سياسة

موريتانيا بين الرباط والجزائر.. رسائل مزدوجة في ظرفية إقليمية دقيقة

في خطوة تحمل أبعادًا دبلوماسية لافتة، استقبل وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني، محمد أحمد ولد محمد الأمين، يوم أمس الثلاثاء، سفيري المغرب والجزائر بشكل منفصل، في لقاءين متتابعين احتضنتهما الوزارة وسط ظرفية إقليمية شديدة الحساسية، تتسم بتعقيدات جيوسياسية متسارعة في منطقة الساحل واستمرار القطيعة بين الجارتين المغاربيتين.

البيان الرسمي الصادر عن وزارة الداخلية الموريتانية اكتفى بالتأكيد على أن اللقاءين انصبا على ملفات التعاون ذات الصلة بقطاع الداخلية، دون تقديم أي تفاصيل إضافية، ما فتح الباب أمام قراءات متعددة تجاوزت الإطار الثنائي، ولامست السياق الأوسع المرتبط بالنزاع حول الصحراء المغربية والتحديات الأمنية المتفاقمة في الإقليم.

واعتبر متابعون أن تخصيص نفس اليوم لاستقبال السفيرين يعكس محاولة نواكشوط الحفاظ على توازن مدروس في علاقاتها مع الرباط والجزائر، دون المجازفة باتخاذ مواقف قد تُفسر كاصطفاف مع طرف دون الآخر، مع ملاحظة إشارات خفية إلى تقارب متصاعد مع المواقف المغربية في ملفات استراتيجية.

ويرى محللون أن هذا التوجه يندرج ضمن رؤية موريتانية أكثر براغماتية، تمليها حاجة البلاد إلى شراكات فعالة لمواجهة التحديات الأمنية، لا سيما في منطقة الساحل، وهو ما يفسر الانفتاح المتزايد على المغرب الذي يربطه بموريتانيا تنسيق متقدم في عدد من المجالات الحيوية.

وتشير بعض الأوساط الموريتانية إلى أن التحولات الجارية قد تتبلور على الأرض من خلال مشاريع ترابط حدودي، مثل ممر السمارة – بير أم كرين، بما يعزز التكامل الاقتصادي بين موريتانيا والأقاليم الجنوبية المغربية، ويعيد تشكيل الديناميات الحدودية على أسس واقعية جديدة.

غير أن هذا الانفتاح لا يعني القطيعة مع الجزائر، بحسب نفس المحللين، بل يُقرأ كجزء من سياسة خارجية متعددة الأبعاد تعتمد المرونة والتوازن، وهو ما يتجلى في حرص نواكشوط على استقبال السفيرين في توقيت متزامن، مع إبقاء مضمون المحادثات في نطاق تقني يتيح هامشًا للتأويل، دون الإضرار بعلاقاتها الثنائية مع أي طرف.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى