دولي

بـ”أسلاك معدنية”.. شاب يروي حكاية فلسطين (تقرير)

بأدوات بسيطة، طوع الشاب الفلسطيني هيثم الخطيب (43 عاما) أسلاكا معدنية ليصنع منها تماثيل فنية، تحاكي في غالبيتها شخصيات رمزية فلسطينية.

ويصنع “الخطيب” مجسمات مستوحاة من الكوفية الفلسطينية، التي تعتبر رمزا للنضال، منذ عام 1935، وفقا لدراسات تاريخية فلسطينية.
في فسحة منزله ببلدة بلعين إلى الغرب من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، يجسد الخطيب شخصيات ورموز فلسطينية بطريقة إبداعية، حيث يلف الأسلاك المعدنية على بعضها البعض، حتى تكتمل وتصبح لوحة فنية.

قبل نحو عام ونصف بدأت الفكرة لدى الخطيب، وصنع أول مجسم من أسلاك نحاسية للطفل الشهيد محمد الدرة، يقول إنها “لاقت استحسانا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي“.

واستشهد الطفل “الدرة” بين ذراعي والده مطلع انتفاضة الأقصى 2000، إثر استهدافه من قبل الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة. وأحدثت صورة الدرة تضامنا دوليا كبيرا.

لكن التجربة الأولى لـ”الخطيب” مختلفة عما يبدع به اليوم، حيث كان يستخدم الأسلاك ويلفها على بعضها البعض، لكنه اليوم يرسم من الأسلاك لوحة تحاكي الكوفية.

وعلى مدار الأشهر الماضية جسد عدد من الشخصيات، كان أبرزها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلى جانب مجسمات لمعتقلين فلسطينيين، ولسيدات ومزارعين، وشهداء، شخصية الشاب الملثم (مغطى الوجه) في رمزية للمقاوم الفلسطيني.

وعلى مدى 14 عاما احترف “الخطيب” التصوير الصحفي، ووثق حسب قوله الانتهاكات الإسرائيلية في بلدته التي كانت أول البلدات الفلسطينية التي تنظم مسيرة أسبوعية لمقاومة الجدار الإسرائيلي والاستيطان.

وقال “كل مجسم يحمل رسالة، أعتقد أنني أصنع مجسمات تحكي قصة وحكاية الشعب الفلسطيني للعالم عبر الفن“.

وللخطيب أصدقاء منهم من اعتقل ومنهم من أصيب بجراح وبعضهم استشهد.

وقال لمراسل الأناضول “وثقت المسيرات الأسبوعية والانتهاكات بعدسة الكاميرا على مدار 14 عاما، واليوم أوثق الانتهاكات بطريقة أخرى، عبر المجسمات“.

وأشار إلى أن “المجسمات المعدنية تجسد وقائع خاصة، ولاقت استحسان لدى الجمهور“.

وقال “كما كل الفلسطينيين عانت بلدتي من الاحتلال والجدار الإسرائيلي، وللاحتلال تأثير على هذه المجسمات“.

يمسك بيده مجسما لمعتقل فلسطيني مكبل، معصوم العينين، وقال “من منا لم يمر بهذه الحالة؟“.

ويمضي الخطيب نحو ساعتين يوميا في العمل على مجسماته، يقول إن “بعضها يحتاج نحو الشهر ليكتمل، بحسب طبيعة وحجم المجسم“.

وتابع: “أعيد تدوير الأسلاك، أحصل عليها من السكان والبلدات المجاورة، بعد استخدامها وعدم صلاحيتها للاستخدام من قبلهم“.

ولا يستخدم في عمله سوى أدوات بسيطة كـ “قاطع أسلاك”. ويقول إن عمله جهد شخصي، لم يتلق أي دعم من مؤسسات فلسطينية.

وينوي “الخطيب” افتتاح معرض لعرض مجسماته قريبا، ورفض المشاركة في عرض من مؤسسة إسرائيلية لعرض مجسماته، حسب قوله.

ويطمح أن يصنع مجسمات كبيرة لنصبها في الميادين والشوارع الفلسطينية، لكن ذلك يحتاج إلى جهد وإمكانيات مادية كبيرة، بحسب الخطيب.

ويرفض “الخطيب” بيع أي من أعماله، قائلا: “لكل منها قصة، باتت جزءا مني لا يمكن بيعها“.

ويروج “الخطيب” لمنتجاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويقول إنه تلقى رسائل دعم من فلسطينيين وعرب، ومتضامنين أجانب.

وفي صغره كان الخطيب يصنع ألعابه من الأسلاك والقطع المعدنية، مضيفا: “كنا أطفال نلهو في الحارات ونصنع ألعابنا من القطع المعدنية والأخشاب والأسلاك. أذكر في صغري أنني صنعت عربة من الأسلاك” .

وكالات

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى