الجمعية ترصد حالة حقوق الانسان بالمغرب في تقريرها السنوي
قدمت الجمعية المغربية لحقوق الانسان في ندوة صحفية نظمت اليوم بالمقر المركزي تقريرها السنوي الذي يرصد أوضاع حقوق الإنسان لسنة 2020، وما شابها من انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية، واعتبرت الجمعية أن هذه الانتهاكات كانت كثيرة ومتنوعة ويومية، حيث استغلت الدولة جائحة كورونا للعصف بالعديد من الحقوق والحريات تحت مبرر خرق الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية، وقد لامس التقرير العديد من المجالات منها :
مواصلة الدولة تضييقها التعسفي الممنهج على الحريات العامة وقمعها للحق في حرية التنظيم والتجمع والاحتجاج السلمي، ومحاصرة المنظمات الديمقراطية المناضلة ولا سيما المنظمات الحقوقية المناضلة، ونالت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان النصيب الأوفر من حملة التضييق والمنع والحصار التي استهدفتها بهدف إضعافها وشلها ووضع حد لنشاطها وفاعليتها الاجتماعية، فبالإضافة إلى منعها من حقها في الاشتغال في القاعات العمومية والخاصة، فقد تمت متابعة ومحاكمة العديد من أعضائها وعضواتها، وحرمان العديد من فروعها من الحصول على وصل الإيداع القانوني المؤقت أو النهائي ، بل إن السلطات المحلية في العديد من المناطق رفضت تسلم الملفات القانونية لمكاتب الفروع التي تم تجديدها بمبرر التعليمات. كما أن الدولة لجأت، في الكثير من الحالات، وخارج أي إطار قانوني، إلى الاستعمال المفرط للقوة لتفريق وقفات ومسيرات احتجاجية سلمية مما عرض العديد من المحتجين/ات إلى إصابات متفاوتة الخطورة، ولم يسلم من ذلك حتى المارة الذين تصادف وجودهم بأماكن الاحت
استمرار اعتقال الدولة للعديد من المدافعين/ات على حقوق الإنسان ونشطاء الحركات الاجتماعية المناضلة والصحفيين المستقلين والمدونين، وتوظيف القضاء للزج بهم/ات في السجون بعد محاكمات شكلية انتفت فيها شروط وضمانات المحاكمات العادلة، كما تم رفضت الدولة إطلاق سراح معتقلي الراي والمعتقلين السياسيين الذين كان يقضون محكوميتهم في العديد من السجون، ومن ضمنهم معتقلو حراك الريف وحراك جرادة وبني تجيت والاتحاد الوطني لطلبة المغرب ومن تبقوا من معتقلي مجموعة بلعيرج وبعض معتقلي ما يسمى السلفية الجهادية الذين حوكموا في غياب أية إثباتات للتهم التي أدينوا من أجلها، كما يوجد عدد من المعتقلين في السجن رغم إصدار فريق العمل الأممي المعني بالاعتقال التعسفي أراء بشأنهم تعتبرهم معتقلين تعسفا ويطالب الحكومة المغربية بإطلاق سراحهم. وفي هذا الإطار فقد أحصت الجمعية، بناء على ما توفر لديها من لوائح المعتقلين ما مجموعه (226 ما بين معتقل رأي ومعتقل سياسي ومتابع في حالة سراح خلال سنة 2020، غادر منهم السجن ما مجموعه 137 قبل متم سنة 2020، وبقي منهم إلى حدود نهاية 2020، 89 معتقل .
استغلال الدولة لجائحة كورونا، بشكل فج لممارسة المزيد من الانتهاكات والإجهاز على الحقوق والحريات، وهذا ما جعل المغرب من بين الدول التي أشارت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إليها، في تنبيهها إلى سوء استعمالها للقرارات المتعلقة بالحجر الصحي وحالة الطوارئ، واستغلالها لتبرير انتهاكها لحقوق الانسان ففي ظل الوضعية المتسمة بالحجر الصحي وحالة الطوارئ، تعرض العديد من المواطنين/ات لمختلف ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، سواء في الشارع العام، أوفي مراكز الاحتجاز، من سجون ومراكز الاعتقال، أوفي مراكز التوقيف التابعة للأجهزة المخابراتية المدنية والعسكرية، أو التابعة للشرطة والدرك والقوات المساعدة، أو الملحقات الإدارية لوزارة الداخلية، أو مراكز الإيواء الخاصة بالمهاجرين، أو المستشفيات ومصحات الأمراض النفسية، أو مراكز إصلاح الأحداث، وفي هذا السياق فقد سجلت الجمعية وتابعت، خلال سنة 2020، العديد من الانتهاكات المرتبطة بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛ وعلى سبيل المثال فقد وقفت الجمعية في 23 مايو 2020 و02 يونيو 2020 عند حملات التوقيف وإلقاء القبض على عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات، بلغ عددهم تسعين ألف شخص بسبب خرقهم لحالة الطوارئ الصحية، تم اقتياد 4362 شخصا منهم إلى المحاكم في حالة اعتقال تحت تدابير الحراسة النظرية، وهي الأرقام التي أعلنت عنها النيابة العامة؛ وتسجل الجمعية أن التشدد الذي طبع هذه الحملات كان منبعه، من بين عوامل أخرى، توجيهات النيابة العامة التي أوصت الأجهزة التابعة لها بذلك؛
الاستمرار في انتهاك الحريات الفردية، وضمنها الحق في حرية المعتقد وحرية الضمير، رغم أنها جزء لا يتجزأ من الحقوق والحريات العامة التي يمكن أن يمارسها الفرد ضمن نطاق الجماعة أو ضمن حياته الخاصة، وهي منصوص عليها في كافة الإعلانات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وفي الدستور المغربي . فممارستها تصطدم بما يسمى “ثوابت الأمة” و”الهوية الثقافية الثابتة ” للشعب المغربي، ومع القوانين التعسفية التي تجرم العديد من هذه الحريات، إذ ما زال القانون الجنائي المغربي يجرم العلاقات الجنسية الرضائية خارج إطار الزواج، كما يجرم الأشخاص المنتمين للأقليات الجدنرية ويعتبر هويتهم إخلالا بالحياء العام حسب المواد 489 و490 و491 من القانون الجنائي. وقد سجلت الجمعية أن ولوج النساء للحقوق الفردية هو الأكثر عرضة للتضييق والانتهاك بسبب النظرة الدونية اتجاه المرأة المتفشية في المجتمع. فقد واصلت الدولة انتهاكها للحياة الخاصة لبعض المواطنين، وخاصة لنشطاء حقوق الإنسان والصحافيين المستقلين والمعارضين السياسيين، وعلى سبيل الذكر لا الحصر، فقد كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية في يونيو2020 عن عمليات تجسس باختراق الهواتف الخاصة لبعض النشطاء والصحفيين، منهم الصحفي عمر الراضي، بواسطة تطبيق تنتجه شركة “إسرائيلية” وتبيعه خصيصا للحكومات، وقد تصادف ذلك مع ما تعرض له عمر الراضي من استدعاءات واستنطاقات متكررة من طرف أجهزة الأمن حيث ترافق أيضا مع حملة إعلامية تحريضية ضده توجت باتهامه بالاغتصاب والمس بأمن الدولة، وتم وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية. كما تعرض الصحفي سليمان الريسوني لحملة تحريضية مشابهة من طرف بعض المواقع الإلكترونية الموالية للدولة، إلى درجة أن أحد هذه المواقع حدد الفترة الزمنية التي سيعتقل خلالها، وهي الفترة التي اعتقل فيها بالفعل؛ ونفس الشيء تعرض له، وبشكل مماثل الناشط الحقوقي والصحفي الأستاذ الجامعي المعطي منجب. وفي نفس السياق تم انتهاك حرمة المنازل، وتوظيف مخبرين لمراقبة تحركات الناس، واختراق الرسائل النصية أو الاتصالات الرقمية الأخرى التي تنتهك الخصوصية، لاستعمالها في حملة التحريض ضد المدافعين/ات على حقوق الإنسان ونشطاء الحركات الاجتماعية والصحفيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي؛ وتجدر الإشارة ان الجمعية رصدت حالات انتهاك حرية المعتقد وحرية الضمير ومختلف الحريات المشار إليها سواء عبر التقارير الواردة من فروعها أو مما تداولته وسائل الإعلام، وأصدرت بشأنها بلاغات وبيانات ومراسلات للجهات المعنية.
الاستمرار في خرق شروط وضمانات المحاكمة العادلة، وهو ما رصدته الجمعية في عدد من المحاكمات التي استهدفت العديد من نشطاء حقوق الإنسان والمدونين والصحافيين ونشطاء الحركات الاجتماعية السلمية، ونسوق هنا، على سبيل التوضيح، أبرز الخروقات التي سجلتها الجمعية في محاكمة سبعة نشطاء من حراك بني تجيت، كنموذج لانتهاك الحق في التمتع بشروط وضمانات المحاكمة العادلة، فقد تمت هذه المحاكمة دون إخبار المتابعين بدواعي اعتقالهم، عند توقيفهم، وبالوجهة التي يؤخذون اليها، ودون إخبار عائلاتهم فور وضعهم تحت تدابير الحراسة النظرية، ودون إخبارهم فورا، وبلغة يفهمونها، بحقهم في المساعدة القانونية، وفي الاتصال بمحام، وبحقهم في التزام الصمت . وفي خرق مبدأ العلنية في المحاكمة التي تعرضوا لها بعدم السماح للعموم من عائلات وصحفيين وغيرهم… بولوج قاعة الجلسات في حالة أخرى من الحالات التي تم فيها استغلال جائحة كرونا كذريعة لانتهاك الحقوق والحريات، بالرغم من الالتزام باتخاذ كافة شروط السلامة من كمامات وتباعد، وبرفض المحكمة، بشكل مطلق، مثول المعتقلين أمامها، وفرضت محاكمتهم عن بعد، بالرغم من اعتراض المعتقلين، وعدم الاستجابة لطلب دفاعهم بضرورة حق مؤازريهم في المثول حضوريا أمام المحكمة؛ كما أهملت المحكمة، منذ الجلسات الأولى، تصريحات المعتقلين أمامها والتي أفادوا عبرها أنهم تعرضوا لسوء المعاملة التي ترقى إلى مستوى التعذيب؛ وفي المقابل اعتمدت المحكمة كليا على محاضر الضابطة القضائية بالرغم من تصريح المعتقلين أمامها أنها انتزعت منهم بالإكراه أو أنهم أجبروا على التوقيع عليها دون الاطلاع عليها وأنها محاضر مزورة من صنعها؛ كما رفضت المحكمة الاستجابة للطلبات الأولية والدفوعات الشكلية لدفاع المتهمين التي تمت إثارتها أمامها دون تعليل أو تم ضمها إلى الجوهر؛ ورفضت كل طلبات السراح المؤقت المقدمة من دفاع المعتقلين أمام المحكمة الذي التمس احترام قرينة البراءة، باعتبار أن الحرية هي الأصل، وأن الاعتقال ليس إلا تدبيرا استثنائيا بمقتضى قانون المسطرة الجنائية والدستور والمواثيق الدولية؛ وقد لمست الجمعية أن قناعة القاضي كانت مكونة وواضحة مسبقا بخصوص الأفعال الجرمية المنسوبة لهم، بحيث كان واضحا أنه يتجه نحو الإدانة باعتماد ما دون بالمحاضر، مستغلا في ذلك المادة 288من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه يوثق بمضمون محاضر الضابطة القضائية، ما لم يثبت ما يخالفها، الشيء الذي يكون معه حكم المحكمة تحصيل حاصل سبقتها إليه الضابطة القضائية؛ كما سجلت الجمعية التأخير والتسويف في إعداد نسخ الأحكام بعد النطق بها، والتأخير في تعيين جلسات الاستئناف الشيء الذي تكون له انعكاسات خطيرة خصوصا على المتهمين في حالة اعتقال من أجل جنح، إذ غالبا ما لا ينظر في قضاياهم استئنافيا إلا بعد ان يستنفدوا مدة محكوميتهم، مما يمس بحقهم في الحرية ويخرق حقهم في أن تُنظَرَ قضاياهم في أجل معقول دون مماطلة او تسويف.