تونس.. الذكرى الـ11 للثورة في “ظرف استثنائي”
تتأهب قوى وأحزاب تونسية لإحياء ذكرى ثورة 2011 الجمعة 14 يناير/ كانون الثاني، على الرغم من تغيير رئيس البلاد، قيس سعيد، تاريخ الاحتفال بها إلى يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول، وصدور قرار حكومي بمنع التظاهرات لمدة أسبوعين ضمن تدابير مواجهة جائحة “كورونا”.
ودعت حركة “النهضة” (53 نائبا) وحزب “العمال” وحزب “التيار الديمقراطي” (22 نائبا) وحزب “التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” والحزب “الجمهوري”، أنصارهم إلى إحياء الذكرى الحادية عشر ليوم 14 يناير، فيما دعت مبادرة “مواطنون ضد الانقلاب” (شعبية) إلى التظاهر تحت شعار “تصديا لسلطة الانقلاب”.
وتأتي هذه الدعوة بعدما قرر سعيد في 13 ديسمبر الماضي أن “يوم 17 ديسمبر هو عيد الثورة وليس 14 جانفي (يناير) مثلما تمّ الإعلان عنه بعد 14 جانفي (يناير) 2011”.
وحينها، قال سعيد إن “الانفجار الثوري انطلق من (ولاية) سيدي بوزيد (وسط)، ولكن للأسف تم احتواء (لم يوضحه) الثورة في تلك الفترة حتى يتم إقصاء الشعب عن التعبير عن إرادته والشعارات التي رفعها”، معتبرا أن 14 يناير (2011) هو تاريخ “الانقلاب عن الثورة”.
والأربعاء، أقرت الحكومة منع تجوال ليلي وإلغاء أو تأجيل التظاهرات كافة في الأماكن المفتوحة والمغلقة، بداية من الخميس 13 يناير ولمدة أسبوعين قابلة للتجديد؛ لمنع تفشي فيروس “كورونا”.
واعتبرت “النهضة”، في اليوم نفسه، أن غرض هذا القرار هو “استهداف التحركات المناهضة لمنظومة الانقلاب”، كما رأى حزب “العمال” (يسار) أنه “قرار سياسي مقنّع أملته رغبة سعيد وحكومته في منع التظاهرات السياسية المناهضة لانقلابه المبرمجة ليوم 14 يناير”، بحسب بيانين.
وتحل الذكرى على تونس هذه المرة وهي تمر بإجراءات استثنائية اتخذها سعيد في 25 يوليو/ تموز منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإقالة رئيس الحكومة، وتوليه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ “نجلاء بودن” رئيسةً لها، في قرارات تعتبرها معظم قوى البلاد “انقلابا على الدستور”، بينما ترى فيها أخرى “تصحيحا لمسار ثورة 2011”.
البوعزيزي.. مفجر ثورة الربيع العربي
17 ديسمبر 2010: أضرم الشاب محمد البوعزيزي، النار في نفسه أمام مقر ولاية سيدي بوزيد (وسط)، بسبب رفض مسؤولين محليين قبول شكواه باستهداف مصدر رزقه، من شرطية بوصفه بائعا متجولا في شوارع المدينة، ليفتح مسارا ينهي 23 سنة من حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
24 ديسمبر 2010: اتسعت دائرة الاحتجاجات في ولاية سيدي بوزيد، وسقط قتيلان بمدينة منزل بوزيان التابعة للولاية برصاص الأمن، من بينهم محمد العماري (أستاذ فيزياء عاطل عن العمل)، واعتبر حينها “أول شهيد يسقط برصاص الأمن في الثورة التونسية”، فيما قالت السلطات وقتها إن رجال “الحرس الوطني” كانوا في حالة دفاع عن النفس.
العاصمة.. بداية تحرك النخب
25 ديسمبر2010: أمام اتساع الاحتجاجات في سيدي بوزيد تجمع المئات من النقابيين والحقوقيين أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل في العاصمة رافعين شعارات تنادي بإسقاط حزب التجمع الدستوري الديمقراطي (تم حلّه يوم 9 مارس/ آذار 2011) .
27 ديسمبر 2010: مع توسع الاحتجاجات إلى مدن صفاقس (جنوب) والقيروان (وسط) والقصرين وتالة (غرب) ومدنين (جنوب شرق) وقفصة (جنوب غرب) ورفع شعارات مساندة لأهالي سيدي بوزيد ومنددة بتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وارتفاع البطالة، تجمع المئات مجددا أمام مقر اتحاد الشغل ليخرجوا في مسيرة رغم حصار قوات الأمن الشديد.
اتساع لهيب الثورة.. تالة والقصرين والرقاب تشيع الشهداء
رغم خروج الرئيس بن علي لأول مرة منذ اندلاع الأحداث يوم 28 ديسمبر 2010 على شاشة التلفزيون الرسمي لإدانة “أعمال الشغب” وقال إنها تضر بصورة تونس لدى المستثمرين وتعهد بتطبيق القانون “بكل حزم” ضد المأجورين والمتطرفين”، فإن توسع الاحتجاجات القوية خارج سيدي بوزيد ساهم بتصاعد المد الثوري، خاصة بعد إعلان وفاة البوعزيزي بالمستشفى متأثرا بجراحه يوم 5 يناير 2011.
8 يناير 2011: تصاعدت الاحتجاجات وجرت مواجهات عنيفة بين المتظاهرين في تالة (ولاية القصرين غرب) نجم عنها 5 قتلى.
بين 8 و10 يناير 2011 تصاعدت الأحداث في الأحياء الشعبية بمدينة القصرين، وقوات الأمن وقناصة يقتلون 14 متظاهرا، بحسب تقارير حقوقية.
9 يناير 2011: مدينة الرقاب (ولاية سيدي بوزيد) تفقد 5 من مواطنيها من بينهم امرأة في إطلاق نار عشوائي على المحتجين.
12 يناير 2011: الاتحاد العام التونسي للشغل ينظم تجمعا احتجاجيا بثاني أكبر مدينة تونسية، صفاقس شارك فيه آلاف النقابيين والمواطنين، ورئيس الحكومة محمد الغنوشي يعلن أن بن علي أقال وزير الداخلية رفيق بالحاج قاسم.
في نفس اليوم تمّ فرض حظر تجوال ليلي وانتشر الجيش في العاصمة وبعض الأحياء الشعبية المحيطة بها مثل حي التضامن، بينما استمر قتل المتظاهرين وكان من بينهم الأكاديمي الجامعي حاتم بالطاهر في مدينة دوز من ولاية قبلي(جنوب غرب).
وجرى أيضا اعتقال معارضين للنظام من بينهم الناطق باسم حزب “العمال الشيوعي” المحظور حمة الهمامي في العاصمة تونس والقيادي في حركة النهضة محسن السوداني خلال مسيرة مناهضة للنظام في مدينة قفصة.
14 يناير 2011.. فرار رأس النظام وانطلاق أعوام الحرية
المعارض اليساري عز الدين الحزقي يتحدث عن يوميات الثورة التونسية فيقول: “بداية الثورة كانت يوم 17 ديسمبر (2010) ويوم العيد يوم 14 (يناير) وسنحتفل بالثورة يوم 14 (يناير)”.
وأضاف في مقابلة سابقة مع الأناضول: “الثورة مسار يدوم سنوات وعقود، إنما اليوم الذي أخذت فيه معرجا لتفتح أمامنا أبواب الحرية هو يوم 14 (سقوط نظام بن علي)، وسنحتفل بيوم الحرية، لأنها تسبق الديمقراطية”.
الجمعة 14 يناير 2011: تجمع عشرات الآلاف في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة وكان أهم شعار رفع هو “Dégage” (ارحل) ولم يتأخر الرحيل إذ كانت طائرة الرئيس بن علي، عصرا، تغادر به وأفراد عائلته البلاد إلى غير رجعة.
15 يناير 2011: المجلس الدستوري يعلن “شغور السلطة” وتعيين رئيس البرلمان فؤاد المبزع رئيسا للبلاد بالوكالة كما ينص عليه الدستور.
17 يناير 2011: محمد الغنوشي (رئيس الحكومة زمن بن علي) يعين حكومة من منتسبي التجمع الدستوري الديمقراطي مع التحاق شخصيات معارضة ومستقلة مثل نجيب الشابي من الحزب الديمقراطي التقدمي (معارض) وأحمد ابراهيم (حركة التجديد- حزب المسار حاليا). والطيب البكوش (القيادي السابق في الاتحاد العام التونسي للشغل).
إلا أن ضغط اعتصام القصبة 1 (مقر الحكومة) (انطلق يوم 20 يناير) وتواصل الاحتجاج تحت شعار “الشعب يريد إسقاط النظام “، جعل الغنوشي يقيل كل الوزراء المنتسبين للتجمع الدستوري الديمقراطي يوم 27 يناير ويعيد تشكيل حكومته.
20 فبراير/ شباط 2011: انطلاق اعتصام القصبة 2 بقيادة شباب الثورة في الجهات، وشباب من أحزاب معارضة لابن علي يطالب بإسقاط حكومة الغنوشي وإجراء انتخابات لمجلس وطني تأسيسي يكلف بصياغة دستور جديد لتونس الثورة.
المجلس الوطني التأسيسي ودستور 2014
7 مارس/ آذار 2011: الباجي قايد السبسي (أحد وزراء الرئيس الأسبق بورقيبة ورئيس أول برلمان بعد وصول بن علي للسلطة عام 1987) يكلف بتشكيل حكومة تعد لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي وكان من بين أعضائها الطيب البكوش وسليم شاكر اللذان كانا معه في تأسيس حزب نداء تونس في يونيو/ حزيران2012.
23 أكتوبر/ تشرين الأول 2011: تنظيم أول انتخابات ديمقراطية في تونس فازت بها حركة النهضة (89 نائبا/ 217).
24 ديسمبر 2011: تسلمت حكومة ائتلافية بين “النهضة” وحزب “المؤتمر من أجل الجمهورية” بقيادة المنصف المرزوقي وحزب “التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” بقيادة مصطفى بن جعفر، الحكم من الباجي قايد السبسي الذي سيعود للحكم رئيسا بعد فوزه في الدور الثاني لانتخابات الرئاسة يوم 21 ديسمبر 2014 أمام المنصف المرزوقي.
27 يناير 2014: المجلس الوطني التأسيسي يصادق على الدستور الجديد بأغلبية 200 عضو من أصل 217.
وتطرح اليوم تساؤلات جدية من قبل المتابعين حول استمرار “باب الحرية والديمقراطية” الذي أطلقته ثورة 14 يناير، بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد يوم 25 يوليو واعتزامه تغيير طبيعة النظام السياسي والدستور برمته في استفتاء يعتزم إجراؤه يوم 25 يوليو المقبل تحت عنوان “تصحيح مسار الثورة”.
وكالات