قصص غريبة عن أبرز الشخصيات المؤثرة لسنة 2017..المتهكم
بشعر أشعت، اختلط فيه البياض بلون التراب ، اللون الاسود الصافي لا يكاد يطل عليك ولو بشعرة، و كأن كل شيء مبتعد عنه و لا يحق له الا القبر، ملا مح وجه توحي بسن أقرب أن يكون الى أرذل العمر، بالرغم من أنه لا يتجاوز سن الخامسة و الاربعين ،….يا لها من ملامح كاذبة!!!..
انت لا تحتاج لتتعمق أكثر في التفكير ،كل ما في الأمر أن الوضع والحالة وحدهما يخبرانك؛ أن” من كذب عليه الوطن والأخرون،حتى ملامح وجهه وتضاريس بدنه تتنكر له هي الاخرى و تكذب عليه“
بكتفين مقوسين من تحت قميص قديم ومتقادم ،و جسم نحيف ،ووجه لا ترسم و لا تليق به ابتسامة شبعان ،اللهم ابتسامة او ضحكة بين الفينة والأخرى لتختلط بالتجاعيد المرسومة على الوجه وتكشف لك عن ما تبقى من اسنان سود تطل كخراب اطلال لم يعد قابل للترميم ،يفرش الارض بقطعة بلاستيكية ،ويبعثر فوقها كتبه المعروضة للبيع أمام باب الكلية التي تخرج منها مند عشرون سنة، كل شيء فيه يحكي لك أنه يقف مكافحا و محاربا ضد مآسي وارهاصات الحياة ،..بينما هو لايحدث نفسه بنفس الطريقة التي تراه بها انت .
هو فقط كلما تذكر انه يقف مقاوما بعدما كان حالما …يمني النفس الا تراوده هاته الفكرة تانية ،بل ويكاد يخفيها حتى على نفسه ،و كأنه يخفيها عن حدس الاخرين،….لا شأن لهم بأحلام ماضيه فهو يعرف أن حاله لا يوحي و لا يفهم منه أن مثله كان له حلم كبيير!!!..لا يجادل و لايناقش احدا …بل لا يحاور، متقبل و متفهم لكل الاراء المعروضة عليه ..بل ويوازي أفكاره مع كل الافكار والأراء المطروحة في النقاش أمامه حتى تبدى وكأنها هي؛ كأنه يقرأ أفكار متكلميه ،حتى لا تكاد تفرق بين كم هو سادج،وكم هو مداهن ،أوكم يرانا نحن الجاهلون فيعرض علينا!!!!!! ،لكن الحقيقة التي يعرفها ويتبناها أن لكل فضاء اخلاقياته،لم يعد الكلام يجدي نفعا…كلما يقال في هذا الوطن هو من صرخة نملة،.. لا صوت لها ولا دوي، وإن سمع!!.. فاقرب حذاء كفيل بالدهس من غير أن يراها أويحس بها،….بين الفينة الأخرى يلوح بيده الى الخلف يتلمس كأس الشاي، يجره من قعره ،يتجرع رجفة منه ويبقي الباقي كأنه لا يريده أن ينتهي، يعيده مكانه ،و يتذكر أنه هو كذالك يجب أن يعود الى مكانه قبل أن ينتهي،الناس أولى بأن يستفيدوا من كفاءاته و مؤهلاته قبل أن يستفيد الدود من وجبة بدنه النحيف… عندما يسكن المكان بالهدوء ،يخفي ابتسامته التنكرية ويتنهد دون أن يراه أحد !!!! يكره أن يسأل عن ما به من أحد معارفه أو أصدقائه حتى لا يحشروا أنفسهم ،ليخلصوا في الأخير الى تسفيه ارائه و ما سيسمعونه منه ويقترحون عليه وجباتهم ومقاديرهم لانقاذه من وضعه المزري ،
يقول في نفسه “المشكل لا ما يفهمون ولا ما أقول ،
المشكل يعدوا أن يكون في نظرية التهكم التي أمارسها على الأخرين ،لاكنهم هم من تهكموا علي،وأقصوني حتى لم يعد لي رأي ولا قرار!!
،،!!ترى ماذا يقصد بنظرية التهكم تلك؟
هو يقصد بها أنه يخفي فهمه أمام الأخر ين،حتى يفهمهم.
هو يتبنى مبدأ “لا أفهم أمام الأخر ،لأسمع فهمه و أكون فهمته أكثر مما فهمني“
ترى لماذا وما الدافع هل هو في حرب؟
الدافع أنه عاش يتيما و فقيرا في مجتمعه وعشيرته ،و مقموعا ومهضوم الحقوق في وطنه،شيء طبيعي أن ينتابه شعور الدونية ،فكلما لم يجد ما ينتمي إليه وما يدافع عنه شعر أنه منبوذ و بحث عن الخلاص، لم يكن له مرجع سوى نفسه هي مأواه ومخلصه ، مند طفولته وهو يتهكم ، كلما تكلم أو فهم أمامه احد أو حاوره ،يعطيه هو حق الأستاذية حتى يكسب وده وحبه ،حتى يقدر أن يستغله هو كذالك في أن يحوز منه على لقمة يسد بها رمق جوعه،او هبة مالية ولو من دراهم علها تساعده في أن يتخطى عتبة أمية الكتابة والقراءة،!!..تعلمهاعادة و أصبح موهوبا ومتفننا بل وفنانا في أن يعطي للأخرون حق الأستاذية ،ويستعطفهم ليأخذ منهم حق الأدمية أو الانسانية المصطنعة ،بقي على حاله هكذا الى أن أكمل دراسته … تكرار هذا السلوك جعله ينسى من هو، يحس أنه يتمثل الأخرين ويجاريهم يصبح هم ،لكنه لايعدوا أن يكون هو.
بدأ يستفيق من سلوكه هذا ،و يحس بتأنيب ضمير اتجاه شخصه”انا والمجتمع اتفقنا على أن ندمر ونغيب شخصي“
ثم يستفيق أكثر بحديث لنفسه”انا وحدي من ظلمت نفسي“
وهو يسير متأملا في حاله،فإذا به يرى حائطا و تحته دابة،ثم فجأة بدأ الحائط يميل على الدابة، فما كان من الدابة إلا انها انخفضت و أخفضت ظهرها للحائط أكثر ،الدابة لم تقاوم الحائط وترجعه الى مكانه لكنها خفظت ظهرها أكثر للحائط و كأنها تطلب منه أن يعود لمكانه، فما كان من الحائط الا أنه تثاقل عليها أكثر الى أن كسر أظلاعها وقتلها.
“هذا بالضبط ما أنا فيه”حدث نفسه قائلا.
الحياة تفهم للأخر وليست تمثل ومجاملة لكل الأراء،انا حي مادمت ،اختلف واوافق،أما إن تمثلت الجميع فأنا شخص أمزق فسيفساء الحياة التي تبرز من خلال التنوع والاختلاف،فمن يتفق ويتقبل الجميع لا لأجل الأراءالتى تطرح أمامه ،بل لأجل تسوية حياتية يراها ضامنة لباقه في الحياة يكون أول الميتين.