دولي

من لاعب كريكيت إلى معارض سياسي فرئيس وزراء باكستان.. من هو عمران خان؟

أدى بطل العالم السابق في رياضة الكريكت عمران خان اليمين الدستورية، صباح السبت، كرئيس وزراء جديد لحكومة باكستان في حفل بالعاصمة إسلام أباد، وذلك بعد انتخابه أمس الجمعة في عملية تصويت من طرف البرلمان المنبثق عن الانتخابات التشريعية الأخيرة في 25 يوليوز المنصرم.

ويشغل عمران خان، البالغ من العمر 65 عاما، منصب قائد حركة الإنصاف الباكستانية (الحركة الوطنية من أجل العدالة) منذ 1996، بعد أن نجح في قيادة منتخب باكستان بجدارة للفوز بكأس العالم للكريكيت عام 1992، ويعتبر من أبرز الشخصيات السياسية في البلاد، حيث ناهض بشراسة الرئيس السابق "برويز مشرف" وانتقد خلفه "آصف زرداري"، كما عارض رئيس الوزراء "نواز شريف".

الحياة الشخصية

ولد عمران إكرام الله خان نيازي، يوم 25 نونبر 1952، لمهندس مدني كان يعول أسرة متوسطة الحال في لاهور" بباكستان، ودرس الشاب عمران في كلية (أيتشسون) بلاهور، قبل أن ينتقل إلى بريطانيا ليلتحق بمدرسة القواعد الملكية في ورسيستر وبعدها كلية (كيبل) في أكسفورد لدراسة الفلسفة عام 1972، مُنهيا مساره الدراسي بالحصول على المرتبة الثانية في السياسة، والمرتبة الثالثة في الاقتصاد.

عمل عمران خان معلقا في مباريات لعبة الكريكيت، وفي 16 ماي عام 1995 تزوج الصحافية البريطانية جيميما غولدسميث ابنة الخبير المالي جيمس غولدسميث، التي اعتنقت الإسلام مباشرة بعد الزواج الذي أثمر طفلين، سليمان عيسى وقاسم، قبل أن يعلن عمران طلاق زوجته بعد ارتباط دام تسع سنوات في يونيو 2004، إثر صعوبة تأقلمها مع المعيشة في باكستان.

عمران.. نجم الكريكيت

ظهر تفوقه في لعبة الكريكيت وهو طالب بمدرسة القواعد الملكية في ورسيستر ببريطانيا، فلعب أول مباراة تيست كريكيت ضد إنجلترا، ليظهر بعد ثلاث سنوات في مباراة (وان داي إنترناشيونال) ضد نفس الفريق في مدينة نوتينجهام، لصالح (برودينشال تروفي)، وعاد إلى باكستان عام 1976 بعد تخرجه في جامعة أكسفورد وانتهاء مدة الاختبار القانونية في (ورسيستشاير ).

فانضم خان إثر عودته إلى فريق الكريكيت الباكستاني كلاعب دائم، وحقق خلال مسيرته الرياضية ثلاثي التفوق في كل من البولينج والباتينج، مسجلا (3807 رمية، و362 ويكيت) في 88 مباراة "تيست"، ليصبح واحدا من بين ستة لاعبي كريكيت في العالم استطاعوا تحقيق التفوق في الثلاثي المتعدد المهارات في مباريات "التيست"، ما جعله أول باكستاني ورابع لاعب كريكيت دولياً يحقق ذلك.

وشغل، عمران البطل، منصب قائد منذ عام 1982 إلى أن نجح في قيادة منتخبه لتحقيق الفوز الأول والوحيد لباكستان ببطولة كأس العالم عام 1992، ومنذ تقاعده أخذ خان في كتابة مقالات رأي في صحف متنوعة؛ إنجليزية وآسيوية، خاصة فيما يتعلق بالفريق الوطني الباكستاني. وقد نشرت إسهاماته في مجلات أوت لوك الهندية، الجارديان، الإندبندنت، الدايلي تيليجراف، كما ظهر أحيانا كمعلق كريكيت على الشبكات الرياضية الآسيوية والإنجليزية، بما في ذلك إذاعة (بي بي سي) الناطقة بالأردية وشبكة (ستار تي في).
عمران.. المعارض السياسي

أسس عمران خان في 25 أبريل 1996 "حركة الإنصاف"، التي برزت حزبا سياسيا في واجهة المشهد السياسي الباكستاني عام 2011، ودخل خان باسمه للبرلمان، وانتقد بقوة الرئيس الأسبق الجنرال برويز مشرف و"تبعيته" للإدارة الأمريكية ورئيسها جورج بوش الابن، كما دعم خان الانقلاب العسكري بقيادة الجنرال برفيز مشرف عام 1999، إلا أنه ندد برئاسته قبل عدة أشهر من انتخابات عام 2002، وهو ما وصفوه معارضو خان السياسيون بالتحرك الانتهازي، ليشرح بعد ذلك وجهة نظره قائلا: " آسف على دعم الاستفتاء، لقد أُفهِمت أنه عندما يفوز فإن الجنرال سيبدأ في عملية لإصلاح الفساد، لكن حقيقةً لم يكن هذا شغله الشاغل".
وانخرطت حركة الإنصاف في عدد من المبادرات التي أطلقتها أحزاب المعارضة، قبل أن تضع السلطات قائدها "عمران خان" قيد الإقامة الجبرية في منزل والده شهر نونبر 2007 ، إثر إعلان الرئيس مشرف حالة الطوارئ في باكستان.

هرب المعارض السياسي وانضم إلى حركة الطلاب المعارِضة في جامعة البنجاب، حيث اعتقل بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب، وبعد الإفراج عنه تم إخضاه من جديد للإقامة الجبرية في حملة للرئيس السابق "آصف زرداري" على المعارضة عام 2009.

ليلمع نجم عمران خان في سماء المشهد الباكستاني هذه المرة، مناهضا للفساد الإداري والسياسي بالدولة ومعارضا قويا للغارات الأمريكية على المناطق القبلية، داعياً إلى ضرورة التفاوض مع مسلحي حركة طالبان، قبل انسحابه في غشت 2014 من المفاوضات مع الحكومة الباكستانية التي جرت لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، وتضمنت أغلب تصريحاته الدفاع عن القيم الإسلامية، وتحرر الاقتصاد، رفض البيروقراطية، وسن قوانين مكافحة الفساد لضمان حكومة نظيفة،إضافة إلى تأسيس قضاء مستقل، وإصلاح نظام شرطة الدولة، مع مجابهة الرؤية العسكرية لباكستان.

ويلقى عمران خان، السني المذهب، دعما من الشباب نظرا لانفتاحه وإسلامه المعتدل، وأوضح لمجلة "واشنطن بوست" قائلاً: "لم أتعاطى خمرا قط، ولا دخنت، ولكني اعتدت أن أؤدي دوري في الحفلات"، كما يُرجِع قرار دخوله المعترك السياسي إلى "نهضة روحية"، متأثرا بمحادثاته مع أحد أتباع الطرق الصوفية في الإسلام، وقال في وقت سابق متحدثا عن دور الدين "إنه ومع مرور الوقت فلا بد للفكر الديني أن يتجدد، ولكنه ليس تطورا، إنه رد فعل ضد الثقافة الغربية".

الجوائز والأوسمة

حصل عمران خان على جوائز عديدة في المجال الرياضي والخيري، منها: الجائزة الباكستانية القيمة للمدنيين عام 1992، وجائزة هلال الامتياز، كما نال لقب "زميل شرفي" من كلية كيبل في أكسفورد، وعُيّن عميدا خامسا في جامعة برادفورد، ولكونه رمزا للعديد من المؤسسات الخيرية الدولية، حصل في يوليوز 2004 على جائزة منجزات العمر في احتفال جوائز الجوهرة الآسيوية بلندن.
هذا وأدرِجَ اسم النجم الباكستاني ضمن 55 لاعب يدخلون قائمة مشاهير مجلس الكريكين الدولي، وذلك في احتفال مئوية المجلس عام 2009.

من قائدٍ رياضي إلى قائد دولة

اعتمد المرشح الرئاسي في برنامجه الانتخابي هذا العام على وعود بمكافحة الفساد، وبتحسين الأوضاع المعيشية للفقراء في البلاد، وأيضا السعي نحو التحول بباكستان إلى "دولة إسلامية تتمتع بالرفاه"، كما تعهد في السابق ببناء "باكستان جديدة".

أما دوليا، فتعهد خان بإجراء محادثات مع الجارة الهند، من أجل التوصل إلى حل للنزاع حول إقليم كشمير، الذي يعد أبرز أسباب الخلاف بين البلدين النووين، داعيا كذلك إلى بناء روابط متساوية من "المصالح المتبادلة" مع الولايات المتحدة، على الرغم من أنه من أشد المنتقدين للتدابير التي تتبعها في مكافحتها للإرهاب بالمنطقة.

ليحصل، قائد حركة الإنصاف. على 176 صوتا، في حين كان في حاجة إلى 172 صوتا فقط لانتخابه، فيما حصل منافسه شهباز شريف من الرابطة الإسلامية على 96 صوتا، من أصل 342 عضوا في البرلمان.
وظهر منافسه، زعيم الحزب الحاكم سابقا، منذ البداية، غير متمكن من جمع الأصوات المطلوبة مع امتناع عدد كبير من الأحزاب عن التصويت، وفق ما ذكرت وسائل الإعلام الحكومية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى