سياسة

يساريون وإسلاميون يجتمعون بشأن الأزمة بالمغرب في ذكرى وفاة الشيخ ياسين

التأمت مكونات يسارية وإسلامية، اليوم السبت، على مائدة جماعة "العدل والاحسان" في الذكرى السادسة لرحيل مرشدها الإمام عبد السلام ياسين المتوفى في العام 2012.

تبادلوا فيها الآراء والنقاش حول عمق الأزمة في المغرب، وتشاركوا في صياغة سؤال المستقبل، من خلال ندوة فكرية أطرها الأكاديمي المختار بنعبدلاوي والحقوقي عبد العزيزي النويضي، إلى جانب الناشطة اليسارية في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان خديجة الرياضي والقيادي في الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان الأكاديمي عمر إحرشان.

وأوضحت خديجة الرياضي، في حديثها عن الأزمة، أنه من خلال الاطلاع على "التقارير الرسمية بالمغرب فقط، يمكن التعرف على عمق الأزمة بدون حاجة إلى تقارير حقوقية"، مشيرة إلى أن"الحديث في السابق كان عن فساد النظام فأصبح المجتمع اليوم أمام نظام الفساد".

وبينت الناشطة الحقوقية أن المشهد المغربي "ليس أسودا بالكامل"، ملفِتة إلى تواجد "مقاومة تثلِج الصدر في مختلف المناطق رغم القمع، تنوعت أشكالها بين فئات مهنية ونقابية مختلفة"، مشددة على أن المدخل السياسي هو "أساس حل الأزمة الاجتماعية، في ظل تلازم الفساد والاستبداد".

وفي ما يتعلق بالتقارب الإسلامي اليساري، قالت الرياضي إن "اليسار انقسم في 2011 إلى قسمين، قسم مع الحراك الشعبي وقسم ضده"، كما انقسم الإسلاميون أيضا إلى "قسم انخرط في الحراك وقسم ناهضه"؛ ما دفع الإسلاميين واليساريين الذين وجدوا أنفسهم معا في الميدان، تضيف الرياضي، إلى "التقارب والتنسيق والنضال المشترك".

وفي السياق ذاته لفت الباحث المغربي، المختار بنعبدلاوي، الانتباه إلى أن الحوار بين الإسلاميين واليسار، يتطلب ثلاث مستويات أساسية تتجسد في "تصفية ثقل الماضي، وحل إشكالات المستقبل، وبناء الحاضر"، ودعا خلال مداخلته في ندوة الجماعة إلى حماية الحركات الاجتماعية لتحافظ على استقلاليتها، من خلال "الاهتمام في التمييز بين بعد الهوية والايديولوجية، حاجة كل تنظيم سياسي إلى برنامج سياسي قابل للتفاوض والتيسير مع ضرورة بناء الثقة بين المكونات، والربط بين القاعدة القانونية وبين ممارستها على أرض الواقع".

وأشار الأستاذ الجامعي إلى أن من الخطأ "التوهم بأن الحراك الشعبي بدون قيادة جد إيجابي"، موضحا أن الشعوب في حاجة إلى "قيادة منسجمة تمتلك إرادة قوية ومشروعا للمستقبل"، كما لخص عوامل تفكيك الشعوب العربية، عبرَ عناصر ثلاث حددها في "التجنيد العقائدي الوهابي، التمويل الخليجي والتسليح الغربي". 

في حين تطرق المحامي عبد العزيز النويضي لموضوع الأزمة من خلال دستور 2011، حيث عدّه تعديلاً تُحسَب لحركة 20 فبراير إلا أنه عرف في نفس الوقت أعطاً حدد منها، بحسب تعبيره، تعددية حزبية مشوهة تقاوم القوى الوطنية المستقلة، وتوظيف القضاء ضد الخصوم السياسيين والرأي النقدي والاحتجاج الاجتماعي، انتخابات غير نزيهة، وإعلام عمومي موظف.

وأكد النويضي، بشأن سؤال المستقبل، أن التحول رهين بـ "تحالف القوى والوصول إلى صيغة موحدة لطبيعة النظام السياسي، والاتفاق على ميثاق مفتوح على الجميع في ما يتعلق بدور الدين في المجتمع"، مذكراً بأسئلة المعطي منجب التي طرحها على الجماعة في الذكرى الرابعة لرحيل مرشدها، بالقول إنه "ضروي توضيح مواقف الجماعة بشأن عدد من القضايا منها المشاركة في المؤسسات، والنظام السياسي الأسمى، والحقوق الفردية".

أما القيادي في الجماعة، عمر احرشان، فرأى أن حقيقة الأزمة تتجلى في طبيعة النظام السياسي، قائلاً إنه "يصادر سيادة الشعب، ويضرب عرض الحائط فصل السلط، ويتحكم في كل إمكانيات البلاد، ويبخس العمل الحزبي مقابل التنويه بالتقنوقراط"، معتبرا أن الأوضاع التي يعيشها المغرب على مستوى عدة مراحل، أثبتت جمود النظام وتصلبه يوما بعد يوم اتجاه مطالب المجتمع، وبداية فقدان نخبٍ استقلالية قراراتها، وأن المجتمع ينحاز في غالبيته إلى صف الحراك.

وأشار عضو أمانة الدائرة السياسية لجماعة لعدل والاحسان، إلى أن ما اعتبره "عزوفا شعبيا تاما" عن الانتخابات رغم التعديلات الدستورية والقانونية والتنظيمية، جاء نتيجة لعدم الثقة في المؤسسات، وأن الحل في نظر الشعب هو الاحتجاج، وبواسطة هذا الأخير، يضيف المتحدث، تم "في شهور حراك عشرين فبراير تحقيق ما لم يتم تحقيقه في عقودٍ من الزمن عن طريق مؤسسات الدولة".

وأعرب احرشان عن الحاجة إلى موجة احتجاجات جديدة، يميزها، بحسب قوله، "انتظام كل الانتفاضات الفئوية والاجتماعية في حراك جامع، مع ربط المطالب الاجتماعية بطابعها السياسي، وحراك مجتمعي عابر للانتماءات الايديولوجية والسياسية"، محذرا من "الخبرة الالتفافية للسطلة" ومقترحا أن تكون قاطرة هذا الحراك المجتمعي من طرف المستقلين عن الدولة، ثم تشكيل جبهة مجتمعية عريضة ضد النظام.

قبل أن يدعو في ختام كلمته، إلى حوار وطني مفتوح على كل الأطراف بدون إقصاء وخطوط حمراء"، مبرزا في نفس الوقت الحاجة إلى "دستور ديمقراطي، وتدبير المرحلة الانتقالية بشكل تآلفي توافقي ثم تدبير الاختلافات في إطار التنافس السلمي والاحترام المتبادل".

ونشير إلى ندوة "العدل والإحسان" بعنوان "المغرب.. عمق الأزمة وسؤال المستقبل" حضرها سياسيون وحقوقيون وإعلاميون بارزون في الساحة الوطنية، فضلا عن عدد من الأحزاب والهيئات منها حزب الاتحاد الاشتراكي وحزب النهج الديمقراطي والحركة من أجل الأمة والفيدرالية المغربية لحقوق الإنسان، وفعاليات جمعوية وحقوقية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى