المغراوي يناقش في أطروحته..دساتير ما بعد حراك 2011 و مستقبل الانتقال الديمقراطي
ناقش الباحث المغربي علي المغراوي، صباح يوم السبت الماضي، بكلية الحقوق بمراكش، أطروحة لنيل الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية في إطار مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، حول موضوع: “دساتير ما بعد حراك 2011، ومستقبل الانتقال الديمقراطي في المغرب وتونس، وذلك أمام لجنة مكونة من د.إدريس لكريني رئيسا ومقررا، ود.عبد اللطيف بكور مشرفا، ود.محمد الغالي عضوا ومقررا ود,حفيظ اليونسي عضوا ومقررا، ود.سعيد خمري عضوا ود.مصطفى الصوفي عضوا. وقد نال على إثرها الدكتوراه في الحقوق بميزة مشرف جدا.
استهل الباحث الموضوع باشكالية رئيسة تمحورت حول سؤال جوهري مفاده، إلى أي حد يمكن ان تشكل دساتير مابعد حراك 2011 مدخلا اساسيا للإنتقال الديمقراطي بكل من المغرب وتونس، وقد اثار الباحث في ضوء هذه الإشكالية مجموعة من التساؤلات المؤطرة للبحث، كما افترض الباحث فرضيتين اساسيتين، جعلهما منطلقا للموضوع.
ووقفت الدراسة التي اعدها المغراوي على معالم الانتقال الديمقراطي في دساتير حراك 2011، حيث فكك السياق السياسي الذي أفرز بروز الدستورين المغربي والتونسي، وهو سياق ظلدموسوما بديناميات الشارع المغربي والتونسي، التي تميزت بطابعها الشبابي السلمي المتنوع والطموح، وغاب عنها رأس وقيادة لادارة الحراك،
واذا كانت العوامل الدافعة على قيام الحراك بكل من المغرب وتونس تنوعت بين الدوافع الاقتصادية والاجتماعية، فإن أهم مطلب ميز التجربتين المغربية والتونسية هو مطلب الإصلاح الدستوري مع وجود كثافة على الطلب الدستوري، مع التعبير عن الحاجة الملحة للطبيعة العقدية بين السلطة والمجتمع. وأبرز الباحث بمقاربة مقارنة اهم ملامح استراتيجية الإصلاح الدستوري بالمغرب وتونس، مفسرا المحيط السوسوسياسي الذي حكم منهجية اعداد الدساتير بكل من المغرب وتونس بعد 2011.
ومن الخلاصات الأساسية التي توصل اليها بهذا الخصوص، ان الدستور في السياقات الانتقالية يستوجب وجود ارادة سياسية توافقية لتدبير المرحلة، حيث تنعكس هذه الارادة في رسم استراتيجية الإصلاح الدستوري، وقد كشفت الدراسة عبر تحليل النص الدستوري عن مجموعة من المؤشرات والمرتكزات الاساسية للإنتقال الديمقراطي بكلا البلدين، ومنها التحولات الأساسية التي عرفتها طبقات الدستور المغربي وخاصة فيما يتعلق بدسترة مؤسسة رئيس الحكومة واختصاصاته، الا ان الدراسة وقفت ايضا على المعيقات والكوابح التي تعيق عملية الانتقال الديمقراطي، ومنها الحاجة لتعاقد سياسي بين السلطة والمجتمع، من شأنه ان يؤسس لتفاهمات وتسويات سياسية دافعة نحو احداث انتقال حقيقي، مع ترجمة هذا التعاقد في وثيقة دستورية تضمن فصلا للسلط وتكرس الحقوق والحريات الأساسية.
ومن اجل بلوغ هذا الافق الديمقراطي، اقترحت الدراسة مجموعة من المداخل وذلك في ضوء ما اثلته التراكمات النظرية في موضوع الانتقال الديمقراطي، وباستحضار خلاصات التجارب الدولية المختلفة،
ومن المداخل الأساسية التي وضعها الباحث، هناك المدخل السياسي التعاقدي، ومدخل العدالة الانتقالية كخيار استراتيجي ،يستلزم تحقيق انفراج حقوقي ومعالجة الانتهاكات المتراكمة، وتحقيق مصالحة وطنية لتهيئ مناخ مساعد على فعل سياسي متزن، وايضا اقترحت الدراسة مدخل العدالة المجالية، وذلك من خلال تطوير ورش الجهوية واللامركزية، بماهي فضاءات لتوطين التنمية، وذلك بتمكين الجهات من اختصاصات وسلط كافية لتنزيل البرامج التنموية، غير ان هذا المدخل يقتضي ايضا تاهيلا للأحزاب السياسية بما يعزز استقلاليتها حتى تؤدي وظيفتها فى المجتمع تاطيرا وتوجيها وترسيخا للوعي وبناء للنخب القادرة على قيادة التغيير التاريخي.
وختم الباحث النسق التحليلي للدراسة، بمدخل اساسي ومهم جدا من أجل تحقيق الانتقال الديمقراطي ،ويتعلق الأمر بالمدخل الاقتصادي والاجتماعي، على اعتبار أهمية الاختيارات الاقتصادية في تحقيق الاقلاع التنموي لانه من الخلاصات الحاسمة أن الإصلاحات السياسية لوحدها ومهما كانت نجاعتها ومستوى نضجها، غير كافية لوحدها لانجاز الانتقال، فهناك من يتربص بالتجارب الصاعدة، ويشاغب عليها من خلال الوضع الاقتصادي الهش الذي يتم استغلاله لانعاش الثورات المضادة.
وفي سياق هذه الخلاصات والنتائج، اكدت الدراسة على ضرورة ابداع نموذج تنموي وطني يبني ويرسخ الديمقراطية، ويوطن التنمية ،وخلصت الدراسة إلى ان هذا الرهان يقتضي مقاربة جماعية للتغيير، تتاسس على التعبئة الشاملة للمجتمع والاشراك الحقيقي لكل مكوناته وقواه الحية، منا سيعزز مسار البناء الديمقراطي بالمغرب وتونس، وسيسهم في ارساء أركان دولة الحق والقانون الضامنة للحقوق والحريات والمستشرفة للتنمية المستدامة عبر الأجيال.