سياسة

ندوة الكترونية تناقش التدبير السياسي لجائحة فيروس كورونا بالمغرب

نظمت جماعة العدل والإحسان بالدار البيضاء، مساء يوم السبت، ندوة فكرية حول التدبير السياسي لحائحة فيروس كورونا في المغرب، بمشاركة كل من عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة محمد بن مسعود، والحقوقي عبد الرزاق بوغنبور، والفاعلة خديجة الرياضي، والصحافي رشيد البلغيتي.

وقال الدكتور محمد بنمسعود في الندوة المنظمة تحت عنوان “سنة بعج كورونا.. نظرات في التدبير السياسي”، إن تدبير الدولة لجائحة كورونا كشف “الفشل الذريع في سياسات الدولة”، مشيراً إلى أن “الجائحة حلّت بالبلاد وسط منظومة صحية مهترئة”، فضلاً عن “منظومة تربوية فاشلة لا تستطيع ضمان حتى التعليم الحضوري الذي يعيش ظواهر الهدر المدرسي والاكتظاظ، فكيف ستضمن التعليم عن بعد”.

ولفت بنمسعود الانتباه إلى ما تعيشه البلاد من مشاكل اجتماعية استفحلت في ظل “الجائحة”، من قبيل الاقتطاعات من أجور الموظفين، والهشاشة في قطاع الشغل، والتقليص من صندوق المقاصة، فضلاً عن إغلاق لاسامير، تعويم الدرهم وتحرير السوق، تجميد الأجور.

وتحدثت الحقوقية خديجة الرياضي عن وجود تباين في نظرة الفاعلين إلى ما صحب التدبير الرسمي من قيود، بين من اعتبره إجهازا كبيرا على الحريات الأساسية، وقوة لا بد منها استعدتها الظرفية التي تمر منها البلاد، لكن المدافعين عن حقوق الإنسان رفضوا العديد من جوانب هذه الإجراءات ونتائجها والعديد من القرارات “التي كانت لها تبعات خطيرة جدا على الحقوق والحريات بشكل عام ليس فقط حرية الرأي والتعبير”.

وشدّدت الرياضي على أن الإجراءات التي اتخذت في ظل قانون الطوارئ “اتخذت بشكل تعسفي وخارج إطار الدستور والقوانين، وهذه في حد ذاتها مسألة خطيرة جدا، الشيء الذي جعل الدولة كلها مختزلة في الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية التي أصبحت تدبر البلاد، وأصبحت كل المؤسسات الأخرى لا دور لها ولا كلمة ولا قرار لها في التدبير، أما المجتمع المدني والأحزاب السياسية فحدث ولا حرج”، مردفة أن الاستبداد بفعل ذلك “أصبح أقوى وأشد وواضحا للعيان في كل المجالات”.

ورأى الصحافي رشيد البلغيتي أن الممارسة الإعلامية الرسمية في المغرب، كجزء من التدبير الرسمي للجائحة، أظهرت حجم الاستهداف الذي طال الإعلام ووظيفته المجتمعية، حيث استطاعت الدولة تحويل عدد كبير من المؤسسات الإعلامية إلى منصات تابعة لها مهمتها “رسكلتة” (recyclage) أو إعادة تدوير البيانات الرسمية وتقديمها للمواطن كامتداد للعمل الدعائي للوكالات والقنوات والإذاعات الرسمية، التي تخلت عن دورها باعتبارها خدمة عمومية للمواطن، بل أضحى دورها، حسب البلغيتي، هو الحشد والنفير للسياسات الرسمية وتخوين كل من يحاجج هذه السياسات.

وقد أظهرت الجائحة كذلك معدن من يدبر الدولة،إذ سجل البلغيتي تواري المنتخبين في كل المستويات الحكومية والجهات والأقاليم والجماعات لصالح قلب الدولة الذي هو في حقيقة الأمر وزارة الداخلية، حيث اجتهد الإعلام الموالي للسلطة للاحتفاء والاستعراض الميداني لتحركات السلطة عوض الاحتفاء بمن هم في قلب معركة الوباء من أطباء وممرضين وغيرهم. كما حاولت السلطة، حسب ذات الصحفي، استغلال الجائحة للتضييق على الحريات من خلال محاولة تمرير مشروع قانون 22.20، وكذا توظيف قانون الطوارئ الصحية لتقليص هامش الحريات من قبيل حرية الصحافة.

هذا وشدد الحقوقي عبد الرزاق بوغنبور على أن الخطاب الرسمي في الدول المتخلفة ومن بينها المغرب تبين زيفه، أي إذا كان فائض الإنتاج يستفيد منه الأغنياء، وإذا كان هناك نقص كبير آنئذ يحضر خطاب المصلحة العامة ويقحم الشعب باعتبار أنه معني بأداء فاتورة العلاج، مشيراً إلى أن الأنظمة الاستبدادية استغلت فترة الحجر لفرض الحجر السياسي والنقابي والحقوقي والجمعوي على شعوبها، معتبرا أن عملية إغلاق المساجد استندت على طلب “أمير المؤمنين” لكن الفتوى التي خرجت لم تعتمد على آية قرآنية واحدة أو حديث نبوي شريف أو سياق تاريخي أدى إلى إغلاق المساجد، وسيفهم أن “عدم الإحالة على هاته الجوانب أن مؤسسة إمارة المؤمنين أكبر من الدستور ومن الديانة الإسلامية كلها”.

وتأسف المتحدث بشأن تغييب الدولة للبعد الإنساني والاجتماعي مع المواطنين، واستحضارها المقاربة الأمنية، خاصة وأننا لا نتوفر على أحزاب في المستوى ولا نتوفر على نقابات، وباستثناء بعض المنظمات الحقوقية فقد هرول الجميع إلى الانخراط في استراتيجية الدولة لمحاربة الجائحة، والأخطر من ذلك يضيف المتحدث هو “أن الانخراط لم يكن واعيا بقراءة القوانين ومحاولة تصحيحها، بل هناك من انجرّ إلى التصفيق”.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى