ثقافة

شعبان بوابة رمضان المبارك

المصطفى حمور

عن أسامة بن زيد رضيَ الله عنهما أنَّه سأل النَّبيَّ صَلَّى الله عليه وسَلَّم فقال: “يا رسول الله، لم أركَ تصوم شهرًا منَ الشهور ما تصوم في شعبان، فقال صَلَّى الله عليه وسَلَّم: “ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى فأحب أن يُرْفعَ عملي وأنا صائم” رواه النسائي رحمه الله تعالى.
وعن أم المؤمنين عائشة رضيَ الله عنها قالت: “ما رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسَلَّم استكمل صيام شهر قطُّ إلاَّ رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان” متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالَتْ: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم يصوم شهرا أكثر من شعبان، فإنه كان يصُوم شعبان كلَه” متفق عليه، وعن أُمِّ سَلَمة رضي الله عنها قالَتْ: «لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إِلّا شعبان يصله برمضان”.
ويُحْمَلُ صيامُ الشهرِ كُلِّه على معظمه؛ لأنَّ الأكْثر يَقوم مقام الكل.

 

شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى
هذا مما ميز الله به هذا الشهر الكريم وأعطاه هذه الخصوصية الكبيرة.
والأعمال تعرض على رب العالمين يوما أو في أسبوع أو في عام
فمن الأعمال ما يرفع بالليل ومنها ما يرفع بالنهار.
قال صلى الله عليه وسلم: “يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ – وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ – كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ”. متفق عليه.
وترفع الأعمال كل اثنين وخميس.
لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام الإثنين والخميس قال صَلَّى الله عليه وسَلَّم: ((ذلك يومان تُعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، وأُحب أن يُعرض عملي وأنا صائم”. رواه الإمام أحمد رحمه الله تعالى.
و شهر شعبان خاصة ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى. فيحب المؤمن أن يكون على كامل العمل وأحسنه وأتقنه وأكثره تقربا من الله وتزلفا.

 

لماذا الإكثار من الصيام في شعبان؟
– شهر شعبان يغفُل عنه الناس بين رجب ورمضان، حيث يكتنفه شهران عظيمان، الشَّهر الحرام رجب، وشهر الصِّيام رمضان، فقد اشتغل الناس بهما عنه، فصار مغفولاً عنه، وكثير منَ الناس يظنُّ أنَّ صيام رجب أفضل من صيامه؛ لأن رجب شهر حرام، وليس الأمر كذلك.
– ذَكَر الإمام الشَّوكاني رحمَه الله: “ولعَلَّ الحكمة في صوم شهر شعبان: أنه يعقُبه رمضان، وصومه مفروض، وكان النَّبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم يُكثر منَ الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره؛ لما يفوته منَ التَّطَوُّع، الذي يعتادُه بسبب صوم رمضان”.
– استثمار الأوقات التي يغفل عنها الناس ولا يفطنون لها في العمل الصالح، وهو ما نبه إليه صلى الله عليه وسلم بقوله “يغفل عنه الناس”.
– قال بعض الفقهاء الحكمة في ذلك أن نساءه صلى الله عليه وسلم كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان ، فكان يصوم معهن. تلطف وتحبب ومساعدة صلى الله على الحبيب الرؤوف الرحيم.
– شعبان راتبة قبلية لرمضان وست من شوال راتبة بعدية.
– مناسبة للتَّمرن أكثر على صيام رمضان فيجد فيه حلاوته وذوقه ونوره وبركته وهداه، ويكون شعبان قد أفرغ فيه المشقة والكلفة والتعب .

شهر شعبان شهر القراء
قال سلمة بن كهيل الحضرمي الكوفي التابعي رحمه الله تعالى: وذلك لأن القوم كانوا إذا أقبل عليهم شهر شعبان تفرَّغوا لقراءة القرآن الكريم، ومن ثَمَّ قالوا: شعبان شهر القُرَّاء.

 

العبادة نعم ولكن لابد من لازمتيها وهما أعمال القلوب وحسن الأخلاق
من أعمال شعبان: الصيام والزيادة من قراءة القرآن الكريم وقيام الليل وغيرها من العبادات لكن ذلك لا يكفي إن لم يسعفه حضور القلب وتحسين رقة الروح وصفاء السر والعمل المهني المتقن والارتقاء الخلقي.
في شهر شعبان ليلة عظيمة، هي ليلة النصف من شعبان، عظَّم النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم شأنها في قوله: “يَطَّلِع الله تبارك وتعالى إلى خلقه ليلةَ النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه إلاَّ لمشرك أو مشاحن” رواه ابن ماجه رحمه الله تعالى.
جعل الله تعالى المغفرة مرهونة بأمرين بصفاء الإيمان وتعلق القلب بالله تعالى وحده وإن كان من عون من البشر أو الخلق فسببه الله تعالى هو الذي يسر وقدر وهيأ، يشكر الناس بنية شكر المولى تعالى. وهذا من تمام الايمان.
والشرط الثاني سلامة الصدر اتجاه الخلق فلا يحقد أو يكره أو يصيبه غل اتجاه أحد وإن كان ناصحا أو موجها.
بلغنا الله رمضان وبارك لنا في شعبان.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى