البكاري لأنباء24 .. تصفية الملفات الحقوقية والاجتماعية ومباشرة حوار وطني حقيقي هو الكفيل بتجاوز الاحتقان الحالي
مواكبة من الجريدة الالكترونية أنباء24 للوضع الحقوقي المغربي وفي إطار سلسلة من الحوارات، نستضيف الأستاذ والفاعل الحقوقي خالد البكاري لنقاش العديد من القضايا الانية .
1_ يتسم المشهد السياسي بالمغرب باحتقان كبير، احتجاجات فئوية وقطاعية (التعليم /الصحة..) متواصلة ،ردة حقوقية غير مسبوقة (اعتقال الصحفيين والحقوقيين..) فكيف تقيمون الوضع وماهي قراءتكم للمشهد؟
هذا المشهد المحتقن حقوقيا واجتماعيا هو محصلة لسياسة بدأت بعد أن تم إغلاق قوس الانفتاح المحدود الذي واكب تدبير الدولة لتداعيات ما كان يحصل محليا وإقليميا في علاقة بالاحتجاجات من أجل الديموقراطية التي عرفتها المنطقة الشمال إفريقية والشرق أوسطية خلال 2011 ، هذه العودة القوية إلى السلطوية استفادت من نجاح ما سمي بالثورات المضادة، ومن تراجع ورقة حقوق الإنسان في العلاقات الدولية، وكان التعبير مغربيا عن هذه المتغيرات عبر أمننة كل الفضاءات التي يمكن أن تخرج منها تعبيرات الرفض، بما في ذلك حتى منصات التواصل الاجتماعي، لقد هربت الدولة من مقاربة “حل المشكلات” التي تعني الذهاب إلى أصل الأزمات بغية معالجتها، واختارت بدل ذلك مقاربة امنية، لا تكتفي بتعنيف المحتجين والاعتقالات والمتابعات أمام قضاء غير مستقل، وفي شروط تفتقد لضمانات المحاكمة العادلة، بل اشتغلت كذلك بمنطق التخويف عبر استعمال سلاح التشهير واقتحام الحياة الخاصة.
2_ علاقة بهذا الوضع المتأجج ، ما هي الحلول المقترحة للتجاوز ؟
في الحقيقة، لا توجد حلول كثيرة، وكلما اتسعت مساحة الضبط والاستفراد بالقرار والمقاربة الأمنية ،كلما تقلصت الحلول، لأن مثل هذا الوضع يشكل بيئة لنمو الاسترزاق والوشايات والكيد، وهي بيئة غير سليمة لإنتاج خيارات تتسم بالحكمة وبعد النظر. فالواقع لم يعد يحتمل المزيد من الإمعان في تصفية الحسابات ، عوض التفكير في مستقبل الوطن وشروط وضع قاعدة انطلاق حقيقية نحو التنمية الحقة والديموقراطية، لذلك يصبح من المستعجل فك هذا الاحتقان عبر تصفية الملفات الحقوقية والاجتماعية الآنية ، وفي مقدمتها إطلاق سراح كل معتقلي الرأي والاحتجاجات الاجتماعية والصحفيين، ومباشرة حوار و طني حقيقي لا يستثنى منه أحد.
3_في نظركم لماذا كل هذا التغول والإمعان في السلطوية، هل تقدر السلطة السياسية في البلد فشل حراك ” الربيع ” وبالتالي انتهاء مرحلة الانحناء للعاصفة.أم ان هناك عوامل أخرى مشجعة كالوضع الدولي والاقليمي؟
هو كل هذا مجتمعا، وأمور اخرى، فقد شجع انتصار الثورات المضادة وفي مصر خصوصا، والأوضاع المأساوية بليبيا وسوريا، وكذلك تراجع ورقة حقوق الإنسان خصوصا في علاقة المغرب بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة زمن ترامب، على العودة لسلطوية مسنودة برؤية امنية، مستفيدة من ترهل الأحزاب والنقابات، ومن صمت المثقفين، ومن تبعية جزء كبير من الإعلام،، وللأسف فعوض استثمار قوة الملكية حاليا، حيث يكاد يغيب اي تشكيك في شرعيتها، ولا توجد اي قوة تنازعها الحكم، كما كان يحدث زمن الحسن الثاني، عوض استثمار هذا الوضع من أجل ديموقراطية حقيقية في ظل نظام ملكي برلماني قوي، تم للأسف الأنزياح نحو الضبط والتحكم، وخدمة مصالح أقلية منتفعة.
4_يلاحظ في الآونة الأخيرة وجود العديد من الهيئات واللجان الدعم والمساندة والنضال المشترك (الاعتقال/ ملف الطلبة /مناهضة التطبيع…) هل هذا الأمر فرضته ظروف التغول والسلطوية أم هناك قناعة لدى كل الفرقاء لتكوين جبهة موحدة ضد “الفساد والاستبداد “.؟
اعتقد أنها ردود فعل ضد ما يحدث، ولم ترق بعد لتكوين جبهة ضد السلطوية، فللأسف لم تتكون هذه القناعة بعد، ما زالت التناقضات الأفقية تحرك مجموعة من الكيانات السياسية عوض التناقضات العمودية، وحتى الالتقاءات التي تحصل في محطات معينة بين يساريين وإسلاميين ومناضلين أمازيغيين هي إرادات فردية أكثر منها تعبيرا عن وعي حاصل داخل التنظيمات التي تقدم نفسها معارضة للنسق.
5 _ كلمة ختامية أستاذنا الفاضل؟
اتمنى أن تتوحد جهود كل الصادقين للنضال من أجل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وأن ينتصر صوت التعقل داخل الدولة الحقيقية، فالتحديات التي تنتظر البلاد لا تقبل الاستمرار في نهج التشدد وحماية مصالح أقلية على حساب المصلحة العامة.