سياسة

خلاصات المؤتمر 12 للجمعية المغربية لحقوق الانسان

نقدم للقارئ الكريم التصريح الصحفي للندوة الصحفية، التي نظمتها الجمعية المغربية لحقوق الانسان،لإطلاع الاعلام عن نتائج   المؤتمر الوطني الثاني عشر للجمعية.

الأصدقاء والصديقات.

يشرفنا، في المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن نرحب بكم في إطار هذه الندوة الصحفية، التي ننظمها اليوم من أجل تقديم نتائج المؤتمر الوطني الثاني عشر للجمعية المنعقد أيام 26، 27 و28 أبريل 2019، ببوزنيقة، تحت شعار”: نضال وحدوي لتفعيل الميثاق الوطني لحقوق الإنسان، والدفاع عن كافة الحقوق والحريات. وهي المحطة التي أتت أسابيع قبل تخليد الجمعية للذكرى الأربعين لتأسيسها في 24 يونيو 1979، بعد مسار نضالي طويل في خدمة حقوق الانسان والدفاع عنها. وهي مناسبة نغتنمها لنطلعكم على أهم المراحل التي مر منها المؤتمر، تحضيرا وانعقادا ونتائج، مع ما يترتب على ذلك من مهام وآفاق للعمل.

1.      الإعداد للمؤتمر:

شرعت الجمعية في الإعداد لمؤتمرها الثاني عشر في ظروف متسمة بحملات الدولة القمعية والانتقامية ضد الحركة الحقوقية والديمقراطية، حظيت فيها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالنصيب الأوفر من التضييق والحصار، بغية إرباك عملها وإلهائها من أجل الحد من دورها في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها. وقد تجلت هذه الحملة، التي استهدفت كذلك العديد من الهيئات والمنظمات الوطنية والدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، في السعي لنزع صفة المنفعة العامة عن الجمعية، ومحاولة التشكيك في ذمتها المالية واتهامها بالانحراف عن أهدافها، والمنع التام من استعمال الفضاءات العامة والخاصة في القيام بالأنشطة وتنظيم الجامعات والندوات والدورات التكوينية، ورفض تسلم الملفات القانونية عند تجديد عدد متزايد من الفروع بلغت لحدود الساعة 53 فرعا، أو رفض تسليم وصولات الإيداع المؤقتة أو النهائية عنها لـ 10 فروع، والعمل على وضع العراقيل أمام عقد المؤتمر بكل الوسائل، إذ لم نتمكن من المركب الدولي للشباب بوزنيقة إلا 48 ساعة قبل انطلاق أشغال المؤتمر.

ــ بخصوص التحضير الأدبي: انطلق الإعداد له في يوليوز 2018، خلال اجتماع اللجنة الإدارية في دورتها العاشرة؛ ليتواصل بعد ذلك مع الدورة 11 للجنة الإدارية المجتمعة يوم 06 أكتوبر 2018، والتي تم خلالها بالخصوص تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر؛ والتي انكبت بدورها على بلورة مشروع الوثيقة التحضيرية، وإرسالها للفرع المحلية والجهوية من أجل مناقشتها نهاية شهر دجنبر 2018. وبعد التوصل بخلاصات النقاش، باشرت اللجنة التحضيرية تهيئ مسودات مشاريع المقررات والتوصيات التي رفعت إلى المؤتمر؛

ــ بخصوص التحضير التنظيمي: وضع المكتب المركزي جدولا دقيقا لتواريخ الجموعات العامة لفروع الجمعية لانتخاب ممثلي الفروع في المؤتمر، وحدد لها شهري فبراير ومارس، وعمل على تتبعها. فأسفرت العملية عن انتخاب 389 مؤتمرا/ة عن الفروع وليكون العدد الإجمالي للمؤتمرين/ات، بعد إضافة أعضاء اللجنة الإدارية واللجنة التحضيرية للمؤتمر هو: 519 مؤتمرا ومؤتمرة، من بينهم 183 امرأة بنسبة (%35 (، و185 شابا/ة بنسبة (%36).

ــ أما التحضير المادي: ويتعلق الأمر بمالية المؤتمر؛ فبالإضافة إلى رسم المشاركة الخاص بالمشاركين والمشاركات في المؤتمر والدعم الذي يقدمه عدد من الأصدقاء والمتعاطفين ومناضلي ومناضلات الجمعية، فقد عمل المكتب المركزي للجمعية على مراسلة وطلب لقاء مع عدد من مسؤولي القطاعات والمؤسسات الوطنية والحكومية، التي دأبت على دعم المؤتمر سواء عينيا أو ماليا، حيث تلقينا تفاعلا من قبل عدد منها كالمجلس الوطني لحقوق الانسان ومؤسسة الوسيط ووزارة الشباب والرياضة ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، فيما لم يتفاعل بعضها رغم الاتصالات المتعددة بمسؤوليها؛

2.     أشغال المؤتمر:

انطلقت فعاليات المؤتمر الوطني الثاني عشر، صبيحة يوم الجمعة 26 أبريل 2019 بقاعة نادي المحامين بالرباط، مع الندوة الفكرية الدولية الافتتاحية للمؤتمر، حول موضوع “حركة حقوق الإنسان، الأدوار والتحديات”، بمساهمة عدد من الفاعلين والباحثين في مجال القانون الدولي من المغرب وتونس وفرنسا وفلسطين، قدم خلالها المشاركون مداخلات حول أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان والصعوبات التي يواجهونها في مهامهم. خاصة أوضاع المدافعات عن الحقوق الإنسانية للنساء التي أخذت حيزا هاما ضمن أشغال الندوة. كما قدم كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان مداخلتين لهما في الموضوع.

ورغم حرمان الجمعية من عقد الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بمسرح محمد الخامس كما جرت العادة خلال مؤتمرات سابقة؛ فقد انعقدت الجلسة بالمركب الدولي للشباب والطفولة ببوزنيقة مساء يوم 26 أبريل، في جو ميزه الحضور الوازن للهيئات والشبكات الحقوقية والإطارات الديمقراطية والصحافيين والفعاليات المهتمة. وتميز الحفل الافتتاحي بكلمة رئيس الجمعية، وكلمات العديد من الضيوف والشبكات والائتلافات العاملة في مجال حقوق الإنسان، وكلمات المعتقلين السياسيين وعائلاتهم، وتكريم أمهات المعتقلين السياسيين والمختطفين مجهولي المصير.  كما تليت برقيات توصل بها المؤتمر من منظمات وشبكات حقوقية قارية وإقليمية ودولية.

وخلال المؤتمر، الذي شارك فيه أكثر من 500 مشارك ومشاركة (مؤتمرين/ات وملاحظين/ات)، إضافة إلى 30 متتبعا/ة عن هيئات وطنية ودولية صديقة وصحفيين، تم بالأساس:

·       عرض التقريرين الأدبي والمالي ومناقشتهما وتقديمهما للمصادقة؛ حيث صودق على التقرير الأدبي بأغلبية المؤتمرين/ات، في حين عارضه مؤتمر واحد، وتحفظ عليه مؤتمر واحد دون أن يسجل أي امتناع؛ أما التقرير المالي فقد صودق عليه بإجماع المؤتمرين دون أن يسجل أي امتناع أو معارضة أو تحفظ.

·       انتخاب لجنة رئاسة المؤتمر المكونة من سبعة أعضاء وهم: أحمد الهايج، خديجة عناني، الطيب مضماض، حميد بوهدوني، عبد الناجي الكومري، خديجة رياضي ويوسف الريسوني. وبعد ذلك قدمت اللجنة الإدارية استقالتها.

·       المصادقة على جميع مشاريع الوثائق المقدمة للمؤتمر وعددها 14، بعد مناقشتها وتعديلها من طرف مختلف اللجان ومن طرف المؤتمر.

·       المصادقة بشبه إجماع على البيان العام (تحفظ واحد).

·       انتخاب لجنة إدارية تتألف من 95 عضوا وعضوة، عبر طريقة لجنة الترشيحات، من ضمنهم 32 امرأة، بنسبة الثلث و24 شابا وشابة بنسبة الربع. وجاءت نتائج التصويت على النحو التالي: مع 275، ضد:14، التحفظ:16، الامتناع: 02.

وإجمالا أسفر المؤتمر عن جملة من القرارات والتوصيات، التي ستشكل الموجه والمحدد للتوجهات الكبرى المقبلة للجمعية في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بأوضاعها ببلادنا.

3.     انتخاب المكتب المركزي:

وفور انتخابها، اجتمعت اللجنة الإدارية، في دورتها الأولى، بعين المكان، يوم الأحد 28 أبريل، وانتخبت المكتب المركزي، المشكل من 23 عضوا/ة، من بينهم 8 نساء (35 %) وستة شباب (26 %)، الذي اجتمع بدوره لتوزيع المهام داخله على الشكل التالي:

الرئيس: عزيز غالي؛

نوابه: نعيمة واهلي، إبراهيم ميسور، حميد بوهدوني.

الكاتب العام: يوسف الريسوني.

نوابه: سميرة بوحية، عبد العزيز بلحسن.

أمين المال: سعيد الطبل.

نائبه: سعيد بنحماني.

مستشارون/ات مكلفون/ات بمهام: زينب شاكر، زهرة قوبيع، سعاد براهمة، خديجة رياضي، مريم مسكار، أميمة موموش، عبد اللطيف الحماموشي، عمار الوافي، جواد التلمساني، عمر أربيب، عادل الخلفي، الصديق كبوري، الميلودي الكبير، عبد السلام العسال.

لقد تميزت تشكيلة اللجنة الإدارية والمكتب المركزي بالتنوع الجغرافي وباحترام انتخاب ثلث (3/1) على الأقل، أعضاء اللجنة الإدارية من النساء؛ وربعهم من الشباب، كما أن تشكيلتي اللجنة الإدارية والمكتب المركزي شكلت فيها الأطر الجديدة نسبا مهمة فاقت 53% من الأطر الجديدة بالمكتب المركزي (12/23) وأكثر من 46% في اللجنة الادارية (44/95).

4.     أهم خلاصات المؤتمر:

علاوة على تثمين المؤتمر للاختيارات التنظيمية والتوجهات الاستراتيجية للجمعية في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها وإشاعة ثقافتها، فإنه وخلال النقاشات التي عرفها المؤتمر، برزت عدة قضايا أهمها:

·       التأكيد على وحدة العمل الحقوقي:

إن اختيار شعار المؤتمر “نضال وحدوي لتفعيل الميثاق الوطني لحقوق الإنسان، والدفاع عن كافة الحقوق والحريات.”، يعبر مرة أخرى وبجلاء، عن الأولوية الكبرى التي توليها الجمعية للعمل المشترك وللنضال الحقوقي الوحدوي على أرضية الميثاق الوطني باعتباره اللحمة الفكرية والبرنامجية للحركة الحقوقية ككل، وللحركة الديمقراطية بشكل عام.  وذلك وعيا من الجمعية بضرورة وحدة العمل من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان وإقرار الديمقراطية ببلادنا.

·       إبراز تيمة المدافعين على حقوق الانسان:

إن أحد مميزات المؤتمر الوطني الثاني 12 هي المكانة التي احتلها موضوع المدافعين/ات من خلال الندوة الافتتاحية المخصصة لهذه القضية، وتكريم عائلات سجناء الحراك خلال افتتاح المؤتمر، وتقديم تقرير عن حالة المدافعين/ات وإصدار مقرر خاص لأول مرة في هذا الشأن. وينبع هذا الاهتمام الخاص بهذا الموضوع من القمع المتزايد للمدافعين/ات والمصاعب المتنامية التي يواجهونها/ يواجهنها في أداء مهامهم/هن.

·       الاهتمام أكثر بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية:

نظرا لما تعرفه هذه الحقوق من انتهاكات غير مسبوقة؛ حيث تسعى الدولة، عبر السياسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي باتت تسنها خضوعا لإملاءات الدوائر المالية العالمية، إلى الإجهاز الكامل على كافة الخدمات العمومية وتسليعها، وتسريع وتيرة تفكيك القطاعات العامة وتفويتها، وإخضاع الأسعار لمنطق السوق وتقلباته، والإجهاز على مكتسبات الأجراء ومدخراتهم، وهيمنة اقتصاد الريع وتزايد حجم الفساد، والاستمرار في نهج سياسة الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية والمالية؛

·       أهم المواقف الصادرة عن المؤتمر:

1)   على المستوى الدولي والإقليمي:

§        دعوة كافة القوى الديمقراطية إلى مناهضة كل أشكال العدوان التي تمارسها الدول العظمى على الشعوب، وتقوية النضال ضد الحروب والعولمة اللبرالية المتوحشة، وضد القوى الإمبريالية باعتبارها قوى منتهكة لحق الشعوب في تقرير مصيرها، وضد الصهيونية كحركة استعمارية وعنصرية وعدوانية، وضد أنظمة الاستبداد في المنطقة باعتبارها شريكة لها ومتواطئة معها في الجرائم بحق شعوبها وفي قمع كل الحراكات التواقة للتغيير الديمقراطي.

§       المطالبة باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والعودة وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل أراضيه وعاصمتها القدس؛ والمطالبة بمحاكمة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في فلسطين؛ واستنكار سياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتوصية بالعمل على مناهضتها.

2)   على المستوى الوطني: ناقش المؤتمر مختلف القضايا الحقوقية الراهنة والانشغالات الكبرى المطروحة عليه وتوصل إلى ما يلي:

–         التأكيد على ضرورة النضال من أجل بناء نظام ديمقراطي يكرس احترام حق الشعب المغربي وإرادته في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي والثقافي والبيئي، والذي يتطلب دمقرطة مدونة الانتخابات، وكافة القوانين المرتبطة بالعملية السياسية، واتخاذ سائر الإجراءات التنظيمية والإدارية والعملية لضمان انتخابات حرة ونزيهة، تعبر نتائجها عن الإرادة الحقيقية للشعب المغربي.

–         المطالبة بإقرار دستور ديمقراطي علماني، شكلا ومضمونا ومصادقة، ينص صراحة على سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية، وعلى فصل حقيقي للسلط، بما فيه فصل الدين عن الدولة، والسياسة عن الدين، وعلى المساواة التامة بين النساء والرجال بدون قيد أو شرط، وعلى ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعلى ضمان كافة الحقوق والحريات كما هو معترف بها كونيا.

–         المطالبة بالمصادقة على البروتوكولين الاختياريين الملحقين بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتصويت لصالح وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، ووضع التصريح باعتراف الدولة باختصاص اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري “بتلقي وبحث بلاغات الأفراد. أو بالنيابة عن أفراد يخضعون لولايتها” وفق المادة 31 من الاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، ووضع حد لكل العراقيل أمام زيارة المقررين الخاصين كما هو الشأن بالنسبة للمقرر الخاص حول استقلال القضاء والمحاماة.

–         المطالبة بوضع حد للتأخر في إنجاز التقارير الدورية بموجب المعاهدات وعلى الأخص التقارير الوطنية حول التعذيب والاختفاء القسري وحقوق النساء.

–         ملاءمة التشريعات المغربية مع معايير حقوق الإنسان الكونية، وإلغاء كل التشريعات التي تنتهك الحقوق والحريات الأساسية بدءا بقانون مكافحة الإرهاب، وإشراك الحركة الحقوقية والمجتمع المدني ومختلف الهيئات الممثلة للفئات المعنية بتلك التشريعات.

–         احترام سيادة القانون في الممارسة وعلى كافة المستويات، ونهج أسلوب المساءلة والمحاكمة، وعدم الإفلات من العقاب للمنتهكين.

–         الضمان الفعلي والعملي لاستقلال السلطة القضائية، والحد من سلطة النيابة العامة، وجعل الشرطة القضائية تحت إمرة ومراقبة السلطات القضائية.

–         تفعيل “الأرضية المواطنة للنهوض بثقافة حقوق الإنسان” تحت مسؤولية الحكومة، ووضع خطة وطنية للتثقيف الحقوقي وإعادة النظر في الخطة الوطنية من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان المعتمدة من طرف الدولة بما يتلاءم ومقترحات الحركة الحقوقية، والمرجعية الكونية لحقوق الإنسان.

–         ضرورة العمل على تحرير سبتة ومليلية والجزر الشمالية المحتلة من طرف إسبانيا، وإرجاعها للمغرب.

وبشأن النزاع في الصحراء، جدد المؤتمر التعبير عن الاستياء من استمرار النزاع في المنطقة، مع ما نتج عنه من ضحايا ومآسي إنسانية، وإهدار للطاقات الاقتصادية، وعرقلة لبناء الوحدة المغاربية المنشودة، مع تأكيد المؤتمر على موقف الجمعية بشأن الحل الديمقراطي والفوري للنزاع، والتصدي لكافة الانتهاكات الناتجة عن النزاع مهما كان مصدرها.

وفيما يخص ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، فقد تم التأكيد مجددا على أن الحل العادل والشامل لهذا الملف لا يمكن أن يتم إلا على أساس إعمال المعايير الدولية ذات الصلة والمرتكزة على الحقيقة الشاملة، وعدم الإفلات من العقاب، والإنصاف، وحفظ الذاكرة، والاعتذار الرسمي والعلني للدولة، وتأمين متطلبات بناء دولة الحق والقانون كأساس لعدم تكرار الانتهاكات.

وبشأن ضرورة احترام حقوق الإنسان عند المعالجة الأمنية والقضائية لملف الإرهاب، أكد المؤتمر على موقف الجمعية الثابت من الإرهاب والمتجسد في الإدانة المطلقة لأي عمل إرهابي والتضامن مع ضحاياه، وحث الدولة على وضع التدابير الكفيلة باجتثاث جذور الإرهاب.

وبخصوص الاعتقال السياسي، طالب المؤتمر بإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين من نشطاء الحراكات الاجتماعية، خاصة في الريف؛ وجرادة، والحقوقيين والنقابيين، والعمال، والطلبة والمعطلين والصحفيين، ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، والمدونين والنشطاء الصحراويين…

كما عبر المؤتمر عن استنكاره لاستمرار المس بالحق في الحياة والسلامة البدنية والأمان الشخصي، وطالب بإلغاء عقوبة الإعدام، وجعل حد للتعذيب والعنف الممارس، خاصة من طرف مختلف الأجهزة، وتفعيل الآلية المستقلة لمراقبة أماكن الاحتجاز، بما يتماشى مع البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وكل ضروب المعاملة القاسية والمهينة والحاطة بالكرامة، مع ضمان احترام تام لصلاحياتها واستقلاليتها عن كافة المؤسسات الرسمية، وتعديل قانون المسطرة الجنائية.

وجدد المؤتمر المطالبة بتعديل قانون حصانة العسكريين بما يتلاءم ومتطلبات دولة الحق والقانون والحكامة الأمنية الجيدة. وتمكين الحكومة والبرلمان من مراقبة ومحاسبة كافة الأجهزة الأمنية والمخابراتية التابعة للأمن الوطني، والدرك، والجيش، مع توضيح مهامها وصلاحيتها.

وفي مجال الحريات، استنكر المؤتمر الانتهاكات اليومية التي تطال حرية الرأي والتعبير والصحافة والتجمع والتظاهر، وحرية التنظيم وتأسيس الأحزاب والجمعيات، وحرية العقيدة والوجدان والضمير، وحماية المعطيات الشخصية لمرتادي مواقع التواصل الاجتماعي، وحرية التنقل، وكافة الحريات الفردية الأخرى المنصوص عليها في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ودعا إلى ضمان حرية المعتقد، ورفع كافة القيود القانونية والعملية التي تكبلها، والعمل على تجريم الفتاوى المحرضة على العنف والكراهية، وضمان حق الاختيار بالنسبة للتجنيد؛

وبخصوص حرية الصحافة بشكل خاص، أكد المؤتمر ضرورة إزالة الحواجز القانونية والعملية أمام ممارسة الحق في الإعلام وحرية الصحافة، واستنكاره لمتابعة الصحفيين/ات بالقانون الجنائي في المخالفات المرتبطة بالصحافة، ومطالبته بنهج سياسة إعلامية عمومية ديموقراطية أساسها “الإعلام العمومي للجميع”، مع تسخير وسائل الإعلام الرسمية لخدمة حقوق الإنسان؛ وجعل حد لسياسة الخطوط الحمراء المناقضة لحرية الرأي والتعبير والعقيدة، والتي تقضي إلى إشهار سيف المحاكمات في وجه عدد من الممارسين لحقهم في هذا المجال، مستنكرا استمرار تكريس عدم استقلالية القضاء، وهو ما اتضح، مرة أخرى، من خلال توظيف القضاء وتسخيره لتصفية حسابات السلطة مع عدد من المعارضين/ات والنشطاء، واعتماده على محاضر الضابطة القضائية، كوسيلة وحيدة للإثبات، وانتهاكه لمعايير المحاكمة العادلة؛

وأكد المؤتمر مطالبته بمراجعة القانون المنظم للسجون، طبقا للمعايير الدولية ذات الصلة، ومراجعة السياسة الجنائية التي أدت إلى الاكتظاظ.

·     أما بخصوص حالة المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان، التي خصص لها لأول مرة حيزا خاصا ومهما في جدول أعمال المؤتمر، فقد أكد هذا الأخير على المطالبة بالتنصيص قانونيا وبوضوح على حماية المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان، وحقهم في اللجوء إلى كافة الآليات الدولية التعاقدية وغير التعاقدية، وإطلاق سراح المعتقلين منهم تعسفيا فورا، ورفع العراقيل القانونية والعملية أمام ممارسة الحق في التنظيم والنشاط السياسي والجمعوي، وجعل حد لسياسة التماطل في تسليم وصول الإيداع القانونية بصفة عامة لمنظماتهم، والمراجعة الشاملة لقانون الأحزاب في اتجاه دمقرطته؛

·     وبشأن التطور العام للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد توقف المؤتمر مجددا عند مسألة تراجع الدستور المغربي عن المكاسب السابقة في هذا المجال، من خلال الالتفاف على مسؤولية الدولة في توفير تلك الحقوق، وفشل مشروعها التنموي الذي أغرق البلاد في المديونية، ورهن اقتصاد البلاد بالدوائر المالية العالمية، وأكد المؤتمر بشكل خاص على:

–         مطلب الجمعية القاضي بضمان حق الشعب المغربي في تقرير مصيره الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي؛ واتخاذ إجراءات من أجل إلغاء المديونية الخارجية، وتحمل الدولة لمسؤوليتها الكاملة في ضمان جميع الخدمات الاجتماعية؛

–         التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإتفاقية رقم 87 لمنظمة العمل الدولية حول الحرية النقابية وحماية الحق في التنظيم؛

–         ضرورة إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية (نهب، تبذير، سطو، فساد، اختلاس، رشوة، امتيازات غير مشروعة، تهريب الأموال للخارج، الغش الضريبي، الريع…)، التي شكلت، ومازالت، إحدى الأسباب الأساسية لحرمان المواطنين والمواطنات من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بدءا بإحالة كل تقارير المجلس الأعلى للحسابات على القضاء.

–         ضرورة اعتماد سياسات اقتصادية واجتماعية توفر لجميع المواطنين والمواطنات متطلبات العيش الضرورية لصيانة كرامتهم، وتكفل لهم حقهم في الشغل والتعليم الجيد والمجاني، والسكن اللائق، والخدمات الصحية المجانية الملائمة.

–         وفيما يهم الحقوق الثقافية، ولاسيما الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، فإن المؤتمر استنكر تماطل الدولة في تفعيل الطابع الرسمي للثقافة واللغة الأمازيغية، والتلكؤ في إخراج القانون التنظيمي المتعلق بذلك، وعدم إدماجها كلغة وثقافة في كافة مناحي الحياة؛

–         وبخصوص الوضع المقلق للبيئة، فإن المؤتمر طالب بإقرار عدالة مناخية، وضمان الحق في البيئة السليمة، وباتخاذ كافة الإجراءات لحماية الموارد والثروة الطبيعية من الاستنزاف والتبذير.

·     وبالنسبة لحقوق المرأة، سجل المؤتمر أن بلادنا ما زالت بعيدة عن إعمال مبدأ المساواة التامة وفي كل المجالات بين النساء والرجال، وطالب بضرورة تسييد المساواة والكرامة للمرأة، وحمايتها من العنف والتحرش الجنسي والاغتصاب وضمان المساواة في الشغل، واحترام الحق في الأمومة، وحق المرأة  في الولوج للعلاج والصحة بما فيها الصحة الجنسية؛ هذا بالإضافة إلى إعمال حقوق المرأة في السكن اللائق وفي الأرض والموارد، مشيدا بنضال النساء السلاليات اللواتي خضن معارك عديدة من أجل انتزاع حقهن في الأرض، وكذا من أجل المساواة مع الرجال في هذا الحق في مواجهة الأعراف والقوانين التمييزية ومحاولات الاستيلاء على أراضيهن دون موجب حق. وطالب المؤتمر بتوفير الحماية العملية للنساء ضحايا الاتجار في البشر، وضمان حصولهن على التعويض وجبر الضرر…

·     أما فيما يخص حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، فقد طالب المؤتمر بضرورة احترامها والاستجابة للمطالب الحقوقية للأشخاص حاملي الإعاقة المعطلين، وحمايتهم من العنف المسلط عليهم أثناء تظاهراتهم الاحتجاجية السلمية.

·     وأكد المؤتمر على ضرورة احترام حقوق الطفل وتشديد العقوبات ضد مغتصبي الأطفال، ومحاربة السياحة الجنسية العنف الممارس ضد الأطفال، وجعل حد لتشغيل الطفلات والأطفال، وحرمانهم من التعليم.

·     كما طالب المؤتمر الدولة باحترام حقوق الشباب، السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخاصة منها الحقوق المتعلقة بالتعليم والشغل والصحة والثقافة والترفيه.

·     وبالنسبة لقضايا الهجرة، طالب المؤتمر السلطات المغربية بضمان احترام الحقوق الأساسية للمهاجرين/ات واللاجئين/ات وطالبي/ات اللجوء ببلادنا دون تمييز، وبوضع حد لمآسي الهجرة غير النظامية للمغاربة نحو الخارج، واحترام مقتضيات الاتفاقية الدولية بشأن حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية جنيف لحقوق اللاجئين، مع ملاءمة قانون إقامة الأجانب معها واحترامها في الواقع والتنصيص قانونيا على تجريم كل أشكال العنصرية والتمييز اتجاه الأجانب.

السيدات والسادة؛

نود في الأخير أن نؤكد للجميع بأن المؤتمر الوطني الثاني عشر للجمعية قد جرت جميع أطواره في أجواء خيم عليها النقاش الهادئ والرصين، وممارسة الحق في النقد والاختلاف، والتعبير عن المواقف والاختيارات عبر إبداء الرأي والتصويت؛ واتسمت أشغاله بحرص الجميع على رص الصفوف والإيمان بوجوب المشاركة الإيجابية في قيادة الجمعية، وتقويتها للتصدي للتحديات المقبلة ومواجهة كل محاولات التضييق عليها، وبضرورة العمل على تجسير العلاقات النضالية بين مختلف الفاعلين داخلها، على قاعدة وحدة المرجعية الحقوقية.

ومما لا ريب فيه أننا ندرك حجم التحديات التي تواجه العمل الحقوقي، ومبلغ الإكراهات المحيطة به في سياقات اقتصادية واجتماعية وسياسية وقيمية متقلبة، تبطن العديد من التهديدات التي ستفضي في حال تحققها إلى تقويض المبادئ والأسس التي تنبني عليها حقوق الإنسان في كونيتها وشموليتها؛ غير أن عزمنا وفعلنا يتجه نحو مواجهة هذه التهديدات والوقوف في وجه كل أشكال التقييد التي تسعى إلى التقليص من مساحات الحقوق والحريات، ورسم الحدود لها ضدا على المرجعية الكونية للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

وفي الختام لا يفوتنا أن نعبر عن اعتزازنا بالتضامن والدعم الواسعين اللذين حظيت بهما الجمعية من طرف الحركة الحقوقية والديمقراطية الوطنية والدولية، ونشيد ونثمن العمل الذي قام به مناضلو ومناضلات الجمعية، مركزا وفروعا، من أجل انجاح المؤتمر الوطني الثاني عشر رغم كل الإكراهات.

المكتب المركزي

الرباط في، 09 ماي 2019.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى