حوارات

محمد مشان لأنباء 24 ..رمضان فرصة للتقرب إلى الله أكثر والتضرع إليه حتى يرفع عنا هذا الوباء

يستضيف الموقع الالكتروني في هذا الحوار الدكتور محمد مشان رئيس المجلس العلمي المحلي لعمالة مقاطعات الفداء مرس السلطان، للحديث عن رمضان في ظل الحجر الصحي  وانتشار فيروس كورونا .

1-  هل يختلف الاستعداد لرمضان في ظل هذه الأزمة العالمية بسبب فيروس كورونا؟

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا وحبيبنا ومعلمنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

لا أعتقد أن الاستعداد لرمضان في ظل هذه الأزمة العالمية بسبب فيروس كورونا يختلف كثيرا عن غيره من الأزمان، باستثناء أن هذه السنة يجب الاستعداد الروحي أكثر؛ لأننا نعيش أزمة ومحنة، فيجب أن نكثر التضرع إلى الله ليقلبها منحة وليرفع عنا هذا البلاء والوباء.

ونحن مطالبون بالوقوف بباب الله، والبكاء على الله – طبعا بعد اتخاذ الأسباب والعمل بتوجيهات السلطات المختصة- لأن الدعاء والتضرع مع مخالفة التعليمات الصادرة عن الجهات المختصة لغو ولهو ولعب!.

2 – يتزامن رمضان مع ظروف الحجر الصحي، هل يؤثر ذلك على الجانب التعبدي والروحي لهذا الشهر؟

لا أبدا، لا يؤثر الحجر الصحي على الجانب التعبدي والروحي لهذا الشهر، نعم سوف نَفْتَقِدُ صلاة التراويح جماعة في المساجد، سوف نَحِنُّ إلى اللقاءات العائلية، والأنس بالأصدقاء خلال وجبات الإفطار وغيرها، ستنقص العلاقات الاجتماعية التي تدخل الدفء، وتبعث على الشعور بالانتماء إلى الأهل والأصدقاء والجيران….لكن هذا كله لا يمس جانب التدين والعبادة، فالعبادة صلة بين العبد ومولاه، وهذه الصلة أو الرابطة لا يخدشها ولا ينقص منها الحجر الصحي قيد أنملة!

فنحن نعبد الله، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: اتق الله حيثما كنت! لا صلة للتعبد بمكان، ولا بظروف، فنحن نعبد الله قياما وقعودا وعلى جنوبنا، وألسنتنا تلهج بذكر الله وقلوبنا تخفق بحب الله.

نعبد الله في البيت، في الإدارة، في الشارع، في السوق، هكذا يجب أن يكون شعور المسلم.

إن هذه الشعائر ليست مقصودة لذاتها، ليست هدفا، وليست نهاية الطريق، ولكنها بداية الوصول إلى الله!

فالغرض الأساسي، والغاية الكبرى أن تعبد الله، أن تصل إلى مولاك، لا أن ترتبط بمظاهر وشعائر وتقف عندها، بل أهم مقصد من مقاصد هذه العبادات أن تخرج بك من الهوى، وتدخل بك على باب المولى، فذلك الهدف وتلك غاية المنى.

كثير من الناس لا يصلون إلى الله، بل وقفوا عند عتبات التعبد، لذا تجدهم قد انشغلوا بالشكليات وبالطقوس،  وانزعجوا لما فاتهم ما ألفوا من صلاة التراويح، وغاب عن أكثرهم أن الله أقرب إلى أحدهم من حبل الوريد، وأنه معهم كلما ذكروه، وكلما تضرعوا إليه، وليسوا في حاجة إلى وسائط ولا إلى شكليات ، فقط الإخلاص لله.

العبادة محبة، العبادة طاعة، العبادة يقين بالله أن الله لن يضيعك!

3 – كيف يمكن استثمار الوقت للاغتنام خلال زمن الحجر في رمضان؟

يحقق الحجر الصحي لمن شاء: خلوة بالله وتفرغا للعبادة وخصوصا:

‌أ-      كثرة الدعاء والتوسل والتضرع إلى الله تعالى، من أدمن قرع الباب ولج.

‌ب-    وصلاة النوافل،

‌ج-     قراءة القرآن وختمه عدة مرات،

‌د-      كثرة الذكر من تهليل(لا إله إلا الله) وتسبيح(سبحان الله) وتكبير(الله أكبر) وتحميد(الحمد لله) وحوقلة(لا حول ولا قوة إلا بالله العي العظيم)….،

‌ه-      وكثرة الصلاة على رسول الله؛ فإن لها أسرارا في كفاية العبد ما أهمه، وفي تفريج الكرب واستجابة الدعاء ،فقد صح عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ:« قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي ؟ فَقَالَ : مَا شِئْتَ . قَالَ قُلْتُ الرُبُعَ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ النِّصْفَ ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ ؟ قَالَ : مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا ؟ قَالَ : إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ . قال الترمذي : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

‌و-     قراء كتب العلم من تفسير وحديث وسيرة رسول الله؛ لنوسع مداركنا؛ ولنزداد معرفة بالله وبرسوله؛ فكلما ازدادت المعرفة ،كلما تعمقت صلتنا بالدين، وكلما ازددنا حبا لله ولرسوله، وازددنا طاعة لله ولرسوله.

‌ز-     قراءة كتب المعرفة عامة لأن المسلم لا يجمد على كتب الدين فقط، بل يوسع معارفه، ويطلع على علوم عصره -إن كان مثقفا –  ككتب الأدب: الشعر والقصص والروايات والمقامات، وكتب التاريخ، وعلم الاجتماع وغيرها… المهم أن يقرأ، فإنه أول ما نزل على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله عز وجل: “اقرأ”.

‌ح-     التكافل الاجتماعي بالإنفاق على الفقراء والمحتاجين والأيتام والأرامل، فهذا شهر التآزر وشهر التكافل، لا ننسى طعام المسكين، ولا ندع الأيتام دَعًّا، بل نساندهم، ونعطف عليهم، ونشفق على المحتاجين منهم بالبذل والعطاء والسخاء .

4 يتميز رمضان بصلاة التراويح واقبال الناس على صلاة الجماعة، هل يجوز إقامة الصلاة جماعة عن بعد؟

لقد فصل بيان المجلس العلمي الأعلى الكلام  في هذا الموضوع بما لا مزيد عليه: فصلاة  التراويح ليست فرضا، إنها نفل، فلا نقيم الدنيا ولا نقعدها من أجل نفل، ونضيع الفرائض!

فالحفاظ على الحياة من جميع المهالك مقدم شرعا على ما عداه من الأعمال بما فيها الاجتماع على النوافل  وسنن العبادات .

فالرسول صلى الله عليه وسلم صلاها منفردا، فلا عتب ولا حرج إذا صليناها في بيوتنا مع أهلنا وأبنائنا، مع مراعاة تعليمات السلطات المختصة .

قال الشيخ خليل رمحه الله  في المختصر :” ندب نفل، وتأكد بعد مغرب …وترا ويح، وانفراد بها،  إن لم تعطل المساجد…” مختصر خليل فصل في بيان صلاة النافلة ص:47[ انفراد بها = أي فعلها في البيوت[.

هذا في  الأيام العادية أما اليوم فنحن نعيش حالة خاصة والصلاة في البيوت أوجد وآكد للجميع .

5- نصيحة ختامية؟

اتقوا الله ما استطعتم، سيحاسبنا الله على ما في وسعنا، ما في طاقتنا، أما ما لا طاقة لنا به، فقد رفع الله عنا التكلفة، فلا نشغل أنفسنا بما حيل بيننا وبينه بسبب ظروف الحجر الصحي، وما اعتدناه في السنوات الخوالي.

ولكن اجتهد على قدر طاقتك، وعلى قدر استطاعتك، وفوق ذلك، لست بملوم ولست بمحاسب!

بشرى لكل مسلم ومسلمة، ولكل متحسر على صلاة التراويح ، وعلى الصلاة في المسجد:

واعلموا أن الله سيكتب لنا جميعا أجر الصلاة والقيام والعمل الذي اعتدناه في السابق، وإنما منعنا منه مانع الحجر الصحي ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال وهو الصادق المصدوق” إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما ” رواه البخاري ومسلم .

ستؤجرون على طيبة قلوبكم، ستثابون على حسن نيتكم، وسكتب لكم الأجر مثل ما كنتم تعملون في السنوات الخوالي. لن يضيعنا الله جميعا، نحن مجزيون بنياتنا . وا الأيتام والفقراء والأرامل فليس لهم بعد الله إلا المحسنون جميعا، قال الله تعالى ” وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ  وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ “

 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى