الهيني لنقيب هيئة المحامين بتطوان : قراركم أعاد إلي الروح لمواصلة النضال
وجه المستشار القانوني والقاضي المعزول محمد الهيني، رسالة ( مرافعة) مؤثرة لنقيب هيئة المحامين بمدينة تطوان ولجميع أعضائها، بعدما تم قبوله عضوا فيها.
واستهل الهيني رسالته بتثمين هذا القرار "قراركم الشجاع والتاريخي بقبول تسجيلي في هيئتكم الموقرة إعلاء للدستور والقانون بتأكيدكم أن حرية التعبير والرأي مصونة دستوريا ،وأن المتابعة بسبب الأفكار ولو جنحيا –وليس تأديبيا فقط-لا تنطوي على أي إخلال بالمروءة والشرف".
مضيفا "لقد كانت مجالس هيئات المحامين وجمعية هيئات المحامين تناصر المظلومين وتدافع عن الحق دون تردد وكانت تقبل في صفوفها مناضلين شرفاء عوقبوا عقوبات قاسية بسبب دفاعهم عن قضايا الحرية والديمقراطية ومنهم من صدرت في حقهم أحكام بالإعدام في قضايا سياسية،وأنه لم يسبق لهذه الهيئات أن قامت بطرد عمر بنجلون وعبد الرحمان بنعمرو وأحمد بنجلون ومحمد اليازغي رغم قضائهم لسنوات من الاعتقال السياسي بسبب دفاعهم عن حريتنا وكرامتنا وحقوقنا ،ومن أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان".
وأردف الهيني في الرسالة المطولة قائلا "سيدي النقيب، لقد أكد قراركم اليوم ، أن المحاماة رسالة الأحرار، رسالة الاستقلالية والكرامة والحرية والعزة والشموخ ،فالعدالة بجناحيها القضاء والدفاع واحدة ومتوحدة ،بمبادئها وسمو أفكارها، وبإخلاص رجالاتها ونسائها لمثلها السامية التي تجعل الولوج إليها حقا باعتباره مسارا طبيعيا لنشدان الحق والعدالة مهما اختلفت الوسائل والبذلات، واتحدت الغايات" .
مشيرا أعاد إليه الروح والبسمة، "روح تنسم عبق الحرية والدفاع ،وبسمة مواصلة النضال من منبعه الأصلي ،منبع الجهر بالحق ،ومواجهة الظلم ورد الاعتداء على الحقوق والحريات ،وشرف الترافع في ساحات المحاكم والنهل من معين فقهاء الدفاع والقضاء".
"لقد تعلمت من المحاماة وأنا في القضاء الصبر والأناة ،والاجتهاد في التقعيد ،والرغبة في التطوير والحيوية في الإبداع وجمال لغة المرافعة ودقة في ترتيب الأفكار وطريقة عرضها،واحترام الآخر ،وقوة الدليل والتسلح بالارادة والأمل ،والثقة بالنفس ،كما تعلمت أن الشجاعة في القول لا يوازيها إلا منهج الاستدلال والإقناع والجهورية في التبليغ" .
وتابع الهيني في الؤسالة ذاتها "ولا أخفيكم سرا أن علمنا بقدرنا الاختياري الحتمي في الولوج لمهنة المحاماة شكل مصدرا لقوة نضالاتنا في الترافع من أجل استقلالية القضاء، وتحملنا للتضحيات الجسام ،لأنه أقصى ما يستطيع خصوم استقلالية القضاء فعله في مواجهتنا هو عزلنا وذلك لا تأثير له عن مواصلة النضال من قلب هيئة الدفاع كما أكدتم عليه،وكما سطره اجتهاد القضاء الدستوري حينما أبطل الزعم بالرأي السياسي ،والحمد لله أننا لم نعزل من أجل فساد مالي أو أخلاقي وإنما عزلنا بسبب آرائنا التي لطالما كانت أدبيات المحامين ومؤتمراتكم سباقة إليها" .
"سيدي النقيب، السادة النقباء والأعضاء، لقد أعطيم لي ولزملائي درسا عظيما في الحياة، إنه درس الشهامة والشجاعة في القول والفعل ،وأنه لاشيء يعلو على الدستور والقانون،فرفعتم من قيمة التمسك بالمبادئ، والتضحية من أجلها ،لأن بها يهون كل أمر، فتحية لكم يا أخيارنا وشرفائنا، لأنكم آمنتم أن الحق أولى بالاتباع والظلم زائل، والإنصاف سبيلكم، لا يضركم من ضل إذا اهتديتم".
واستطرد بالقول "لقد أحببت مهنة المحاماة لدرجة التقديس، وكنت اعتبر أنها المهنة بل الرسالة الأقرب إلى وجداني وقلبي وعقلي،وبهذا القرار اليوم رجعت إلى أصلي ونباتي الأول، واخترت المحاماة لأنها منبعي، لأنني نجحت في مباراة ولوج مهنة المحاماة قبل النجاح في مباراة ولوج سلك القضاء، وأنا حاصل على شهادة الأهلية لممارسة مهنة المحاماة منذ سنة 1999 وكان دائما يراودني حلم ممارسة مهنة المحاماة لأنني مولع جدا بها، مند بداياتي بالقضاء ،لأنها رسالة الدفاع عن المظلوم، والإحساس بمعاناته، والفرح لفرجه ،وتشرفت بمؤازة خير النقباء والمحاماة في محنتي "التأديبية"في مجلس اعتاد أصحابه على التحذير من المحامين لأنهم أغيار وغرباء ،كما درسونا بالمعهد العالي للقضاء،وكما لقنونا ذلك في ساحات المحاكم في التدريب، وكانت مجالس "التأديب"ووقوف المحامين إلى جانب القضاة درسا لكل التقليدانيين والمنفرين، ولمن اعتبروا الدفاع ظرف تشديد ،لأنه انتهاك لأدبيات المطبخ الداخلي" .
ليختم هذا الرسالة المؤثرة قائلا "أشكركم وأقبل رؤوسكم أيها الشرفاء، لأنكم آمنتم بقضيتي وأنصفتموني بقبولكم لي كواحد منكم ،له ما لكم وعليه ما عليكم ،وأعدكم أنني سأكون عند حسن ظنكم بي،حاملا هموم مهنتي ومشيعا أخلاق رسالتي،ومحترما قرارات هيئتي، لا أخاف في الحق لوم لائم، فأقسم بالله العظيم أمامكم اليوم وبعد صيرورة القرار نهائيا أن أزاول مهام الدفاع والاستشارة بكرامة وضمير واستقلال وإنسانية وأن لا أحيد عن الاحترام الواجب للمحاكم والسلطات العمومية وقواعد مجلس الهيئة التي انتمي اليه وأن لا افوه أو أنشر ما يخالف القوانين والأنظمة والأخلاق العامة وأمن الدولة والسلم العمومي".