مشروع برنارد لويس و صفقة القرن. أية علاقة؟
-محمد العربي النجار
من خلال إطلالة متأنية لواقع أمتنا الإسلامية والعربية الحالي, يتبين بشكل جلي وظاهر أنها تواجه مشاريع تخريبية متتالية بمسميات مختلفة تهدف إلى ضربها في العمق, وذلك بالعمل علىتفتيت الأوطانوتمزيقهاعرقياًوطائفياًومذهبياً وإيديولوجيا على سبيل المثال لا الحصر احتلال العراق و تقسيم السودان وصفقة القرن…،وبموازاتها تعمل الآلة الإعلامية الغربية على تشويه صورة حضارة العرب والمسلمين وتقديمها كوكر للكراهية و الجهل والإرهاب.
فالذينلميقرؤواالتاريخ و يشخصوا الواقع تشخيصا دقيق ايظنون أنه ما يصنع الآن في الأمة من حروب واحتلال وتقسيم أمرا عفويا أنتجته الأحداث التي شهدتها المنطقة بطريقة طبيعية،ولكن الحقيقة المؤلمة أن كل ما يحدث الآن هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الاستعماري الذي خططته وصاغته قوى الإستكبار وعلى رأسهم الصهيونية العالمية, والذي بدأ رسميا بإنشاء هذا الكيان الصهيوني على أرض فلسطين سنة 1948 والذي لا زال مستمرا إلى يومنا هذا بحلة جديدة اسمها ”صفقة القرن”.
وبعيدا عن الرواية الغربية التي تتهمنا بتفشي نظرية المؤامرة في الوسط العربي و الإسلامي يبدو لنا جليا من خلال العديد من القرائن و الحقائق ارتباط المشروع الصهيوني للمؤرخ الأمريكي ”برنارد لويس” الذي وافق عليه رسميا الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية تم تسريبها فيما بعد سنة 1983والذي يسعى الى تقسيم المنطقة ابتداءا من دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا و العراق وسوريا وجميع دول الطوق بل تعداها الى ايران وباكستان و افغنستان وقد عبرت صحيفة” وولستريت جورنال بوضوح في مقال نشرته سنة 2002 قالت فيه: ”إن برنارد لويس المؤرخ البارز للشرق الأوسط قد وفَّر الكثير من الذخيرة الإيديولوجية لإدارة بوش في قضايا الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب؛حتى إنه يعتبر بحق منظر السياسة التدخل والهيمنة الأمريكي في المنطقة”, بصفقة القرن والتي تهدف هي الأخرى الى تعزيز الانقسام الفلسطيني واستهداف دول الجوار وخلق منطق تبادل الأراضي بالمال بين الدول العربية, الشيء الذي كان يعتبر عبر التاريخ من معاني شرف الأمم و من المستحيلات و التوابث التي لا يمكن التنازل عنها مع الاجهاز الكلي عل ما تبقى من مكتسبات حفاظا على حماية سلامة و أمن الكيان الصهيوني ولهذا فصفقة القرن تعتبر مجرد فصل من فصول المخططات الصهيونية المتعددة الأوجه بتغطية و رعاية غربية خصوصا الأمريكية.
وبما أنالإسلامهوعاملالتوحيدالأوللهذه الأمة الذي بإمكانه مواجهة هذه المخططات اللعينة،فلم يقف مخطط التفتيت الصهيو-أمريكي عند دائرة الأمة العربية،وإنما امتد ليشمل عالم الإسلام، منشبه القارة الهندية إلى المغرب الأقصى, ففي مقابلة أجرتها أحد وكالات الإعلام مع”برنارد لويس” بتاريخ20/05/2005 قال الآتي بالنص” :إنالعرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون ،لايمكن تحضرهم، وإذا ترِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات،وتقوض المجتمعات، ولذلك فإن الحلّ َالسليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم،وتدمير ثقافتهم الد ينية وتطبيقاتها الاجتماعية،وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أنتستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية…”وبعده بسنة وتحديدا في 01/05/2006 ألقى “ديكتشيني” نائب الرئيس “بوش الابن” خطابا يكرم فيه “لويس“ في مجلس الشئون العالمية في فيلادلفيا؛حيث ذكر “تشيني” أن لويس قد جاء إلى واشنطن ليكون مستشار الوزير الدفاع لشئون الشرق الأوسط كما يفصح برنارد لويس في مخططه بشكل مابشر عن المقصد من تقسيم الوطن العربي والإسلامي إلى دويلات مشتتة والذي يشبه إلى حد كبير أهداف ومساعي ما سرب من ما يسمى ب”صفقة القرن”، فيقول في هذا المخطط: “ويرى الإسرائيليون أن جميع هذه الكيانات،لن تكون فقط غير قادرة على أن تتحد،بل سوف تشلها خلافات لا انتهاء لها على مسائل الحدود وطرق اتو مياه،ونفط، وزواج،ووراثة،الخ .. ونظراً لأن كل كيان من هذه الكيانات سيكون أضعف من إسرائيل، فإن هذه ستضمن تفوقها لمدة نصف قرن على الأقل..!”
فأمام كل هذه المخططات الجهنمية التي تستهدف أمتنا العربية و الإسلامية والتي أصبحت في وقتنا الراهن حقائق على الأرض وليس مجرد تخوفات و تكهنات كما كان يروج في السابق ليس للأمة حل غير التوحد واستنهاض الهمم لمقاومة ما يحاك ضدها بدءا بالمعرفة أي معرفة طبيعة مخططات العدو وسياقاتها ونقط قوتها وضعفها و الركائز التي يراهنون عليها لفضحها والتصدي لها بتشارك بين كل مكونات هذه الأمة الصادقة كل من موقعه و من جانب تخصصه مع تكوين جبهات قوية لإحباط الصفقة المشؤومة وتحويلها إلى صفعة لكل من سولت له نفسه المساس بحرمات أمتنا.
مؤخرا سرب موقع “ديبكا” الاستخباري العبري بأن الرئيس الأمريكي ترامب سيعلن قريبا عن الخطة بمعزل عن السلطة الفلسطينية و الرئيس محمود عباس ولكن بتشارك مع قادة بعض الدول العربية ولن يتم الاعلان عنها كاملة في المرحلة الأولى لفتح المجال أمام مزيد من المشاوارات مع البحث لإشراك شخصيات فلسطينية وازنة توجد خارج دائرة السلطة وهذا فعلا ما يسير إليه مؤتمر المنامةالذي يهدف إلى خلق معادلة خبيثة جديدة يطغى عليها كثيرا الجانبالإقتصادي والمادي شعارها ”مقايضة المال بالأرض والسلام”.ولهذا فالضغط من طرف الشعوب والهيئات المدنية والقوى السياسية للإفشال هذا المؤتمر بكل الوسائل المتاحة و المشروعة هو خطوة غاية في الأهمية للإسقاط ما يسمى ب”صفقة القرن” و إحباط أهدافهالحماية فلسطين والأقصى واستكمال مشروع التحرير المنشود.