مقالات

اتفاق 14 يناير بين سؤال الإجهاض ومقولة ” مكاينش معامن”

بقلم: الخامس غفير

من باب الوضوح و تبرئة الذمة أمام القواعد وكل الأعضاء لا بد من الإشارة إلى أمر أساس وهو كالاتي:

                                      (1)

في الحقيقة كنا قد نبّهنا لهذا الأمر لحظة عملية الترويج لخطاب ” النية” مع الدولة ، وقلنا أن المخزن لا يؤمن مكره، ثم إن الأصل في التعامل مع المخزن هو الحذر، وعدم اللعب مع الحيّة،حتىلاتخرج علينا بخرجاتك الإعلامية مزبدا و معربدا أوبتبني خطاب بكائي بدعوى أن الحيّة لسعتني…

إن الحماسة التي أظهرها البعض من القيادات لم تكن مقبولة من متمرسين في مجال التفاوض والسياسة للأسف.

(2)

قلنا؛ أن هذا الاتفاق لم يكن واضح المعالم منذ البداية وما لفّه هو الغموض وعدم ثقة الدولة في أي طرف من أطراف التفاوض من جانب النقابات، وفي المقابل أبدت المركزيات ثقتها بشكل أعمى في خطابها علما أنها لم تتسلم منها الوثائق الرسمية إلا بعد حين ….وهذا دليل كاف وشاف وكاشف عن حقيقة الفاعل الرسمي لهذه المفاوضات بين الدولة والمركزيات النقابية التي دامت مايقارب أو يفوق السنتين من أجل التوافق على نظام أساسي، الذي كانت تنظر منه الشغيلة أن يكون عادلا و منصفا، بل أكثر من ذلك عرّى عن استراتيجية تعامل الدولة مع الفاعل النقابي ابتداء.

(3)

صحيح أن هناك من انبرى إلى القول بالدعوة إلى فتح نقاش و جدي بين القواعد والأطر التربوية و عموم أعضاء النقابات، ولذا وجب الاعتراف بأنه لا يمكن أن  ننكر ايجابيات الحوار والتواصل وأهميته، ولكن علينا أن نقر بأن المسؤولية منسوبة للمركزيات النقابية ، وهي من تتحملها في حالة اقدامها على التسليم بأمر الواقع الذي وضعتها فيه الدولة، و من باب الضرورة لابد من الجزم بحكم المنطق والواقع، بأن مقدمات الحوار كانت منذ البداية خاطئة، ومن الطبيعي و المسلم به أنه حتما ستكون النتائج التي آلت إليها خاطئة، فإذا ما تم الاعتراف بهذا المأزق الذي وقعت في شراكه النقابات كما أريد لها من طرف مهندسي النظام الأساسي الجديد؛ بعدها؛ يمكننا القول؛ بأنه فعلا لابد من توسيع النقاش ولكن بمزيد من الوضوح وعدم تبرير غير المبرر، وتجنب الدفاع عن أطروحة الدولة.

(4)

 ولعله من نافل القول؛ ومن باب الأمانة أجدني ملزمابالتأكيد على أنه من خلال تتبعي  لواقع الحركة النقابية والاطلاع على حوليات عملها بالمغرب يبدو أنها في مسيس الحاجة إلى التصالح مع الذات، وتحتاج إلى من يحررها من أزمتها التي تعزى بالأساس إلى طبيعة التصور التي تتضمّنه وتحتويه من جهة، والحمولة الايديولوجية التي انطلقت منها من جهة أخرى، أما اليوم فإنها أمام مسؤولية تاريخية من أجل حفظ ماء وجهها مع عموم الأعضاء و الشغيلة التعليمية والتصالح معها، وفي اعتقادي أنه لن يتم ذلك إلا بعدم التوقيع على ما تبقى من الجولات المزمع تنظيمها مع الدولة شريطة إنصاف جميع المتضررين و جبر ضرر ضحايا زلزال هذا النظام الأساسي بعيدا عن أي تفييئ أو تجزيئ و لا أي إقصاء.

(5)

ولنا الحق بأن نثلث بثالثة، ولا ينبغي التغافل عنها، أو يطالها النسيان وهي أن يد المخزن السوداء سطرت ترسانة من الشروط و القوانين التي كبّلت العمل النقابي وقتلت أفقه و قزّمت مشروعه إن كان فعلا يملكهأو يتحرك على ضوئه في ظل الوضعية القائمة حاليا…

زد على ذلك، “المعطى الذاتي الذي يشي بأن هناك قابلية البعض منها للتدجين و فسح المجال لتفشي الممارسات الانتهازية التي ترمي إلى توظيف الحركة النقابية لتحقيق مصالح ضيقة و أهداف أخرى”…..وهو ما شكل لا محالة واقع التشرذم ، فاصبحنا أمام 30 مركزية نقابية مقابل ذلكم العزوف التام من طرف شريحة كبيرة عن الانتماء النقابي….

(6)

ولعل من الأمور التي ينبغي أن نشدد عليها في هذه الأسطر العجلى ، في معرض الرد على مقولة ” مكاينشمعامن” أو ” أين هي الشغيلة” التي يروج لها بعض مسؤولي المكاتب في إطار رمي الكرة في سلة الشغيلة التعليمية، والاسهاب في الحديث عن غيابها في المحطات النضالية، و عدم حضورها أو تفاعلها مع نداءات المركزيات و اختفائها عن الساحة !!!

هنا بالضبط  لابد من التمييز بين منطق السّاحة ومنطق السّياسة، صحيح أن السّاحة تحتاج الى التدافع والقوة والعمل الميداني، ولكن للأسف الشديد أن الذي خذل العمل النقابي الآن،هو ذاك الذي يتعامل بمنطق السياسة ليس مع الدولة فقط ولكن مع القواعد والأعضاء، ويسعى إلى تكميم أفواه المناضلين الذين تجري في دماء عروقهم خدمة رجال ونساء التعليم، وكل صوت حر غيور على المدرسة العمومية وعلى كرامة نساء و رجال التعليم  …

(7)

شخصيا كنت دائما أردد لا ينبغي للنقابي أن يخطئ في فعله النقابي ، لأن الخطأ هنا من منطق الحفاظ على المكتسبات غير مقبول لأنه يمس بأرزاق العباد، وسبب مباشر وراءهدر عرق جبين كل من ينتمي إلى منظومة التربية و التعليم.

ولا غرو أن من الأمور التي تدمي الكبد أن يخرج علينا من توسمنا فيه الصدق والنضال واعتقدنا أنه حامل لمبادئ و مالك لمشروع ثم ينخرط في تبرير الماكينة المخزنية أو بطريقة أو اخرى يدخل في عملية الترويج “للمؤامرة” ويبني عليها أحكام قبلية ويشيّد محاكم التفتيش لمحاكمة كل من انتقد تدبيره وطريقة تناوله للملف منذ بداية ارهاصاته الأولى، فالقضية الجوهرية هي قضية تدبير، وقضية فن إدارة الملفات، و لا علاقة لها بمفهوم المؤامرة؛ أو بأي مفهوم مُساحلٍ له حتى و لو كان ذلك من وراء حجاب.

(8)

إن نظرية المؤامرة لا تستحق الذكر هنا، لأن المقام هنا هو مقام الوضوح وعدم تبرير غير  المبرر، حتى لا نكرس ثقافة الفشل و مأسستها عبر تحميل المسؤولية للداخل أو الخارج ، و كأني بهم يجتهدون بنجابة منقطعة النظير بغية تغطية الشمس بالغربال كما هو دارج عليه القول في ثقافتنا “الدّارجيّة” أو العاميّة.

من الصعب جدا أن نسلم بمنطق المركز، ويعسر على كل لبيب أنيؤمن بتحويراته لمنطوق اللغة و الخطاب النقابيين، الذي يرمي من خلالها تصدير أزمته التفاوضية وقدرته على اخضاع الطرف المفاوض له الذي هو الدولة؛ باتجاه القواعد والأعضاء بدعوى عدم تفاعلهم أو استجابتهملدعوات وبلاغات المركز حتى يتنسى له ممارس الضغط على الجانب الاخر، علما أن هناكاعتياص كبير لدى فئة عريضة من رجال و نساء التعليم باتت تشعر به من أجل تصديق هذا التبرير وبسؤال جدواه، ولذلك اقل من يقال عنه؛إنه حجة مردود عليها بنص الجولات الميدانية التي قامت بها بعض القيادات الوطنية للمكاتب والفروع والجهات ، واستمتعت إليها وعبّرت وبدون أدنى شك عن التزاماتها النضالية والميدانية وشجّعت على الاستجابة لأي رغبة أو دعوة من المركزيات النقابية أو القيادات الوطنية، و دعتها إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر من المخططات المخزنية، وللتاريخ وللأجيال اللاحقة يمكن القول؛ أننا تابعنا جميعا كيف أن الجموع العامة اجتمعت و تفاعلت و كانت حاضرة بقوة و لبّت الدعوة…

(9)

خذ لك مثالا اخر -في إطار تفنيد المقولة “الكبورية” التي ترددت على لسان بعضهم ” مكاينشمعامن”- على أن القواعد قدّمت كل ما تملك في المعارك النضالية مع الأساتذة المتدربين و الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد،(مال، تنقل، اقتطاعات، جرحى، معتقلين، الشهيد سي الحجيلي رحمه الله….)،و كيف شلّت المؤسسات و بقيت خاوية على عروشها استجابة لنداء الواجب والضمير وتفعيلا لمبدأ التضامن والدفاع عن المدرسة العمومية..ولكن متى؟ الجواب بكل بساطة  ؛لما شعرت بالصدق والغيرة على المدرسة العمومية….

(10)

هناك أصوات ارتفعت و حمّلت المسؤولية لكل من يتحمل المسؤولية داخل أي تنظيم نقابي، وهذا صحيح و صحي أيضا، وأنا بدوري اتفق معقائله؛وصدقا بأن الفروع تتحمل مسؤولية كبيرة ، وأضف إلى ذلك الإقليم و الجهة ومجالس الفروع والأقاليم والجهات والمجالس الوطنية…

يبقى المطلوب من جميع المناضلين و المناضلات احراج هذه المكاتب والحضور بقوة لجموعها العامة والمفتوحة والقيام بعملية ” التخلية والتحلية” بتعبير السادة الصوفية، وذلك من أجل تقويض أطروحاتها ودحض تصوراتها اليتيمة التي اوصلتنا إلى هذا الحد من الممرغة و ” الحكرة” مقارنة بقطاعات أخرى التي تستفيد من امتيازات هائلة و لا يكاد البعض تصديقها في هذه الأرض “السعيدة”.

كم نحن في حاجة إلى قراءة متبصرة لواقع العمل النقابي الآن ، وكم نحن في حاجة إلى تنمية العقل و الإرادة و القلب حتى نستوعب متطلبات المرحلة.

(11)

عموما نحن مستمرون في عملنا الميداني المحلي والإقليمي مع الحرص على عدم الثقة في قرارات المخزن أو الاستسلام لمناوارته.

المرحلة تحتاج إلى لمّ الشتات والخروج إلى الميدان والعمل على توحيد الجهود والدّود عن الحقوق والمكتسبات ورفع الهمم وتوجيه النصح والنقد، مع الاحتراس من الدندنة على اوتار كل متمخزن أوأي انتهازي يسترزق من الفعل النقابي للحفاظ على مكتسباته أو أي  ريع يتمتع به .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى