تكنولوجيا

رحلة إلى الصحراء تكشف حقيقة الحدود المغربية

بقلم يوسف بناصرية

 مصعب المسعودي مواطن مغربي اعتاد كل سنة شد الرحال إلى إحدى المناطق التي تُبرز جمال المغرب وروعته، كأي شاب من ابناء جيله يختار السفر والمغامرة في العطلة الصيفية بعيدا عن ضجيج محيطه وأحداثه الروتينية ..

ولكن رحلة مصعب هذا العام من الرباط إلى الحدود المغربية- الموريتانية ب 0 درهم، اختلفت عن باقي الرحلات وتميزت عنها بكثير من الاحداث واللحظات المثيرة.. فما الهدف من هذه الرحلة ؟ وكيف تعامل مصعب مع "الأكل والمبيت والنقل" بعد ان انطلق بدون سنتيم واحد في جيبه ؟ وما هي الحقائق التي فاجأ بها مصعب المغاربة خلال رحلته إلى الحدود؟

أسئلة نجيب عليها في هذا المقال بعد تواصل مع الشاب مصعب، لتشكيل خلاصة عن رحلة تكشف حقيقة آخر نقطة في الوطن لا يعلمها الكثير من المغاربة.. انطلقت رحلة مصعب المسعودي بصفر درهم من العاصمة الرباط يوم السبت 16 يوليوز 2016، بهدف اكتشاف جنوب المغرب والبحث عن الذات إضافة الى تنمية القدرات والتعرف على عادات و تقاليد مغاربة الصحراء التي يتميز بها التنوع الثقافي المغربي..

رحلة قطعت حوالي 4200 كلم في اتجاه الحدود الجنوبية، مرورا بثلاثة وثلاثين مدينة وقرية استغرق فيها مصعب اكثر من شهر لبلوغ المركز الحدودي.. لم تكن رحلة سياحة واستجمام فقط، فرحلة الصفر درهم لا تكاد تخلو من العمل الشاق والمتاعب لضمان لقمة العيش؛ حيث اعتمد الشاب أثناء تنقله على العمل في المطاعم و المقاهي وجر صناديق السمك في الميناء لتغطية مصاريف الأكل وبعض الحاجيات البسيطة ليبلغ مدخوله 100 درهم دون النزول عن 30 درهم يوميا، وفي بعض الاحيان كرم المغاربة وسعة صدورهم يدفعه إلى ادخار المال مكتفيا بما يقدمه له الأهالي من طعام وشراب ..

وقضى مصعب رحلته بين المدن والقرى مشيا على الاقدام أو مستغلا تقنية "الأطوسطوب" والتي تتميز بالاشارة الى وسائل النقل على الطريق للوقوف ملتمسا المساعدة في الوصول إلى المحطة المقبلة دون دفع اي ثمن، وأما الليالي فكان يقضيها الشاب الرحالة إما في خيمته المتنقلة أو على متن الشاحنات وأحيانا في المدن يبيت بجانب مقهى.. وقد عرفت رحلة مصعب اكتشاف عادات وتقاليد متنوعة يتميز بها اهالي الصحراء، كما عرفت أيضا مشاركته في بعض الأنشطة التي يمارسها سكان البدو كان أبرزها الصيد بالكلاب السلوقية في البراري..

استمرت الرحلة 33 يوماً ومغاربة يتابعونها باهتمام عبر الفيسبوك، لتكشف لهم في اخر يومٍ، عن حقيقةٍ تخص الحدود المغربية ربما قَلَّ مَن يعلم بها أو سمِع عنها.. الأمر يتعلق بمدينة الكويرة.. يصل مصعب إلى المركز الحدودي الكركرات وهو آخر نقطة يبلغها المرء ببطاقة التعريف الوطنية؛ هناك حيث لا سكان ولا مرافق ولا مؤسسات، فقط يتواجد مقهى ومحل لصرف العُملات بالاضافة إلى محطة بنزين، تأتي الشاحنات لتمر عبر الجمارك وتذهب.. بعد وصوله يفاجئ الشاب الرحالة متابعيه عبر الفيسبوك، بأنه لا يَحِقُّ للمغربي دخول مدينة الكويرة إلا ومعه جاوز السفر، وكما وضح بواسطة فيديو نشره على صفحته الشخصية أنه لا يمكن دخول تلك المدينة التي تُعتبر مغربية إداريا إن لم تمر عبر الأرض المورتانية؛ حيث تتواجد طريقين فقط بعد المركز الحدودي: أما الأولى فتتجه مباشرة إلى العاصمة "نواكشوط"، والأخرى تتجه نحو مدينة الكويرة مرورا بمدينة نواديبو الموريتانية..

كما تعتبر المدينة المغربية إداريا خالية من السكان، ويشترك فيها الجيشان المغربي والموريتاني أما سوى العسكر فلا يتواجد إلا الحجر والقفار.. إضافة إلى هذه الحقيقة أطلع مصعب مغاربة الفيسبوك عن حقيقة أرض "قندهار" وهي عبارة عن 5 كلم من الطريق الغير معبدة بين الحدود المغربية والحدود الموريتانية تعتبر منطقة عازلة، يتم الترويج فيها لسيارات مستوردة من الخارج بعد اعادة صياغة اوراقها، لتُباع بثمن بخس، وهي ممنوعة في موريتانيا ومرخصة في المغرب لمدة ست اشهر.. وهذه الايام تعرف المنطقة صراعا بين قوات الجيش وتجار تلك السيارات في محاولة لطردهم.. بعد رحلة مليئة بالأحداث واللحظات الشيقة يطبعها الاستجمام والعمل الشاق، قضاها مصعب في الترحال بين المدن والقرى يعيش المغامرة كعادته..

بعد رحلة تميزت عن سابقاتها بمتابعة فيسبوكية لكل خطوة ولحظة تكشف حقيقة وتشارك معلومة.. هاهو مصعب يعود إلى دياره بعد ان حقق هدفه في تنمية المهارات والتعرف على الذات واكتشاف الصحراء وعادات أهاليها وتقاليدهم.. يعود مصعب ويحمل في جعبته الكثير من الحكايا لأصدقاءه وأهله عن رحلة الصفر درهم التي كشفت حقيقة الحدود المغربية والمليئة بالمغامرات..

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى