الزقاقي لأنباء24 ..رمضان فرصة للعبادة والتزكية ومجاهدة النفس لتستقيم على الطاعة والتقوى
في حوار جديد ضمن الحوارات الخاصة بشهر رمضان المبارك، يستضيف الموقع الالكتروني أنباء 24 الدكتور بلقاسم الزقاقي للحديث عن شهر رضمان المبارك في ظل أزمة كورونا .
أولا : هل سيختلف استعداد المسلمين لرمضان في ظل ما يعرفه العالم من أزمة نتيجة لتداعيات مرض كورونا؟
إنما يشهده العالم اليوم من ظهور لمرض كورونا الخطر وتفشيه في كل الربوع، صير الناس إلى خوف شديد من أن يصابوا بهذا الفيروس الفتاك بعدما شهدوا حالات الموت التي تسبب فيها هذا الوباء في دول متعدده وبنسب مختلفه ،الى حد اضطرار حكومات الدول المصابة الى فرض الحجر الصحي والمنزلي والتباعد الاجتماعي على مواطنيها للوقايه من هذا الداء والحد من انتشاره ومحاصرته لتسهيل مقاومته، وقد استجدت مع هذا المرض المستجد اسئلة كثيره تطرح اليوم حول سبل تعامل المسلمين مع الظروف الجديدة التي ترتبت عن هذا المرض، ومن هذه الاسئله الملحة ،والمسلمون على بعد ايام من استقبال شهر رمضان ، شهر الصيام والقيام والطاعه والتوبة، هل سيختلف استعدادهم لهذا الشهر عن طرق استعدادهم له في المواسم السابقة.
من الامور المسلم بها في عقيده المسلم الإيمان بالقضاء والقدر وان الله تعالى مالك الملك، يخلق ما يشاء ويختار، لو شاء لأهلك من في الأرض كلهم جميعا ، ولكن رحمته سبقت غضبه، قال الله تعالى (ورحمة ربك خير مما يجمعون)، كما ان المؤمن يعتقد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه .هذه المنطلقات الإيمانية الصحيحة هي التي على أساسها يتصرف المؤمنون، فلا تمنعهم هذه الظروف الجديدة العصيبة من أن يشمروا عن ساعد الجد والاجتهاد ويستعدوا لاستقبال شهر الله تعالى مثلما دأبوا آنفا، بل بما هو اقوي وأحسن بفضل ما أتاحته الظروف الجديدة من وقت سانح وتحرر من شواغل الدنيا وهموم المعاش، فيسعى المؤمن ألا يكون مغبونا في نعمة الفراغ الناتج عن ظرف الحجر المنزلي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ” .
يتعين إذن أن ينهض المسلمون ليغيروا ما بأنفسهم من غفلة ومن بعد عن الله سبحانه ،ولن يتأتى ذلك إلا بملء الأوقات بالطاعات والقربات والأعمال الصالحة.
ثانيا : يتزامن شهر رمضان هذا العام مع ظروف الحجر الصحي،هل سيؤثر ذلك على الجانب التعبدي والروحي لهذا الشهر؟
إن ظروف الحجر الصحي لا ينبغي أن تكون عائقا من أن يستثمر المؤمن شهر رمضان في العبادة والتزكية ومجاهدة نفسه لتستقيم على طريق الطاعة والتقوى للفوز برضى الله تعالى ،لأن المؤمن وهو مرابط في بيته يتيسر له من الأعمال والقربات ما لا يتيسر في غير هذه الظروف، فيجد في أن يغنم من الحسنات وينجز من القربات ما به ينال رضا المعبود سبحانه وتعالى، وإلا فان أي تفريط فيما توافر من وقت سيكون هدرا للعمر بل هدرا للحياة ،وإن لنا في أحداث التاريخ الماضي والحاضر خير شاهد على حسن استثمار الوقت برغم الظروف القاسية، فكم من العلماء والمصلحين فرض عليهم العزل عن الناس إما سجنا أو نفيا او إقامه جبرية، فما منعهم ذلك من سلوك طريق القرب من الله تعالى، والدعوة الى الله تعالى، والجهاد في سبيله بما ألفوا من مكتوبات ورفعوا من تضرعات، فما وهنوا لما أصابهم من ضيق وعنت في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا.
ثالثا : كيف يمكن اغتنام واستثمار وقت وزمن الحجر الصحي في شهر رمضان؟
حياة المومن هو عمره الذي يستثمر فيه فينبغي للمؤمن أن يمضي دقائق عمره في ما يعود عليه وعلى أمته بالخير والنفع، ولأهمية الوقت اقسم الله تعالى به في سورة العصر،قال الله تعالى🙁 والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) .
لا شك أن ما يسره الله تعالى من مكوث في البيت اتقاء هذا الطاعون الجديد وتزامنه مع شهر رمضان سيعود بالنفع العميم على المؤمن ان هو انتهزه لتحقيق ما يصبو إليه من صيام هذا الشهر من قبول لصيامه ومغفرة لذنوبه وتزكية لروحه وتحسين أخلاقه مع أهله وأبنائه ودوي رحمه، ومع جيرانه وسائر الناس وقد يتعذر على العبد تحصيل كل ذلك ان لم يسطر برنامجا دقيقا وموقوتا يضمنه من أعمال الطاعات والقربات ما به يبلغه الله تعالى بإذنه أسمى الغايات، ومن أهم هذه الأعمال :
- النية الصادقة في كل الأعمال وهو ابتغاء رضا الله تعالى.
- المحافظه على الصلوات الخمس في أوقاتها وبنوافلها وأذكارها وآدابها.
- المحافظه على الأوراد من ذكر وقيام ودعاء وتلاوه للقران .
- العزم على حفظ كتاب الله تعالى او بعض منه، وليبدأ بما يقوي عزمه ويحفز سيره.
- الإكثار من تلاوات ختم القران في هذا الشهر فالزمن سانح.
- المحافظة على صلاه التراويح وقيام الليل، ويؤديها الآباء مع الزوجة والأبناء.
- المحافظة على أذكار الصباح والمساء.
- الاطلاع على بعض كتب التفسير وكتب المواعظ لترقيق القلوب والتفقه في الدين والقرآن.
- المعاملة باللين والرفق داخل البيت وخاصة مع الأبناء بما يناسب روحانيه شهر رمضان الفضيل.
نصيحة ختامية.
يزورنا رمضان ثم يودعنا إلى قابل، ولا ندري هل كتب الله لنا صيامه وقيامه تارة أخرى، والعمر ينقضي وأوان الرحيل عن هذه الدنيا لا يعلمه إلا الله، والموقف من وفقه الله تعالى لانتهاز فرصة شهر الصيام، وبخاصة في ظروف لزوم الناس بيوتهم، ليعد زاد الآخرة بطاعة الله تعالى وذكره والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، والإحسان إلى الناس والتخفيف عن معاناتهم لا سيما بعدما تعطلت أعمال ووظائف كثير منهم بسبب إجراءات الوقاية من مرض كورونا الذي نسأل الله تعالى أن يعافي المسلمين منه و يعافي كل عباده من هذا الوباء وأن يجعله سببا للتوبة والأوبئة والرجوع إليه قبل فوات الأوان. وبارك الله للمسلمين جميعا شهر رمضان.
والسلام عليكم ورحمة الله.