حوارات

في حوار حصري مع أنباء 24 … المفتش التربوي شكٌري يميط اللثام عن تدابير الدراسة عن بعد وأهم الإشكالات المرتبطة بالمنظومة التربوية

تسرنا استضافة الدكتور مصطفى شكٌري المفتش التربوي والباحث في قضايا التربية والتعليم بالمركز المغربي للأبحاث وتحليل السياسات في هذا الحوار المقتضب حول التعليم ببلادنا في ظل أوضاع جائحة كورونا.

أولا: كيف تقيمون التدابير التي اتخذتها الجهات الوصية عن التعليم لمواكبة الدراسة عن بعد؟

جواب: مسألة تقييم التدابير المتخذة من لدن الوزارة في ما يخص التعليم في ظل هذه الظرفية الصعبة، ليست بالأمر الهين إن كنا نتحدث عن التقييم بمعناه العلمي، في ظل عدم اكتمال المعطيات ومدى شفافيتها وتحيينها، وفي ظل ضرورة الاستناد إلى معايير مضبوطة تكون أداة مرجعية للقياس، وفي ظل غياب بحث تربوي تدخلي يرصد الحصيلة العامة لهذا التدبير، لكن بالنظر لما هو متوفر من معلومات وبحكم المتابعة المهنية والبحثية  للمسألة بوسعي التأكيد أن هناك دينامية معينة أحدثها الالتجاء إلى التعليم عن بعد بفضل جهود السادة الأساتذة و الأطر التربوية عموما وباقي المتدخلين، لكن الوضع العام لقطاع التربية والتعليم يجعلنا غير مطمئنين إلى مدى قدرة مختلف الإجراءات المتخذة في هذا الإطار لتمكين المتعلمين من إتمام دراستهم في أحسن الظروف البيداغوجية، أولا لأن الوضع التعليمي في الحالة العادية كارثي على كافة الأصعدة بمنطوق التقارير الوطنية الرسمية قبل الدولية، ثم لأن كل ما يروج الآن مما يعبر عنه الكل، بل ونحياه داخل بيوتنا يكشف أن هناك إشكالات حقيقية لا تغني الإجراءات المستعجلة في حلها، ولعل أبسطها مسألة القدرة على ولوج المتعلمين تلاميذ وطلبة إلى هذا النوع من التلعيم عن بعد.

ثانيا: هل المنظومة التعليمية المغربية كانت مؤهلة لخوض تجربة الدراسة عن بعد ؟

جواب: للأسف وبعيدا عن الدوغمائية في الخطاب، لم نكن مستعدين لولوج عالم التعليم عن بعد، ولم يكن هناك تخطيط استراتيجي واضح لاستدامة التعليم في ظروف الكوارث والجوائح، ولم تكن منظومتنا مؤهلة لخوض هذه التجربة على أرضية القواعد و الأسس العلمية المفترضة: سواء من ناحية البنية التحتية والتهيئة الرقمية بسبب الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية التي تحول دون التوفر على الآليات التقنية، أم من ناحية مستوى التكوين وإعداد الأطر والمتعلمين على حد السواء للتعامل مع مقتضيات التعليم عن بعد، وأيضا من ناحية ما يتعلق بمدى امتلاك قدرات البيداغوجية الرقمية، ولن أحدثك عن الوضع الاعتباري للوسائل التكنولوجية في وعينا، والذي ينحصر في اعتبارها أدوات للعب واللهو      و الشات والسيلفي، ولا حافزية وقدرة الأسر على المواكبة. والحاصل أن غياب التخطيط الاستراتيجي الحقيقي، و مدى جاهزية التهيئة الرقمية الجيدة، وضعف التكوين في المجال الرقمي، و تعثرات الولوج،  و هشاشة الوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للأسر، إشكالات بنيوية تقف سدا منيعا أمام التعليم عن بعد سواء في ظل جائحة كورونا أم حتى في غيابها.

ثالثا: ما هي رسالتك للأطر التربوية؟

أولا، وثانيا، وثالثا، شكرا جزيلا على جهدكم و جهادكم، فقد أثبتم لمن يحتاج إلى إثبات أنكم حجر الزاوية في سيرورة المنظومة التربوية، وأنه بدون رجال ونساء التربية والتعليم بمختلف أصنافهم لن تقوم للقطاع قائمة، يكفي أنه إن تحقق شيء في هذا التعليم عن بعد فبفضل بذلكم وتضحياتكم من وقتكم ومالكم وصحتكم لتوفير موارد رقمية في ظل شح الإمكانات وغياب التكوين المستمر، وتتالي التنقيص العام من وضعكم الاعتباري بالقوانين الغاشمة. ولعلها فرصة سانحة لتجديد الممارسة، وفتح آفاق واعدة للإبداع والابتكار، وتطوير الأداء المهني ومزيد من رص الصفوف للمطالبة بالحقوق المشروعة ماديا ومعنويا.

رابعا: ما هي الدروس المستفادة من هذه المرحلة ؟

يمكن ان نتحدث عن عدد كبير من الدروس، أقتصر على  ما قد  يعد مدخلا أساسيا لها؛ أولا: نحن في لحظة تاريخية تفرض القطع مع التدبير العقيم العابث لقطاع وبقطاع هو الحياة عند العقلاء وفتح حوار وطني حقيقي يفك رقبة التعليم من يد التحكم السياسي للدولة، ثانيا: هذه فرصة لإعادة الاعتبار للفاعل التربوي احتضانا وتكوينا وتحفيزا، ثالثا: تفرض اللحظة تجديد المنهاج كلية تصورا       و تدبيرا. مع ضرورة الاحتراز من قضية قصر إشكالات التعليم عندنا على البعد التقنوي لأنه بدون إرادة سياسية للتغيير لن يتحقق شيء.

رابعا: كلمة ختامية

كشفت جائحة كورونا لمن لم يكتشف ذلك عوار وضعنا التعليمي والصحي والتشريعي القانوني والاقتصادي و الاجتماعي، وعلينا أن نعي جميعا أنه بدون حرية حقيقية، و حوار مجتمعي، لن نقدر على ولوج المستقبل القادم، وأن واجهة البحث العلمي أولوية مستعجلة لابتكار ما يمكننا اعتمادا على خصوصياتنا وحاجياتنا من ربح رهانات تعليم منصف، وصحة جيدة، وغذاء كاف، وسكن لائق،        و عدل اجتماعي واقتصادي، وكرامة إنسانية أخلاقية، وهذا سبيله فتح صفحة جديدة تقطع مع الاستبداد والفساد.، ما دون ذلك هو لعب في الاتجاه المعاكس فقط.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى