صحافة

تحالفات ما ب عد انتخابات المغرب.. الظاهر والخفي

اعتبر زعماء المعارضة المغربية المشاركة بأي تحالف يقوده حزب العدالة والتنمية خطا أحمر، وبينما يرى مراقبون في الموقف تعبيرا عن هزيمة انتخابية لحقت رموز المعارضة يرى آخرون أن الأمر يكشف عن تناقضات المشهد السياسي.

وتصدر حزب العدالة والتنمية انتخابات الجهات في الاقتراع الذي جرى يوم الجمعة الماضي بحصوله على 25% من المقاعد، وعلى أغلبية مريحة بعدة مدن كبرى، ومراتب متقدمة في باقي البلديات، غير أن بلاغ زعماء المعارضة الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه يبرر موقفها بكون الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية لم تكن مؤهلة لتحمل مسؤولية الإشراف على انتخابات نزيهة.

وعلق أستاذ التواصل السياسي في جامعة محمد الخامس بالرباط ميلود بلقاضي قائلا إن وضع المعارضة لخطوط حمراء هو رد فعل للاكتساح الذي حققه حزب العدالة والتنمية بمعاقل المعارضة (فاس وطنجة والدار البيضاء والرباط والمحمدية).

وقال للجزيرة نت إن زعماء المعارضة يسعون إلى التصدي لرئاسات هذا الحزب لعدد من الجهات والبلديات "لكن قرارهم يحمل طعم الهزيمة، ويطرح مشكلة الديمقراطية الداخلية في أحزاب المعارضة لأنه لم يصدر عن الهياكل الحزبية المختصة".

من جانبه، استغرب القيادي في حزب العدالة والتنمية عبد الله بووانو قرار المعارضة، معتبرا أن من يضع الخطوط الحمراء للتحالفات المحلية "يجهل العمل السياسي والجماعي".

وقال للجزيرة نت إن هذا القرار اتخذ أبعادا سياسية محضة، والحال أن التحالفات المحلية لها طابع تدبيري لا يرتبط بالتوجه السياسي للمتحالفين، فالبلديات الصغيرة التي تعاني إشكالات تنموية تحتاج إلى تظافر جهود محلية لتحقيق خدمات أفضل للمواطنين، "ولا تحتمل مثل هذه المزايدات، وبالنسبة إلينا الخطوط الحمراء هي عودة وجوه التحكم والفساد والاستبداد".

اختيارات صعبة

ومن وجهة نظر رئيس مركز الدراسات الأمنية وتحليل السياسات عبد الرحيم منار اسليمي فإن الأمر لا يتعلق برد فعل معين، وإنما بالاختيارات الصعبة في نسج التحالفات المحلية.

وقال للجزيرة نت إن المشهد السياسي شهد بعد هذه الانتخابات ثلاثة مواقف متناقضة، أولها يرتبط بالمعارضة التي ترفض التحالف مع حزب العدالة والتنمية وتركت باب التحالف مفتوحا مع باقي مكونات التحالف الحكومي (حزب التجمع الوطني للأحرار، والتقدم والاشتراكية، والحركة الشعبية).

وأضاف أن ثاني هذه المواقف مرتبط بموقف زعيم حزب العدالة والتنمية الذي أشار إلى أن أولوية التحالف ستكون مع الأغلبية، وعند الضرورة مع أحزاب المعارضة في بعض البلديات، أما الثالث فيتعلق بموقف زعيم التجمع الوطني للأحرار الذي يبدو أن حزبه منفتح على التحالف مع كل القوى السياسية، والاقتراب أكثر من حزب الأصالة والمعاصرة، وهذا يشكل امتحانا لمدى صلابة التحالف الحكومي القائم.

أرباح وخسائر

وبرأي اسليمي فإن موقفي حزبي الأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية فيهما تحد لنظرية التحالفات السياسية التي تقول إن قياس الأرباح والخسائر السياسية هو الذي يتحكم في الصراع أو التقارب بين الأحزاب.

وقال إن هذين الحزبين لم ينتبها إلى صفقات التحالف التي تم إبرامها محليا بين المرشحين في أحزاب متصارعة وطنيا مثل الاستقلال وحزب العدالة والتنمية من جهة، أو بين حزب الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية من جهة ثانية، وهو ما ينذر بتمردات يقودها مرشحون فائزون ضد توجيهات زعماء أحزابهم.

وذهب بلقاضي في الاتجاه نفسه عندما قال إن قرار المعارضة يصعب تنفيذه على أرض الواقع لأن التحالفات المحلية تتحكم فيها عدة عناصر وآليات لا تتحكم فيها القيادة المركزية، والدليل على ذلك أن بيانات صدرت تعلن عن عقد تحالفات محلية بين أحزاب من المعارضة وحزب العدالة والتنمية.

وتساءل بلقاضي عن خلفيات إفراد زعماء المعارضة حزب العدالة والتنمية بالخط الأحمر، ومنع مستشاريهم من التحالف معه دون غيره من باقي أحزاب الأغلبية، ليقول إنه من الطبيعي أن يصدر عنهم رد الفعل هذا، لأن هذا الحزب فاجأ الكل، واستطاع أن يهزم العديد من قياديي أحزاب المعارضة الذين "ذهبوا ضحية لمخطط بن كيران الذي جرهم نحو الصراع الشخصي، وتركهم يركزون كل اهتماماتهم نحو شخصه، وتركوا المجال فارغا لهياكل العدالة والتنمية لاستقطاب الناخبين".

المصدر : الجزيرة

 

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى