لبنان وإسرائيل.. النقاط الأساسية بمسودة اتفاق ترسيم الحدود البحرية
أكثر من أي وقت مضى، اقترب لبنان وإسرائيل من توقيع اتفاق لترسيم حدودهما البحرية، ما يفتح الباب أمام استكشاف جديد للنفط والغاز الطبيعي، بعد مفاوضات ماراثونية غير مباشرة استمرت عامين بوساطة أمريكية ومساعدة فرنسية في الأمتار الأخيرة.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية، في بيان الثلاثاء، أن الصيغة النهائية للعرض الأمريكي “مرضية للبنان وتلبي مطالبه وحافظت على حقوقه في ثروته الطبيعية”.
وأفادت بأن الرئيس ميشال عون “سيجري المشاورات اللازمة حول هذه المسألة الوطنية، تمهيدا للإعلان رسميا عن الموقف الوطني الموحد”.
وهنأ الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال اتصال هاتفي الثلاثاء، عون بانتهاء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وأكد دعم بلاده تدعم لبنان لـ”تحقيق الاستقرار وتمكينه من تعزيز اقتصاده والاستفادة من ثرواته الطبيعية”، وفق الرئاسة اللبنانية.
كما أعلنت إسرائيل موافقتها على مسودة الاتفاق التي عرضها الوسيط الأمريكي آموس هوكستين، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد، الثلاثاء، الاتفاق المرتقب بـ”التاريخي”.
وتنازع البلدان بشأن منطقة غنية بالنفط والغاز الطبيعي في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كم مربعا.
ويأمل لبنان أن يساهم الاتفاق المرتقب في تحقيق تحسن اقتصادي، فمنذ أواخر 2019 تعاني البلاد أزمة اقتصادية حادة مع انهيار مالي وشح في سلع أساسية وهبوط حد في قدرة المواطنين الشرائية.
وترصد وكالة الأناضول في هذا الإطار أهم النقاط الأساسية في المسودة النهائية للاتفاق، بحسب تصريحات مسؤولين لبنانيين.
** حقلا “قانا” و”كاريش”
وفق كبير المفاوضين اللبنانيين نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب فإن لبنان سيحصل على كامل حقوقه من حقل “قانا” على ناحيتي خط الحدود، أي بما في ذلك جانب الحقل في المياه الاقتصادية الإسرائيلية.
في المقابل، قد يحصل الإسرائيليون على تعويضات من شركة “توتال” الفرنسية للطاقة، مالكة امتياز التنقيب في الحقل، وليس من الحصة اللبنانية، بحسب بو صعب.
وأفاد بوصعب، في تصريحات صحفية، بأن لبنان وقع اتفاقا مع “توتال” في 2017، وبنوده واضحة والحصة اللبنانية بالحقل واضحة أيضا، وما تمت إضافته هو أن الحصة اللبنانية لا تقتصر على البلوك رقم 9 فقط، بل على امتداد الحقل كله.
ومقابل حيازة لبنان لحقل “قانا” بالكامل سيكون لإسرائيل حقل “كاريش” كاملا.
وسلّم بو صعب الصيغة النهائية للاتفاق إلى رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
** دور شركة “توتال”
بدأ وفد من شركة “توتال” اجتماعات مع مسؤولين لبنانيين، والتقى ميقاتي ووزير الطاقة وليد فياض.
وطلب ميقاتي من ممثلي الشركة مباشرة الإجراءات التنفيذية للتنقيب في المياه اللبنانية “فورا”.
وبعد الاجتماع، قال فياض: “تلقينا وعدا من شركة توتال بالإسراع في عملية التنقيب عن النفط والغاز بالحقول اللبنانية”.
وتابع: “توجد خطة أصلا من جانب الشركة الفرنسية وسندرسها مع هيئة النفط، وسنتأكد أنها أسرع خطة، باعتبار أن هناك أمور لوجستية تحتاج إلى وقتٍ للبتّ بها”.
** الحدود البحرية
بو صعب أكد أنه تم الأخذ بالاعتبار الملاحظات التي وضعها لبنان على مسودة اتفاق ترسيم الحدود.
وأوضح أن لبنان لا يعترف بخط العوامات (الطفافات) الذي طالبت إسرائيل بانطلاق ترسيم الحدود البحرية منه، وكان أصلا محددا للصيادين من الجهتين لمنع عبوره وليس خطا دوليا.
ووفق صحيفة “الأخبار” اللبنانية القريبة من جماعة “حزب الله” فإن “لبنان لن يعترف بأي حدود بحرية مع العدو، وما يجري لا يعدو كونه تحديد البلوكات الخاصة بالمناطق الاقتصادية للجانبين”.
وشددت على أن “خط العوامات (الطفافات) ليس له قيمة قانونية ولا يمكن اعتباره، الآن أو في أي وقت لاحق، خطا يمكن الاستناد إليه في معرض ترسيم الحدود البحرية”.
وأضافت الصحيفة أن لبنان يرفض الحديث عن نقاط في البر تتصل بما يجري الحديث عنه بحرا، والأمور كانت عالقة حول عبارات بين “الأمر القائم” و”الأمر الواقع” التي وردت بمسودة الاتفاق.
وتابعت: “إذ تعتبر إسرائيل الأمر القائم بمثابة إقرار من لبنان بقيمة خط الطفافات، بينما للبنان تفسيره الواضح بأن الأمر الواقع هو التأكيد على استمرار حالة النزاع الحالية حول الحدود البحرية كما الحدود البرية”.
** جهود أمريكية وفرنسية
وفق بو صعب فإن الجهد الأمريكي الكبير، سواء من الإدارة أو الوسيط هوكشتاين، انصبّ الأسبوع الماضي على الوصول إلى نقطة يعتبر فيها كل فريق أنه حصل على الضمانات التي يريدها باتفاق عادل ومنصف.
وتابع: “توصلنا إلى حل يرضي الطرفين، وهو أمر صعب للغاية لأنهما لا يقيمان علاقات دبلوماسية، لا بل إن لبنان لا يعترف بالعدو الإسرائيلي”.
وأردف: “وبالتالي الوصول إلى تفاهم من هذا النوع على حدود فيها مصلحة اقتصادية ليس بالأمر السهل، بل هو جهد كبير جدا من قبل الإدارة الأمريكية تم بشكل عادل ومنصف”.
كما لعبت فرنسا دورا في الملف، حيث تعاون الرئيس إيمانويل ماكرون مع الأمريكيين لتحقيق مطالب الطرفين، ولاسيما لجهة المسائل المادية المرتبطة بحقل “قانا”.
وأعرب ميقاتي عن شكره لفرنسا لمساهمتها بشكل مباشر في الوصول إلى ما تم التفاهم عليه وتذليل العقبات التي طرأت خلال المفاوضات غير المباشرة.
** ليس اتفاقا ولا معاهدة
وأوضح بو صعب أن لبنان سيودع الوسيط الأمريكي رسالة هي نفسها التي ستودع لدى الأمم المتحدة، وهو ما سيقوم به أيضا الفريق الآخر (إسرائيل).
وأكد أن “الأمر ليس اتفاقا ولا معاهدة دولية بين بلدين عدوين، ومهما كانت الصيغة فالجميع يعلم أن الاتفاق بين لبنان والأمريكيين من جهة والإسرائيليين والأمريكيين من جهة ثانية”.
وشدد على أن الاتفاق المرتقب “يؤمّن استقرارا اقتصاديا بالمنطقة ويعطي الأمل”.
واعتبر عون، عبر بيان الإثنين، أن الاتفاق “يعني انطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول اللبنانية الواقعة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي سيحقق بداية دفع جديد لعملية النهوض الاقتصادي”.
ويسعى لبنان إلى إتمام الاتفاق على طاولة (منطقة) الناقورة جنوبي البلاد، حيث انطلقت المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل في المقر الرئيس لقوة الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل) في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بوساطة أمريكية ورعاية الأمم المتحدة.
وعُقدت 5 جولات قبل أن تتوقف المفاوضات في مايو/ أيار 2021 جراء خلافات حول الخطوط والحدود، علما أن لبنان بدأ مفاوضاته متمسكا بالخط 29 قبل أن يعود ويفاوض على الخط 23 وحقل “قانا”.
وكالات