كوثر الجنوي: الفن إحساس ووسيلة للتعبير عن ذاتي وأعمالي لها لمسة خاصة
من يصدق أن أول تجربة هاوية للرسم تكون متقنة بدقة وبحرفية المحترفين، تلك كانت تجربة كوثر جنوي شابة مهندسة ولج حب الفن التشكيلي إلى جوارحها دون إذن منها، فوجدت نفسها تلوذ في خضم دوامة وتعب البحث العلمي إلى إستراحة بين أحضان الريشة والألوان، تهندس بأناملها الأنثوية لوحات جميلة تعبر فيها عن ما يخالجها من أحاسيس وتأملات واقعية.
في هذا الحوار الحصري لجريدة أنباء 24 تطلعنا إبنة القصر الكبير عن عشقها و حكايتها مع الفن التشكيلي منذ البداية، واختيارها لأسلوب تتميز به، خاصة مع إحداث مزاوجة بين اللوحة والقصيدة الشعرية.
عرفينا بداية بك؟
كوثر الجنوي مهندسة وباحثة في سلك الدكتوراه، أصلي من مدينة القصر الكبير، ذات تكوين علمي، فبعد نيلي للباكلوريا علوم رياضية درست في شعبة المعلوميات والرياضيات في كلية العلوم بتطوان، وبعدها تمكنت من ولوج سلك المهندسين، ثم واصلت دراستي بسلك الدكتوراه.
ماذا يمثل الفن بالنسبة لك؟
الفن بالنسبة لي وسيلة من وسائل التعبير عن ذاتي، عن تفكيري، عن شخصيتي و عن تطلعاتي. فالإنسان بطبعه له احتيجات يومية من مأكل و مشرب و ملبس، و له كذلك احتياجات خاصة للتعبير عن ذاته.
كيف ومتى اكتشفت نفسك في الميدان الفني؟
اكتشفت موهبتي سنة 2012 خلال دراستي الجامعية بتطوان، حيث كنت أصادف طلبة الفنون الجميلة بمكتبة الحي الجامعي منغمسين في الرسم وكان يتملكني شغف كبير لاكتشاف ذاك عالم، في أحد الأيام تعرفت على أحد الطلبة وطلبت منه أن يمنحني فرصة لأجرب رسم بورطريه، فجلس أمامي أحد الأصدقاء، وفي خمس دقائق رسمته بدقة ففوجئ كما فوجئت في نفسي، وكانت هذه انطلاقتي.
بعد ذلك طورت مهارتي في رسم البورطريه، وفي سنة 2013 انتقلت إلى الرسم بالصباغة ودفعني فضولي إلى تجريب مختلف الأنواع، وكنت أجتهد لاكتشاف وسائل جديدة و تطوير التقنيات بنفسي دون الاستعانة بأحد أو بأي نوع من الكتب أو الدروس. وفي سنة 2014 بدأت أرسم على الثوب، وفي نفس الوقت كنت أبحث عن الأسلوب الذي يروقني و الذي أرتاح فيه، فجربت الرمزي، ثم التجريدي لمدة سنة، ثم وجدت نفسي منجذبة و مولعة باللوحات التي تهتم بالبعد الاجتماعي الذي له علاقة بروح الإنسان، التزمت منذ ذاك الحين بحمل رسالة اجتماعية في لوحاتي، بل فكرت في شرح لوحاتي وتوضيحها أكثر عن طريق الكتابة، فانتقلت إلى الشعر، واكتشفت أن الهم الاجتماعي الذي أحمله في داخلي يُعكس عن طريق الكلمات بتلقائية وسلاسة.
هل شاركت في معارض داخل أو خارج المغرب؟
نعم كانت انطلاقتي في بداية 2018، أول معرض شاركت فيه كان في مونبوليه الفرنسية، وثاني معرض بالدرالبيضاء، ولم أشارك في معارض كثيرة من قبل بحكم مساري الدراسي الذي تطلب مني وقتا ومجهودا كبيرين، وبعد مناقشة أطروحة الدكتورة سأتفرغ أكثر لهذا المجال بالموازاة مع مهنتي وأبحاثي العلمية.
ذكرت في حديثك الجانب الشعري في لوحاتك، هل اللوحة التي جلبتك للشعر؟
بدأت فكرة الشعر السنة الماضية عندما كتبت أول قصيدة عن امرأة عجوز ضحت بعمرها من أجل أبنائها، لكن الزمن خانها و سرقهم منها و هم في أوج العطاء. تلك القصيدة عكست في ذاك الوقت واقع جدتي رحمها الله التي فقدت ابنيها تباعا بسبب مرض السرطان. تأملتها آنذاك وهي في لحظة حزن عميق، تحصرت و تأثرث بوضعها، فكتبت قصيدة بعنوان الأريج الخائن، وهو أريج نبتة تعطي ثمارا بلا بذور وأخرى قبل أن تنتج تبور.
إذن الشعر سيحضر في مختلف لوحاتك؟
يمكنني أن أقول بالأحرى أنه سيكون حاضر في مختلف مواضعي، لأن كل موضوع يمكن أن يُعبَّرَ عنه من خلال مجموعة من اللوحات.
ماذا عن الحس الأنثوي في لوحاتك؟
المرأة تتميز في شخصيتها بالجانب الشعوري، فهي جد حساسة لأقل التعبيرات، وحساسيتها تلك قد تُعكس في طريقة التعبير عن ذاتها، وأنا كأي امرأة تعبر عن ذاتها، أعكس شعوري في أعمالي، فالفن بالنسبة لي لا قواعد تطبق و لا دروس تلقن و إنما هو فقط إحساس.
هل وجدت دعما من محيطك؟
بالفعل، وجدت أفراد أسرتي وزوجي وأصدقائي يدعمون موهبتي وأعمالي، وهذا ما دفعني لمواصلة بناء وصقل موهبتي في هذا المجال، و أول من شجعني والدي الذي كان حريصا على نجاحي في دراستي أولا، ثم زوجي الذي هو ساعدي الأيمن.
هل ستكون كوثر قيمة مضافة في الساحة الفنية؟
منذ أن اكتشفت نفسي في هذا الميدان و أنا أبحث عن اللمسة الفنية الخاصة بي، تلك اللمسة التي تميز أعمالي عن الآخرين، والتي سأستمر في تطويرها و الإبداع فيها ما دمت في هذا الميدان، فأنا أطمح دائما للتغيير و التطوير لأن جمالية الفن لا حدود لها. حاليا يمكنني أن أعتبر العلاقة التكاملية التي تجمع بين لوحاتي و الكلمات كلمسة خاصة في الساحة الفنية.