دولي

حرائق الغابات تفجع جزر هاواي

أسفرت حرائق الغابات المدمرة، التي اجتاحت جزر هاواي، عن مصرع أكثر من 110 أشخاص وعشرات المصابين والمفقودين، ما جعلها أسوأ كارثة طبيعية تشهدها تلك الجزر الأمريكية منذ أكثر من قرن، حولها إلى جحيم غير مسبوق.

ورغم بدء تراجع حدة الحرائق، إلا أن السلطات تحذر من أن “الرقم المحزن” للضحايا سيشهد ارتفاعا مؤكدا، مع استمرار عمل فرق البحث والإنقاذ، في مساحات من الأراضي المدمرة.

* فاجعة مدمرة

ووصفت جين مارياني بيلدينغ، التي ولدت ونشأت في هاواي وتعتبرها أكثر من مجرد مكان سياحي، للأناضول ما حدث في موطنها مدينة لاهينا بأنه “أمر مفجع للغاية”.

وقالت إن سكان هاواي الغنية بالتاريخ والثقافات “دمرهم الخسائر في الأرواح والمباني التاريخية”.

بيد أنها في المقابل، أعربت عن تفاؤلها وثقتها في قدرة سكان هاواي على “التعافي وإعادة البناء بعد الكارثة”.

وأضافت: “يعرف سكان هاواي كيف يدعمون بعضهم البعض، هم يتمتعون بالقوة ومرونة الطباع”.

وتعيش بيلدينغ في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، إلا أنها كثيرا ما تزور موطنها الأصلي في جزر هاواي.

وبدأت حرائق الغابات في الاشتعال منذ أسبوع في مدينة لاهينا التاريخية بجزيرة ماوي التابعة لولاية هاواي، تغذيها الرياح القوية التي تجاوزت (96 كيلومترًا في الساعة) والمصاحبة لإعصار “دورا” في المحيط الهادئ وكلها نتيجة لتغير المناخ العالمي.

وقال الخبراء إن هذه العواصف ساهمت بقوة في الانتشار السريع للحرائق.

*جحيم مصدره الطبيعة

وفي هذا الشأن، أوضح زونغ ليانغ يانغ، الأستاذ في مدرسة جاكسون لعلوم الأرض بجامعة تكساس بمدينة أوستن أن الرياح المصاحبة لإعصار “دورا” هي التي غزت وأججت حرائق هاواي خلال مراحل تطورها الأولى.

وقال للأناضول: “الرياح القوية المصاحبة لإعصار دورا كانت تهب في نفس اتجاه الرياح التجارية (يطلق عليها هذا الاسم لأن التجار كانوا يستفيدون منها بتحريك السفن التجارية) نحو ماوي – من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي – ما ساهم في تغذية وإشعال حرائق الغابات”.

ووفقا ليانغ، تهب الرياح التجارية بالأخص في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي. ويكون الاتجاه السائد للرياح التجارية في نصف الكرة الشمالي هو الشمال الشرقي، أما في نصف الكرة الجنوبي فاتجاهها السائد هو الجنوب الشرقي.

وأضاف يانغ أن قوى الطبيعة أحدثت فرقا عند اندلاع حرائق هاواي، مشيرا إلى أن “كلا المجموعتين من الرياح (التجارية) كانت تهب في نفس الاتجاه، وتوحدت قواها ما ساعد على انتشار النيران خارج نطاق السيطرة”.

* ظروف مواتية للحرائق

بالإضافة إلى ذلك، قال يانغ إن “الظروف الطوبوغرافية (تمثيل لسطح الأرض بعناصره الطبيعية والبشرية) وما رافقها من مناخ جاف في جزيرة ماوي، ساهما بإشعال حرائق خارج نطاق السيطرة”.

وأشار إلى أن هناك اعتقاد بأن هاواي غابة مطيرة تتمتع بمناخ رطب كونها محاطة بالمحيطات، لكنه أكد أن هذا الاعتقاد ليس دائما “لأن ظروف الطقس تتأثر بالتضاريس”.

ولفت إلى أن مدينة لاهينا تقع على الجانب المواجه للريح من الجبال، ما يعني أن الرياح تتسلق الجبال وتهب على المنحدرات.

وأردف: “عندما تهب الرياح على المنحدرات، يصبح الهواء أكثر إحكاما وينتج عنه درجات حرارة أعلى وأكثر جفافا، وبناء عليه فإن هذا الموقع في ماوي دائما ما يكون جافا على مدار العام”.

ووصف الخبير في علوم الأرض أنه عند اندلاع الحرائق الأخيرة ” كان مناخ هاواي أكثر جفافا وسخونة بشكل غير مسبوق، مقارنة بأي وقت مضى”، في إشارة إلى درجات الحرارة العالمية الحارقة الحالية.

وأكد أن “تغير المناخ والاحتباس الحراري ساعدا بالتأكيد على تفاقم حرائق غابات هاواي المدمرة”.

واستدرك: “في المجتمع العلمي، كان تغير المناخ والاحتباس الحراري في مقدمة اهتماماتنا”.

وعلى هذا النحو، ذكّر خلال حديثه للأناضول بتحذيرات العلماء من ارتفاع درجة حرارة المناخ وموجات الحر منذ 20 عامًا ، وتداعيات هذه الظروف المتدهورة التي تزيد من حدة العواصف وفرص اندلاع حرائق الغابات وانتشارها.

* حرائق منتظرة

وفي السياق، حذر يانغ من أن حرائق الغابات في هاواي ستندلع مستقبلا بوتيرة منتظمة، تماما كما أصبحت أكثر تكرارا في ولايات أمريكية، مثل كاليفورنيا وواشنطن وكولورادو.

وفي معرض تعليقه على حرائق الغابات التي شهدتها كندا مؤخرا، قال إن “فرص اندلاع الحرائق في أنحاء العالم ستزداد بسبب الوضع الحالي للمناخ العالمي”.

وخلص يانغ أن “الحرارة والرياح والجفاف، تخلق ظروف مواتية لاندلاع الحرائق”.

وقال: “بعبارة أخرى الهواء الجاف، والأرض الجافة، وبضعة أسابيع من درجات الحرارة المرتفعة، جميعها ظروف مواتية لإشعال الحرائق المفجعة”.

وشدد يانغ على “ضرورة بقاء الناس متيقظين في هذه الموقف، كون الأحوال الجوية والمناخية مواتية لاندلاع الحرائق”.

وكالات

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى