سياسة

دفاع معتقلي الريف يراسلون الوزير للاحتجاج على اقصاء موكليهم

وجه دفاع معتقلوا حراك الريف رسالة مفتوحة الى وزير العدل محتجين على استثناء مكوليهم من العفو ومطالبين بالحَق في الصحة والسلامَة دون تمْییز، والحق في الحصُول على المَعلومة، متسائلين عن حرمان مُوكليهم من قبل لجْنة العفو لإنقاذهم من جَحیم خَطر الوباء بالمسَاواة ودُون تمییز.

واليكم نص الرسالة الموجهة لوزير العدل :

“نكتب إلیكم، بصفتكم رئیسا للجنة العفو، وباسم مُوكلینا المعتقلین السیاسیین المحكومین ابتدائیا و استئنافیا من قبل محكمة الجنایات بالدار البیضاء، في القضیة السیاسیة الكبرى المعروفة بقضیة حراك الریف ، بما نتحمله من مسؤولیة مهنیة للدفاع عنهم من أجل كل حقوقهم، ومنها حقهم الأساسي في الصحة والسلامة الإنسانیة، والحرص على حقوقهم كمواطنین في عدم تعرضهم لأي تهدید أوخطر قد یأتي في كل وقت وحین دون علم أحد أو استئذان مسبق.
بالطبع، نعلم كلنا، أنه اجتاح بلدنا فیروس كوفید 19 منذ شهر مارس، وحلت به هذه المُصیبة المُدمرة والقاتلة والتي لا زالت والى الیوم تتحدى دول العالم وكل ما وصل إلیه الإنسان من علم وطب وتكنولوجیا ومعرفة، وتنشر الموت والرعب والخوف في ربوع الدنیا دون حدود، لا تفرق بین رجل وامرأة، غني ولا فقیر ولا حاكم ولا محكوم.
ولم یسبق من قبل، أن تجند المغرب بمؤسساته وبشرائحه الاجتماعية المختلفة، وتعبأ بقوة وبشكل كبیر وفي جو من التضامن والتواصل والالتحام العام من أجل التصدي للفیروس ومحاصرته والوقایة من سیطرته وزحفه بغیة وقفه، مثل ما عبر عنه في هذه الفترة وبشكل یثیر الإعجاب والاحترام.
ولما كان الجمیع مواطنین ومسؤولین، أدركوا أنهم أمام خطر الفناء متساوون، فقد انتبهوا ونبهوا أن أكبر وسیلة أنجَعَ للوقایة هي الاعتزال و الخلوة وتجنب الاختلاط و استعمال وسائل النظافة بشكل مستمر وغیر ذلك من التدابیر ، و هذا ما دفع بالعدید من الهیئات المدنیة والحقوقیة والقانونیة والإعلامیة وعدد من الفعالیات المختلفة، ومنذ بدایة الوباء، التفكیر في شریحة محتجزة لا حریة لها في الحركة أو في اتخاذ القرار، وهي شریحة المواطنین المتواجدین بالسجون من المعتقلین، حیث وجهوا النداءات والمذكرات والمناشدات للسلطات السیاسیة والقضائیة وللمؤسسات المختلفة ومنها وزارتكم والمندوبیة العامة لإدارة السجون ورئاسة النیابة العامة، وألَحوا بشدة على ضرورة الإفراج عن العدید منهم تقدیرًا لخطورة حالات السجون من حیث الاكتظاظ ومن حیث سهولة وسرعة تسرب الوباء إلیها ولِوسَط عَشرات الآلاف من النزلاء، مما سَیعود بالكارثة الإنسانیة على أكثر من ثمانین ألف سجین لا قدرالله، رَغما عن المبادرات التي اتخذتها المندوبیة العامة بحثا عن الوقایة والحیلولة دون نقل العدوى للسجناء ولموظفي السجون.
و عقب قرار العفو الملكي عن عدد من السجناء والسجینات والذي نُقَدر وَقعَه ونحیي أهَمیته في هذا الظرف على السجناء وعلى ذویهم، والذي تجاوب مع مطلب مجتمعي متعدد الأصوات لإنقاذ السجون والإفراج عن بعض نزلائها، عقب ذلك أصدرت وزارتكم بتاریخ 4 أبریل 2020 ، بلاغًا أعلنت فیه الخبر، موضحة أن تمتیع المفرج عنهم بالعفو فرضته ضرورة وقایة المؤسسات السجنیة من خطر انتشار فیروس كوفید 19 ، وان انتقاء اللائحة خضع لمعاییر موضوعیة ومضبوطة أخذت بالاعتبار عوامل اربعة وهي:
1- عامل السن، 2- والوضع الصحي، 3- والمدة، 4- والسلوك،
وبالرغم من ذلك فقد استثنت لجنة العفو التي ترأسونها طبقا للمادة 10 من ظهیر العفو لسنة 1958 ، اسماء موكلینا من الاستفادة من العفو، بالرغم من أن الاعتبارات كلها والمقاییس المعتمدة لاختیار المستفیدین تنطبق علیهم دون استثناء، علما بأن تلك المعاییر هي من اختیار أعضاء اللجنة دون استناد لنص، ولا یدري أحَد كیف وقفوا عندها فقط و لم یفكروا في معاییر أخرى ربما تتمیز بموضوعیة أكبر مثل طبیعة الملفات سواء سیاسیة أو صحفیة أو رأي.
السید الوزیر،
إننا نتساءل ونسألكم مع بقیة اعضاء اللجنة تسع أسئلة أساسیة لفهم ما وراء إقصاء موكلینا: 1/ هل أن خطر الوباء بالسجون لا یعني موكلینا كما یعني كل سجین مقیم بها؟
2/ وهل كوفید 19 أخبر اللجنة أنه لن یتسرب لزنازنهم وأن بقائهم بالاعتقال لا یشكل تهدیدا لحیاتهم ولسلامتهم؟
3/وهل یُفهم من استثناء موكلینا من قبل لجنة العفو، یعني تركهم في عزلتهم وأمام مصیرهم
المجهول وحدهم مع خطر وقوع الإصابة عقابا جدیدا لهم؟
4/ وهل أن لجنة العفو كان لدیها رأي و موقف مسبق منهم كلهم وقررت بالتالي عدم الإلتفات إلیهم و دراسة حالتهم والبحث هل أن المعاییر التي وردت ببلاغ وزارتكم لا تنطبق علیهم ؟
5/ وهل فكرت لجنة العفو على الأقل في مَن مِنهم مَحكوم بجنح أو فِي من اقتربت عقوبتهم وأوشكت على النهایة ؟
6/ وهل اطلعت لجنة العفو على الملفات الطبیة للمرضى من موكلینا المتوفرة لدى المندوبیة العامة لمعرفة من یحمل منهم أمراضا أو أعراضا مرضیة مزمنة: مرض الأمعاء والبواسیر والأعصاب، القلب وغیرها، والذین یُصَارعون تهدیداتها یومیا ومنذ سنوات؟
7/ ولماذا قررت اللجنة التي حددت المعاییر التي اعتمدتها في سریة، حصر لائحة ضمت أكثر من خمسة آلاف سجین وعدم تطبیقها على موكلینا احترامًا لمبدأ المساواة وتجنبا لكل تمییز وإعمَالا لقواعد الحِیاد حتى یستفیدوا من فرصة سمح بها القانون تسمح لهم استعادة حریتهم؟
8/ وهل یمكن القول بأن لجنة العفو تعرضت مثلا لضغط او تلقت إشارات أو اتخذت موقفا ذاتیا أو سیاسیا قررت معه استبعاد دراسة حالة موكلینا وعدم تسجيل أي واحد منهم باللائحة؟
9/ وهل تساءلت اللجنة كیف سیرَى ویتلقى الرأي العام ومعه موكلونا وعائلاتهم قرارها الإقصائي، وكیف سیقدرون أبعَادَه وتداعیاته وما قد یتسبب فیه من مخاطر علیهم بالسجن وعلى صحتهم وعلى سلامتهم البدنية و النفسية، و تداعیاته كذلك على التعبئة المجتمعية التي انصرف فیها الجمیع للمواجهة الحقیقیة للوباء كأولوية الأولويات، والتي بادر بعض موكلینا كالعدید من المواطنین، إلى الانضمام إلیها من وراء أسوار السجن بمساهمة قَدْرِ الحال لفائدة صندوق الدعم؟
السید الوزیر،
إننا كدفاع عن المعتقلین السیاسیین في محاكمة الدار البیضاء في قضیة حراك الریف، لا نشكك في نزاهة أعضاء لجنة العفو، غیر أننا نعتبر أن تعاملها مع وضعیتهم بالطریقة الغامضة أعلاه هو تعامل نقیض لدولة المؤسسات والقانون، كما یشكل خطرا علیهم یمكن وصفه بالحیف والتمییز والانتقائیة، ونعتبر أن اختیارها تنحیتهم من لائحة العفو بالرغم من أن المعاییر التي حددتها اللجنة والتي ورد ذكرها ببلاغ وزارة العدل تنطبق علیهم دون استثناء ، وضع یطرح كل التساؤلات عن مشروعیة موقفها إزاءهم.
إننا نعتبر أن لموكلینا الحق في الحریة والإفراج والعفو كوسیلة للتخلص السریع وقبل فوات الأوان من خطر الوباء ومن انتشار الفیروس، ولهم الحق في الوقایة بمعانیها الحقیقیة الواسعة وهي استعادتهم حریتهم والتحاقهم بذویهم للتحصین والاعتزال إذ بدونه سیكون مصیرهم في كف الوباء بكل الیقین، وفي ذلك تتحمل اللجنة مسؤولیة ما قد یصیبهم لا قدر الله من مخاطر.
إننا نتوجه إليكم السید الوزیر، و من باب احترام حق موكلینا في المعلومة وفي الحصول علیها طبقا للقانون ، للمطالبة بمعرفة وبیان ما یمكن أن یجیب عن التساؤلات أعلاه وعلى غیرها، مع موافاتنا بالمبررات التي حالت دون دراسة ملفاتهم من قبل اللجنة، وبیان أسباب عدم تسجیلهم في لائحة الأشخاص المقترحین منها و معرفة أسباب إقصائهم ، وكذا سبب عدم اطلاع اللجنة على ملفاتهم الطبیة التي تفید أن العدید منهم یحمل أمراضا لا زالت عالقة بهم وآثارها تهددهم وسلامتهم كل لحظة، وتبرر ادراجهم باللائحة.
وإننا على استعداد أن نلتقي بكم في حدود صلاحیاتكم واختصاصات وزارتكم، لاعطائكم ما یمكن أن تكونوا في حاجة إلیه من إفادات أو بیانات تُظهِر لكم أحقیتهم في معاملتهم بالمساواة وباحترام لحقهم في الصحة وفي السلامة بمثل المقاییس التي أشار إلیها بلاغ وزارتكم، حتى تتمكنوا من تدارك الإغفال أو الإهمال الذي یمكن أن تكون لجنة العفو قد وقعت فیه.
ونحن الیوم كالأمس، نؤكد لكم ان من حق موكلینا أن یستعیدوا حریتهم لأنهم تعرضوا لمتابعات قامت على تصريحات انتُزِعت من بعضهم تحت الإكراه والتعذیب خلافا للقانون الوطني والدولي، كما شهد بذلك أطباء المجلس الوطني لحقوق الإنسان بنزاهة وتجرد وموضوعیة، وصدرت ضدهم عقوبات في محاكمة لم تتقید بمعاییر المحاكمة العادلة المقررة في الدستور وفي القانون الدولي لحقوق الإنسان وفي أدبیات اللجان الأممیة المعنیة بالموضوع، محاكمة هُدِرت فیها قرینة البراءة وحقوق الدفاع ، محاكمة وصفها مراقبون تشهد لهم نزاهتهم انها من اسوء واخطر المحاكمات الجماعیة التي شهدها المغرب والتي وضعت من جدید علامات
استفهام حول حالة استقلال قطاع العدالة والقضاء، فهل فكرت لجنة العفو في كل هذه المعاییر الأكثر موضوعیة من أي معیار؟
ومن هنا نعتقد أنه من باب الحَكامة والحِكمة والإنصاف والعدل، أن تتحملوا مسؤولیاتكم في لجنة العفو وأنتم رئیسها، وأن توفروا لموكلینا كل الإمكانیات والإجراءات لیستعیدوا حریتهم وصحتهم ویتمتعوا بسلامتهم من مخاطر الظروف الوبائیة التي یمر منها الوطن ویواجهها المواطنون، لأنهم كما تعرفون، في وضع لا یسمح لهم بتوفیر الحمایة الذاتیة وضمان السلامة الضروریة داخل البیئة السجنیة التي لن تستطیع مقاومة كل الآفات مهما كانت جهود المندوبیة العامة و نوایا كل السلطات الحسنة.
وأخیرا وبالمناسبة، نعتقد أنه حان الوقت لمراجعة بعض مواد ظهیر العفو الذي لم یعد مواكبا للأوضاع المجتمعیة والقانونیة والحقوقیة لمغرب الیوم ، من أجل تجدیدها وإدخال تعدیلات علیها، وبصفة خاصة للتنصیص فیه بوضوح على معاییر قانونیة دقیقة الصیاغة وشفافة التي تَفْرَضُ نفسها على الجمیع بما فیهم أعضاء لجنة العفو لتكون وحدها مرجعا لهم تقید رأیهم وسلطته، لأن الرجوع لرأي الأعضاء فقط دون معاییر محددة كما هو منصوص علیه بالمادة 10 حالیا، أمر غیر مقبول لأنه یترك باب التأویل مفتوحا و احتمال الانزلاق في الخطأ والتمییز قائما كما وقع مع موكلین ، فما هو صحیح صائب لدى أعضاء اللجنة ربما غیر صحیح عند غیرهم، وما هو عَاِدل في رأیهم ظُلم عند غیرهم، وهذا ما نتمنى أن تنتبهوا إلیه بسرعة، وتقدموا كل المبادرات التشریعیة لتجاوزه، حتى یطمئن الجمیع لعمل اللجنة وحتى تزداد لمصداقیتها المناعة و الشرعیة، وحتى لا یتصرف أحد في حقوق الأشخاص وفي تحدید مراكزهم وفي مدى حقهم في الحریة حسب عقلیته وتقدیره الذاتي، وحسب رأیه الخاص دون قید ولا رقابة أو رقیب.
نرجوكم اخیرا السید وزیر العدل، ان تتقبلوا كل التقدیر والاعتبار، ونتمنى أن تكونوا أنتم من سینتصر لقضیتهم العادلة ولحریتهم.
الموقعون هم:
النقیب عبد الرحیم الجامعي، الأستاذة أسماء الودیع، الأستاذ محمد أغناج، الأستاذ عبد العزیز النویضي

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى