مقالات

عبدالعالي الطاهري..الاندحار الانتخابي ل « العدالة والتنمية »..تناوب جديد أم نهاية حزب؟

أعلن وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت، يوم الخميس الأخير وعلى الساعة الثانية والنصف فجراً، أن حزب التجمع الوطني للأحرار تصدر الانتخابات البرلمانية ب102 مقعدا بعد فرز جميع الأصوات، في حين تراجع حزب العدالة والتنمية إلى المرتبة الثامنة بعدما تصدر انتخابات 2011 و2016 بحصوله على 13 مقعداً،

ما يعتبر انتكاسة سياسية وتنظيمية و شعبية مُنِيَ بها « العدالة والتنمية » المغربي، الشيء الذي دفع بالأمانة العامة للحزب إلى عقد اجتماع استثنائي طارئ يوم الخميس 9 شتنبر الجاري، أعلنت من خلاله استقالتها الجماعية وإصدار بيان مفصل بالحيثيات التي سبقت ورافقت هذه الاستحقاقات الجماعية والجهوية والتشريعية.

و بشهادة كبرى المراكز الدولية، الأوروبية والأمريكية المختصة في الشأن السياسي والعمليات الانتخابية، أكدت « أنَّ المغرب دخل التاريخ بربح محطة التناوب عبر صناديق الاقتراع، وليس برمي الإسلاميين في السجون ولا بقمع الحريات ولا بالتضييق على الممارسة السياسية، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الأنظمة العربية التي توصف بالديكتاتورية والقمعية، مؤكدين «  أنَّ المملكة المغربية قد ربحت رهان ترسيخ القيم الديمقراطية وتعزيز مسار الثقة بين الشعب و مؤسسات الدولة الدستورية

إلى ذلك وفور إعلان النتائج الرسمية من طرف وزير الداخلية المغربي عبد الوافي الفتيت، دعا عبد الإله بنكيران الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابقة في المغرب يوم الخميس  الأخير، دعا الأمين العام للحزب سعد الدين العثماني إلى الاستقالة من قيادة الحزب عقب الهزيمة المؤلمة التي تكبدها في الانتخابات البرلمانية التي أجريت أمس، وأفرزت تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار ب 102 مقعدا من أصل 395 مقعدا المُكونة لمجلس النواب المغربي.

وقال بنكيران في رسالة له نُشرت على صفحته بفايسبوك “أرى أنه لا يليق بحزبنا في هذه الظروف الصعبة إلا أن يتحمل السيد الأمين العام مسؤوليته ويقدم استقالته من رئاسة الحزب”.

وأضاف السياسي المغربي “سيكون نائب الأمين العام ملزما بتحمل مسؤولية رئاسة الحزب إلى أن يعقد المؤتمر في أقرب الآجال الممكنة، في أفق مواصلة الحزب تحمل مسؤوليته في خدمة الوطن من موقعه الجديد”.

وكان سعد الدين العثماني صرح الأربعاء 8 شتنبر (يوم الاقتراع)، قبل إعلان وزارة الداخلية النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية، أنَّ حزبه لا يزال ينتظر تسلم محاضر التصويت في عدد من المناطق، مضيفا أن عدم تسلمها لا يتيح التأكد من النتائج الحقيقية للانتخابات.

الأحزاب المتصدرة

وفي وقت متأخر من يوم الأربعاء الأخير، يوم الاقتراع، أعلن وزير الداخلية المغربي عبد الوافي لفتيت أن حزب التجمع الوطني للأحرار تصدر الانتخابات البرلمانية بـ97 مقعدا بعد فرز 96% من الأصوات، في حين تراجع حزب العدالة والتنمية إلى المرتبة الثامنة بعدما تصدر انتخابات 2011 و2016.

وذكر وزير الداخلية في مؤتمر صحفي أن نتائج فرز الأصوات في الانتخابات التشريعية أظهرت فوز حزب الأصالة والمعاصرة بالمرتبة الثانية بـ82 مقعدا، ثم حزب الاستقلال ثالثا بـ78 مقعدا.

واحتل حزب العدالة والتنمية -الذي يقود الائتلاف الحكومي- المرتبة الثامنة بـ12 مقعدا بعدما احتل المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية للعام 2016 بـ 125 مقعدا، وحصيلة الحزب في اقتراع الأربعاء ثامن شتنبر الجاري هي الأضعف له منذ أول مشاركة له في الانتخابات عام 1997، والتي نال فيها 9 مقاعد.

وتقدم على حزب العدالة والتنمية في نتائج انتخابات 8 سبتمبر/أيلول 2021 كل من أحزاب الاتحاد الاشتراكي (35 مقعدا)، والحركة الشعبية (28 مقعدا)، والتقدم والاشتراكية (22 مقعدا) والاتحاد الدستوري (18 مقعدا)، فيما نالت باقي الأحزاب الأخرى 12 مقعدا.

وفي وقت لاحق من زوال يوم الخميس تاسع شتنبر الجاري، أعلنت وزارة الداخلية المغربية عن 102 النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، والتي أعطت للمتصدر « التجمع الوطني للأحرار »

مقعدا في مقابل 87 لحزب « الأصالة والمعاصرة » و 81 لحزب الاستقلال، متبوعاً بحزب « الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية » ب35  مقعداً و « الحركة الشعبية » ب29 مقعداً فحزب « التقدم والاشتراكية » ب21 مقعداً، فالاتحاد الدستوري ب 18 مقعداً، ليأتي حزب « العدالة والتنمية » في المرتبة الثامنة ب 13 مقعدا، فيما الزحزاب الأخرى في هذه الاستحقاقات تقاسمت العشر مقاعد المتبقية.

هزيمة مؤلمة

وتعليقا على نتائج الانتخابات، قال لحسن العمراني القيادي وعضو الأمانة العامة لحزب « العدالة والتنمية » إن حزبه انهزم انتخابيا، واصفا -عبر صفحته على فيسبوك- النتائج بالهزيمة المؤلمة، وأنها ليست نهاية المسار، كما دعا القيادي في الحزب نفسه عبد العالي حامي الدين في تدوينة مقتضبة على حسابه في فيسبوك إلى نقد ذاتي.

نتائج الانتخابات التشريعية المغربية تؤكد أن فوز الإسلاميين في كل انتخابات ليس حتميا، كما يظن البعض، وأن الشعب الذي أوصلهم الى المرتبة الأولى في البرلمان عام 2016 ب125 مقعدا قادر على معاقبتهم إذ لم يحصلوا اليوم سوى على 13 في التشريعيات الحالية، هكذا تحترم قواعد اللعبة الديمقراطية وهذا درس بليغ من المغرب.

وذكر لحسن الداودي القيادي في حزب « العدالة والتنمية » والوزير السابق في تصريح صحفي أنه سيقدم استقالته من الأمانة العامة للحزب، وقال إن أسبابا كثيرة تقف وراء هزيمة حزبه في الانتخابات التشريعية، حيث إنه إضافة إلى الهزيمة العددية التي تكبدها حزب « العدالة والتنمية » فقد تكبَّد أيضا هزيمة رمزية بعجز أمينه العام سعد الدين العثماني عن الفوز بمقعد برلماني في إحدى الدوائر الانتخابية للعاصمة الرباط.

وكان حزب « العدالة والتنمية » قد تصدر الانتخابات البرلمانية ل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2016 ب 125 مقعد، وحلَّ حزب الأصالة والمعاصرة ثانيا (102)، ثم حزب الاستقلال ثالثا (46)، فالتجمع الوطني للأحرار (37)، ثم الحركة الشعبية (27)، فالاتحاد الاشتراكي (20)، ثم الاتحاد الدستوري (19)، فالتقدم والاشتراكية (12).

بالمقابل، قال حزب الأصالة والمعاصرة (أكبر أحزاب المعارضة) إنه حقق نتائج إيجابية جدا في الانتخابات التشريعية، وتمكن من المحافظة على المرتبة الثانية رغم الخلافات التنظيمية التي عانى منها.

وأضاف الأمين العام للحزب عبد اللطيف وهبي في تصريح نشره الموقع الإلكتروني لحزبه، أن حزبه سيجتمع خلال الأيام المقبلة من أجل تقييم الانتخابات واتخاذ القرار، في انتظار تعيين الملك محمد السادس رئيسا للحكومة.

وصرح الكاتب الأول (الأمين العام) لحزب الاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر أن انتخابات 8 سبتمبر/أيلول “تُعد تجسيدا لتناوب جديد بأفق ديمقراطي اجتماعي”.

وأضاف لشكر في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات “تؤكد الوعي التام للمغاربة بأهمية هذه الاستحقاقات وبالتحديات المرتبطة بها”.

نسبة التصويت

وقال وزير الداخلية المغربي، عبدالوافي الفتيت، في مؤتمر صحفي إن نسبة التصويت في الانتخابات – التي تضمنت كذلك الانتخابات المحلية والجهوية – تخطت 50%، في حين تجاوزت نسبة المشاركة في بعض المناطق الجنوبية 66%، وتزيد نسبة المشاركة في انتخابات الثامن من شتنبر 2021 على انتخابات العام 2016 والتي بلغت 42%.

وأضاف أنَّ انتخابات 8 سبتمبر/أيلول شهدت “مشاركة 8 ملايين و789 ألفا و676 ناخبا، أي بزيادة مليونين و152 ألفا و252 ناخبا، مقارنة بالانتخابات التشريعية عام 2016″، مشيرا إلى أن عملية الاقتراع جرت على العموم في ظروف عادية باستثناء بعض الحالات المعزولة في عدد محدود من مكاتب التصويت.

وشمل التصويت – للمرة الأولى في تاريخ المغرب في اليوم نفسه – الانتخابات البرلمانية (395 مقعدا) والمحلية والجهوية (أكثر من 31 ألفا)، مما ساهم في رفع نسبة المشاركة، بحسب مراقبين.

ويُعين الملك محمد السادس بعد الانتخابات رئيس الحكومة من الحزب الذي يحصل على أكبر عدد من مقاعد مجلس النواب حسب نتائج صناديق الاقتراع، ويفترض أن يشكل رئيس الحكومة المكلف حكومة جديدة لولاية تشريعية لمدة خمس سنوات.

ـ وفد ملاحظ عن مجلس أوروبا يثني على

انتخابات 8 شتنبر ويوصي بتوسيع قاعدة الناخبين.

عقب نهاية العملية الانتخابية المتعلقة بالاستحقاقات الجماعية والجهوية والتشريعية التي شهدتها المملكة المغربية، أثنى وفد ملاحظ من الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا على سير الانتخابات التي نظمها المغرب الأربعاء ثامن شتنبر الجاري ، قائلا إنها مرت بنجاح رغم التحديات التي فرضتها جائحة كورونا.

وعقد الوفد الملاحظ، برئاسة ألبيرتو ريبولا، ندوة صحافية يوم الخميس الماضي بالعاصمة المغربية الرباط، حيا من خلالها “مهنية السلطات ومسؤولي مكاتب التصويت لمساهمتهم في تنظيم هذا الاقتراع بنزاهة وشفافية”.

وقام الوفد، الذي ضمَّ 11 عضواً إضافة إلى خبراء، بملاحظة الانتخابات في مدن الدارالبيضاء والرباط وفاس ومراكش، وهي المرة الثالثة التي تتم فيها ملاحظة الانتخابات من طرف الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بناء على دعوة السلطات المغربية.

وقال ريبولا، في تصريح صحافي، إن “تنظيم هذه الانتخابات في ظل الموجة الثالثة للجائحة، يُجسد التزام المغرب بالانفتاح واعتماد المعايير العالمية لدولة الحق والقانون

وثمَّن الوفد الملاحظ ارتفاع نسبة المشاركة إلى أكثر من 50 في المائة، أي بزيادة 7 نقاط مقارنة بالانتخابات التي نظمت سنة 2016، على الرغم من كون الرقم يهم فقط الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس المواطنين في سن التصويت.

وأورد تقرير الوفد الأوروبي ادعاءات بخصوص المصاريف المبالغ فيها في الحملات الرقمية، ودعا في هذا الصدد إلى اعتماد إطار قانوني مناسب من أجل تحسين شفافية تمويل الحملات.

ووقف الملاحظون الأوروبيون على اعتماد اللائحة الجهوية في الانتخابات، وقالوا إنها فتحت المجال لرفع تمثيلية النساء في البرلمان، كما اعتبروا أن المصادقة على القوانين الانتخابية قبل أشهر قليلة على الموعد الاستحقاقي، أمر لا يتلاءم مع توصيات مجلس أوروبا بخصوص الممارسات الانتخابية.

ولاحظ الوفد الأوروبي أن مسطرة التصويت عبر الوكالة المخولة للجالية المغربية لا تسهل ممارسة حق التصويت، ولذلك يجب إعادة النظر في الأمر على اعتبار أن الجالية مساهمة رئيسية في رصيد المملكة من العملة الصعبة وتعتبر فاعلة اقتصادية مهمة.

وتأسف أعضاء الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا لضعف استعمال الولوجيات في مكاتب التصويت، وعدم منح فئات من المجتمع، مثل الشرطة والجيش والمرضى والمعتقلين الاحتياطيين، حق ممارسة التصويت.

وعبَّرَ البرلمانيون الأوروبيون الملاحظون عن أملهم أن يقوم البرلمان الجديد المنتخب بتعزيز التعاون مع الجانب الأوروبي من أجل تحسين الإطار القانوني والممارسات الانتخابية في المملكة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى