
ساعات الدعم قبيل الامتحانات.. بين تعويض الخصاص وضرب مبدأ تكافؤ الفرص
مع اقتراب موعد الامتحانات الإشهادية، يشهد سوق الساعات الإضافية التعليمية انتعاشاً غير مسبوق، إذ تقبل الأسر المغربية، من مختلف الفئات، على الاستعانة بدروس الدعم الخصوصي أملاً في تعزيز مكتسبات أبنائها وتجاوز ما فاتهم من تعلُّم خلال السنة الدراسية، حتى أصبحت الظاهرة جزءاً من طقوس الاستعداد للامتحانات.
ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة هو أنها لم تعد مقتصرة على المدارس الخاصة أو الأسر الميسورة، بل امتدت لتشمل أيضا مؤسسات التعليم العمومي وفئات اجتماعية محدودة الدخل، ما يؤكد تحول دروس الدعم إلى ممارسة مجتمعية “مطبّع معها”، حسب توصيف تربويين، يعوّل عليها التلاميذ أكثر من اعتمادهم على حصص الفصل الدراسي الرسمي.
ويرى الخبير التربوي جبير مجاهد أن هذه الساعات تمثل سيفاً ذا حدين، فهي تساعد بعض التلاميذ فعلاً على تجاوز الصعوبات، لكنها تتحول إلى عبء مادي ونفسي متزايد، خاصة حين تُفرض كحلٍّ إلزامي يُخشى الاستغناء عنه. وطالب بضرورة تدخل السلطات لضمان ألا تكون هذه الدروس وسيلة ابتزاز أو وسيلة لتعويض فشل المنظومة الرسمية.
من جانبه، حذّر المصطفى صائن، رئيس الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، من أن انتشار هذه الدروس يشكل تهديداً مباشراً لمبدأ تكافؤ الفرص، مذكّرا أن الفيدرالية طالبت منذ سنوات بالتصدي لما سماه “السوايع الابتزازية”. واستحضر في هذا السياق المذكرة الوزارية رقم 233 الصادرة سنة 2014، التي تمنع تقديم دروس مدفوعة من طرف الأساتذة لتلامذتهم تحت طائلة العقوبات.
وتطرح الظاهرة أيضا تساؤلات حول أداء المدرسة العمومية، التي يرى فاعلون تربويون أنها تعاني من ضعف بنيوي مرده بالأساس إلى الهدر الكبير في الزمن المدرسي، سواء بسبب الإضرابات أو تداعيات جائحة كوفيد 19، وهو ما دفع الفيدرالية إلى الترافع من أجل إقرار دعم مؤسساتي رسمي يتم في إطار تعاقدي وشفاف داخل المؤسسات التعليمية.
ويبقى التحدي اليوم أمام السلطات التربوية والمجتمعية هو في التوفيق بين الحق في الدعم التربوي وضمان عدالة تعليمية لا تميّز بين من يملك القدرة على دفع التكاليف ومن لا يملك، بما يضمن أن يكون النجاح الدراسي نتيجة جدّ واجتهاد، لا إمكانيات مالية