خديجة الرياضي..المغاربة فهموا أن الانتخابات مسرحية مأساوية أصبحوا يرفضون المشاركة فيها
تستضيف الجريدة الالكترونية أنباء 24 المناضلة الحقوقية و الفاعلة السياسية خديجة الرياضي، لتسليط الضوء على الانتخابات المغربية المقرر أجراؤها يوم الثامن من شتنبر الحالي، خاصة وأن المحطة تعرف جدلا كبيرا بين من يدعو للمشاركة المكثفة فيها باعتبارها محطة ديمقراطية مهمة، وبين من يعتبرها مسرحية هدفها تجميل صورة المغرب بينما الوضع كما هو في السابق .
بداية؛ نرحب بك أستاذة خديجة في هذا الحوار الذي نسلط فيه الضوء على انتخابات الثامن من شتنبر 2021 .
شكرا لكم على إعطائي الكلمة
– هل يمكن الرهان على انتخابات الثامن من شتنبر لتغيير الأوضاع التي تعرفها البلاد؟
لا يمكن الرهان على انتخابات 8 شتنبر لتغيير الأوضاع التي تعرفها البلاد في اتجاه تحسينها والاستجابة لمطالب عموم المواطنات والمواطنين الذين ينشدون العيش الكريم والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية. لأن هذه الانتخابات تنظمها قوانين، وفي مقدمتها الدستور، لا تمكن المجالس المنتخبة من السلطة، فلا البرلمان له السلطة التشريعية الحقيقية ولا الحكومة لها السلطة التنفيذية الفعلية، فهي مؤسسات شكلية تنفذ ما تقرره الجهات التي تملك السلطة الحقيقية وتهيمن على كافة المجالات التشريعية والتنفيذية والقضائية وغيرها والتي أوصلت الأوضاع إلى هذه الحالة الكارثية التي تعيشها البلاد. فالدستور يمركز كافة السلط في يد السلطة الملكية ويحميها من أي محاسبة أو مراقبة . كما أن الجماعات الترابية المنتخبة تبقى تحت وصاية وزارة الداخلية التي تدخل ضمن ما يسمى ب”وزارة السيادة”، تقرر حتى في جدول أعمال اجتماعاتها بالإضافة إلى تحكمها في ميزانيتها.
– هناك من يقول أن المغاربة قد فقدوا الثقة في عملية الانتخابات التي عرفها المغرب والتي فاق عددها ال30 ، هل تتفق مع هذا الرأي؟
ليست مسألة فقدان الثقة. ما وقع هو حصول الوعي لدى الأغلبية الساحقة من المغاربة أن الانتخابات لا تمنحهم الحق في تقرير مصيرهم كما يتم في البلدان الديمقراطية، عبر اختيار السياسات التي يريدون من خلال برامج الأحزاب التي يصوتون عليها. الجميع فهم أنه كيفما كانت نتائج الانتخابات فإن نفس السياسات هي التي تفرض عليهم، سياسات التفقير والتجهيل والنهب التي تمشي بالبلد نحو التخلف وتتراجع كل مؤشراته على مستوى المعايير الدولية للتنمية والديمقراطية والحكامة وغيرها. لذا فهموا أن الانتخابات مسرحية مأساوية أصبحوا يرفضون المشاركة فيها. لكن لازال هناك طريق طويل وشاق للتمكن من إنهاء هذه المسرحية.
– في نظركم، ماهي المقترحات الكفيلة بجعل محطة الانتخابات القادمة وسيلة للدفع بعجلة التنمية بما يضمن العيش الكريم للمغاربة؟
الانتخابات الحالية لا يمكن أن تكون وسيلة للدفع بعجلة التنمية لأنها وسيلة لتأبيد الاستبداد والفساد ما دامت تنظم في اطار الدستور الحالي والسياق السياسي الحالي. لذا يجب فضح حقيقتها التي هي وسيلة للتدجين وزرع الأوهام لدى الرأي العام الخارجي ــ لأن داخليا لم يعد ذلك يجدي ــ بأننا في بلاد تنظم فيها الانتخابات كالبلدان الديمقراطية.
لذا لكي تصبح لدينا انتخابات قادرة أن تشكل فرصة لوصول أحزاب سياسية إلى السلطة وتكون أحزاب حقيقية قادرة على الدفع بعجلة التنمية، فهذا يتطلب نضالات كبرى. في مقدمتها توحيد جهود القوى التي تناضل ضد الاستبداد لتفرض وضع دستور ديمقراطي، حتى تؤطر الانتخابات في إطاره، أي دستور يفصل بين السلط ويمنح البرلمان كل السلطات التشريعية والحكومة كل السلطات التنفيذية ويضمن استقلالا فعليا للسلطة القضائية ويفصل بين الدين والدولة ويربط بين المسؤولية والمحاسبة وينبني على القيم الإنسانية ويكرس المساواة بين المواطنين بما فيها المساواة بين النساء والرجال. وأيضا سن قوانين تجعل الداخلية ترفع يدها عن الانتخابات بخلق آلية مستقلة للإشراف عليها، وجعل مهمة المنتخبين دون أجر عبر إلغاء كل القوانين التي تبدر المال العام في الامتيازات الباهضة الممنوحة للمنتخبين، لتصبح مهمة التمثيل مهمة يترشح إليها فقط المناضلات والمناضلون المستعدون لخدمة الوطن والمواطنين والمواطنات.
– ما هي رسالتك للأحزاب السياسية ورسالتك للمغاربة ؟
الأحزاب ليست كتلة واحدة متجانسة يمكن مخاطبتها بخطاب واحد. بل ما يمكن اعتباره أصلا أحزابا اليوم في المغرب لا تتعدى عدد أصابع اليد الواحدة. وأعني بها التنظيمات السياسية المستقلة عن السلطة في قرارها. ومنها المشاركة في الانتخابات والمقاطعة لها. أما الأخرى فأغلبها خلقتها السلطة أو دجنتها ووجودها مرتبط بها. ورسالتي للتنظيمات المستقلة عن السلطة أقول للتي تشارك بمنطق التغيير الديمقراطي عبر الانتخابات أنها لا يساهم إلا في تزكية نظام مخزني متحكم في كل مفاصل الدولة ويستعمل الهيآت المنتخبة لإضفاء الشرعية على نفسه، ولن تتمكن أية قوة سياسية كيفما كانت إرادتها وكيفما كانت قوة تواجدها داخل المجالس المنتخبة من ممارسة السلطة وتطبيق برامجها، ولن تستطيع تحقيق أي تغيير كيفما كان حجمه، بل ستصبح آلية لتنفيذ سياسات النظام المخزني التي تعمق استبداده وتحمي مصالحه الاقتصادية المبنية على النهب والاحتكار والتبذير.
أما بالنسبة لرسالتي للمغاربة، فهنا أيضا يجب القول أن المغاربة كذلك ليسوا كتلة واحدة متجانسة، بل هم طبقات اجتماعية متصارعة، والتي أتوجه لها هي الطبقة الكادحة بكل مكوناتها والطبقات المساندة لها، لأقول لها ما يقوله المثل الشعبي “ما حك جلدك مثل ظفرك”، أي أنها لن تتحرر من الاستعباد والظلم الذي تعيشه منذ أكثر من 60 سنة بسبب سيطرة المخزن على ثرواتها وخدمته لمصالح الامبريالية والصهيونية على حساب الشعب المغربي، إلا بتحويل وعيها بحقيقة الانتخابات الشكلية وحقيقة من يستفيد منها، إلى فعل لتغيير هذا الواقع، والذي لن يتأتى إلا ببناء إطار سياسي يمثلها ويتكلم باسمها ويدافع عن مصالحها، لأنه أداة ضرورية ولا يوجد لحد الآن، وذلك في افق القضاء على أعدائها وبناء مغرب الحرية والديمقراطية والتنمية.
– كلمة ختامية؟
سأختم بالعودة إلى سؤالكم الأول، لأقول أن ما يمكن الرهان عليه لتغيير الأوضاع الكارثية للبلاد هو وحدة القوى المناضلة ضد المخزن، لأن أكبر معيق للتنمية في بلادنا هو المخزن المسلط على الشعب وثرواته، وكل نضال من أجل التنمية يجب أن ينطلق من النضال ضد المخزن من أجل إسقاطه.