ضغوط متزايدة على ميانمار لإعادة اللاجئين الروهنغيا (تقرير)
منذ أن فازت أونغ سان سو تشي بولاية ثانية في السلطة بميانمار، يبدو أن الضغط الدولي على إدارتها يتزايد بشأن إعادة لاجئي أقلية الروهنغيا المسلمة المضطهدة إلى وطنهم في البلد الآسيوي.
وشهدت ميانمار، ذات الأغلبية البوذية والبالغ عدد سكانها أكثر من 54 مليون نسمة، انتخابات برلمانية في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، في ظل تهميش نحو مليوني شخص من الروهنغيا في الداخل والخارج.
وفاز حزب “الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية” الحاكم، بقيادة الزعيمة الفعلية للبلاد أونغ سان سو تشي، بولاية ثانية في السلطة تستمر 5 سنوات، بعد فوزه في انتخابات 2015.
وواجهت الانتخابات انتقادات هائلة من جميع أنحاء العالم؛ حيث حُرم من المشاركة فيها حوالي 2.8 مليون من الأقليات العرقية، بمن فيهم 600 ألف من الروهينغا، الذين لا يزالون في ميانمار وأكثر من مليون آخرين في بنغلاديش.
وأثار حرمان الأقليات العرقية من التصويت مخاوف بشأن ما إذا كان يمكن إعادة لاجئي الروهنغيا بسلام إلى وطنهم.
وتخطط بنغلاديش، وهي تستضيف أكثر من 1.1 مليون من لاجئي الروهنغيا، لتكثيف الضغط على ميانمار لإعادة اللاجئين، مع بداية الولاية الثانية لحكومة سو تشي.
وترغب بنغلاديش في إشراك الصين، الحليف الرئيسي لميانمار، في عملية إعادة الروهنغيا، لتتمكن دكا من تحقيق هدفها خلال ولاية سو تشي الثانية.
**إطار زمني
وزير خارجية بنغلاديش، أبو الكلام عبد المؤمن، أعلن أنه سيطلب من الحكومة المنتخبة حديثًا في ميانمار تحديد إطار زمني لإعادة الروهنغيا إلى وطنهم في إقليم أراكان (راخين- غرب) بشكل دائم.
وقال عبد المؤمن لوسائل إعلام محلية الثلاثاء: “سنطلب منهم إعطاءنا موعدًا لبدء إعادة الروهينغا للوطن (..) نحن مستعدون لإعادتهم”.
وأضاف: “أكد لنا أصدقاؤنا، مثل الصين واليابان والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، أنهم سيساعدوننا كي تأخذ ميانمار زمام المبادرة”.
وتشارك بنغلاديش فى آلية ثلاثية الأطراف، مع الصين وميانمار، لتسريع قضية عودة اللاجئين.
وصرح عبد المؤمن، في تصريح للأناضول، إن بنغلاديش متفائلة بشأن بدء إعادة الروهنغيا بشكل دائم.
وتابع: “مستعدون لإعادة المهجّرين من ميانمار إلى بلدهم، وبما أن ميانمار وافقت على استعادتهم وضمان سلامتهم وأمنهم، فنحن نعتقد أن الحكومة الجديدة ستفي بالتزامها”.
وأردف: “حان الوقت للقيادة الدولية لاتخاذ مبادرة استباقية من أجل عودة (الروهنغيا) السالمة والآمنة والكريمة”.
وشدد على أن عودة الروهنغيا بشكل دائم إلى وطنهم أمر حاسم لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها.
وحذر من أنه “إذا تأخرت العودة إلى الوطن، فقد يؤدي ذلك إلى ظهور جيوب من التطرف، قد تخلق حالة من عدم اليقين في المنطقة، مما يحبط الآمال في مستقبل أفضل للمنطقة.”
كما حذر عبد المؤمن من أن التباطؤ في عملية عودة الروهنغيا قد يؤدي إلى تأثير سلبي على الاستثمارات الإقليمية الشاملة.
وشدد على أن “كل الاستثمارات في المنطقة قد تواجه حالة من عدم اليقين”.
** الحل الوحيد
رحمت كريم، أحد قادة مجتمع الروهنغيا في مخيم “كوكس بازار” جنوبي ننغلاديش، قال للأناضول، إن العودة السلمية والكريمة إلى الوطن هي الحل الوحيد لهذه الأزمة، في إشارة إلى الظروف غير الإنسانية في “كوكس بازار”.
وأضاف: “من دون العودة الفورية إلى الوطن، مع (ضمان) حقوق المواطنة والأمان، لا أمل لدينا هنا في بنغلاديش”.
فيما أشار كياو وين، المدير التنفيذي لـ”شبكة بورما لحقوق الإنسان” (مقرها لندن) إلى أن عودة الروهنغيا السلمية والكريمة للوطن هي إحدى القضايا ذات الأولوية القصوى بالنسبة لهم.
واستدرك وين، في حديث للأناضول: “لكن قبل العودة إلى الوطن، يجب أن نضمن عاملين، وهما السماح للروهنغيا بالعودة إلى أماكن ولادتهم الأصلية، حيث أُجبروا على الفرار، واستعادة حقوق المواطنة الخاصة بهم”.
وحددت الشبكة سلسلة من المطالب من حكومة ميانمار القادمة، لضمان مستقبل أكثر ديمقراطية وإنسانية للبلد.
وقالت الشبكة، في بيان الأربعاء: “يجب تسريع عملية إعادة الروهنغيا إلى الوطن، مع ضمان كرامة الشعب وحقوقه”.
وأضافت: “للقيام بذلك يجب أن يشارك السياسيون والقادة من الروهنغيا في بورما (ميانمار) في العملية”.
فيما قالت أمبيا بيرفين، رئيسة المجلس الأوروبي للروهنغيا بالنيابة: “نأمل أن تجري حكومة بنغلاديش حوارا مع ميانمار وتعين بعض الوزراء الشباب ذوي رؤى جديدة لحل قضية تعويض الروهنغيا”.
وأضافت أمبيا للأناضول: “يجب أن تكون المباحثات شفافة بمشاركة ممثلي الروهنغيا”.
ودعت إلى زيارة أراكان أولا لـتقييم الوضع الحقيقي هناك من أجل “عودة ملائمة ومجدية”.
** بلا مخيمات مؤقتة
“اتحاد روهنغيا أراكان”، حث في تقرير قُدم إلى منظمة التعاون الإسلامي، حكومة ميانمار المنتخبة حديثا على “البدء فورًا في إعادة الروهنغيا المهجرين قسرًا”.
ودعا الاتحاد، وهو يمثل 61 من منظمات الروهنغيا في جميع أنحاء العالم، إلى إعادة الروهنغيا “من المخيمات في بنغلاديش مباشرة إلى منازلهم الأصلية في أراكان وليس إلى مخيمات مؤقتة”.
كما أوصى التقرير، الذي صدر الأحد، بأن توقف حكومة ميانمار “بطاقة التحقق الوطنية “المثيرة للجدل بشكل دائم و”إعادة شهادات التسجيل الوطنية والبطاقات البيضاء لأقلية الروهنغيا العرقية”.
وتسعى سلطات ميانمار إلى إقناع الروهنغيا باستصدار “بطاقة التحقق الوطنية” لتوثيق البيانات، حيث تدعي أنها ستمكنهم من الحصول على الخدمات العامة، وأنها تعد المرحلة الأولى لحصولهم على جنسيتها.
والبطاقة لا تمنح الجنسية، وقد رفضها زعماء الروهنغيا في معسكرات اللجوء في بنغلاديش، محذرين من أنها ستفاقم معاناتهم، حيث تعرّفهم البطاقة على أنهم “بنغاليون” وترفض الإقرار بعرقيتهم الروهنغية.
كما أوصى الاتحاد بتفكيك مخيمات النازحين داخليًا في أراكان، وإعادتهم إلى أماكنهم الأصلية.
وتفيد تقديرات بأن قرابة 120 ألف من الروهنغيا يعيشون في المخيمات دون أي حقوق أساسية في التنقل والتعليم.
وأوصى الاتحاد كذلك بأن يوقف الجيش “القصف العشوائي للقرى في مناطق الروهنغيا في أراكان، مما يتسبب في مقتل وتدمير وتشريد السكان المدنيين”.
** الأقلية الأكثر اضطهادا
ومنذ 25 أغسطس/آب 2017، يشن الجيش في ميانمار وميليشيات بوذية متطرفة حملة عسكرية ومجازر وحشية ضد الروهنغيا في أراكان.
وأسفرت الجرائم المستمرة عن لجوء قرابة مليون شخص إلى بنغلاديش، وفق الأمم لمتحدة.
ومنذ ذلك التاريخ، قُتل حوالي 24 ألف من مسلمي الروهنغيا على يد القوات الحكومية، وفقًا لتقرير صادر عن “وكالة أونتاريو للتنمية الدولية” (غير حكومية- مقرها كندا).
وأفاد التقرير بأن أكثر من 34 ألف من الروهنغيا أُلقي بهم في النيران، وتعرض ما يزيد عن 114 ألف آخرين للضرب.
وأضاف أن 18 ألف امرأة وفتاة من الروهنغيا تعرضن للاغتصاب من جانب قوات الجيش والشرطة في ميانمار.
كما تم إحراق أكثر من 115 ألف منزل للروهنغيا، وتعرض 113 ألف منزل آخر للتخريب، بحسب التقرير.
وتعتبر حكومة ميانمار الروهنغيا “مهاجرين غير نظاميين” من بنغلاديش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة “الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم”.
وكالات