الأسس الايمانية للقيم والأخلاق عنوان المحاضرة الافتتاحية لفعاليات الدورة الثانية لسفراء مكارم
تحت شعار: “الأسرة وبناء مجتمع القيم الإنسانية”، افتتح المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري ومقره بلندن، يومه الجمعة14 شوال 1444هـ الموافق 05ماي 2023م،أشغال الدورة الثانية لسفراء المكارم دورة فطرة 2023 على الساعة الخامسة بالتوقيت الدولي، الثامنة بتوقيت مكة المكرمة، والتي ينظمها بشراكة مع مجموعة من المؤسسات البحثية ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بمجال القيم والأخلاق، والمنابرالإعلاميةالراعية، في الفترة الممتدة من 05 إلى 28 ماي 2023،من أجل عالم انساني متراحم.
استهلت الدكتورة صباح العمراني -بعد الجلسة الإفتتاحية – أشغال الدورة بمحاضرة افتتاحية استضافت من خلالها الدكتور محمد المختار الشنقيطي في موضوع:“الأسس الايمانية للقيم والأخلاق”. فبعد كلمتهاالترحيبية بالحضور الكريم عبر تقنية التناظر عن بعد بمنصة زوم، وأيضا بالشركاء والمنابر الإعلامية، وبالضيف الكريم الدكتورالشنقيطي: بسطت للموضوع بتقديم حول مركزية مسألة القيم والأخلاق وأهميتها قديما وحديثا، وراهنيتها في ظل ما يعرفه العالم من متغيرات،لتنقل الكلمة بعدها مباشرة للضيف الدكتور محمد المختار الشنقطي الذي جاء حديثه حول الموضوع من خلال ثلاث محاور جاءت كالتالي:
أولا: منظوران ومنهجان متناقضان حول موضوع الأخلاق لهما مقتضياتهما
المنظرو الأول: متعلق بالإخلاد إلى الأرض والإخلاص للحياة الأرضية
المنظور الثاني: التعلق بالسماء والسعي إلى الحياة الأبدية
و خلص الدكتور الشنقيطي من خلال المقارنة بينهما إلى الهشاشة التي يتسم بها المنظور المادي الإلحادي من الناحية الأخلاقية، حيث أنه -كما يقول-: “من المستحيل بناء أخلاق صلبة بناء على منظور مادي للحياة والكون والإنسان” مستشهدا بأقوال فلاسفة وملاحدة غربيين.ويضيف: “لأن الحياة الإلحادية المادية لا يمكن أن تقوم عليها أخلاق صلبة لأن الأرضية الأخلاقية المنطلقة من عدم الإيمان هي أرضية رخوة”، والملاحدة لا يستطعون تسويغ الأخلاق بنظرية صلبة بخلاف المنظور الإيماني، بالتالي “العيش في حياة أنانية ونرجسية بعيدة عن الأخلاق ومحبة الغير” كما يقول الدكتور الشنقيطي.
وحول المنظور الإيماني للأخلاق يرى الدكتور أنها (أي الأخلاق): مسوغة من خلال التكريم والإستخلاف الإلهي، فقد جعل الله تعالى الإنسان غاية وغيره وسائل من منطلق التسخير الإلهي. وأن هذه الأخلاق مطبوعة في الإنسان وفطرية فيه، وتولد معه. مستشهدا بقوله تعالى: ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) سورة الشمس/ 15. وهذا وحي، والوحي يقول الدكتور: “نور يؤكد نور الفطرة”.
ثانيا: الفارق بين الأخلاق الإلحادية والأخلاق الايمانية
ذكر الدكتور في محاضرته أن هناك فارقا شاسعا بين كلا المنظورين للأخلاق وهو:
-أن الأخلاق الإلحادية ميزاجية ليس لها قيمة موضوعية لأنها قائمة على أساس رخو بسبب نظرتها المادية للحياة والانسان والكون، بينما الأخلاق الإيمانية في أصالتها قانون عام قائم على أساس صلب يرفض كل انتقائية أو ميزاجية،
-أن الأخلاق الايمانية تقوم على ثلاث مستويات للمسؤولية هي بمثابة أصوار متينة للصيانة:
+ مسؤولية أخلاقية شخصية: أي سلطة الضمير وهي تهم الشخص في ذاته،
+مسؤولية المجتمع على عمومه أي: سلطة المجتمع في دفع الشر والفواحش والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
+مسؤولية قانونية أي: سلطة الدولة والتي توجب الإلتزام بالأخلاق.
-أن فلسفة الأخلاق بالمنظور المادي فلسفة ازدواجية تراعي المنافع والمفاسد، أما المنظور الايماني فلسفته الأخلاقية فلسفة تركيبية ذات أبعاد متعددة، فلسفةمصلحية تراعي المنافع والمآلات والمقاصد والغايات، وأيضا هي فلسفة تعاقدية تراعي الوفاءبالعقود بمرونة وتستحضر الزمان والمكان.
ثالثا: مقارنة الفسفة الايمانية الأخلاقية بالمذاهب الفلسفية المعاصرة
خلص الدكتور الشنقيطي في هذا العنصر من خلال مقارنته بين المذاهب الغربية ( المذهب المبدئي والمذهب النفعي والمذهب التعاقدي والمذهب النسبي ) والمذهب الايماني في موضوع الأخلاق إلى بيان أن: الأخلاق نعم هي مبدئية؛ ولكن ايمانيا هي أكثر مرونة في التشريع، وأن الأخلاق تتفاوت من حيث جلب المنفعة أو المضرة بحسب السياق والمصلحة، وأيضا أكد على تميز الإسلام في ضرورة الوفاء بالعقود لا التعامل بالمثل، وأخيرا على أن الإسلام هو المشرع للأخلاق لكن مع مساحة للمسلم للتشريع الأخلاقي ضمن اطار الوحي.
ليختم الدكتور الشنقيطي محاضرته بالدعوةإلى انقاذ السفينة البشرية من الغرق وذلك بخلق وبعث الأخلاق في نفوس الأجيال القادمة، وبالتأكيد على أن الأخلاق الصلبة الحقيقية هي التي تقوم على أسس ايمانية وأن الإلحاد وانهيار الأسس الايميانية هو أكبر خطر على الأخلاق. ليفتح بعد ذلك باب المناقشة والأجوبة على أسئلة الحضور والمشاهدين.