المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعلن عن ملاحظاته بخصوص محاكمة سليمان الريسوني وعمر الراضي
أصدر المجلس الوطني لحقوق الانسان، وثيقة تضمنت ملاحظاته بخصوص محاكمة الصحفيين سليمان الريسوني وعمر الراضي، وفيما يلي تقرير المجلس:
ملاحظات أولية مشتركة
▪ احترام شرط العلنية في المحاكمتين؛
▪ استفاء مسطرتي الاعتقال المقتضيات القانونية طبقا للمسطرة الجنائية؛
▪ تقديم دفاعا المتهمين بطلب إجراء المحاكمتين حضوريا، وهو الطلب الذي تجاوبت معه المحكمة؛
▪ إحترام الآجل المعقولة في المحاكمتين؛
▪ إشعار المتهمان بالتهم الموجهة إلى كل منهما، وتمكن كل واحد منهما من الاتصال بمحام من اختياره، وتمكينهما من الوقت والتسهيلات اللازمة لإعداد الدفاع. كما استجابت المحكمة لطلبات التأجيل المتعددة التي قدمها دفاع كل متهم على حدة من أجل تحضير المحاكمتين.
ملاحظات أولية بشأن محاكمة السيد سليمان الريسوني
▪ حضر السيد الريسوني الجلسات السبعة الأولى من محاكمته، إلى غاية الجلسة المنعقدة بتاريخ 15 يونيو 2021، ثم امتنع بعد ذلك عن المثول أمام المحكمة خلال الجلسات اللاحقة، مبررًا هذا الغياب بحالته الصحية، لتقرر المحكمة، التي اعتبرت أن مبررات عدم مثوله أمامها غير مقبولة، مباشرة المحاكمة بحضور الدفاع فقط وفي غيبة المتهم بعد إنذاره، كما هو محرر في محضر الشرطة القضائية الذي اطلع عليه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وفقا لمقتضيات المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية؛
▪ أعلن الدفاع انسحابه من الجلسة عقب قرار المحكمة مواصلة المحاكمة في ظل الغياب غير المبرر للمتهم. وبناء على هذا القرار أمر القاضي، في إطار إجراءات المساعدة القضائية، بتمكين المتهم من محامين لمؤازرته، وهو ما تمكن المجلس الوطني لحقوق الإنسان من التحقق منه. وفي هذا الإطار، عين السيد نقيب هيئة الدار البيضاء ثلاثة محامين، غير أن هيئة دفاع المتهم أعلنت أنها لم تسحب مؤازرتها، لينتفي بذلك سبب استفادة السيد الريسوني من المساعدة القضائية.
وقد جدد الدفاع طلب إحضار المتهم وهو ما رفضته المحكمة، ليعلن الدفاع مرة أخرى انسحابه من الجلسة.
لم ينتج عن هذا الانسحاب أي أثر قانوني بموجب قانون تنظيم مهنة المحاماة، لذلك قررت المحكمة مواصلة الجلسة؛
▪ رغم طلب الدفاع، تشبثت المحكمة بقرار مباشرة المحاكمة في غيبة المتهم، قياسا لأحكام المادتين 443 و446 من قانون المسطرة الجنائية؛
▪ لم يُستدعى المتهم لجلسات المحاكمة اللاحقة، بعد تشبثت المحكمة بقرارها بناء على أحكام المادة 423 من قانون المسطرة الجنائية. وإعمالا لأحكام هذه المادة، كان السيد الريسوني يطلع، بزنزانته، على مضمون محضر كل جلسة من خلال كاتب الضبط؛
▪ أمر قاضي التحقيق بإجراء خبرة على التسجيل الذي قدمه المشتكي، ثم أدرج بعد ذلك التسجيل المذكور في الملف؛
▪ بتاريخ 9 يوليوز 2021 وجهت المحكمة للسيد الريسوني الأمر بحضور جلسة النطق بالحكم، كما تأكد من ذلك المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وأمام رفضه، صدر الحكم في غيبته، لينتقل عنده بعد ذلك كاتب ضبط الجلسة لتلاوة منطوق قرار المحكمة.
ملاحظات أولية بشأن محاكمة السيد عمر الراضي
▪ أمام الدفوعات الشكلية التي قدمها الدفاع بشأن مسألة عدم التوقيع على المحضر أثناء الاستماع للمتهمين من قبل الدرك الملكي، ردت النيابة العامة بأن المسطرة كانت سليمة، وفقًا لأحكام الظهير الشريف رقم 1.57.280، التي تنص على تدوين تصريحات أي شخص يجري الاستماع إليه في “كناش التصريحات”، الذي يتضمن توقيعات الأشخاص الذين يجري الاستماع إليهم؛
▪ لم يطعن الدفاع في مضمون التصريحات المدونة في الكناش المذكور؛
▪ طلب الدفاع مثول شهود سبق استجوابهم من قبل قاضي التحقيق، وهو الطلب الذي رفضته المحكمة، مستحضرة اجتهادا لمحكمة النقض يفيد بأن المحكمة غير ملزمة باستدعاء شهود سبق مثولهم أمام قاضي التحقيق بعد أدائهم اليمين القانونية (قرار عدد 283 في الملف عدد 19016/99 الصادر بتاريخ 3/2/2000)؛
▪ على الرغم من أن الوكيل العام استمع للمشتكية فور تقديم شكايتها، إلا أنه لم يكن هناك أي طلب لإجراء فحص للتأكد من حالتها الصحية وتوثيقها؛
▪ بناء على طلب الطرف المدني، انعقدت جلستان مغلقتان من ضمن جلسات المحاكمة؛
على الرغم من أن المحاكمتين الملاحظتين أجريتا وفق القانون وأحكام الفصل 110 من الدستور الذي بموجبه “لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون. ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون”، يرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على ضوء ملاحظاته الأولية المذكورة، أن هناك عناصر تطرح تساؤلات في سياق هاتين المحاكمتين، ليست لا خاصة بهاتين القضيتين ولا مرتبطة حصريا بهما، بل هي عناصر ناجمة عن نواقص وفجوات في القانون، لا سيما قانون المسطرة الجنائية في علاقته مع المعايير الدولية؛ فهاتين القضيتين لا تمثلان سوى دراستي حالة حول عدم مطابقة مقتضيات من القانون المذكور مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المرتبطة بالمحاكمة العادلة، ولا سيما الفصل 120 من دستور المملكة والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل النقطة (ه) من فقرتها الثالثة حق المتهم في “أن يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام”.
ويذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا السياق بأنه يوصَى، وفقًا للمعايير الدولية في هذا الشأن، بالاستماع في ظروف معينة للإفادات التي يتم الإدلاء بها أمام المحكمة، بالإضافة إلى الإفادات التي يتم الإدلاء بها أثناء مرحلة التحقيق، وذلك من أجل تشجيع الشهود على الإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة في جلسة علنية.
وفي الأخير، يؤكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن التكفل القضائي بضحايا الجرائم والجنح الجنسية يشمل الرعاية الطبية والنفسية للضحايا، إعمالا للفصل 117 من دستور المملكة، الذي ينص على أن القاضي يتولى “حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون.”
ويدرك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بصفته مؤسسة دستورية وطنية لحقوق الإنسان، ما تمثله مثل هذه القضايا، على غرار قضايا سابقة، بالنسبة لحقوق المتقاضيات والمتقاضين في بلادنا؛ ووفقًا لولايتها:
– يخبر الرأي العام بانشغاله العميق بكيفية معالجة القضايا المتعلقة بالعنف الجنسي في مجتمعنا، بشكل يخالف مبادئ وقيم وثقافة حقوق الإنسان؛
– يدين بشدة حملة التشهير والتحرش والتحقير، المُسْتَعِرة وغير المسبوقة، التي كان ضحيتها المشتكية والمشتكي في هاتين القضيتين، فضلا عن القذف والاعتداء والتهديدات المتكررة التي مست بكرامتهما وعرضت سلامتهما وصحتهما ورفاههما للخطر؛
– يشعر الرأي العام بمعاينته لانتشار قدر كبير من المعلومات الخاطئة وغير المدققة بشأن هاتين القضيتين، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي؛
– يجدد توصيته بتجريم خطاب التشهير والتمييز والتحريض على الكراهية والعنف وعلى توصيته المتعلقة بوضع إطار قانوني مناسب لمكافحة المعلومات المضللة و”الأخبار الزائفة”؛
– يذكّر بأن تصدير دستور المملكة والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحظران تعرض أي شخص لأي شكل من أشكال التمييز أو الاضطهاد بسبب الجنس أو الهوية أو الانتماء الاجتماعي أو الرأي، خاصة بغرض ترهيبه أو إجباره على الصمت؛
– يشدد على تذكير الرأي العام على أنه لا المهنة ولا الشهرة ولا العلاقات ولا حتى آراء المعنيين، يمكن أن تشكل بمفردها عناصر لتأكيد أو نفي تهم بارتكاب جرائم و/أو جنح؛ كما لا ينبغي لها، بأي حال من الأحوال، المس بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون الذي يكفله الفصل السادس من الدستور؛
– يدعو هيئة العدالة إلى ضمان تحكيم المقتضيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية، عندما ترى ذلك مناسبا، إلى حين ملائمة قوانين المملكة مع المعايير الدولية وأحكام الدستور، كما ينص على ذلك تصدير الدستور؛
– يوصي بتمكينه من حضور الجلسات المغلقة خلال المحاكمات التي يقوم بملاحظتها؛
– يذكر بتوصيته المتعلقة بملائمة قانون الدرك الملكي مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المتعلقة بتوقيع المحاضر؛
– يجدد التأكيد على التوصية الواردة في تقريره السنوي برسم سنة 2020 المتعلقة بضرورة تمسك المحامين بحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تعترف بها القوانين الوطنية والدولية، وأن تكون تصرفاتهم في جميع الأحوال متماشية مع القانون والمعايير المعترف بها وأخلاقيات المهنة؛ وتغليب حقوق الأطراف ورفاهيتهم كمصلحة عليا، كما تكرس ذلك المبادئ الأساسية المتعلقة بدور المحامين؛
– يوصي بإخضاع جميع القرارات المتعلقة بالحرمان من الحرية لمراجعة قضائية مستقلة، وفقا للمعايير الدولية في هذا الشأن؛
– يجدد التأكيد على توصيته المتعلقة بمصادقة البرلمان، في أقرب الآجال، على إصلاح القانون الجنائي وتكريس مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب وتوقع مآلات تطبيق القوانين (la prévisibilité de la loi)؛
– يجدد التأكيد على توصياته بشأن مراجعة الباب الثامن من القانون الجنائي وخاصة تعديل المادة 468 والمواد من 489 إلى 493 وتوصيته بجعل الرضى أساس التشريع المتعلق بالجرائم والجنح ذات الطابع الجنسي، كما يجدد التأكيد على دعوته إلى جعل المكافحة الفعلية والفعالة لإفلات مرتكبي أشكال الاعتداء والعنف الجنسي من العقاب قاعدة رادعة؛
– يدعو النيابة العامة إلى تسريع جهود عقلنة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي؛
– يدعو لإعمال تدابير حماية الضحايا طبقا لمقتضيات القانون رقم 103.13 ولإعمال تدابير حماية الضحايا والشهود والمبلغين طبقا للقانون رقم 37.10؛
– يؤكد على ضرورة وضع آلية للتكفل الطبي والنفسي والقانوني لضحايا أشكال الاعتداء والعنف الجنسي؛
– يخبر المواطنات والمواطنين وكذلك الفاعلين المؤسساتيين وغير المؤسساتيين بأنه يعتزم خلال الأشهر القادمة نشر مذكرته حول إصلاح قانون المسطرة الجنائية، الذي يعتبره المجلس إصلاحا مستعجلا وضروريا؛
– يذكر بمختلف توصياته، خاصة المتضمنة في تقريره السنوي برسم سنة 2019، المتعلقة بضرورة احترام المعطيات ذات الطابع الشخصي؛
– يخبر الرأي العام أنه سيواصل تتبع ظروف اعتقال المعنيين وملاحظة محاكمتيهما في مرحلة الاستئناف، والعمل على إخبار الرأي العام بأي تطور، وكل ما كان ذلك ضروريًا، وفقًا لاختصاصاته وولايته.