إلياس واحي..الحركات الإسلامية ” قواعد ايمانية في دولة القرآن
كما هو واضح عند الباحث والفاعل الإسلامي على حد سواء، ان المجتمع في مطلقه هو الذي يُصيغ نماذج المؤسسات السياسية التي يريد ان تُمثله ،و من ثم يُفوض لها الامر برمته ، لكي تَسُوسه وتقوده سياسيا ومَعاشيا.على ان عملية صياغة هذه النماذج السياسية تكتمل بشكل نهائي عبر مساهمة الأجيال في نسجها ، وذلك باختلاف الامصار وتباعد الازمنة السياسية التدافعية للعمل الإسلامي، الطامح للمساهمة في تنزيل مقتضيات الوحي، وفقا لمنظور يستجيب لواقع ومحيط الذى أنتجه وأدى الى طفوحه على سطح الاحداث.
إذا توافقنا على هذا المنطلق التحليلي من حيث المبدأ ، اعتقد ، نستطيع المُضي قدما نحو الحديث عن ظاهرة التعددية السياسية و وَقْعها على “الكائن الإسلامي “الذي يمر من وضع سياسي صعب في السنوات التي تلت حقبة الربيع العربي ، الموؤود بفعل فاعل ، لا يريده ان يُقَعِد لمرتكزاته الثقافية والسلوكية في اوصال المجتمعات العربية الإسلامية.
أيضا كما ان المجتمع هو الذي يُصيغ مؤسساته، فهو أيضا يَبث روحه في هذه المؤسسات بدون شك، من منطق ان أسامي وأسماء الأطر والهياكل السيادية، تحتوي على روح تُوحي على “عقيدة المجتمع ” ما ويؤمن به هذا الكيان بأسره.
إذا كنا نتحدث عن زمن “دولة القرآن” فلا بد ان يكون مجتمع هذه الدولة المستقبلية، مجتمعا قرآنيا ” بامتياز، تسري فيه مقتضيات الوحي من ألفه الى يائه. ومظاهر ذلك متجلية في “الشاذة”و “الفاذة” من سلوك وثقافة افراده، من وجهة ان الأصل هو المجتمع والفرع هي الدولة. على إعتبار ان ظاهرة الدولة لا يمكن ان تتشكل أبدا بدون مجتمع ،له تاريخه ، ثقافته، آصالته، وجوده مند حقب بعيدة من الأزمنة.
فإن لم يتوافر هذا الشرط المركزي في اعتقادي ،أتساءل:
- كيف يا تُرى ستُصاغ ذهنية المجتمعات التي تحتاج لقسط وافر من الزمان ،لتتمكن بذلك ” الطليعة ” الماسكة بمشعل الإسلام عبر الأزمنة ، تثبيت رسالة الوحي في النفوس والقلوب قبل القواعد القانونية الوضعية المستوحاة من نصوص الوحي ؟
ان دولة القرآن إن لم تتأسس على “قاعدة ايمانية” صلبة قِوامها تعدد الحركات الاسلامية والتئامها في مسلك ما، – من خلاله تشترك في الوجهة والباعث و تُتِيح لنفسها كل “الاريحية” فيما يخص الابداع و الاجتهاد في الوسائل والطرق المُفضية الى تحويل تلك التربية ” الايمانية الاحسانية”، التي اكتسبها افرادها عبر سياق تربوي هدفه التربية الاحسانية ، قيادة وقاعدة على حد سواء- ستتحول بدون شك الى باعث على القعود والتقاعس على تلبية النداء الازلي للخطاب القرآني المُبارك .على اعتبار ان دولة القرآن ، إن لم تَنْبَنِ على قاعدة “إيمانية عميقة” متجسدة في” طائفة من الربانيين” وذلك في كيان او كيانات متعددة،- طبعا مُتعاونة مُتشاورة – فإن الشريعة المفروضة قانونا من الاعلى لن تجد قلوبا تتأصل عليها ولا ذِمَمَا ترسو فيها.
بقلم الياس واحي.