاعلين فيه وتوجيه دعوة لهم للجلوس إلى طاولة المفاوضات للخروج بمشاريع فوتوغرافية رائدة يلتزم فيها كل طرف من جهته بالعمل على حسن إنجاز ما سيتم الاتفاق عليه كأنشطة وسياسات تكوينية في المجال ودعم مبادرات استضافة تظاهرات فوتوغرافية عالمية على غرار تجارب رائدة في دول أخرى يحضرها مصورون عمالقة يترك حضورهم آثارا كبيرة على ثقافة المصورين ويساهم بشكل جد إيجابي في خلق منافسة ودينامية فنية بينهم ولعل أول مقترح أراه سيدفع بالمسألة إلى الأمام سيساهم في تحريك المشهد بشراكة مع الوزارة وباقي الفاعلين من القطاعين العمومي والخصوصي ألا وهي “المناظرة الوطنية لفن التصوير الفوتوغرافي” يستدعى لها جميع المهتمين من الجنسين بهذا الفن أفرادا وجمعيات لمناقشة أشكال اشتغال جماعية وتنظيم محطات كبيرة وطنية ودولية مع ضمان احتفاظ كل الأطراف المتدخلة بخصوصياتها وآليات اشتغالها “تلتقي في بعض الأنشطة الوطنية أو الدولية الجامعة فقط” وهذا لن يتأتى إلا باستدعاء الفاعلين في المجال الذين لهم أثر في المشهد ومواكبون للحركة الفوتوغرافية المغربية عن قرب.

  • ماذا تقول للشباب عشاق الفوتوغرافيا؟

انطلاقا من تجربتي كشاب عشق التصوير في الثمانيات وأمام شح المعلومة وغياب شبه تام لفرص الالتقاء بالفوتوغرافيين الذين يمتلكون ثقافة التقاسم وتبادل الخبرات ويمكنهم احتضان شباب مقبلين على عالم التصوير وفي ظل السياق الذي كان آنذاك وأمام انعدام مدارس تخصصية في مجال الفوتوغرافيا، فإنني أهنؤ شباب اليوم على نعمة عولمة المعلومة الفوتوغرافية وظهور التصوير الرقمي وتطوع العديد من المصورين ذوي الخبرة والتجربة لتنويرهم واختصار المشوار عليهم عبر تكوينات فردية أو ورشات تنظمها جمعيات، فإنني أنصح الشباب المقبل على تعلم هذا الفن بالبدء من حيث البداية وفهم أبجديات الضوء ووسائل التحكم وتوزيعه ومعرفة مصادره واتجاهاته ثم قراءة دليل استعمال معداتهم لمعرفة الامكانات التي تتيحها والانفتاح على الفنون الأخرى التي لها علاقة بالفوتوغرافيا كالرسم والنحت هذا بالإضافة إلى الجوانب التقنية والفلسفية في التصوير والإلمام بعالم الألوان وترتيب الكتل، كل هذا مع اعتماد التدرج في مسارهم الفني لأن السرعة في الفن تقتل صاحبها بسرعة وتعد بمثابة انتحار مبكر وهذا لا يعني الطموح الزائد أو حب اكتساب الخبرة بسرعة ولكن الوقع أثبت أن كل من تسرعوا ماتوا فنيا وطلقوا الفوتوغرافيا إلى الأبد دون أن ننسى جانب المصاحبة الفوتوغرافية لذوي التجربة والخبرة الملمين بحيثيات هذا الفن ثقافة وممارسة والاستفادة منهم مع ضرورة الانتقال بين المحاور الفوتوغرافية في إطار التجريب حتى يستقر ذوقك حسب ميولك وإمكانياتك على المحور الذي تجد في ذاتك.

أما فيما يتعلق بصناعة الشخصية الفوتوغرافية المستقلة، فإنه يتوجب على كل شاب وشاب التفكير في طريقة عمل فردية على مستوى الأفكار تخرج بها أعمالا متميزة بعيدة عن التقليد الأعمى أو الصور ذات الطبيعة التوثيقية أو السياحية في غالب الأحيان وحاول أن تكون مغايرا لما يروج في الساحة كما فعل العديد من المبدعين المغاربة الذين تألقوا بأسلوبهم الخاص وأعمالهم المختلفة عما نراه.

وفي الأخير، أغتنم هذه الفرصة لشكر جريدة أنباء 24 على هذا الحوار الشيق،  وأوجه من خلال هذه الإطلالة تحية تقدير واحترام لكل زملائي وزميلاتي الفاعلين في مجال الصورة الذين يقومون  بجهود كبيرة من أجل نشر ثقافة الصورة داخل وخارج الوطن.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى