سياسة

هل تطبق الحكومة المغربية إستراتيجية التحكم بالشعب التي تحدث عنها تشومسكي؟

أنباء24

ليس كل ما يُقال يمثل الحقيقة الكاملة، فكثير من الحكام وأصحاب السلطة يُخفون أجنداتهم وخططهم الحقيقية باستخدام الإعلام والدعاية، اللذين لهما الدور الأبرز في تشكيل الرأي العام وتكوينه، فبفضلهما تنشأ حركات اجتماعية أو تندثر، وتبسط وتخفف بعض الأزمات الاقتصادية، وتبرر الحروب، ويتم تأجيج الخلافات بين الأيديولوجيات المختلفة.

هكذا يتحدث الناقد والمفكر الأمريكي  "نعوم تشومسكي"، الذي يجيب على سؤال مفاده، كيف يؤثر الإعلام علينا نفسيا بهذا الشكل؟ من خلال بلورة 10 استراتيجيات يسلكها الإعلام الموجه لإحداث تلك التأثيرات النفسية، وقد استند في كشفه الى "وثيقة سرية للغاية" يعود تاريخها إلى مايو 1979، وتم العثور عليها سنة 1986، و تحمل عنوان: "الأسلحة الصامتة لخوض حرب هادئة"، وهي عبارة عن كتيب أو دليل للتحكم في البشر السيطرة على المجتمعات.

والاستراتيجيات الـ10 في رأي نعوم تشومسكي هي:

الإلهاء

"حافظوا على تحويل انتباه الرأي العام بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية والهوه بمسائل تافهة لا أهمية لها. أبقوا الجمهور مشغولا، مشغولا، مشغولا دون أن يكون لديه أي وقت للتفكير، فقط عليه العودة إلى المزرعة مع غيره من الحيوانات الأخرى". مقتطف وثيقة "أسلحة صامتة من أجل خوض حروب هادئة".

ويقول "تشومسكي" تتضمن تلك الاستراتيجة أيضا منع العامة من الاطلاع والمعرفة الأساسية بمجالات العلوم والاقتصاد وعلم النفس والعلوم البيولوجية.

خلق المشكلة ووفر الحل

تستخدم هذه الاستراتيجة عندما يريد من هم في السلطة أن يمرروا قرارات معينة قد لا تحظى بالقبول الشعبي، إلا في حضور الأزمة التي قد تجعل الناس أنفسهم يطالبون باتخاذ تلك القرارات لحل الأزمة، وتعرف بطريقة "المشكلة – رد الفعل – الحل" من خلال اختلاق موقف أو مشكلة يستدعي رد فعل الجمهور، فعلى سبيل المثال: دع العنف ينتشر في المناطق الحضارية أو قم بالتحضير لهجمات دموية، مما يجعل الجمهور هو الذي يطالب السلطة باتخاذ إجراءات وقوانين وسياسات أمنية تَحُد من حريته.. أو اختلق أزمة اقتصادية للقبول بحل ضروري، يجعل الناس يغضون الطرف عن حقوقهم الاجتماعية وتردي الخدمات العامة باعتبار ذلك الحل "شر" لابد منه.

التدرج

لتحقيق ما يمكن قبوله من تدابير عليك، يمكنك تقبله تدريجيا قطرة بقطرة، فخلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي تم فرض عدد من الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة والمختلفة بشكل جذري عن سابقتها تدريجيا، وأدت إلى ازدياد نسبة البطالة، ومرتبات غير لائقة، وعدم الاستقرار، واللامركزية والتوسع في الخصخصة، ونقل الملكيات من إدارة لأخرى، والعديد من التغييرات الجذرية التي كانت ستتسبب في ثورة لو تم تطبيقها دفعة واحدة.

التأجيل

وأحد من الطرق التي يتم استخدامها لتمرير قرار غير مقبول شعبيا، هو تقديمه على أنه "موجع ولكنه ضروري"، فمن الأسهل أن يتقبل العامة قرارا مستقبليا على أن يتقبلوا قرارا فوريا، وذلك لأن المجهود المطلوب من العامة لن يتم بذلك بشكل فوري، كما أن هناك اتجاه عام لديهم بأن "المستقبل دائما أفضل" ومن الممكن أن نتجنب التضحية المطلوبة، وهذا يعطي مزيدا من الوقت للعامة كي يتأقلموا مع القرار وقبوله حتى يحين وقت تنفيذه.

خاطب العامة كأنهم "أطفال"

"إذا تم التوجه إلى شخص ما كما لو أنه لم يتجاوز بعد الـ12 من عمره، فإنه يتم الإيحاء له بأنه فعلا كذلك؛ وبسبب قابليته للتأثر، من المحتمل، إذن، أن تكون إجابته التلقائية أو رد فعله مفرغة من أي حس نقدي كما لو أنه صادر فعلا عن طفل ذي 12سنة".

دائما ما تستخدم معظم الإعلانات الدعائية الموجهة لعامة الشعب خطبا وحججا وشخصيات نبرة طفولية ضحلة وسطحية، كما لو كان المشاهد طفلا صغير أو معاقا ذهنيا.

استخدم الجانب العاطفي بدلا من الجانب التأملي

استخدام الجانب العاطفي هو أسلوب كلاسيكي للقفز على التحليل المنطقي والحس النقدي للأفراد بشكل عام، فاستخدام الجانب العاطفي يفتح المجال للعقل الباطني اللاواعي لغرس الأفكار والرغبات والمخاوف والقلق والحض على القيام بسلوكيات معينة.

إبقاء العامة في حالة من الجهل والغباء

"يجب أن تكون جودة التعليم المقدم للطبقات الدنيا، رديئة بشكل يعمق الفجوة بين تلك الطبقات والطبقات الراقية التي تمثل صفوة المجتمع، ويصبح من المستحيل على تلك الطبقات الدّنيا معرفة أسرار تلك الفجوة" .

وبذلك يصبح المجتمع عاجزا عن فهم التقنيات والأساليب المستخدمة للسيطرة عليه واستعباده من قبل من هم في السلطة.

تشجيع العامة على الرضا بجهلهم

تشجيع الجمهور على أنه من الطبيعي والمألوف أن يكونوا جهلة وأغبياء وغير متعلمين.

تحويل التمرد إلى شعور ذاتي بالذنب

من خلال جعل كل فرد يشعر بأنه السبب في تعاسته وسوء حظه، وذلك بسبب قصور تفكيره وذكائه وضعف قدراته، وقلة الجهود المبذولة من جانبه، وهكذا بدلا من أن يتمرد ضد النظام، ينغمس في الشعور بالتدني الذاتي الذي يؤدي لحالة من الاكتئاب تحبط أي محاولة للفعل لديه/ وبدون القيام بأي فعل، لايمكن أبدا للثورة أن تتحقق.

معرفة الأشخاص أكثر مما يعرفون أنفسهم

أدى التقدم العلمي المتسارع، الذي شهدته الـ50 عاما الأخيرة، إلى توسيع الفجوة بين المعرفة العامة والمعرفة التي تمتلكها النخب الحاكمة، فبفضل علوم الأحياء والأعصاب وعلم النفس التطبيقي، تمكن "النظام " من معرفة الكائن البشري جسديا ونفسيا، فالنظام يستطيع معرفة الشخص العادي بشكل أفضل مما يعرف هو نفسُه، وهذا يعني أن النظام، في أغلب الحالات، هو الذي يملك أكبر قدر من السيطرة والسلطة على الأفراد أكثر من الأفراد أنفسهم.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى