من هو الخاسر الأكبر من مدونة الصحافة و النشر الجديدة بالمغرب؟
إن الاستثمار في رأس المال البشري،يعد من أكثر الصفقات أمانا،بحيث إن هذا النوع من الاستثمارات يعود بأرباح مادية و أخرى معنوية اعم وأكثر فائدة من الاستثمارات الأخرى على الجميع،وخاصة بان الإنسان هو المشرف الأول و الأخير و المحافظ على بقية الاستثمارات،فكيف له أن يكون منتجا ومحافظا على ما هو موجود و البحث و الكد من اجل الأحسن وهو في حالة جهل.
إن تفعيل الجهوية المتقدمة اليوم،و تكريس مبادئ المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس نصره الله،إضافة إلى تكريس الشفافية و ربط المسؤولية بالمحاسبة التي جاء بهما دستور 2011،وكذا الدور الطلائعي الذي يقوم به المجتمع المدني اليوم على طول وعرض المملكة.وتأسيس لدولة الحق و القانون،وترسيخ مبادئ المواطنة الحقة .
كل هذا لا يمكن أن يتحقق من خلال تشريعات تبقى جامدة،أو من خلال رفع تقارير داخل أجهزة الدولة،انه يحتاج إلى إعلام قوي ،إعلام قريب من هموم المواطنين،وخاصة بما أن وسائل التواصل الاجتماعي غزت الجميع،ويختلط فيها الحابل بالنابل،فعوض تثمين جهود رجال ونساء،شباب وشابات امتهنوا الصحافة،من اجل إيصال الخبر من خلال تثمين جهود رجالات الدولة تارة وكشف المتلاعبين بالمال العام تارة أخرى،واضعين أنفسهم أمام جميع المخاطر،هؤلاء الذين يشتغلون في ظروف دون المستوى لكنهم،يجتهدون ويعملون في صمت من اجل إبراز دور هذا العمل الجمعوي أو ذك،كاشفين عن موظف شبح في هذه الإدارة أو تلك،مساعدين رجال الأمن و الدرك الملكي أحيانا في القبض على بعض اللصوص أو الكشف عن متورطين في ملفات فساد.كما يساهمون بشكل كبير من نشر للمعلومات الثقافية و الفكرية،فاتحين مجالات للحوار البناء.
لكن اليوم مع اقتراب تنزيل نصوص مدونة الصحافة و النشر الجديدة،وتنصيب مجلس وطني للصحافة ،مجلس تشريعي و تنفيذي وقضائي أعلى من بقية المجالس المستحدة و التي لا يعدوا دورها أن تكون استشارية،اليوم هذا القانون عوض أن ينقح الجو الصحفي بالمغرب،يزيد الطين بلة.
أنت أيها المواطن البسيط، نعم أنت ،لن يكون لك سبيل إلى الأخبار و المعلومات إلا من خلال بضعة صحف ورقية وأخرى الكترونية أو إذاعات وقنوات مغربية،ولكن يبقى عالم السيبر مفتوحا لك أمام الأخبار العالمية التي قد لا تهمك بشيء،اللهم إذا لم يخرج علينا مشرعونا الأفذاذ بقانون يحجب المواقع الإخبارية الدولية حتى هي.
انتم أيها الجمعوييون،أو الحقوقيون،أو حتى المنتخبون،الذين قد تزهون في لحظات معينة،بانجازاتكم الميدانية،و التي غالبا ما تحتاجون فيها إلى دعم الصحافة ،وخاصة الصحف المحلية،لن تجدوا إلا صحيفة أو صحيفتين في إقليمكم تبتزكم غالبا،أما الصحف الوطنية و الإذاعات و القنوات التلفزوينة ،كان الله في عونهم،الأخبار من كل جهة و إقليم …بأي شيء سيبدأون؟
إن الضحية الأولى و الأخيرة من تطبيق مدونة الصحافة و النشر الجديدة بالمغرب،هو تنمية وتطوير هذا البلد السعيد،وعرقلة جهود تنزيل مواد دستور 2011 على ارض الواقع كما يجب.فالصحافة كانت وستبقى مسلطة على رقاب "لي في كروشهم العجينة"،أما أولائك الذين أيديهم نضيفة فلا تهمهم الادعاءات و المقالات المغرضة.
إن من يريد إخراس و إسكات الصحف الالكترونية و الورقية المرخصة من المحاكم المغربية ،ويفرض عليها ملائمة لم يكونوا أطرافا يوم اقترحتها جهات معينة .فهم بالأساس يضيقون على أنفسهم الخناق من حيث لا يعلمون،بحيث يجعلون أنفسهم عرضة إلى الانتقاد المباشر،كما إنهم يضرون بصورة المملكة المغربية الشريفة في الداخل و الخارج،فاليوم في ظل ما يعرفه الإنتاج العمومي في تلفازاتنا من ضعف و استهجان،ستكرسه هده المدونة الجديدة للصحافة و النشر.والتي قد تنتج لنا وضعا كارثيا،يخضع فيه هذا الميدان إلى مبدأ الابتزاز وعطني عاد نشر ليك على عينك ابن عدي.وفي المقابل من المستفيد،هم بعض الصحف التي قد تستفيد من هدا القانون الذين يشتغلون في المستنقعات و الذين يصطادون في المياه العكرة.