يونس مجاهد..بالفصيح ..القفز نحو المستقبل
وضع تقرير النموذج التنموي الجديد، بشكل مختصر ومركز، الأسس القوية لمعالجة إشكاليات الصحافة والإعلام، في أفق يتجاوز الإطار التقليدي الحالي، من أجل القفز خطوات نحو المستقبل، ليس بهدف التجديد والتحديث، فحسب، بل من أجل البقاء، أيضا.
إن التحول الرقمي قدر محتوم على البشرية جمعاء، وسيحدث إنقلابا شاملا في كل مناحي الحياة، ومنها الصحافة والإعلام، فقد تستمر الصحافة الورقية، مثلا، لكنها لن تشكل إلا أداة إعلامية صغيرة، أمام العملاق الرقمي، الذي ينتج باستمرار أدوات جديدة، لا يمكن تجاهلها، وهذا ما أكده التقرير المذكور.
يعتبر التقرير أن على الدولة مواكبة دينامية التحول الرقمي لوسائل الإعلام، ودعمها في البحث عن نموذج إقتصادي مطبوع بالإبتكار والديمومة، بهدف خلق قطاع ينتج الجودة ويساهم في إشعاع المغرب، على المستوى الدولي وتقوية السيادة الوطنية في مجال إنتاج الخبر والمحتوى الرقمي. ووضع لكل هذه الأهداف شروط اعتماد الحكامة ومراجعة طرق التمويل، وربط بين الثقافة والصناعة الإعلامية على المستويين الوطني والمحلي.
لتفعيل هذه الغايات الكبرى، من الحتمي أن يتم ذلك في حوار بين الدولة والفاعلين في قطاعات الصحافة والإعلام والثقافة، من أجل النجاح في إحداث قفزة نوعية، لن تكون سهلة، حتى تندمج هذه القطاعات في الدينامية الرقمية المنشودة، وحتى تخرج بلادنا من الأزمة المركبة التي تعيشها في مختلف هذه المجالات.
لا يمكن بناء مغرب الغد، بالنموذج الحالي الذي يسود قطاعات الصحافة والإعلام والثقافة، ويكفى أن نلقي نظرة سريعة على بنياتها وهياكل أغلب المقاولات والمؤسسات، حتى ندرك عمق الأزمة، ومن بين ملامحها ما نسجله في قطاع الصحافة الورقية والرقمية، الذي يعيش أوضاعا صعبة، حيث يتراجع الورقي، في مجمله، إلى مبيعات يومية لا تتجاوز 38 ألف نسخة، كما أن الرقمي يعيش في ظل هشاشة واضحة، حيث أن حوالي نصف “مقاولاته” تتشكل من شخص واحد.
إذا كان تقرير النموذج التنموي الجديد يعتبر أن بلادنا في حاجة ماسة لإحداث صناعة إعلامية، قادرة على المنافسة الدولية، فهذا لا يمكن أن يتم بالبنيات الحالية، خاصة في قطاع الصحافة الورقية والرقمية، وهو ما يحتم الشروع في حوار جدي للإتفاق على خارطة طريق تقود هذا القطاع نحو المستقبل.