رائدات في بلاد المهجر
كوثر بدران، صوت مغربي يرافع في المحاكم الإيطالية.
أن تكوني سليلة كليوباترا سليني وكنزة الأوربية وفاطمة الفهرية وزينب النفزاوية والسيدة الحرة وخناتة بنت بكار وغيرهن ممن بصمن تاريخ المغرب ببصمتهن الخاصة، فمعنى ذلك أنك مسنودة تاريخيا ولن تكوني في نبوغك ونجاحك نشاز أو وجها عابرا وعارضا في مجرى تاريخ بلدك.
وحين يضاف إلى هذا الزخم التاريخي الكاشف عن حضور نسائي نوعي، تحدي إثبات الذات في أرض المهجر، وتحديدا في بلاد المكرونا والكابوتشينو فمرافعتك دفاعا عن نفسك وبني وطنك ستحمل بصمة ناجحة، ممهورة بإمضاء نسائي بات معروفا باسم كوثر بدران.
طفولة في الدار البيضاء ونضج وتألق في باسانو
استطاعت الشابة المغربية الأصول، كوثر بدران، أن تكسر حاجز النظرة النمطية والدونية التي تجدرت لدى الإيطاليين منذ سنوات طويلة، تجاه المغاربة المقيمين بالديار الإيطالية. وذلك باعتبارها من الكفاءات المشهود لها في عالم المحاماة خارج أرض الوطن الأم، إذ رسخت لها مسارا مغايرا ومتميزا في مجال القانون، فضلا عن كونها أول مغربية حصلت على شهادة الدكتوراه في القانون الأوروبي والدولي.
كوثر بدران من مواليد 1983 مستشارة قانونية في مجال الهجرة، محامية، باحثة وفاعلة جمعوية من مدينة الدار البيضاء حيث ترعرعت في كنف أسرة محافظة هاجرت هذه الأخيرة إلى إيطاليا أواخر الثمانينات لتستقر منذ ذلك الحين بمدينة باسانو بمنطقة فيتشينسا التي تعد أغنى مدينة بشمال إيطاليا.
وفي لحظة استحضار لمسار حياتها تقول كوثر:” أنها غادرت مدينتها الدار البيضاء سنة 1988 رفقة أسرتها الصغيرة وسنها لا يتجاوز آنذاك ست سنوات من أجل الاستقرار بإيطاليا وإكمال دراستها مشيرة إلى أنها ظفرت بشهادة الباكلوريا في مجال تدبير المقاولات بامتياز، مضيفة أن أساتذتها والوسط الذي كانت تنتمي إليه كلهم شجعوها على التسجيل بجامعة تورينطو لإتمام مسارها الجامعي”.
دفاعا عن أبناء الجالية المغربية في إيطاليا.
أصرت كوثر بدران على مواصلة مشوارها الفكري والمعرفي حيث قالت:” لقد شكل حصولي على دكتوراه في القانون الأوروبي والدولي خطوة هامة في تحقيق طموحي المتعلق بأن أصبح محامية، وأن أدافع عن مصالح الجالية المغربية المقيمة بالديار الإيطالية مشيرة إلى أن 80 بالمائة من زبنائها هم من المغاربة المقيمين بالخارج الذين لهم في الغالب مشاكل إدارية وعائلية”.
حصلت هذه الشابة الطموحة كذلك على شهادة الماستر حول” المساواة وتكافؤ الفرص” سنة 2005 من جامعة روما، وقدمت في نفس السنة رسالتها الجامعية حول “قانون مدونة الأسرة المغربية” هذا البحث الذي مكنها من الحصول على الإجازة في القانون الأوروبي والدولي ،والذي أصبح لسنوات متعددة مرجعية قانونية بإيطاليا.
و على الصعيد المهني اشتغلت كوثر بدران كمترجمة ومحلفة بالمحكمة الجنائية لإتقانها اللغة العربية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية. وقامت أيضا بتعليم اللغة الإيطالية للنساء المغربيات القادمات من وطنها الأم، كما تقلدت منصب مستشارة قانونية في مجال الهجرة لتحصل بعدها على ثاني اعتراف رسمي بأنها أول محامي مغربي بإيطاليا.
فاعلة جمعوية وسياسية ناجحة ومؤلفة متوجة.
كما أسست سنة 2011 أول جمعية للمحامين المغاربة بإيطاليا من أجل تكوين شبكة محامين للدفاع عن حقوق مغاربة المهجر، لتلتحق في نفس السنة بالحزب الديمقراطي الايطالي، مترشحة باسمه للانتخابات عن منطقة الفينيطو . لتتقلد بعدها مجموعة من المناصب وتدخل قبة البرلمان من أوسع أبوابها.
اختيرت كذلك سنة 2012 عضوا شبكة النساء الدولية، وأصدرت بعدها أول كتاب لها تحت عنوان” الدليل القانوني لمدونة الأسرة المغربية” باللغة الإيطالية، حيث تم الاعتراف به رسميا من قبل أسرة القضاء ووزارة العدل الإيطالية، وأيضا من الجانب الرسمي المغربي.
تمكنت كوثر بدران سنة 2004 من الحصول على جائزة” أفريكا إيطالي إيكسيلونس أوورد” كاعتراف وجميل لها على ريادتها الفكرية والمهنية، ومجهوداتها الجبارة في الدفاع عن حقوق المغاربة المقيمين بإيطاليا.