دولي

تعديل قانون هيئة الانتخابات يؤجج غضب سياسيين بتونس

تتواصل الانتقادات في تونس بعد صدور مرسوم رئاسي جديد، الجمعة، لتعديل القانون الأساسي وتركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وينص المرسوم على تعيين أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات السبعة من قبل رئيس البلاد، وإلغاء الفصل المتعلق بقبول الطعون أمام القضاء الإداري .

والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، هي هيئة دستورية أشرفت على الانتخابات منذ أكتوبر/تشرين الأول 2011، وتتكون من 9 أعضاء “مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة”، ينتخبهم البرلمان بأغلبية الثلثين، ويباشرون مهامهم لفترة واحدة مدتها 6 سنوات، ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين.

** انقلاب على أهم مكاسب الثورة

وأثار المرسوم ردود فعل غاضبة في صفوف الطبقة السياسية والمجتمع المدني، إذ اعتبر القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري، أن “الحاكم المطلق لتونس قرر الانقلاب على أهم مكاسب الثورة (الهيئة)، التي لولا استقلاليتها، ما كان رئيسا”.

وزاد البحيري في تدوينة نشرها على صفحته على بفيسبوك: “السطو عليها (الهيئة) واحتكار تعيين أعضاءها ورئيسها، يبشر بعودة نسب 99.99 بالمئة في نتائج أي انتخابات قادمة”.

وأضاف: “ستتحول الانتخابات في ظل حكم الذي لا ينطق عن الهوى وجماعات المفسرين والحشد إلى عملية صورية”.

من جهته، قال الناشط والمحلل السياسي عبد الرزاق الحاج مسعود: “بدءا بتصعيد سعيّد للرئاسة.. مرورا بالانقلاب.. وصولا إلى حلّ هيئة الانتخابات بكل هذا الصلف.. كل المسار يؤكد أن الانقلاب تسيّره غرفة محترفة جدا”.

وتابع الحاج مسعود في تدوينة نشرها على فيسبوك: “قلنا هذا منذ يوم 25 يوليو أنه سيترسّخ لأنه قرار “دولي” ، للأسف الأغلبية الساحقة كانت إما تصفّق له ببلاهة.. أو تبشّر بعدم قابلية الانقلاب للاستمرار وقرب سقوطه الحتمي.”

** تفكيك مؤسسات الدولة

رئيس الجمهورية الأسبق محمد المنصف المرزوقي قال في تدوينة نشرها على صفحته الرسمية في فيسبوك، بعنوان “تأميم الهيئة المستقلة للانتخابات”: “يواصل المنقلب تفكيك كل مؤسسات دولة القانون والمؤسسات التي جاءت بها نضالات خمسة عقود تكللت بالثورة المباركة”.

وأضاف المرزوقي: “تونس مصابة برئيس غير شرعي،.. ما زال يتصور رئيس الدولة الراعي الذي يتفقد أحوال الرعية بالليل ويخاف على البغلة من الحفرة حتى لا يعذبه الله، هذا الرجل الخطير يدفع بتونس كل يوم إلى حافة الهاوية”.

واعتبر المرزوقي أن “الحل في تضافر الشرعية بالعزل البرلماني في أقرب وقت والمحاكمة، والشارع بالمظاهرات لإبلاغ رسالة واضحة”.

ووفق المرسوم: “يختار رئيس الجمهورية 3 أعضاء من الهيئة بطريقة مباشرة من الهيئة السابقة، و3 آخرين من 9 قضاة مقترحين من مجالس القضاة المؤقتة (العدلية والإدارية والمالية)، وعضوا آخر من 3 مهندسين يقترحهم المركز الوطني للإعلامية (حكومي)”.

كما ينص المرسوم على اختيار “رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من قبل رئيس الجمهورية، ويرفع له كل مقترح إعفاء عضو من الهيئة ليختار إعفاءهم من عدمه”.

** نسف لمكاسب الشعب

وفي السياق ذاته، ندد عضو الهيئة التنفيذية لحركة “مواطنون ضد الانقلاب” (معارضة) رضا بالحاج في تدوينة نشرها على فيسبوك بالمرسوم الرئاسي.

واعتبر أن الرئيس قيس سعيد “يواصل نسف المكاسب التي حققها الشعب التونسي منذ الثورة وآخرها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي عمل لتركيزها مناضلون ومناضلات تركو مشاغلهم وتفرغوا لبناء هذه الهيئة”.

وأضاف بالحاج أن ما قام به قيس سعيد “من وضع يده على هذه الهيئة يعد ضربا لأهم المكاسب التي حققها الشعب التونسي في تاريخه الحديث وهو نفس ما قام به تجاه البرلمان و المجلس الأعلى للقضاء”.

بدورها، تساءلت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي: “لماذا نص المرسوم على مدّة عضوية أعضاء الهيئة بـ4 سنوات؟”.

ومضت القليبي في تدوينة على فيسبوك قائلة: “من المفترض أن تكون هذه الهيئة وقتية مهمّتها تنظيم الانتخابات التشريعية المقبلة وفيما بعد يقوم البرلمان الجديد بإصدار قانون جديد أو الاكتفاء بذات القانون وانتخاب أعضاء جدد للهيئة”.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من السلطات.

** لا علم للهيئة بالتعديل

بدوره، قال عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل عزيزي في تصريح لموقع “الصباح نيوز” المحلي، إنه لم يقع إعلام الهيئة من قبل رئاسة الجمهورية أو الحكومة بوجود نية لتعديل القانون الأساسي للهيئة، ولم تقع دعوة الهيئة لإبداء الرأي في أحكام المرسوم الجديد”.

وأضاف: “كما أن الهيئة لم يكن لديها أي علم مسبق بمضامينه، وكل ما تردد من معطيات غير رسمية هو أن نية تعديل تركيبة الهيئة كانت موجودة”.

وذكر عزيزي أنه “بالمرسوم الجديد يكون رئيس الجمهورية قد خرج تماما عن الدستور الذي نص على انتخاب أعضاء الهيئة وليس تعيينهم، والانتخاب يتم من قبل مجلس نواب الشعب بأغلبية معززة”.

وذكر أن مجلس الهيئة سيجتمع بالتأكيد بعد صدور المرسوم في الجريدة الرسمية للبلاد وسيعبر عن موقفه من التنقيحات الجديدة لقانون الهيئة.

وأبدى عزيزي استغرابه من الإجراء الذي اتخذه رئيس الجمهورية والقاضي بتنقيح قانون أساسي بمرسوم والقيام بهذه الخطوة دون استشارة الهيئة المعنية.

وفي 6 أبريل/نيسان الجاري، قال الرئيس التونسي إن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ستشرف على أي انتخابات ستجرى لاحقا، لكن “ليس بتركيبتها الحالية”.

ومنذ 25 يوليو/ تموز 2021، تعاني تونس أزمة سياسية حادة إثر إجراءات استثنائية بدأ سعيد فرضها، ومنها حل البرلمان وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وحل المجلس الأعلى للقضاء.

وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات “انقلابًا على الدستور”، بينما ترى فيها قوى أخرى “تصحيحًا لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011).

وقال سعيد، الذي بدأ عام 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، إن إجراءاته عبارة عن “تدابير في إطار الدستور لحماية الدولة من خطر داهم”.

وكالات

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى