“لارميطاج” تحفة نخرها الإهمال وأفسدها العبث
حديقة لارميطاج التي تعتبر المتنفس الوحيد لسكان درب السلطان وبوشنتوف والأحياء القريبة منه هي من الحدائق التاريخية لمدينة الدار البيضاء، حيث تم تصميمها في الفترة الممتدة ما بين سنة 1917 و 1927، على مساحة تقدر بأكثر من 17 هكتارا من قبل المهندس هنري برويست.
هذه الحديقة التي كانت ملاذا لأبناء درب السلطان لإظهار مهاراتهم في كرة القدم، كما شكلت مكانا رائعا يجد فيه الأطفال متعة اللعب بعيدا عن خطورة الأزقة وحركة السير.
هذه الحديقة الجميلة عاشت في الماضي عقودا من الإهمال ما أدى إلى إغلاقها سنوات عديدة قبل أن يعاد فتح أبوابها سنة 2011 ، بعد عملية إعادة ترميم استغرقت سنوات في إطار برنامج حدائق تاريخية.
وعندما نقف اليوم على أهم معالمها وما كانت تحويه من أشجار ونباتات وملاعب لكرة القدم والتي كانت في يوم من الأيام محطة تخرج منها كبار اللاعبين الذين شكلوا لعقود خلت أعمدة فريقي الرجاء والوداد البيضاويين، نكاد لا نصدق أعيننا من هول المشهد الكارثي التي أصبحت عليه الحديقة.
فعن أي إغلاق وترميم نتحدث؟ ومن يتحمل مسؤولية ذلك؟
فما إن تطأ قدميك الحديقة إلا وتقف على أطلال أصابها النسيان فنخرت وتآكلت بفعل مظاهر التعرية البشرية التي أصابتها سواء من قبل المسؤولين أو من قبل بعض المواطنين الذين ينقصهم الوعي بأهمية المحافظة على المناطق الخضراء والمطالبة بتحسينها.
مشاهد يندى لها الجبين وتشيب لها الولدان من هول الكارثة.
حديقة لارميطاج اليوم أصبحت مأوى للمجرمين والمنحرفين حيث كثرت حالات السرقة والاعتداءات على المواطنين في واضحة النهار في غياب تام لمظاهر الأمن التي من المفروض فيها السهر على توفير أجواء الحماية لمرتادي الحديقة من أبناء درب السلطان ، هذا بالإضافة لغياب حراس خاصين ،نهاهيك عن الحالة المزرية التي باتت عليها المغروسات من أشجار متآكلة وعشب تم تخريبه بما كسبت أيدي البعض،وكذا إهمال الجهات المسؤولة الموكول لها أمر تدبير الحديقة والسهر على حمايتها.
ومن المناظر المؤرقة أيضا الحالة التي أصبحت عليها البركة المائية والتي حولها الأطفال لمسبح مع افتقادها لمعايير الصحة والنظافة. كما أن مرافق الحديقة تعرضت للتكسير والتخريب في مشهد غريب زد على ذلك كثرة الأزبال والنفايات.
.لكن يبقى الخطر الكبير الذي يهدد الحديقة اليوم هو انتقال المهاجرين الأفارقة المرحلين من محطة أولاد زيان وما سينتج عنه من عبث واجرام وفساد وسرقة وترويع للمواطنين واسألوا سكان المناطق المجاورة للمحطة الطرقية عن معاناتهم سنوات مع الأفارقة وما تخلل ذلك من صدامات ونيران مشتعلة بين الفينة والأخرى.
اليوم لم تعد حديقة لارميطاج ذلك النموذج الحي الذي كان يفتخر به أبناء درب السلطان، ولم تعد ذلك المتنفس الذي تلتقي فيه مختلف الفئات لإبراز مواهبها كما كانت من قبل في مجالات الرياضة والفن.
ونحن نرصد الوضع من داخل الحديقة لنوصل للجهات المسؤولة والتي لا يغيب عنها ما آلت إليه نوجه نداء مستعجلا لحماية هذا الإرث التاريخي الذي كان من المفروض أن يصنف ضمن حدائق اليونيسكو لو لم تصبه أيادي الإهمال والعبث.
هي دعوة ونداء لننهض جميعا مواطنين ومسؤولين ليتحمل كل طرف من موقع مسؤوليته لنعيد عقارب الساعة لماضي الحديقة المشرق.
محمد باني ..فاعل جمعوي