باهشام لأنباء24 ..رمضان أيام معدودات وهو فرصة للتنافس في الخير
يحل الأستاذ و العلامة بن سالم باهشام ضيفا على موقع أنباء24 ضمن سلسلة حوارات رمضانية، سيستضيف فيها الموقع عددا من العلماء والاساتذة للحديث عن شهر رمضان المبارك .
-هل يختلف الاستعداد لرمضان في ظل هذه الأزمة العالمية بسبب فيروس كورونا؟
يختلف الاستعداد لرمضان في ظل هذه الأزمة العالمية بسبب فيروس كورونا عن باقي السنوات الفارطة، وقد أراد الله بهذه الجائحة – من بين ما أراد سبحانه – أن يكشف هشاشة الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي، وأن ما يدّعونه؛ ويُصدّرون به دساتيرهم؛ بأن دين الدولة الإسلام، ما هي إلا ادعاءات زائفة، وحِبر على ورق، وقد كشفت الجائحة خوفهم من الإسلام، ومن تجمعات المسلمين المنظَّمة، والملتزمة بكل التوصيات الصحية والوقائية، مما لا نجده في سائر التجمعات الأخرى، ولا أدل على ذلك، بقاء المساجد مغلقة مدة من الزمان بعد فتح الأسواق والمقاهي والشواطئ وغيرها دون مبرر منطقي أو شرعي أو صحي، بل فتحت بعض المساجد بعد احتجاجات الشعوب السلمية، والتي اتخذت أشكالا متنوعة، اتسمت كلها بالمسؤولية والمشروعية، ورغم ذلك لم تفتح كلها دفعة واحدة، بل على ثلاث مراحل، وما زالت المرحلة الثالثة لم تنفذ لبقاء عدد من المساجد مغلقة في وجه المصلين لحد الآن دون مبرر منطقي مقبول. وقد كان الامل معقودا بان تفتح سائر المساجد المتبقية بحلول شهر رمضان الابرك للتخفيف على المساجد المفتوحة التي ستكتظ بالمصلين في رمضان لكثرة التائبين، واذا بالمغاربة يفاجؤون بقرار حظر ليلي يهدم لهم كل الاستعدادات التي برمجوها فرحا بقدوم شهر الغفران والقرآن، وبهذا القرار اللامسؤول تبعثرت الاوراق في أيديهم وأبطلت تلك الاستعدادات التي ارادوا ان يستدركوا بها مافاتهم في السنة الفارطة التي غُلّقت فيها المساجد مطلقا. فحسبنا الله ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
– يتزامن رمضان مع ظروف الطوارىء الصحية وقرار الاغلاق منذ الثامنة ليلا إلى السادسة صباحا، هل يؤثر ذلك على الجانب التعبدي والروحي لهذا الشهر؟
يمكن استثمار الوقت لاغتنام شهر رمضان الأبرك بوضع برنامج محكم، لأن الكثير من أفراد المجتمع يعتقد أن رمضان هو فقط مجرد كف عن الطعام والشراب ومباشرة النساء من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والحقيقة أنه منظومة متكاملة من العبادات المتنوعة التي لا تقتصر على الصيام فقط، بل تشمل عبادات أخرى:
* من تلاوة للقرآن وتنافس في تحقيق أكبر عدد من الختمات، لأنه شهر القرآن.
* وإكثار من الكلمة الطبية ” لا إله إلا الله” والتي بقولها يجدد الله الإيمان في القلوب، وهي أعلى شعب الإيمان.
* والإكثار من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم التي يُنوّر الله بها القلوب، ويُخرج صاحبها من الظلمات إلى النور.
* والإكثار من الاستغفار الذي يصقل الله به القلوب ويطهرها.
* والمحافظة على الصلوات الخمس مع الجماعة، التي تحصن صاحبها من الفحشاء والمنكر.
* والحفاظ على الرواتب التي تؤدى قبل الفريضة وبعدها، والتي يحفظ بها المؤمن الصلوات الخمس، ويتحبب بها إلى الله تعالى، ليكون من أوليائه وأصفيائه.
* والمحافظة على صلاة الأوابين والتي هي صلاة الضحى.
*والمحافظة على ورد أذكار الصباح والمساء، والتي تسمى بالأدعية التحصينية.
* والمحافظة على تلاوة السور والآيات الفاضلة، التي رغب الرسول صلى الله عليه وسلم في قراءتها، وجعلها وردا يوميا، ليحصن بها الفرد نفسه وأفراد أسرته، وينال بها الأجر، ويوصل ثوابها إلى والديه ومن له الحق عليه.
* و المحافظة على قيام الليل الذي يسمى في رمضان بصلاة التراويح، والتي تؤدى بعد صلاة العشاء، وقبل صلاة الصبح، وفي ظل الحجر الصحي تصلى في البيوت، ويختار للإمامة من يقرأ القرآن قراءة سليمة دون أخطاء، ولو بالمصحف.
* والمحافظة على جلسة الذكر من بعد صلاة الصبح إلى شروق الشمس لينال الشخص بها اجر حجة وعمرة.
*والاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لمن تيسر له، ويمكن أن يعقد في البيوت في ظل هذا الحجر.
كما أن المؤمن الصائم في شهر رمضان لا يقتصر على العبادات في النهار دون الليل، أو الليل دون النهار، بل تشمل كل اليوم، ليله ونهاره، ولا تتحقق الاستفادة من شهر رمضان حق الاستفادة، إن كنا جاهلين لهذه العبادات، أو عالمين بها وغير ممارسين لها، إننا إن لم نضع برنامجا دقيقا ومحكما ليومنا ولليلتنا فسنملؤه بالنوم نهارا، وبالأفلام والمسلسلات التي ستسلسل حركاتنا ليلا. وبهذا سندخل في برامج غيرنا، ونكون بذلك قد بعنا أنفسنا مجانا للصوص رمضان الذين يتربصون بنا الدوائر، والذين من بينهم: التلفزيون، والأسواق، والسهر ، والمطبخ، والهاتف النقال، والبخل، والمجالس الخالية من ذكر الله ، ووسائل التواصل الاجتماعي، لهذا لابد من برنامج رمضاني محكم، وإرادة قوية على تطبيقه، وهمة عالية على الاستمرار فيه، وتعاون بين المؤمنين من أجل التنافس ورفع الهمم، وشحذ العزائم، قصد التحصن والنجاة من لصوص رمضان، والتعاون على الاجتهاد، فما هي إلا أيام معدودات. قال تعالى في سورة البقرة:(لعلكم تتقون أياما معدودات).
– كيف يمكن استثمار الوقت للاغتنام خلال شهر رمضان؟
يتزامن شهر رمضان الأبرك لهذه السنة مع ظروف الطوارئ الصحية، وقرار الإغلاق منذ الثامنة ليلا إلى السادسة صباحا، وهذا القرار فعلا سيؤثر سلبا على الجانب التعبدي والروحي لهذا الشهر، وبخصوص الأفراد التائبين والذين يكثر عددهم في رمضان نتيجة الأجواء الروحية الرمضانية، والتي ستغيب بإغلاق المساجد وتعطيل صلاة البَرْدَين: العشاء والصبح، واللذان يتميزان عن سائر الصلوات الأخرى بصلاة التراويح، فيحرم المغاربة من سماع قراءة القرآن في صلاة التراويح وراء أصحاب الأصوات الندية التي تجعل المصلين يتجاوبون مع كلام الله تعالى، ويخشعون له، وكأنه نزل غضا طريا من السماء، في شهر القرآن، يخاطبهم ويواسيهم ويمسح أحزانهم، ويعالج شؤون حياتهم الدنيوية والأخروية.مصداقا لقوله تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا).
– يتميز رمضان بصلاة التراويح ؛ كيف تنظر لقرار المنع خلال هذه السنة؟
يأتي شهر رمضان الأبرك، والذي يتميز بصلاة التراويح، إذ تنار فيه صوامع المساجد، فرحا بهذا الشهر، ويتسابق المغاربة الذين يعظمون شهر رمضان حتى في صفوف المدمنين، إلى حجز أماكنهم في المساجد بالتبكير إليها، لسماع كلام الله الذي أنزل في هذا الشهر المبارك، والذي يمكن أن نسميه بالمصطلحات الحديثة بالشهر العالمي للقرآن، ونحن نعرف قداسة هذا الشهر في نفوس المغاربة، إذ تملأ المساجد عن آخرها، خصوصا في العشاء والصبح لتميزهما بصلاة التراويح، وتقل الجرائم، ويكثر عدد التائبين إلى الله، نتيجة الأجواء الربانية الرمضانية، وحري ان نسميه بشهر السلم والأمان، ورغم ذلك لم تحترم الحكومة شعور الشعب المغربي المسلم الأبيّ، وضربت عرض الحائط كل رغباته بتبريرات غير مقنعة منطقيا، ودون إعطاء البديل الذي يليق بتعظيم شهر رمضان وحفظ لروحانيته، ما دمنا في دولة إسلامية، وقوانينها تصون شعائر الإسلام وتعظمها، وتيسر كل السبل المتاحة لممارستها، إلا أن المغاربة صدموا بهذا القرار – الاستبدادي الذي لم يهيئوا له بديلا – بالاستنكار، وإذا كانت الدول الأوربية غير الإسلامية قد احترمت خصوصيات ديانات مواطنيها؛ فخففت الإجراءات على بيوت الله، بل من الكنائس من فتحت أبوابها للميلمين لصلاة الجمعة والتراويح، فالأولى للحكومة المغربية المسلمة أن تكون السباقة لذلك، وتأذن للمغاربة بأداء صلاة العشاء والصبح والتراويح جماعة وفي المساجد، مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة، وتمنع سائر التحركات الأخرى من تجوال وتجمهر، وتترك بيوت الله مفتوحة، وبعد الانتهاء من صلاة التراويح، لا يبقى لأحد عذر في البقاء خارج البيت، هكذا نكون قد جمعنا بين الحسنيين، فتح المساجد، والحجر على غير المصلين، فتكون الشوارع فارغة والمساجد مملوءة، وبعد التراويح يفرض الحظر الكلي على الجميع. قال تعالى :(ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها)، فلله المشتكى، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم.
-نصيحة ختامية؟
نصيحتي موجهة لصنفين:
أولا: للمغاربة قاطبة بأن أبارك لهم هذا الشهر المبارك الميمون، وأقول لهم: هذه مناسبة عظيمة، وفرصة سانحة لا تعوض، فلا تضيعوها، فمن علامة المقت إضاعة الوقت، فاستثمروها باتفاق الأسرة جمعاء ما دامت مجتمعة رغم أنفها، على برنامج تعبدي جماعي موحد بينهم ، تجتمع فيه الأسرة على الله، تلاوة للقرآن، وصلاة للعشاء والتراويح، والتراويح والصبح. فقد قال تعالى في الحديث القدسي (حقت محبتي للمتجالسين في).
ثانيا: أما نصيحتي للمسؤولين فاقول: اتقوا الله في أنفسهم، ولا تكونوا ممن قال الله فيهم في سورة البقرة: ( واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون، الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)، وفقنا الله جميعا لعمل الخير، ولخير العمل آمين.